في لحظة أسطورية لم تُنسَ في تاريخ كرة القدم الجنوبية، تأكدت مؤهلة الأرجنتين لكأس العالم 2026 في 25 مارس 2025، عندما انتهى التعادل الصامت 0-0 بين بوليفيا وأوروغواي في ملعب هيرناندو سيليس بـلا باس، على ارتفاع 3600 متر فوق سطح البحر. لم يكن التعادل مجرد نتيجة — كان إعلانًا رسميًا أن الأرجنتين، بقيادة ليونيل ميسي (37 عامًا)، أصبحت أول فريق من أمريكا الجنوبية يحجز مقعده في كأس العالم الموسعة التي تستضيفها كندا والمكسيك والولايات المتحدة.
التأهيل الذي تحقق ببطء وذكاء
لم يكن التأهل مفاجئًا، لكنه كان مرهقًا. بدأت التصفيات في سبتمبر 2023، ومرت بمواجهات مثيرة، وانقلابات، وضغوط هائلة. الأرجنتين لم تفز بكل مبارياتها، لكنها لم تخسر أبدًا — 11 انتصارًا و5 تعادلات في 16 مباراة، و38 نقطة بفارق أهداف +21، وهو الأفضل بين جميع الفرق. بينما كانت البرازيل تتعثر في مبارياتها، وكوريا الجنوبية تُهزم في أوروبا، كانت الأرجنتين تبني جدارًا من الاستقرار. هنا، لا يكفي أن تفوز — يجب أن تبقى صامدة. وفعلت.
ميسي: القائد الذي لا يُقهر حتى في آخر مراحله
في 4 سبتمبر 2025، أمام جمهوره في استاد مونومينتال في بوينس آيرس، سجل ميسي هدفين — الأول في الدقيقة 19، والثاني في الدقيقة 84 — بينما أضاف لوتارو مارتينيز الهدف الثالث في الشوط الأول. لم يكن مجرد أداء رائع — كان إعلانًا أن روح الأرجنتين لا تُقهر. ميسي، الذي يلعب الآن في عمر يُحطم فيه معظم اللاعبين، لم يُظهر فقط مهارة، بل حكمة. كان يُدير المباراة، يُقلل من التوتر، يُعطي فرصة للشباب. حتى أن المدرب دييغو مارادونا (الذي توفي قبل سنوات) لو كان حاضرًا، لقال: "هذا هو اللاعب الذي يصنع التاريخ، لا فقط يشارك فيه".
القائمة النهائية: من تأهل ومن سقط؟
- الأرجنتين: 38 نقطة (+21)
- إكوادور: 29 نقطة (+9)
- البرازيل: 28 نقطة (التفاصيل غير مكتملة)
- كولومبيا: 27 نقطة
- أوروغواي: 26 نقطة (فازت 3-0 على بيرو)
- باراغواي: 25 نقطة (عادت بعد غياب 3 دورات)
- بوليفيا: 20 نقطة — السابعة، وتأهلت للتصفيات التمهيدية
بينما سقطت فرق مثل فنزويلا (18 نقطة) وبيرو (12 نقطة) وتشيلي (11 نقطة) — جميعها لم تحقق أي فرصة حقيقية. بوليفيا، رغم ارتفاع ملعبها وروح جماهيرها، لم تكن قادرة على ترجمة التفوق المنزلي إلى نتائج مستمرة. وعندما خسرت 3-0 أمام كولومبيا في بارانكيا، توقف الحلم.
بوليفيا: البوابة الوحيدة للتأهيل غير المباشر
بوليفيا لن تغيب عن كأس العالم تمامًا. ستشارك في التصفيات التمهيدية الدولية في مارس 2026، حيث ستواجه فرقًا من آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية والقارة القطبية الجنوبية (التي لا تشارك، لكنها تُستبدل بفريق من القارة المضيفة). هذه المرة، ستكون بوليفيا ممثلة لـكونميبول في مواجهة قاسية — فريق واحد فقط سيتأهل من بين ستة. لكنها لم تُهزم في المعركة. فقط تأخرت.
ما الذي ينتظر العالم في 2026؟
كأس العالم 2026 سيكون الأكبر في التاريخ: 48 فريقًا، 104 مباريات، 3 دول مضيفة. المباريات ستقام من تورونتو إلى غواتيمالا، ومن لوس أنجلوس إلى دالاس. المباراة النهائية ستُلعب في ميتلايف ستاديوم في إيست روثر فورد، نيوجيرسي، في 19 يوليو 2026. وستكون هذه أول نسخة تُقام في ثلاث دول، وأول نسخة تُقام في أمريكا الشمالية منذ 1994.
لماذا هذا التأهل مهم جدًا؟
الأرجنتين ليست مجرد فريق — إنها رمز. فوزها يُعيد تأكيد أن كرة القدم لا تُقاس فقط بالموهبة، بل بالاستمرارية. بعد بطولة كأس العالم 2022، التي انتصرت فيها الأرجنتين، لم يكن أحد يشك في قدرتها. لكن التأهل في 2026 يُثبت أن النجاح لم يكن صدفة. إنه نظام. إنه تخطيط. إنه قيادة. ميسي لم يكن لاعبًا فقط — كان مُحفزًا، مُعلمًا، مُصلحًا. وقبل أن يُنهي مسيرته، أكمل رحلته بأسطورة.
ما الذي سيحدث بعد التأهل؟
الآن، الأرجنتين تدخل مرحلة جديدة: التحضير للبطولة الكبرى. التدريبات ستبدأ في أوروبا، واللاعبون الشباب سيُدعون، والجهاز الفني سيُعيد تشكيل التشكيلة. ميسي قد لا يلعب كل المباريات — لكنه سيكون حاضرًا. ربما كقائد، ربما كمرشد. والجمهور؟ سيظل ينتظره، كما ينتظر الشمس بعد المطر.
أسئلة شائعة
كيف تم تأهيل الأرجنتين قبل انتهاء التصفيات؟
تم تأهيل الأرجنتين رسمياً في 25 مارس 2025، بعد أن انتهى تعادل بوليفيا وأوروغواي 0-0، مما جعل من المستحيل على أي فريق أن يتجاوزها في الترتيب حتى لو فازت بجميع مبارياتها المتبقية. كانت الأرجنتين تملك 32 نقطة آنذاك، وكان أقرب منافس (إكوادور) يملك 26 نقطة مع 3 مباريات متبقية، لكن حتى مع الفوز بكلها، لم يكن بإمكانه تجاوز الفارق في نقاط الأرجنتين.
ما دور ليونيل ميسي في التأهل؟
ميسي سجل 9 أهداف في 16 مباراة خلال التصفيات، وكان صانع ألعاب رئيسي في 11 من المباريات. لم يُسجل فقط، بل كان يُسيطر على وتيرة اللعب، وينقل الضغط عن زملائه. في المباريات الحاسمة، كان دائمًا حاضرًا — سواء بالهدف أو بالحركة. حتى أنه تجاوز مارادونا في عدد التسديدات الناجحة في التصفيات، ليصبح أكثر لاعب أرجنتيني تأثيرًا في تاريخ التصفيات.
لماذا لم تتأهل البرازيل مباشرة رغم ترتيبها العالي؟
البرازيل لم تُهزم، لكنها خسرت ثلاث مباريات — وهي أول مرة منذ 2002 تُهزم فيها البرازيل ثلاث مرات في تصفيات كأس العالم. كما أن فارق الأهداف كان ضعيفًا (+7 فقط)، بينما الأرجنتين حققت فارقًا إيجابيًا أكبر بثلاث مرات. هذا يعني أن البرازيل اعتمدت على الفوز بفارق كبير، بينما الأرجنتين كانت أكثر استقرارًا. حتى مع تصدرها جدول التصفيات في منتصف المسار، تراجعت في المراحل الأخيرة.
هل يمكن لبوليفيا أن تتأهل من التصفيات التمهيدية؟
نعم، لكن الاحتمالات ضعيفة. في التصفيات التمهيدية السابقة، لم يفز أي فريق من كونميبول بالمركز السابع وتأهل مباشرة. آخر فريق نجح في ذلك كان أستراليا عام 2002، وهي ليست من كونميبول. بوليفيا ستواجه فرقًا من آسيا وأفريقيا، وكلها لديها خبرة في المباريات تحت الضغط. لكنها تمتلك ميزة الملعب العالي — وهي قد تكون سرّها الوحيد.
ما الفرق بين كأس العالم 2026 ونسخة 2022؟
الفرق الأكبر هو العدد: 48 فريقًا بدلًا من 32، مما يعني مباريات أكثر، وفرصًا أكبر للدول الصغيرة. كما أن البطولة ستُلعب في ثلاث دول لأول مرة، مما يزيد من التحدي اللوجستي. المباريات ستُلعب في مناطق أكثر تنوعًا — من المرتفعات في لا باس إلى الصحراء في دالاس. وأخيرًا، سيتم استخدام تقنية VAR بشكل أكثر دقة، وستُستخدم كاميرات متطورة لرصد التسلل بدقة 5 مليمترات.
هل سيشارك ميسي في كأس العالم 2026؟
لم يعلن ميسي رسميًا عن التقاعد، لكنه قال في مقابلة: "إذا كنت قادرًا على اللعب، فسأكون هناك". في عمر 39 عامًا، سيكون أقدم لاعب في تاريخ كأس العالم. لكنه لا يلعب فقط للفوز — يلعب ليُثبت أن العقل أقوى من العمر. حتى لو لم يلعب 90 دقيقة، فوجوده في الملعب سيكون كافيًا لتحويل المباراة إلى حدث تاريخي.
قد يعجبك
