الإمارات تُعلن 5 سبتمبر 2025 عطلة رسمية بمناسبة مولد النبي محمد ﷺ
في خطوة تعكس عمق الارتباط الروحي والثقافي بالقيم الإسلامية، أعلنت الحكومة الإماراتية أن يوم الجمعة، 5 سبتمبر 2025، سيكون عطلة رسمية مدفوعة الأجر لجميع الموظفين الحكوميين بمناسبة مولد النبي محمد ﷺ، الموافق 13 ربيع الأول 1447 هـ. هذا القرار لا يقتصر على الحكومة فحسب، بل يمتد ليشمل القطاع الخاص أيضًا، باستثناء الخدمات الأساسية التي تعمل على مدار الساعة. المفاجأة؟ هذا اليوم يقع بين عطلة نهاية الأسبوع — السبت والأحد — ما يخلق عطلة طويلة تستمر ثلاثة أيام، من الجمعة إلى الأحد، تنتهي يوم الأحد 7 سبتمبر، ليعود الموظفون إلى العمل يوم الاثنين 8 سبتمبر. لم يكن هذا مجرد قرار إداري، بل نتيجة دقة علمية نادرة.
القمر هو من حدد التاريخ... وليس التقويم
هنا تكمن القصة الحقيقية التي لا يعرفها الكثيرون: لم تُقرر هذه العطلة بناءً على تقويم شمسي أو توقعات عامة، بل بناءً على رؤية هلال ربيع الأول، التي أعلنتها المركز الفلكي الدولي في أبوظبي يوم السبت 23 أغسطس 2025. بعد فحص مسحات فلكية دقيقة باستخدام تلسكوبات متقدمة، وأجهزة تصوير فائقة الدقة، تأكد المركز أن الهلال لم يُرَ في أي دولة عربية أو إسلامية — لا بالعين المجردة، ولا بالتقنيات الحديثة. هذا يعني أن ربيع الأول لن يبدأ إلا يوم الاثنين 25 أغسطس، وليس الأحد كما فعلت بعض الدول. النتيجة؟ 12 ربيع الأول — اليوم الذي يُحتفل فيه بميلاد النبي ﷺ — سيسقط على الجمعة 5 سبتمبر. هذا ليس توقعًا، بل حقيقة فلكية مثبتة.
الإمارات تختلف عن جيرانها... وليست وحدها
هنا تظهر الفروق الدقيقة التي تُحدث فرقًا كبيرًا في العالم الإسلامي. بينما بدأت دول مثل السعودية، قطر، البحرين، الكويت، مصر، وتونس شهر ربيع الأول يوم الأحد 24 أغسطس، اتبعت الإمارات، عُمان، الأردن، المغرب، إندونيسيا، باكستان، الهند، وإيران التقويم الفلكي المبني على الرؤية العلمية، فبدأت الشهر يوم الاثنين 25 أغسطس. هذا الاختلاف ليس خلافًا دينيًا، بل اختلافًا في المنهج: بعض الدول تعتمد الرؤية البصرية المحلية، والبعض الآخر يعتمد الحسابات الفلكية الدقيقة. في الإمارات، لم يكن الخيار مسألة تقليد، بل مسألة علم. يقول أحد مهندسي المركز: "نحن لا نرى القمر لنتبع التقاليد، بل لنفهم الطبيعة التي خلقها الله، ثم نُنظّم وقته بحكمة".
لماذا هذا اليوم مهم جدًا؟
النبي محمد ﷺ، المولود في مكة عام 570 م (عام الفيل)، والمتوفي في المدينة عام 632 م، ليس مجرد شخصية تاريخية. إنه نموذج للرحمة، والعدالة، والوحدة. في قرار مجلس الوزراء الإماراتي، وُصفت العطلة بأنها "وقت للتأمل الروحي والراحة"، تذكير بأن القيم التي دعا إليها النبي ﷺ — الكرم، والصدق، والتسامح — ليست مجرد تعاليم، بل أساس لبناء مجتمع متوازن. في دبي، أصدرت إدارة الموارد البشرية في دبي تعميمًا واضحًا: "جميع الدوائر الحكومية ستُغلق، والدوام يعود يوم الاثنين 8 سبتمبر". وفي عجمان، أرسلت إدارة الموارد البشرية رسالة تهنئة مكتوبة بخط اليد إلى جميع الموظفين، مع دعاء: "نسأل الله أن يعيده علينا وعليكم بالخير والبركة".
تأثير اقتصادي واجتماعي لا يُستهان به
هذه العطلة ليست مجرد راحة، بل تُحرك اقتصادًا كامنًا. تُقدّر الزيادة في الإنفاق الاستهلاكي خلال عطلات مولد النبي ﷺ بحوالي 1.2 مليار درهم في الإمارات سنويًا، وفقًا لتحليلات وزارة الاقتصاد. تزداد مبيعات الملابس التقليدية، والهدايا، والحلويات، وتنمو حجوزات الفنادق في المدن التي تُنظم مهرجانات دينية. في أبوظبي، تُقام معارض للكتب الإسلامية، وفي الشارقة، تُنظم محاضرات عن سيرة النبي ﷺ في المساجد والجامعات. حتى الشركات الخاصة، التي لا يُطلب منها إعطاء العطلة، تفعل ذلك طوعًا — لأنها تعرف أن راحة الموظف تُنتج إنتاجية أعلى. هذا ليس ترفًا دينيًا، بل استراتيجية اجتماعية ذكية.
ما الذي سيحدث بعد ذلك؟
الإمارات تُعدّ من أقل الدول تغييرًا في تقويمها السنوي، لكنها الأكثر دقة. تقويم 2025 يحتوي على 11 عطلة رسمية، من بينها: رأس السنة الميلادية (1 يناير)، عيد الفطر (30 مارس - 2 أبريل)، عيد الأضحى (6-9 يونيو)، رأس السنة الهجرية (27 يونيو)، ويوم الاتحاد (2 ديسمبر). لكن مولد النبي ﷺ يبقى من أبرزها، لأنه لا يرتبط بحدث سياسي أو تاريخي، بل بروح جماعية. المستقبل؟ من المرجح أن تُستخدم نموذج المركز الفلكي الدولي كمرجع إقليمي، خاصة مع تزايد الطلب على التوحيد الفلكي بين الدول الإسلامية. هل ستتبع دول أخرى هذا النهج؟ ربما. لكن الإمارات، بحزمها العلمي وتقديرها الروحي، تبقى في المقدمة.
ما الذي لم يُذكر؟
الكثير من الناس يظنون أن العطلة تُمنح فقط للموظفين الحكوميين، لكن الواقع أن القطاع الخاص — خاصة في الشركات الكبرى مثل الإمارات للطاقة والبنك الوطني الإماراتي — يُطبّق العطلة تلقائيًا. كما أن بعض المدارس الخاصة تُغلق أبوابها، وتُنظم فعاليات تعليمية للأطفال عن السيرة النبوية. حتى المتاجر الصغيرة في المناطق السكنية تُغلق أبوابها يوم الجمعة، ليس لأن القانون يطلب ذلك، بل لأن المجتمع يشعر بأن هذا اليوم مختلف.
أسئلة شائعة
لماذا تختلف الإمارات عن السعودية في موعد مولد النبي ﷺ؟
الإمارات تعتمد الحسابات الفلكية الدقيقة التي تؤكد رؤية الهلال علميًا، بينما السعودية تعتمد على الرؤية البصرية المحلية. هذا لا يعني خطأ في أحد، بل اختلافًا في المنهج. المركز الفلكي في أبوظبي تأكد أن الهلال لم يُرَ في أي مكان يوم 23 أغسطس، فبدأ ربيع الأول يوم 25 أغسطس، بينما السعودية بدأت يوم 24 أغسطس بناءً على رؤية محدودة في بعض المناطق.
هل العطلة تشمل العمال في المطارات والمستشفيات؟
لا، العطلة لا تنطبق على الخدمات الأساسية مثل المستشفيات، المطارات، قوات الأمن، ومحطات المياه والكهرباء. لكن الموظفين الذين يعملون في هذه القطاعات يحصلون على أجر إضافي أو تعويض بعطلة بديلة، وفقًا لقانون العمل الإماراتي. هذا التوازن بين الالتزام الديني والوظيفي هو ما يميز النظام الإماراتي.
ما تأثير هذه العطلة على الاقتصاد؟
تُقدّر الزيادة في الإنفاق الاستهلاكي خلال عطلة مولد النبي ﷺ بحوالي 1.2 مليار درهم سنويًا في الإمارات، مع ارتفاع ملحوظ في مبيعات الهدايا، الملابس التقليدية، والحلويات. كما تزداد حجوزات الفنادق في المدن التي تُنظم فعاليات دينية، مما يدعم قطاع السياحة الداخلية ويعزز النشاط الاقتصادي غير المباشر.
هل يمكن أن يتغير موعد العطلة في المستقبل؟
نعم، لأن التاريخ يعتمد على رؤية الهلال، وهو متغير فلكي. في كل عام، يُعاد تقييم موعد 12 ربيع الأول بناءً على بيانات المركز الفلكي الدولي. هذا يعني أن العطلة قد تقع في أي يوم من أيام الأسبوع، وليس فقط الجمعة. لكن التزام الدولة بالدقة العلمية يضمن أن القرار دائمًا مبني على مصداقية لا تُجادل فيها.
لماذا لم تُعلن العطلة قبل ذلك؟
الإمارات لا تُعلن العطلات مبكرًا جدًا لأنها تعتمد على رؤية الهلال، والتي لا تُعرف إلا بعد تأكيد رصدها. هذا التأخير ليس ترددًا، بل احترامًا للمنهج العلمي. في 23 أغسطس، وبعد تأكيد عدم رؤية الهلال، صدر القرار الرسمي بعد 48 ساعة فقط — وهو أسرع من أي دولة أخرى في المنطقة.
ما علاقة هذا بالسياحة؟
العطلة تجذب آلاف الزوار المسلمين من خارج الإمارات، خاصة من دول جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، الذين يرغبون في المشاركة في الاحتفالات الدينية. في 2024، زاد عدد الزوار بنسبة 22% خلال هذه الفترة، مما دفع الحكومة لتنظيم فعاليات ثقافية في مراكز التسوق الكبرى، مثل "دبي مول" و"متحف المستقبل"، لدمج الروحانية مع التجربة السياحية.