السعودية في مجموعة إسبانيا والبرازيل والمغرب في قرعة كأس العالم 2026

السعودية في مجموعة إسبانيا والبرازيل والمغرب في قرعة كأس العالم 2026

في لحظة لم ينسها عشاق كرة القدم في العالم العربي، وُضعت السعودية في قلب إحدى أصعب مجموعات كأس العالم 2026، عندما سحبت القرعة منتخبها مع إسبانيا بطلة أوروبا، والبرازيل صاحبة السجل الأسطوري، والمغرب الذي يُعدّ أقوى منافس عربي في السنوات الأخيرة. لم تكن القرعة مجرد توزيع عشوائي — كانت مفاجأة، وتحدياً، ورسالة واضحة: لم يعد هناك مكان للراحة في عصر كأس العالم الموسّع.

القرعة تُعيد تشكيل خريطة كرة القدم العالمية

أُجريت قرعة كأس العالم 2026 في تمام الساعة 14:11 بتوقيت واشنطن، يوم الجمعة 5 ديسمبر 2025، في مركز كينيدي للفنون المسرحية بالعاصمة الأمريكية، بحضور أكثر من 64 دولة — وهو رقم قياسي يمثل أكثر من 30% من أعضاء الفيفا. لكن الأهم لم يكن العدد، بل المضمون: لأول مرة في تاريخ البطولة، يشارك 48 منتخباً بدلاً من 32. هذا التوسيع لم يكن مجرد إضافة أسماء — بل تغيير جذري في ديناميكية المنافسة، حيث أصبحت المباريات الخمس الأولى في المجموعة لا تُعتبر مجرد تمهيد، بل معارك حقيقية تُحسم فيها البقاء.

42 منتخباً حجزوا مقاعدهم مسبقاً، لكن الـ22 المتبقين — بينهم منتخبات من أوروبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية — سيخوضون مباريات الملحق في مارس 2026، لتحديد الستة الأخيرة. هذا يعني أن حتى الفرق الكبيرة مثل إيطاليا أو البرتغال لم تكن مضمونة التأهل، وأن المواجهات في مارس ستكون أشبه بنهائيات مبكرة.

المجموعة الثامنة: ديربي عربي ومواجهة أسطورية

إذا كنت تعتقد أن مواجهة السعودية مع إسبانيا ستكون الأصعب، فانتظر حتى ترى كيف ستتفاعل المجموعة ككل. إسبانيا — التي فازت باليورو 2024 بأسلوب جمالي يُشبه الموسيقى — تواجه فريقاً عربياً يملك حضوراً عسكرياً في الملعب، وطموحاً لا يُقاس بالإنجازات السابقة فقط، بل بالتطور المؤسسي. السعودية، التي تأهلت للمرة السادسة على التوالي، تسعى هذه المرة لتجاوز دور المجموعات لأول مرة منذ 1994.

لكن التحدي الأكبر لم يكن إسبانيا، بل أوروغواي، تلك الآلة العسكرية التي لا تعرف الرحمة. فريق يمتلك تاريخاً من الانتصارات الصعبة، ونظاماً تدريبياً يُدرّب اللاعبين على القتال لا على التمرير. وربما الأغرب: الرأس الأخضر، منتخب صغير من جزر المحيط الأطلسي، لكنه فاز على البرتغال في تصفيات 2012، ووصل إلى ربع نهائي كأس الأمم الأفريقية عام 2013. هذا ليس فريقاً يُستهان به — بل هو تذكير بأن كرة القدم لم تعد حكراً على الكبار.

ومن ناحية أخرى، في المجموعة الثالثة: البرازيل مقابل المغرب. هذا ليس مجرد لقاء. إنه صراع بين أسطورة وصعود. البرازيل، التي فازت بخمسة ألقاب، تُعاني من تراجع في الأداء الجماعي، لكنها لا تزال تمتلك لاعبين يُغيرون مجريات المباراة بلمحة واحدة. المغرب، الذي وصل إلى نصف النهائي عام 2022، لم يعد مجرد مفاجأة — بل أصبح خصمًا حقيقيًا يُحسب له ألف حساب. ووجود اسكتلندا وهايتي يضيفان عنصر عدم اليقين: اسكتلندا تملك لاعبين في الدوري الإنجليزي، وهايتي تمتلك سرعة لا تُضاهى.

الحضور السياسي: ترمب وراء الكواليس

لم يكن حضور دونالد ترمب مجرد تجميل للحدث. كان رسالة سياسية. فكأس العالم 2026 هو أول مونديال تُشارك فيه ثلاث دول — الولايات المتحدة، كندا، والمكسيك — وهو أيضاً أول مونديال يُقام في أمريكا الشمالية منذ 1994. وعندما ترى ترمب يجلس في الصف الأول، تعرف أن الأمر لا يدور فقط حول كرة القدم، بل حول عقود بقيمة 15 مليار دولار، ومشاريع بنية تحتية، ونفوذ إعلامي يُعادل حملة انتخابية.

الولايات المتحدة، التي لم تفز ببطولة منذ 1930، ترى في هذا المونديال فرصة لتحويل كرة القدم من رياضة هامشية إلى ثقافة جماهيرية. ورغم أن المباريات ستُلعب في 16 ملعباً موزعة على ثلاث دول، فإن أكثر من 70% منها ستقع على الأراضي الأمريكية. وهذا يعني أن المكسيك وكندا، رغم كونهما مضيفتين، لن يكونا سوى مُساعدين — بينما تُصبح أمريكا هي المحور.

التأثير الاقتصادي: من يربح حقاً؟

التأثير الاقتصادي: من يربح حقاً؟

الآن، دعنا نتحدث عن المال. البطولة ستُلعب في 104 مباريات — أي 40 مباراة أكثر من نسخة 2022. هذا يعني زيادة في التذاكر، والإعلانات، والخدمات اللوجستية. وبحسب تقارير الفيفا، من المتوقع أن تحقق البطولة إيرادات تتجاوز 12 مليار دولار، مع 4.5 مليار منها فقط من حقوق البث التلفزيوني.

لكن الأهم: كيف سيستفيد العرب؟ السعودية، التي تستثمر مليارات في رياضتها، ترى في كأس العالم فرصة لتعزيز سياحتها الرياضية. المغرب، الذي استضاف كأس الأمم الأفريقية عام 2025، يسعى لتحويل هذا المونديال إلى نقطة تحول اقتصادية. حتى الأردن والجزائر، اللذان لم يتأهلا، سيستفيدان من تدفق الجماهير عبر الحدود.

لكن هناك خطر: التكاليف. في كأس العالم 2022، أنفق قطر 220 مليار دولار — ودفعت ثمنها بفضائح وانتقادات. هل ستكون أمريكا الشمالية أكثر ذكاءً؟ أم أن العقود المزدوجة، والفساد، والمشاريع المُهدرة ستُعيد سيناريو قطر؟

ما الذي ينتظرنا في مارس 2026؟

قبل أن تبدأ البطولة، هناك معركة أخرى: مباريات الملحق. 22 منتخباً يتنافسون على 6 مقاعد فقط. بينهم: إيطاليا، التي لم تُشارك منذ 2018؛ وويلز، التي تملك رونالدو؛ وأوكرانيا، التي تقاتل من أجل البقاء في كل شيء — حتى في كرة القدم. هذه المباريات لن تكون تمهيداً — بل ستكون نهائية بذاتها. وربما سيُصبح فوز فريق صغير مثل مقدونيا الشمالية على إيطاليا أسطورة جديدة.

لماذا هذه القرعة تختلف عن كل سابقاتها؟

لماذا هذه القرعة تختلف عن كل سابقاتها؟

لأنها لم تعد مجرد توزيع. إنها خريطة قوى جديدة. لم تعد أوروبا تسيطر على كل شيء. أفريقيا تُعيد تعريف نفسها. أمريكا اللاتينية لا تزال تملك السحر. والعالم العربي، رغم تفرّقته، يمتلك الآن أكثر من فريق يُشكل خطراً حقيقياً. السعودية لم تُستدعَ فقط لتمثيل المنطقة — بل لقيادة تحوّلها.

أسئلة شائعة

كيف تؤثر زيادة عدد الفرق إلى 48 على فرص المنتخبات العربية؟

زيادة عدد الفرق إلى 48 تعني أن 12 منتخباً عربياً وصلوا إلى المونديال، وهو رقم قياسي. هذا يمنح المنتخبات العربية فرصة أكبر للظهور على الساحة العالمية، لكنه يزيد الضغط لأن المباريات في المجموعة أصبحت أكثر حدة. فالفريق الذي يتعادل مرتين في المجموعة قد يُخرج، بينما في الماضي كان التعادل مفتاح التأهل.

لماذا وُضعت السعودية مع إسبانيا والبرازيل؟ هل هذا عقاب؟

لا، هذا ليس عقاباً. الفيفا تستخدم نظام التصنيف حسب التصنيف العالمي، والبرازيل وإسبانيا من أعلى الفرق، والرأس الأخضر وأوروغواي من المجموعة الثانية. السعودية صُنّفت في المستوى الرابع، فكان منطقياً أن تُوضع مع فرق قوية لضمان التوازن. لكن هذا التحدي يُعدّ فرصة لاختبار تطور المنتخب السعودي الذي تحسن كثيراً منذ 2022.

ما تأثير حضور ترمب على تغطية البطولة إعلامياً؟

حضور ترمب يضمن تغطية إعلامية أمريكية غير مسبوقة، خاصة على قنوات مثل فوكس وESPN، والتي تُعدّ الأكبر عالمياً. هذا يعني أن مباريات السعودية والمغرب ستُبثّ في أوقات ذروة في أمريكا، مما يزيد من جمهورها العربي في الشتات، ويعزز فرص التسويق للسياحة والرياضة في الخليج.

هل يمكن لفريق مثل الرأس الأخضر أن يُفاجئ في المجموعة الثامنة؟

بالتأكيد. الرأس الأخضر تأهلت إلى كأس العالم 2013 عبر التصفيات، وفازت على البرتغال في تصفيات 2012. لديها لاعبون في أوروبا، ونظام دفاعي صارم، وتاريخ في تجاوز التوقعات. حتى لو لم تفز بالمجموعة، يمكنها أن تُخرج فريقاً كبيراً بفوز واحد، خاصة إذا لعبت بذكاء ضد أوروغواي أو السعودية.

ما تأثير هذه القرعة على سوق الانتقالات في الصيف؟

الأندية الأوروبية ستبدأ في التفاوض مع لاعبي السعودية والمغرب والجزائر منذ الآن، لأن المونديال يُعدّ بوابة للانتقالات. لاعبون مثل سلمان الفرج أو أشرف حكيمي قد يصبحون أكثر طلباً، خاصة إذا أظهروا أداءً قوياً في المباريات الودية قبل المونديال. السوق قد يشهد ارتفاعاً في أسعار اللاعبين العرب بنسبة 20-30%.

هل يمكن أن تُصبح هذه البطولة نقطة تحول لاقتصاد السعودية؟

نعم. السعودية تستثمر 100 مليار دولار في الرياضة منذ 2016، والعالمية هي آخر قطعة في المخطط. نجاح المنتخب في تجاوز المجموعة قد يُسرّع تطوير مدن رياضية جديدة، ويجذب استثمارات عالمية في مشاريع مثل نيوم. حتى المطارات والفنادق ستُبنى لاستقبال الجماهير، وهذا يعني خلق 50 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.