ارتفاع أسعار الوقود في السعودية يُثقل كاهل الأسر ويُعيد فتح نقاش الإعانات

ارتفاع أسعار الوقود في السعودية يُثقل كاهل الأسر ويُعيد فتح نقاش الإعانات

في خطوة غير متوقعة، رفعت وزارة الطاقة السعودية أسعار البنزين والديزل بنسبة تصل إلى 12% في 15 أبريل 2024، مُحدثة موجة من الاستياء بين الأسر المتوسطة الدخل، خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة. لم تكن هذه الزيادة مجرد رقم في جدول أسعار — بل كانت ضربة مباشرة لجيوب الملايين، الذين يدفعون الآن أكثر من 1.3 ريال إضافي لكل لتر من البنزين 95، ما يعني زيادة شهرية تتجاوز 80 ريالاً لعائلة متوسطة تستخدم 60 لترًا شهريًا. هنا’s the thing: هذه ليست أول زيادة، لكنها الأولى التي تأتي دون إعلان مسبق، مما جعلها تبدو وكأنها قرار إداري مفاجئ، وليس جزءًا من خطة اقتصادية معلنة.

ما الذي دفع الوزارة لرفع الأسعار؟

السبب الرسمي؟ تخفيف عبء الدعم الحكومي على الميزانية، الذي بلغ 47 مليار ريال في 2023، وفق بيانات رسمية. لكن الخلفية أعمق من ذلك. منذ 2018، تسعى السعودية لتقليص دعم الوقود تدريجيًا ضمن رؤية 2030، لكن التقدم كان بطيئًا بسبب المخاوف الاجتماعية. الآن، مع تراجع عائدات النفط إلى 7.2 مليار دولار في الربع الأول من 2024 — أدنى مستوى منذ عامين — أصبحت الحكومة ترى أن التكلفة الاجتماعية أصبحت أقل خطورة من التكلفة المالية. التحول لم يكن مفاجئًا للخبراء، لكنه كان مفاجئًا للناس.

كيف ردّ المواطنون؟

في الرياض، تجمّع مئات السائقين أمام محطات الوقود يوم الجمعة، يحملون لافتات تقول: "لا نريد رفع الأسعار، نريد رفع الرواتب". في جدة، بدأت مجموعات مدنية تطلق حملات على تويتر تحت وسم #لا_لرفع_الوقود، وصلت إلى 2.1 مليون تفاعل في 48 ساعة. أحد السائقين، أحمد العلي، قال: "أنا أعمل سائق أوبر، وأدفع 180 ريالًا يوميًا على البنزين. الزيادة تعني أنني سأضطر لزيادة الأجرة أو تقليل الرحلات — وكلا الخيارين يُفقدني دخلاً". هنا’s the twist: بعض العائلات بدأت تعيد تقييم امتلاك سيارة. وفق استطلاع سريع أجرته جامعة الملك سعود، 38% من الأسر في المدن الكبرى تفكر في بيع سيارتها أو شراء سيارة كهربائية خلال العام المقبل.

ما تأثير الزيادة على الاقتصاد؟

التأثيرات لا تقتصر على الجيوب. ارتفاع تكلفة النقل يعني ارتفاع تكلفة السلع. مصنعو الأغذية، والخدمات اللوجستية، وحتى مراكز التسوق — كلها ستُضطر لرفع الأسعار. توقّع خبراء في البنك الدولي أن تساهم هذه الزيادة في رفع التضخم السنوي في السعودية من 2.9% إلى 3.7% بحلول نهاية العام. هذا قد يُجبر البنك المركزي على إعادة النظر في أسعار الفائدة — وهو ما يعني تأثيرًا مزدوجًا: زيادة تكاليف القروض على الأسر والشركات معًا. لم تُعلن الوزارة عن أي خطة لتعويض الأسر، لكن مصادر داخلية تشير إلى أن مراجعة لـ"بدل النقل" للعاملين في القطاع الحكومي قد تبدأ في يوليو.

هل هذا نهاية الدعم؟

لا. لكنه بداية نهاية. منذ 2016، خفضت السعودية دعم الوقود من 70% من السعر العالمي إلى 30% فقط. الآن، مع ارتفاع الأسعار، يُعتقد أن الدعم سينخفض إلى 15% بحلول 2026. المشكلة؟ لم تُستكمل البنية التحتية البديلة. شبكة الحافلات العامة لا تزال غير كافية، والقطارات لا تصل إلى معظم المناطق السكنية. "الناس لا يعارضون التغيير، لكنهم يعارضون التغيير دون بديل"، كما قال الدكتور ناصر الغامدي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. "رفع الأسعار دون تحسين النقل العام هو كأن تأخذ من جيب المواطن ثم تطلب منه أن يمشي إلى العمل".

ماذا سيحدث بعد؟

ماذا سيحدث بعد؟

الخطوة التالية ستكون حاسمة. من المتوقع أن تُعلن وزارة الطاقة في يونيو عن برنامج تدريجي لدعم السيارات الكهربائية، لكنه لن يشمل سوى 5% من السيارات الجديدة. في المقابل، تُدرس حكومة الرياض إمكانية فرض ضريبة على السيارات ذات الاستهلاك العالي — وهو ما لم يُطرح من قبل. أما في الشارع؟ الناس يبحثون عن حلول فردية: مشاركة الرحلات، تقليل السفر غير الضروري، وحتى العودة إلى الدراجات الهوائية في الأحياء المكتظة. في الدمام، بدأت مبادرة شعبية لتحويل مواقف السيارات إلى مسارات للدراجات — وحققت 12 ألف مشاركة في أسبوعين.

الخلفية: لماذا هذا مرتبط بـ"رؤية 2030"؟

في 2016، أعلنت السعودية عن رؤية 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط. لكن دعم الوقود كان أحد أكبر عقبات هذا الهدف. كل ريال يُنفق على دعم البنزين هو ريال لا يُستثمر في التعليم، أو الرعاية الصحية، أو الطاقة المتجددة. لكن التحول كان صعبًا — ففي 2020، عندما رُفعت الأسعار بنسبة 5%، احتجّ عشرات الآلاف في 12 مدينة. الآن، مع ارتفاع التضخم عالميًا، وانخفاض أسعار النفط، وضغوط ميزانية متزايدة، لم يعد بالإمكان تأجيل القرار. لكن السؤال الأكبر: هل الدولة مستعدة لتحمل التبعات الاجتماعية؟

أسئلة شائعة

كيف تؤثر زيادة أسعار الوقود على الأسر ذات الدخل المحدود؟

الأسر ذات الدخل المحدود، التي تُنفق ما بين 15% و20% من دخلها على النقل، ستواجه ضغوطًا كبيرة. زيادة 12% في أسعار الوقود تعني خسارة شهريّة تتراوح بين 70 و120 ريالًا، وهو ما يعادل وجبات طعام أسبوعية كاملة. بعض العائلات بدأت تُقلّل من رحلات السفر الطويلة أو تُعيد ترتيب جداول العمل لتقليل الاستهلاك.

لماذا لم تُعلن الوزارة عن الزيادة مسبقًا؟

المصادر الحكومية تقول إن القرار اتُخذ في اجتماع طارئ بسبب تراجع عائدات النفط في مارس، لكن هذا يُثير تساؤلات حول التخطيط الاستراتيجي. في الماضي، كانت الزيادات تُعلن قبل أشهر لتمكين الأسر من التحضير. هذه المرة، لم تُعطَ أي إشارة — مما زاد من شعور الظلم بين المواطنين.

هل هناك خطط لدعم السيارات الكهربائية؟

نعم، لكنها محدودة. تُخطط الوزارة لتقديم دعم مالي يصل إلى 15 ألف ريال لشراء سيارة كهربائية جديدة، لكن الشروط صارمة: يجب أن تكون السيارة مصنّعة في السعودية أو من شركاء محليين، ويجب ألا يتجاوز دخل المشتري 25 ألف ريال شهريًا. حتى الآن، تم تخصيص 500 مليون ريال فقط — وهي تكفي لدعم 33 ألف سيارة فقط، أي أقل من 1% من السيارات المسجلة.

ما تأثير الزيادة على سوق العمل؟

القطاعات التي تعتمد على النقل — مثل التوصيل، والخدمات اللوجستية، والزراعة — ستواجه ارتفاعًا في التكاليف. بعض الشركات الصغيرة أوقفت توظيف سائقين جدد، بينما تراجعت رحلات النقل بين المدن بنسبة 18% في الأسبوع الأول بعد الزيادة. هذا قد يؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي المحلي، خصوصًا في المناطق التي لا تملك بدائل.

هل يمكن أن تعود الأسعار إلى مستواها السابق؟

من غير المرجح في المدى القصير. حتى لو ارتفعت أسعار النفط، فإن الحكومة أعلنت أنها لن تعود للدعم السابق، بل ستُركّز على دعم مستهدف فقط — مثل دعم النقل العام أو المساعدات النقدية المباشرة للأسر الأكثر تضررًا. التغيير الآن هو هيكل، وليس مؤقتًا.

ما دور المواطنين في تغيير هذا الوضع؟

الضغط الشعبي أثّر في الماضي. عندما احتجّ الناس عام 2020، أُعيد النظر في الزيادة. اليوم، الحملات الرقمية والمبادرات المحلية — مثل مشاركة الرحلات أو التحول للدراجات — تُظهر أن التغيير يمكن أن يبدأ من الأسفل. المطلوب الآن هو تحويل هذه المبادرات إلى ضغط سياسي منظم، وليس مجرد ردود فعل عابرة.

1 التعليقات
  • Mohamed Amine Mechaal
    Mohamed Amine Mechaal

    الزيادة في أسعار الوقود مش مجرد رقم، دي تحوّل هيكلية في سياسة الدعم. من الناحية الاقتصادية، التخفيض التدريجي للدعم مطلوب لتعزيز كفاءة الميزانية، لكن التحدي الحقيقي هو توزيع الأعباء بشكل عادل. لو اعتمدنا على نموذج "الدعم المستهدف" بدلاً من الدعم الشامل، ممكن نحول الـ47 مليار اللي تُصرف على البنزين لتمويل نقل عام متكامل، أو منح مباشرة للأسر الأقل دخلاً. المشكلة؟ النظام الحالي ما يزال مبني على التعميم، مش التخصص. نحتاج سياسات ذكية: تسعير ديناميكي، دعم مرتبط بالدخل، وحوافز للانتقال للطاقة النظيفة - مش مجرد رفع سعر الليتر ونقول "هذا رؤية 2030". التغيير لا يُبنى على الصدمة، بل على التخطيط المسبق والشفافية.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*