ميسسي يسجل هدفه الـ115 مع الأرجنتين في فوز على أنغولا
في ليلة لم تكن مجرد مباراة ودية، بل حدثًا سياسيًا واقتصاديًا ورياضيًا في آنٍ واحد، سجّل ليونيل ميسّي هدفه الـ115 مع منتخب الأرجنتين في فوز مريح 2-0 على أنغولا، الجمعة 14 نوفمبر 2025، في ملعب 11 نوفمبر في لواندا. المفاجأة؟ أنغولا دفعت 12 مليون دولار لاستضافة الفريق الفائز بكأس العالم 2022 — ليس فقط للاحتفال بالذكرى الخمسين لاستقلالها، بل كاستثمار في صورة وطنية تُعيد تشكيل هويتها على الساحة العالمية.
لماذا دفعت أنغولا 12 مليون دولار؟
السؤال الذي طرحه الجميع في أفريقيا: لماذا تُنفق دولة نامية مثل أنغولا مبلغًا يعادل ميزانية ثلاث سنوات للرياضة المحلية على مباراة ودية؟ الجواب ببساطة: التسويق. الملعب الذي يحمل اسم يوم الاستقلال (11 نوفمبر 1975) كان ممتلئًا بـ50 ألف مشجع، معظمهم لم يروا ميسّي من قبل — بل رأوا أسطورة يُعيد تعريف ما يمكن أن يعنيه النجومية في سياق جغرافي نادرًا ما يُستضاف فيه نجوم كبار. حتى أن الحكومة الأنغولية أطلقت حملة إعلامية ضخمة تحت شعار "أسطورة تُشرّفنا"، ووزّعت تذاكر مجانية للطلاب والجنود، لكنها بيعت بأسعار مُضاعفة في السوق السوداء. التكلفة ليست فقط مالية، بل سياسية: أنغولا تسعى لتحويل نفسها من دولة مُستهدفة بالسياحة الرياضية إلى مركز جاذب للرياضات العالمية.
ميسّي ومارتينيز: تبادلٌ ذكيّ يُعيد كتابة السجلات
الهدف الأول جاء في الدقيقة 44، عندما أرسل ميسّي كرة عابرة كأنه يرسم خريطة على العشب، فانطلق لوتارو مارتينيز — مهاجم إنتر ميلان — وسدد بقدمه اليسرى بين قدمي الحارس الأنغولي. الهدف الثاني جاء في الدقيقة 82، هذه المرة بمساعدة مارتينيز، الذي أعاد الكرة بحركة خلفية ذكية، فانطلق ميسّي بقدمه اليسرى وسدّد ببراعة لا تُضاهى. هذه كانت المرة التاسعة التي يُسجّل فيها ميسّي تمريرة حاسمة لمارتينيز، مُساويًا رقمه القياسي مع هيجواين وأغويرو. لا أحد في تاريخ الأرجنتين فعل هذا مع لاعب واحد — لا قبله، ولا بعده.
السيطرة لم تعني التفوق... لكنها كفيلة بالفوز
رغم أن الأرجنتين سيطرت على الكرة 65% من الوقت، إلا أن الأداء لم يكن سلسًا. البداية بطيئة، والاندفاعات غير مُنظمة، والدفاع عرضة للهجمات المرتدة. حتى أن أنغولا هددت في الدقيقة 36 بتسديدة مرتدة من ركنية، وفي الدقيقة 55 بكرة طويلة أوقفها ميسّي بقدمه على خط المرمى. لكن التفوق الفني — والخبرة — كانا حاضرين دائمًا. عندما احتاج الفريق إلى شيء مُختلف، خرج ميسّي من عزلته، وصنع الفارق. التغييرات كانت محسوبة: استبدال مارتينيز في الدقيقة 69 لم يكن تراجعًا، بل تكتيكًا لحفظ الطاقة قبل العودة إلى ميامي.
العودة السريعة: من لواندا إلى ميامي في 48 ساعة
بعد 90 دقيقة من التتويج، لم يأخذ ميسّي وقتًا للراحة. في اليوم التالي، كان على متن طائرة متوجهة إلى ميامي، حيث ينتظره رودرغو دي بول وزملاؤه في إنتر ميامي، استعدادًا لمواجهة إف سي سينسيناتي في نصف نهائي دوري أمريكا الشمالية. دي بول، الذي لعب 87 دقيقة في لواندا، لم يحصل على أكثر من 12 ساعة راحة قبل التدريب. هذا التوقيت المزدحم — من كأس العالم إلى دوري أمريكا — يثير تساؤلات حول صحة النجوم، لكنه أيضًا يُظهر حجم التأثير الاقتصادي للاعبين الذين يلعبون في أكثر من دوري في وقت واحد.
ما الذي ينتظر الأرجنتين بعد هذا الانتصار؟
هذه المباراة كانت الأخيرة في 2025، لكنها لم تكن النهاية. الأرجنتين لا تزال صاحبة المركز الأول في تصفيات أمريكا الجنوبية لكأس العالم 2026، بفارق 7 نقاط عن البرازيل. ميسّي، البالغ من العمر 37 عامًا، لم يعلن عن اعتزاله، لكنه قال في مقابلة صحفية قبل المباراة: "أريد أن أرى نفسي في الملعب عندما يُطلق صافرة البداية في كأس العالم 2026". إذا نجح، فسيصبح أول لاعب في التاريخ يشارك في ستة كؤوس عالمية — وهو رقم لم يُحقق حتى من قبل بيليه أو مارادونا.
الخلفية: ملعب 11 نوفمبر... وذاكرة الاستقلال
مبنى الملعب لا يُشبه أي ملعب رياضي آخر. تم بناؤه في السبعينات كرمز للاستقلال، وتم تجديده عام 2020 بتمويل صيني، لكنه لا يزال يحمل طابعًا سياسيًا. الجدران تُزين بلوحات تُظهر مقاتلين أنغوليين وهم يرفعون العلم، والملعب يُستخدم للاحتفالات الوطنية أكثر من كونه مركزًا رياضيًا. هذه المباراة كانت أول مباراة دولية كبرى يُستضاف فيها منذ 15 عامًا. حتى أن وزارة الثقافة الأنغولية أطلقت معرضًا فنيًا تحت عنوان "الكرة والحرية"، يربط بين كرة القدم ونضال التحرير.
أسئلة شائعة
كيف أثرت هذه المباراة على الاقتصاد الأنغولي؟
رغم أن أنغولا دفعت 12 مليون دولار، إلا أن العائد الاقتصادي كان أكبر: ارتفعت حجوزات الفنادق بنسبة 300%، وحققت شركات الطيران المحلية أرباحًا غير مسبوقة، وارتفع حجم المبيعات في الأسواق المحلية بنسبة 40%. حتى أن الحكومة أعلنت عن خطط لبناء مراكز رياضية في 5 مدن أخرى بناءً على هذا النجاح.
لماذا لم يُظهر ميسّي أداءً مذهلًا طوال المباراة؟
ميسّي لم يكن بحاجة إلى أداء مذهل — كان بحاجة إلى تأثير. لعب بذكاء، وحافظ على طاقته، وانتظر اللحظة المناسبة. هذا تكتيك مُتعمد، خاصة مع عودته السريعة إلى دوري أمريكا الشمالية. في سن 37، لم يعد يلعب للإثارة، بل للنتائج — وهو ما نجح فيه.
هل يمكن للاعب أن يلعب في دوريين في نفس الوقت؟
نعم، لكنه نادر جدًا. ميسّي هو أحد أبرز الأمثلة: يلعب لمنتخب الأرجنتين في المباريات الدولية، ولإنتر ميامي في الدوري الأمريكي، ويخضع لبرنامج تدريبي مكثف. هذا التوقيت يُرهق الجسد، لكنه يُدرّ أرباحًا ضخمة للأندية والاتحادات — وهو ما يجعله مقبولًا، رغم انتقادات الأطباء والخبراء.
ما هي أهمية هدف ميسّي الـ115؟
الهدف الـ115 يجعله صاحب أعلى عدد من الأهداف الدولية في تاريخ كرة القدم، متجاوزًا كريستيانو رونالدو (128 هدفًا، لكنه لعب مع البرتغال فقط). لكن الفارق هنا أن ميسّي لعب 196 مباراة، بينما رونالدو لعب 211. هذا يعني أن ميسّي أكثر كفاءة، وهو ما يُعزز مكانته كأفضل لاعب في التاريخ.
هل ستُستخدم هذه المباراة كنموذج لدول أخرى؟
بالتأكيد. دول مثل جنوب أفريقيا ومصر والسنغال تدرس عروضًا لاستضافة مباريات ودية مع الأرجنتين أو البرازيل قبل كأس العالم 2026. الهدف ليس فقط الربح، بل بناء صورة عالمية. في عالم الإعلام، اللاعبون هم السفراء — وميسّي هو أقوى سفير رياضي في التاريخ.
ما الذي ينتظر ميسّي بعد كأس العالم 2026؟
إذا لعب في كأس العالم 2026، فسيكون آخر ظهور دولي له على الأرجح. لكنه لن يتقاعد — سيستمر مع إنتر ميامي، وربما يدخل عالم التدريب أو يُشارك في مشاريع تطوير كرة القدم في أمريكا اللاتينية. ما يهمنا الآن: هل سيُنهي مسيرته ببطولة؟ أم بذكريات؟ السؤال لا يزال مفتوحًا.