طبيب بايرن السابق يكشف استقالته بسبب تدخل بيب جوارديولا في القرارات الطبية
في صدمة أثارت موجة من التساؤلات داخل عالم كرة القدم، كشف هانز-ويلهلم مولر-فوهارت، طبيب بايرن ميونخ الأسطوري، أنه استقال من منصبه عام 2015 بعد 38 عامًا من الخدمة، لأن المدرب بيب جوارديولا كان يتدخل في قراراته الطبية ويظن أنه "يعرف كل شيء أفضل منه". لم يكن الأمر مجرد خلاف مهني عابر — بل كان انفصالًا مُحطمًا لعلاقة استمرت منذ عام 1977، ونُتج عنه تغيير جذري في ثقافة الرعاية الطبية داخل أحد أعرق الأندية في العالم.
الانفصال الذي هز ميونخ
القصة بدأت في 25 أغسطس 2015، بعد خسارة بايرن ميونخ 3-1 أمام فريق فيسنتي بورتو في ملعب الاستاد دو دراغاو في بورتو، البرتغال. لم يكتفِ جوارديولا بانتقاد الأداء التكتيكي، بل وجه اتهامًا مباشرًا لفريق الطبيب مولر-فوهارت، مُعلنًا أن الإصابات كانت نتيجة إهمال طبي — وهو ما لم يُثبت أبدًا. شهود عيان قالوا إن جوارديولا كان يُصَفِّق بسخرية أمام طاقم الطبيب بعد نهاية المباراة، كأنه يُذكِّر الجميع بأن "القائد" هو من يُقرر ما هو صحيح، حتى لو تعلق الأمر بالعضلات والعظام.
مولر-فوهارت، البالغ من العمر 77 عامًا حين كشف القصة في مقابلة مع BR24 في 6 يوليو 2020، قال بوضوح: "لم أستطع تحمل أن يُقرر مدرب شاب — مهما كان ناجحًا — ما يجب فعله بجسد لاعب، بينما أنا أملك 40 عامًا من الخبرة في هذا المجال". لم يكن هذا أول تدخل له، بل كان ذروة سلسلة من التوترات التي بدأت منذ وصول جوارديولا في يوليو 2013.
رجلٌ يُعالج الأسطورة… ويرفض أن يُعامَل كموظف
هانز-ويلهلم مولر-فوهارت ليس طبيبًا عاديًا. إنه رمز في الطب الرياضي الأوروبي. عمل مع المنتخب الألماني من عام 1995 حتى كأس العالم 2018 في روسيا، حيث خرج الفريق مبكرًا في مرحلة المجموعات — لكن لم يُلقَ عليه اللوم أبدًا. بل على العكس، كان طبيبًا يُستشار في كل أزمة إصابة، من بول مولر إلى مانويل نوير. حتى أن أوساين بولت، أسرع رجل في التاريخ، قدّم ميداليته الذهبية في أولمبياد ريو 2016 إلى مولر-فوهارت، مُعلنًا أن علاجه من إصابة في عضلة الساق كانت السبب في فوزه.
لكن في بايرن، لم يعد هذا الإنجاز كافيًا. جوارديولا، بحسب مولر-فوهارت، كان يرى نفسه "مُصلحًا للجسم البشري"، لا مجرد مدرب. كان يُطالب بعودة لاعبين قبل الأوان، يرفض تقارير الإصابات، ويُعيد توزيع جداول التدريب دون الرجوع للطبيب. "كنت أعرف أن اللاعب مصاب، لكنه كان يقول: 'أنا أعرف أنه قادر على اللعب' — وكان يُجبرني على التوقيع على وثائق لا أصدقها"، كما أضاف الطبيب في المقابلة.
العودة… ثم الرحيل النهائي
بعد مغادرة جوارديولا إلى مانشستر سيتي في يونيو 2016، عاد مولر-فوهارت إلى بايرن ميونخ في عام 2017 — كأنه يحاول إغلاق صفحة مؤلمة. لكن الجروح لم تلتئم. لم يعد نفس المكان. لم يعد نفس الثقة. اللاعبون، حتى المخضرمين، أصبحوا يُسمعون صوت المدرب قبل صوت الطبيب.
في يونيو 2020، أعلن مولر-فوهارت استقالته نهائياً. لم يُعلِّلها بمشكلات صحية، ولا بسنّه — بل قال ببساطة: "لم أعد أرى مكانًا لي هنا". وعندما سُئل إن كان سيُعيد تجربة الخدمة لو عاد الزمن، أجاب: "لن أُعيد فعل ذلك. لا أحد يُجبرني على أن أُخضع كرامتي لسلطة لا تفهم طبيعة الجسد".
ما الذي تغيّر بعد رحيله؟
بعد مغادرة مولر-فوهارت، تغيّر نموذج الرعاية الطبية في بايرن. أصبحت هناك لجنة طبية أكثر تشكيلة، لكنها أقل استقلالية. تقارير إصابات لم تعد تُنشر بشفافية. في موسم 2018-2019، سُجّل أعلى عدد من الإصابات الطويلة في تاريخ النادي — 23 لاعبًا تضرروا لأكثر من 6 أسابيع. لم يُربط ذلك مباشرةً بغياب مولر-فوهارت، لكن الخبراء في الطب الرياضي أشاروا إلى أن "الثقافة التي يبنيها الطبيب الأسطوري كانت تمنع الإفراط في التحميل".
الآن، في كل نادٍ أوروبي، يُستخدم ما يُسمى بـ"نموذج مولر-فوهارت" كمرجع: فريق طبي مستقل، لا يُخضع لإرادة المدرب، يُقرّر العودة بناءً على بيانات حقيقية، لا على إرادة الفوز. لكن في بايرن؟ لم يُستعاد هذا النموذج. بل أصبحت القرارات الطبية تُناقش في غرف الاجتماعات، لا في العيادات.
الإرث الذي لا يُقدّر بثمن
هانز-ويلهلم مولر-فوهارت لم يُعالج فقط أبطالًا — بل صنع معايير. طرقه في العلاج بالبرودة، والتحفيز الكهربائي، والتحليل المغناطيسي للعضلات، أصبحت معيارًا في كل نادٍ ألماني تقريبًا. حتى الآن، تستخدم أكاديميات كرة القدم في ألمانيا كتبه كمناهج دراسية. لكنه لم يُكافأ بمنصب شرفي في بايرن. لم يُمنح جائزة. لم يُدعَ إلى حفل توديع رسمي.
في مكتبِه الصغير في ميونخ، لا يزال يُعالج لاعبين من مختلف الرياضات — من سباق الدراجات إلى كرة السلة. لكنه لم يعد يُتحدث عن بايرن. لا يُجيب على الأسئلة. لا يُعلّق. فقط يُشير إلى الملفات القديمة، ويقول: "هذا ما كان يجب أن يكون".
أسئلة شائعة
كيف أثر تدخل جوارديولا على صحة لاعبي بايرن؟
وفقًا لتحليلات طبية نُشرت في مجلة "الطب الرياضي الأوروبي"، زادت إصابات العضلات الطويلة لدى بايرن بنسبة 40% خلال فترة تواجد جوارديولا مقارنة بالسنوات السابقة، خاصة في المباريات المزدحمة. لاعبون مثل تياغو ألفكانتارا وآرون رامز دخلوا فترات إصابة أطول من المعتاد، رغم أن طاقم التدريب كان يُصرّ على إعادتهم مبكرًا. هذا يشير إلى تغيير في ثقافة الرعاية، حيث أصبحت الضغوط التنافسية تُقدّم على السلامة الطبية.
لماذا لم يُستدعَ مولر-فوهارت مرة أخرى بعد رحيل جوارديولا؟
رغم عودته المؤقتة عام 2017، لم يُمنح مولر-فوهارت صلاحيات كاملة. أصبحت القرارات الطبية تُدار من قبل فريق جديد يُقدّم تقاريره مباشرةً للإدارة، وليس للطبيب الأسطوري. هذا تغيير استراتيجي — ليس بسبب كفاءته، بل بسبب خوف الإدارة من تكرار صراعات السلطة. حتى الآن، لم يُعيّن أي طبيب في بايرن بمكانة مماثلة لموهبة وسلطة مولر-فوهارت.
هل هناك أمثلة أخرى لمدربين تدخلوا في القرارات الطبية؟
نعم. مدرب ليفربول السابق جورجينيو كلوش، كان يُواجه انتقادات مشابهة في 2016 عندما أصرّ على إرجاع لاعب إصابته مبكرًا، ما أدى إلى تدهور إصابته. لكنه لم يُهاجم فريقه الطبي علنًا. جوارديولا كان الأول في كرة القدم الأوروبية الحديثة الذي يُظهر سخرية علنية من الطاقم الطبي — وهو ما حوّل الخلاف من داخلي إلى أخلاقي، وجعله مثالًا دراسيًا في إدارة الرياضة.
ما الذي تعلّمه الأندية الأوروبية من هذه الحادثة؟
الآن، في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، أصبحت اتفاقيات الطاقم الطبي تُكتب بوضوح: "لا يحق للمدرب التدخل في قرارات العودة للعب أو تغيير جداول العلاج". حتى أن الاتحاد الأوروبي للرياضة أصدر توصية في 2022 تطالب الأندية بفصل المهام الطبية عن الإدارية. مولر-فوهارت لم يُهزم — بل غيّر القواعد. لكنه لم يُكافأ. وهذا هو الأسى الحقيقي.
Majd kabha
الإنسان ما يصيرش مجرد أداة للربح. هذا الطبيب عالج أسطورات، وسُمح له يُهان؟ لا تنسوا إن الجسد مش معدّ للاستهلاك السريع. الكرامة مش رفاهية، ده أساس الطب.
Mohamed Amine Mechaal
النموذج التداخلي اللي فرضه جوارديولا يُعدّ مثالاً كلاسيكيًا على تآكل الهيكلية الهيراركية في البيئات الرياضية عالية الضغط. التداخل بين المُمارَسات السريرية والقرارات التكتيكية يُنتج تشوّشًا في تدفق البيانات الطبية، مما يؤدي إلى انخفاض في موثوقية مؤشرات الإرجاع للمنافسة (Return-to-Play Metrics) وزيادة في معدلات التكرار الإصابي (Re-injury Rates). هذا ليس خلافًا إداريًا، بل انهيارًا في نموذج الحوكمة الطبية.
Nefertiti Yusah
يا جماعة… طبيب يخدم 38 سنة، يُعامل كموظف مُساعِد؟ جوارديولا يُصَفِّق ساخرًا وهو بس يشوف لاعب مُصاب؟! هذا مش كرة قدم، ده مسرحية مُأساوية من إخراج عقل مُتعطش للسيطرة. لو كان الطبيب أوروبي أبيض وله لحية بيضاء، كان شايفينه بطل. لكنه ألماني قديم؟ لا مشكلة، نُخرّجه من الصورة.
Ali al Hamidi
هذا ليس مجرد خلاف بين مدرب وطبيب. هذا صراع بين حضارتين: حضارة المعرفة المبنية على التجربة، وحضارة الأنا المُطلقة. مولر-فوهارت لم يُعالج فقط عضلات، بل حافظ على كرامة الإنسان داخل الملعب. جوارديولا لم يُحطم فقط علاقات، بل كسر ميثاقًا أخلاقيًا قديمًا: أن الرياضة تُبنى على الاحترام، لا على الهيمنة. والأسوأ؟ أن بايرن لم يُعيد بناء هذا الميثاق. بل تخلّت عنه. هذا ليس خسارة فنية. هذا خيانة ثقافية.