كأس العالم 2026: توزيع المجموعات الكامل ومواعيد المباريات الحاسمة

كأس العالم 2026: توزيع المجموعات الكامل ومواعيد المباريات الحاسمة

في ليلة حاسمة في قلب العاصمة الأمريكية، تقرر مصير أحلام مليارات المشجعين عندما أُجريت قرعة كأس العالم 2026مركز جون إف. كينيدي للفنون الأدائية في واشنطن، حيث تم توزيع 48 فريقًا على 12 مجموعة، لتُصبح هذه النسخة الأولى من كأس العالم التي تستضيفها ثلاث دول في آنٍ واحد: الولايات المتحدة، المكسيك، وكندا. لم تكن مجرد قرعة عادية — بل كانت مزيجًا من الإثارة، والحسابات الجيوسياسية، وفرصة أخيرة لأساطير مثل ليونيل ميسي لترك بصمة على التاريخ.

القرعة تُعيد رسم خريطة كرة القدم العالمية

القرعة، التي أدارها الأمين العام للفيفا ماتياس غرافستروم، لم تُحدد فقط المجموعات، بل كشفت عن توازنات غير متوقعة. فمثلاً، فريق الولايات المتحدة وُضع في المجموعة دال مع باراغواي وأستراليا وفائز مباراة التصفيات الأوروبية (C)، ما يعني أن مبارياته ستكون في أرضه، لكنها لن تكون سهلة. أما المكسيك — التي تلعب كمضيف — فستواجه جنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وفائز التصفيات (D)، وهي مجموعة قد تتحول إلى معركة حقيقية للتأهل.

أما المجموعة الأشهر؟ المجموعة جيم: البرازيل والمغرب وهايتي واسكتلندا. نعم، اسكتلندا تعود بعد غياب 24 عامًا، وهايتي التي تُعد من أصغر الفرق من حيث الموارد، لكنها تمتلك روحًا لا تُقهر. هنا، قد تُكتب قصة تُشبه مغامرة "الرجال الصغار"، لكنها حقيقية.

الجغرافيا تلعب دورًا: المباريات في المدن الأسطورية

الملعب الذي سيُحتضن النهائي؟ ميتلايف ستاديوم في إيست روثرفير، نيوجيرسي — حيث ستحلق الأضواء فوق حشدٍ يتجاوز 80 ألف متفرج في 19 يوليو 2026. لكن الأهم من ذلك، هي المدن التي ستُصبح ملاذات للجماهير. فمثلاً، ستُلعب مباريات مجموعة حاء — التي تضم إسبانيا والسعودية والرأس الأخضر وأوروغواي — في استاد ميرسيديز-بنز في أتلانتا، جورجيا، في 15 و21 يونيو. أما مباريات مجموعة جيم (البرازيل والمغرب) فستُلعب في 24 يونيو في نفس المكان.

التفاصيل الصغيرة هنا تهم. فمثلًا، تم استخدام الاسم الرسمي لـ"الجمهورية الإسلامية الإيرانية" بدلاً من "إيران"، و"كوت ديفوار" بدلاً من "ساحل العاج"، تجسيدًا للحساسيات الثقافية التي تُراعيها الفيفا حتى في أبسط التفاصيل. حتى تسمية "فائز تصفيات D" ليست عشوائية — بل تشير إلى مباريات حاسمة بين أربع فرق: التشيك، الدنمارك، مقدونيا الشمالية، وأيرلندا، وكلها تتنافس على آخر مقعد في المجموعة أ.

ميسي: آخر فرصة أم حلم يُعاد كتابته؟

الجواب الأهم في هذه القرعة؟ الأرجنتين في المجموعة جيم مع الجزائر والنمسا والأردن. لا شيء هنا يُهدد بقاء الأرجنتين، لكن السؤال الأكبر هو: هل سيكون هذا هو المونديال الأخير لـليونيل ميسي؟ بعمر 37 عامًا، لم يعد ميسي ذلك الفتى الذي يركض كالريح، لكنه لا يزال يملك عينًا ترى ما لا يراه الآخرون. وربما — فقط ربما — يكون هذا المونديال هو المكان الذي يُكمل فيه رحلته، لا كأسطورة، بل كقائد يُختم به عصر.

وإذا فازت الأرجنتين، فستواجه في الجولة التالية فريقًا من مجموعة أخرى — ربما البرازيل، ربما إسبانيا، ربما فرنسا. كلها مواجهات تُشبه أفلام السينما. لكنها حقيقية. وستُلعب على أرضٍ تجمع بين المدن الأمريكية الكبرى، وقرى المكسيك الصغيرة، وشوارع كندا المثلجة.

التأثير الاقتصادي: مليارات تدور حول المباريات

التأثير الاقتصادي: مليارات تدور حول المباريات

هذا ليس مجرد حدث رياضي. إنه اقتصاد كامل. توقعات الفيفا تشير إلى أن كأس العالم 2026 ستجذب أكثر من 5 ملايين متفرج من خارج البلدان المضيفة، وستُدر عائدات تتجاوز 15 مليار دولار — أكثر من أي نسخة سابقة. المدن المضيفة تُعيد بناء مطاراتها، وتوسّع شبكات المترو، وتُعيد تأهيل الفنادق. في أتلانتا، وحدها، تُنفق 1.2 مليار دولار على تحسين البنية التحتية لاستقبال المباريات. وشركات مثل فوكس سبورتس وبي إن سبورتس تدفع ملايين الدولارات مقابل حقوق البث، بينما تتنافس العلامات التجارية على الإعلانات في الملاعب.

لكن الأهم من كل هذا؟ تأثيره على الدول النامية. فمثلًا، هايتي التي لم تُشارك منذ 1974، أو كابو فيردي — التي لا يتجاوز عدد سكانها 500 ألف — ستصبحان في عدسة العالم. هنا، كرة القدم لا تُسجل أهدافًا فقط، بل تُسجل أملًا.

ما الذي سيحدث بعد القرعة؟

الآن، تبدأ رحلة التحضير. الفرق التي لم تُحسم مشاركتها — مثل فائزي تصفيات أوروبا (A وB وC وD) — ستُحدد هويتها بحلول مارس 2026. ثم تبدأ التدريبات المكثفة، والاختبارات، والمواجهات الودية. وستُحدد مواعيد المباريات الرسمية في الأسبوع التالي للقرعة، وفقًا لجدول الفيفا الذي يُوزع المباريات لتجنب التضارب مع المناسبات الوطنية.

التحدي الأكبر؟ التوازن الجغرافي. فمثلاً، ستُلعب مباريات الولايات المتحدة في 4 مدن مختلفة، بينما ستُلعب مباريات المغرب في مدينتين فقط. هذا لا يُعدّ ظلمًا، بل سياسة تُراعي التوزيع اللوجستي. لكنه يُثير تساؤلات: هل ستُمنح الفرق الأضعف فرصًا متساوية؟

الخلفية التاريخية: لماذا هذا التوسع؟

الخلفية التاريخية: لماذا هذا التوسع؟

قبل 2026، كانت كأس العالم تضم 32 فريقًا منذ عام 1998. التوسع إلى 48 فريقًا — الذي بدأ تطبيقه في 2026 — جاء لتمكين أكثر من 100 دولة من المشاركة، خاصة من قارة إفريقيا وآسيا. الفيفا تقول إن الهدف هو "الشمولية". لكن النقاد يشيرون إلى أن هذا التوسع قد يُضعف الجودة، ويُطيل المونديال إلى 52 يومًا — وهو أطول مونديال في التاريخ.

لكن التاريخ يُثبت شيئًا واحدًا: عندما تُشارك فرق صغيرة، تُكتب قصص لا تُنسى. ففي 2002، وصلت كوريا الجنوبية إلى النهائي. وفي 2018، تأهلت آيسلندا لأول مرة. هذه القرعة تُعيد كتابة قواعد اللعبة — ليس فقط في الملعب، بل في عقول الملايين.

الأسئلة الشائعة

كيف تؤثر القرعة على فرصة فوز الأرجنتين؟

المجموعة جيم التي تضم الأرجنتين، الجزائر، النمسا، والأردن تُعد من أسهل المجموعات من حيث التصنيف، لكنها ليست سهلة من حيث الضغط النفسي. الجزائر تمتلك تجربة سابقة في المونديال، والنمسا فريق يُحسن اللعب الجماعي. الفوز بالمجموعة لا يكفي — يجب تحقيق نتائج مرضية لتجنب مواجهة فرق قوية في الدور التالي، خاصة إذا كان ميسي لا يزال في قمة أدائه.

لماذا تم اختيار أتلانتا لاستضافة مباريات مهمة؟

أتلانتا تُعد من المدن الأمريكية الأسرع نموًا، وتمتلك بنية تحتية حديثة، بما في ذلك استاد ميرسيديز-بنز الذي يسع 71 ألف متفرج. كما أنها قريبة من محاور النقل الرئيسية، وتُعتبر نقطة وسط بين ساحل المحيط الأطلسي وجنوب الولايات المتحدة. الفيفا اختارتها لاستضافة مباريات مجموعتي حاء وجيم بسبب توازنها الجغرافي وسهولة الوصول لها من قبل الجماهير الأوروبية والإفريقية.

ما هي الدول التي لم تُحسم مشاركتها بعد؟

ستة فرق لم تُحسم مشاركتها بعد، وهم فائزوا تصفيات الفيفا من الدورات A وB وC وD و1 و2. هذه المباريات تُقام بين فرق أوروبية مثل الدنمارك، التشيك، وأيرلندا، بالإضافة إلى فرق من قارتي آسيا وأفريقيا. سيتم تحديد الفائزين بحلول مارس 2026، وستُحدد مواجهاتهم الرسمية بعد ذلك مباشرة.

هل ستُستخدم تقنية الفيديو في المونديال؟

نعم، ستُستخدم تقنية VAR (مُساعدة حكم الفيديو) في جميع المباريات، مع تحسينات جديدة في دقة تتبع الكرة وتحديد التسلل. كما سيتم تجربة تقنية جديدة تُسمى "الذكاء الاصطناعي للتسديدات"، تُساعد الحكم على تحديد ما إذا كان الهدف قد دخل الشباك بالكامل — وهي تجربة أولية ستُستخدم فقط في المونديال 2026.

ما تأثير كأس العالم على اقتصادات الدول المضيفة؟

الولايات المتحدة تتوقع عائدات تزيد عن 8 مليارات دولار، بينما تُقدّر كندا عائداتها بـ1.7 مليار، والمكسيك بـ1.3 مليار. هذه الأرقام تشمل السياحة، التصدير، والوظائف المؤقتة. لكن التحدي الأكبر هو التكاليف: بعض المدن مثل دالاس ونيويورك تُنفق أكثر من 500 مليون دولار على تحسينات، لكنها تسترد معظمها خلال عامين بعد المونديال.

هل يمكن لفريق صغير مثل هايتي أو كابو فيردي أن يُفاجئ؟

بالتأكيد. هايتي لديها لاعبون يلعبون في أوروبا، وفريقها يعتمد على سرعة وروح القتال. كابو فيردي، رغم صغر حجمه، فاز على منتخبات أقوى في التصفيات الأفريقية. في المونديال، لا يهم الحجم — بل المعنويات. التاريخ يُذكرنا بـ"البرازيل 1950" و"كوريا الجنوبية 2002". المفاجآت لا تُصنع فقط بالمواهب، بل بالتصميم.