إسبانيا تكسر رقماً قياسياً تاريخياً بـ30 مباراة دون هزيمة بعد فوز ساحق 4-0 على جورجيا

إسبانيا تكسر رقماً قياسياً تاريخياً بـ30 مباراة دون هزيمة بعد فوز ساحق 4-0 على جورجيا

في ليلة حسمت فيها الأرقام أكثر من النتائج، حققت إسبانيا إنجازاً تاريخياً بفوزها 4-0 على جورجيا في ملعب بوريس بايتشادزي دينامو في تبليسي، السبت 15 نوفمبر 2025، خلال الجولة التاسعة من التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026. لم يكن الفوز مجرد خطوة نحو التأهل — بل كان إعلاناً عن عصر جديد في كرة القدم الإسبانية، حيث تخطت إسبانيا رقماً قياسياً لم يُكسر منذ 16 عاماً: 30 مباراة متتالية دون هزيمة في المنافسات الرسمية.

السجل يُكتب بثلاثية أهداف وأربع لحظات خالدة

بدأ التسجيل من ركلة جزاء، عندما سُجلت في الدقيقة 28 بعد لمسة يد من المدافع الجورجي جورجي جيليبى. مايكل أويارزابال، الذي كان يخوض مباراته الدولية الـ50، أرسل الكرة ببرودة إلى شباك الحارس جيورجي مامارادشفيلي، ليُكمل مسيرته مع المنتخب كواحد من أبرز القيادات الحالية. لم ينتهي الأمر عند هذا الحد. في الدقيقة 43، سدد مارتين زوبيميندي كرة مرتدة من تمريرة عرضية، فأطلقها بضربة أولى من داخل منطقة الجزاء — هدف بليغ في بساطته. قبل نهاية الشوط، أضاف فيران توريس الهدف الثالث بعد تمريرة متقنة من أويارزابال، فانزلق الكرة في الشباك من مسافة متر واحد. وفي الدقيقة 49 من الشوط الثاني، عاد أويارزابال ليُكمل مسرحيته بتسديدة هواءية من ركنية، انعكست من القائم ودخلت الشباك — هدفه الثاني، ورقم 15 له مع المنتخب.

الجورجيون لم يكونوا بلا محاولات. الحارس مامارادشفيلي أنقذ ركلة جزاء ثانية في وقت الضياع، وحاول المهاجم الجديد يوري تاباتادزي أن يُحدث مفاجأة برأسية قوية، لكن الدفاع الإسباني كان كتلة صلبة. حتى أن ركلة حرة من أنزور ميكفابيشيلي ارتطمت بالقائم — لحظة أمل قصيرة في عاصفة إسبانية لا تهدأ.

الإرث الذي يُعاد كتابته

قبل هذا الفوز، كان رقماً قياسياً آخر يُعتبر أسطورياً: 29 مباراة دون هزيمة تحت قيادة لويس أراجونيس بين 2007 و2009، حين فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية 2008 ووصلت إلى نهائي كأس العالم 2010. الآن، تجاوزت الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم ذلك الرقم، وجعلته مجرد مقدمة. هذه السلسلة لا تشمل فقط التصفيات، بل تشمل كأس الأمم الأوروبية 2024 التي فازت بها إسبانيا، ودوري الأمم الأوروبية، وصولاً إلى هذه التصفيات. آخر هزيمة رسمية لـإسبانيا كانت أمام إيطاليا في نصف نهائي يورو 2020 — أي منذ أكثر من أربع سنوات ونصف.

الcoach Luis de la Fuente، الذي تولى المهمة في ديسمبر 2022، لم يُغير أسلوب الفريق — بل أعاد تشكيله. أضفى روح القيادة على جيل شاب، ودمج بين خبرة لاعبين مثل أويارزابال وطموح نجوم مثل زوبيميندي وتيارو. قال بعد المباراة: "هذا الرقـم ليس صدفة. إنه ثمرة عمل يومي، وثقة متبادلة، واحترام للقميص. كل لاعب هنا يعلم أنه جزء من شيء أكبر من نفسه".

جورجيا: بين الأمل والواقع

بينما تحتفل إسبانيا، تُعيد الاتحاد الجورجي لكرة القدم حساباتها. فريق يُديره المدرب ويلي سانيول، ويعتمد على حارس ممتاز ومهاجمين طموحين، يواجه واقعاً صعباً: 9 خسائر من أصل 10 مباريات ضد إسبانيا، و24 هدفاً في آخر خمس مواجهات. رغم أن جورجيا لا تزال تملك أملًا رياضياً نظرياً في التأهل للدور الإضافي، إلا أن مكانتها الثالثة في المجموعة (10 نقاط من 9 مباريات) تجعلها خارج دائرة التأهل المباشر. الهدف الآن: الحفاظ على المكانة، وبناء جيل جديد.

ما الذي ينتظر إسبانيا بعد هذا الإنجاز؟

الخطوة التالية؟ مباراة حاسمة في استاد ميتروبوليتانو في مدريد، يوم 18 نوفمبر 2025، ضد تركيا. الفوز هنا سيُؤكد تأهُّل إسبانيا رسمياً لكأس العالم 2026، المقرر إقامته في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك من 11 يونيو إلى 19 يوليو 2026. لكن حتى لو خسرت، فلن تُستبعد — لأنها تملك فارق نقاط كبيراً. السؤال الآن ليس "هل ستتأهل؟" بل "كيف ستُظهر قوتها في المونديال؟"

لماذا هذا الرقم يهم أكثر مما يبدو؟

لماذا هذا الرقم يهم أكثر مما يبدو؟

في عالم تشهد فيه المنتخبات تغييرات مستمرة، وانهياراً سريعاً للفرق الكبرى، فإن استمرار إسبانيا في البقاء دون هزيمة لأكثر من أربع سنوات — مع تغيير جزء كبير من التشكيلة — هو دليل على نظام تدريبي وتنظيمي ناجح. لا توجد نجوم فردية تُحرك الفريق، بل هي آلة متكاملة: تمريرات قصيرة، ضغط عالي، وثقة في تطوير المواهب. هذا ليس فقط نجاحاً رياضياً — بل هو نموذج يُحتذى به في إدارة الأداء الرياضي.

الخلفية: من أين أتى هذا الجيل؟

الجيل الحالي يرتكز على قاعدة تدريبية بدأت بعد كأس العالم 2014، حين أدركت إسبانيا أن الاعتماد على لاعبين كبار مثل إنييستا وتشافي لم يعد كافياً. فتم إعادة هيكلة الأكاديميات، وتم التركيز على اللاعبين المرنين، القادرين على اللعب في عدة مراكز. اليوم، نرى زوبيميندي (25 عاماً) يقود خط الوسط، وتيارو (23 عاماً) يلعب كجناح مهاجم، وأويارزابال (27 عاماً) يُعدّ قائدًا طبيعيًا. كلهم من أكاديميات مثل راسينغ سانتاندير وريال سوسيداد — ليسوا من الأندية الكبرى، لكنهم نتاج نظام طويل الأمد.

أسئلة شائعة

كيف تُقارن سلسلة إسبانيا الحالية بسلسلة ألمانيا في التسعينيات؟

سلسلة إسبانيا الحالية (30 مباراة) تتجاوز سلسلة ألمانيا التي بلغت 26 مباراة بين 1991 و1993. لكن الفرق الأكبر أن إسبانيا حققت هذا الإنجاز في عصر أكثر تنافسية، مع ارتفاع مستوى المنتخبات الأوروبية، ووجود أندية قوية تُضعف التشكيلات الوطنية. ألمانيا كانت تملك تفوقاً تقنياً، لكن إسبانيا تملك استمرارية تكتيكية وتنظيمياً.

هل يمكن أن تُكسر هذه السلسلة في كأس العالم 2026؟

بالتأكيد. كأس العالم يختلف عن التصفيات — فالفريق يواجه منافسين من قارات مختلفة، وضغط المباريات يزداد. لكن إسبانيا لديها الآن توازن بين الخبرة والشباب، وثقة داخل المجموعة. إذا حافظت على نفس الأسلوب، فلن تُهزم بسهولة. حتى خسارة واحدة في دور المجموعات لن تُنهي الحلم، لكنها ستُنهي الرقم القياسي.

ما تأثير هذا الإنجاز على الكرة الإسبانية من الناحية الاقتصادية؟

النجاح الرياضي يُترجم مباشرة إلى عوائد. ارتفعت عائدات التسويق للاتحاد الملكي الإسباني بنسبة 32% منذ بداية هذه السلسلة، وارتفعت مبيعات القمصان بنسبة 45% في السوق الآسيوي. كما أن شراكات مثل ريبول ونيكاي وسبورتيفا زادت استثماراتها. حتى الأندية الإسبانية تستفيد من ترقيع المواهب، لأن العالم يراقب ما تفعله إسبانيا.

لماذا لم تُسجل إسبانيا أكثر من 4 أهداف رغم سيطرتها؟

السيطرة لم تعني إهدار الفرص — بل تعني ضبطاً تكتيكياً. المدرب أراد تجنب الإرهاق قبل مواجهة تركيا، وحظر تغييرات كثيرة. كما أن جورجيا لعبت بخط دفاع مكثف، وحاولت تقليل المساحات. حتى أن ركلة حرة من أليخاندرو باينا انعكست من القائم — لحظة أرادت أن تكون خامسة، لكنها لم تكن ضرورية.

هل يمكن لجورجيا أن تصبح منافساً قوياً في المستقبل؟

نعم، لكن ليس على المدى القريب. لديهم حارس ممتاز، وناشئين مميزين في أكاديمياتهم، لكنهم يفتقرون لعمق التشكيلة. لعبوا 9 مباريات في التصفيات وسجلوا 4 أهداف فقط. لكي يصبحوا منافسين، يحتاجون إلى تطوير دوري محلي أقوى، وزيادة الاستثمارات، ودعم تقني من الاتحاد الأوروبي — وهو ما يبدأ الآن.

ما الذي يميز هذا الفريق عن فرق إسبانيا السابقة؟

الفرق الأكبر هو التوازن. فرق التسعينيات كانت تعتمد على لاعبين أسطوريين، وفرق العقد الماضي كانت تفتقر للثبات. هذا الفريق يملك خليطاً نادراً: لاعبين من أندية صغيرة، لا يخافون من الضغط، ويعملون كوحدة واحدة. لا يوجد نجم فردي يُنتظر منه كل شيء — بل كل لاعب يُساهم، وهذا ما يجعله صعباً على الخصوم.

1 التعليقات
  • إكرام جلال
    إكرام جلال

    يا جماعة والله 30 مباراة بدون هزيمة؟؟؟ ماشي هذي؟؟؟ خلصنا من التصفيات وخلينا نشوفهم في المونديال يلعبوا كأنهم في تدريب صبحي 😅 بس والله فخورين، حتى لو في أخطاء بسيطة في التسديدات، لكن الدفاع كان كالحائط 🤘

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*