إسبانيا تحقق رقماً قياسياً بفوز 4-0 على جورجيا وتقترب من التأهل لـ كأس العالم

إسبانيا تحقق رقماً قياسياً بفوز 4-0 على جورجيا وتقترب من التأهل لـ كأس العالم

في ليلة لم تُبقِ أي شكٍّ في التفوق، سحقت إسبانيا ضيفتها جورجيا بنتيجة 4-0 السبت 15 نوفمبر 2025، في ملعب بوديس بايد الوطني في تبليسي. لم يكن الفوز مجرد انتصار عادي — بل كان إعلاناً صارخاً عن هيمنة لا تُقهر. مع هذا الفوز، رفعت إسبانيا سجلها في التصفيات إلى خمسة انتصارات متتالية دون هزيمة، وسجلت 19 هدفاً دون أن تستقبل أي هدف، وحطمت رقماً قياسياً وطنياً جديداً: 30 مباراة تنافسية دون خسارة. هذا ليس مجرد تحسن. هذا عصر جديد.

أداء مذهل رغم غياب النجوم

لم تكن إسبانيا بحاجة إلى لامين يامال، أو بيدري غونثاليث، أو رودري لتفوز. في غياب هؤلاء النجوم المصابين، ظهرت الفريق كأنه مُصمم خصيصاً للسيطرة. ميكيل أويارزابال، مهاجم ريال سوسيداد، كان هو القلب النابض. سجل هدفين، وصنع آخر، وأظهر قدرة نادرة على التحول من لاعب وسط إلى مهاجم مخيف. الهدف الأول جاء من رأسية معلقة انعكست على القائم، والثاني كان تمريرة دقيقة من أويارزابال إلى فيران توريس، الذي دفع الكرة بسهولة داخل الشباك من مسافة ستة ياردات. وفي الدقيقة 43، سجل مارتين زوبيميندي هدفاً ثانياً بعد تمريرة متقنة من وسط الملعب، وكأنه يُعيد تعريف دور لاعب الوسط الدفاعي في العصر الحديث.

الجدير بالذكر أن جورجيا لم تُسجل حتى ركلة واحدة على المرمى خلال أول 30 دقيقة. حتى محاولات زوريكو دافيتاشفيلي وأنزور ميكفابيشفيلي، التي كانت الأقرب للخطر، لم تُقلق حارس المرمى الإسباني. حتى الحارس الجورجي مامارادشفيلي، الذي أظهر مهارات استثنائية في إنقاذ عدة فرص، لم يستطع منع الفوضى. في الشوط الثاني، اقترب أليكس باينا من تسجيل هدف مبكر، لكنه أصاب الخشبة. وعندما حاول أويارزابال تسجيل رابع، أنقذ مامارادشفيلي ببراعة — لكنه لم يُنقذ الفريق بأكمله.

الإطار التاريخي: إسبانيا لا تُهزم... وجورجيا لا تُنتصر

هذه ليست المرة الأولى التي تُهزم فيها جورجيا أمام إسبانيا. في تاريخ المواجهات، خسرت جورجيا 9 مرات من أصل 10 مباريات ضد إسبانيا. في الخمس مباريات الأخيرة وحدها، سُجلت 24 هدفاً ضد الفريق الجورجي. هذه ليست مصادفة. هذه هي قاعدة ثابتة. حتى في التصفيات الأوروبية، تُعتبر إسبانيا من أقوى الفرق في التاريخ الحديث، ورقم 30 مباراة دون خسارة يضعها في مصاف أسطورة مثل البرازيل في التسعينيات أو إيطاليا في عام 2006.

الآن، بعد فوزها على جورجيا، تتصدر إسبانيا المجموعة E بفارق 3 نقاط عن تركيا، التي فازت على بلغاريا في نفس اليوم بنتيجة 2-0. لكن الفارق في الأهداف — 19 مقابل 8 — يجعل إسبانيا في وضع لا يُضاهى. لم يعد الأمر متعلقاً بالفوز فقط. بل بالحفاظ على التفوق.

التحدي الأخير: تركيا واللحظة الحاسمة

السبت القادم، 18 نوفمبر 2025، ستلتقي إسبانيا مع تركيا في مباراة حاسمة في مدريد. الفوز أو حتى التعادل يكفيان لإحراز التأهل المباشر إلى كأس العالم 2026 في كندا والمكسيك والولايات المتحدة. لكن تركيا، التي يقودها الاتحاد التركي لكرة القدم، تعرف جيداً أن هذه هي فرصتها الأخيرة. فوزها يمنحها المركز الثاني وفرصة التأهل عبر الملحق، لكنه لن يُعيد كتابة التاريخ. إسبانيا لا تُهزم. ولا تُهزم في المباريات الحاسمة.

قال المدرب لويس دي لا فوينتي بعد المباراة: "نحترم كل منافسينا، بما فيهم تركيا. لكننا نبقى على الأرض، ونحافظ على نفس الموقف حتى نتأهل رسمياً." هذه ليست كلمات تكتيكية فقط. إنها رسالة. إسبانيا لم تُهزم لأنها تملك نجوماً. بل لأنها تملك ثقافة.

الانعكاسات: من يدفع الثمن؟

الانعكاسات: من يدفع الثمن؟

للجورجيين، هذا الخسارة تُغلق باب التأهل. لم تعد المجموعة مفتوحة. الآن، يدور التركيز على تطوير فريق الشباب، وبناء قاعدة تدريبية مستدامة. الاتحاد الجورجي، الذي يقع مقره في تبليسي، يواجه تحدياً هائلاً: كيف تُصبح قوة أوروبية بينما لا تزال تُهزم بفارق 4 أهداف؟

أما في إسبانيا، فالنجاح لا يُقاس فقط بالتأهل. بل بالاستمرارية. لا أحد يتحدث عن يامال أو بيدري الآن. لأن الفريق لا يعتمد على أفراد. بل على نظام. نظام يُنتج مهاجمين من وسط الملعب، ووسطاء يُدافعون مثل مدافعين، وحراساً يُسيطرون على الملعب قبل أن يبدأ الهجوم.

ما الذي ينتظرنا بعد التأهل؟

إذا نجحت إسبانيا في تأكيد تأهّلها، فسيكون هذا أول تأهل لها إلى كأس العالم دون أن يُشارك أي من نجومها الثلاثة المصابين — وهو إنجاز لم يُسجل في تاريخ كرة القدم الحديث. وستكون المهمة التالية: تكوين فريق يُنافس على اللقب، وليس فقط على التأهل. فريق لا يعتمد على الأسماء، بل على الأداء. فريق لا يُهزم.

أسئلة شائعة

كيف أثر غياب يامال وبيدري ورودري على أداء إسبانيا؟

غياب النجوم الثلاثة لم يُضعف إسبانيا، بل أظهر قوة عمق الفريق. فبدلاً من الاعتماد على موهبة فردية، اعتمد الفريق على نظام تدريبي متكامل. ميكيل أويارزابال ومارتين زوبيميندي تحوّلا إلى محورين أساسيين، بينما تألق فيران توريس وآليكس باينا. هذا يثبت أن إسبانيا لم تعد تعتمد على نجوم، بل على هيكل تنافسي مستدام.

ما هو معنى رقم 30 مباراة دون هزيمة؟

هذا الرقم يضع إسبانيا في المرتبة الثالثة عالمياً بين الفرق التي حققت أطول سلسلة دون هزيمة في المباريات الرسمية، خلف البرازيل (35 مباراة في 1993–1996) وإيطاليا (37 مباراة في 2018–2021). لكنه الأطول في أوروبا منذ عام 2000، والأطول على الإطلاق لمنتخب يُشارك في تصفيات كأس العالم دون خسارة واحدة.

لماذا تُهزم جورجيا دائماً أمام إسبانيا؟

السبب ليس فقط التفوق الفني، بل الفجوة في البنية التحتية. إسبانيا تُدرّب 10 آلاف شاب سنوياً في أكاديمياتها، بينما جورجيا تُدرّب أقل من 500. الفارق في التمويل، التدريب، والبنية التحتية يجعل أي مواجهة بين الفريقين غير متكافئة منذ عقود — حتى لو تغيرت النتائج في بعض الأحيان، فالهيمنة التاريخية تظل سائدة.

هل يمكن لتركيا أن تُفاجئ إسبانيا في المباراة النهائية؟

ممكن نظرياً، لكنه غير واقعي. إسبانيا لم تخسر منذ أكثر من عامين، وسجلها في المباريات الحاسمة يُظهر قدرة فائقة على التحكم بالضغط. تركيا تملك لاعبين مميزين، لكنها تفتقر إلى الاستقرار الدفاعي. حتى لو فازت، فستحتاج إلى فوز بفارق 3 أهداف على الأقل لتفوق إسبانيا في الأهداف، وهو أمر شبه مستحيل.

ما تأثير هذا الإنجاز على الاقتصاد الإسباني؟

النجاح الرياضي يُترجم مباشرة إلى نمو اقتصادي. توقعات الاتحاد الإسباني تشير إلى أن التأهل إلى كأس العالم سيرفع عائدات الرعاية والتسويق إلى أكثر من 2.3 مليار يورو، مع زيادة في السياحة الرياضية وبيع التذاكر. كما أن نجاح الفريق يُعزز صورة إسبانيا كدولة ذات بنية رياضية متطورة، مما يجذب استثمارات خارجية في قطاع الرياضة.

ما الذي يجب على جورجيا أن تفعله للنهوض؟

التركيز على تطوير المراكز التدريبية في المناطق الريفية، وربط الأكاديميات بالأندية الكبرى الأوروبية لتبادل الخبرات. كما يجب تخصيص ميزانية ثابتة للشباب — لا تمويل عابر. جورجيا تملك مواهب، لكنها تُهدر بسبب ضعف التنظيم. الحل ليس في شراء لاعبين، بل في بناء نظام.