إكسبو دبي وبنك الإمارات دبي الوطني يطلقان شراكة استراتيجية لتسهيل الأعمال المالية

إكسبو دبي وبنك الإمارات دبي الوطني يطلقان شراكة استراتيجية لتسهيل الأعمال المالية

في قلب مدينة إكسبو دبي، حيث تُبنى مستقبل الأعمال في الشرق الأوسط، وقّعت سلطة مدينة إكسبو دبي وبنك الإمارات دبي الوطني اتفاقية شراكة استراتيجية في 10 ديسمبر 2025، تهدف إلى تحويل تجربة الشركات الناشئة والكبيرة داخل المدينة من إجراءات مرهقة إلى تجربة رقمية سلسة. لم يكن التوقيع مجرد حفل صوري — بل كان قرارًا عمليًا يُعيد تعريف ما يعنيه أن تكون شركة تعمل في بيئة أعمال عالمية. نجيب العلي، المدير التنفيذي في سلطة مدينة إكسبو دبي، وحمد زايد، رئيس قطاع الأعمال في بنك الإمارات دبي الوطني، وقّعا المذكرة في مقر المدينة، بحضور ممثلين عن شركات ناشئة ومستثمرين دوليين، في خطوة تُظهر أن دبي لا تكتفي بجذب الشركات… بل تُهيئ لها بيئة تنمو فيها بثقة.

لماذا هذه الشراكة مختلفة؟

الفرق ليس في الوعود، بل في التفاصيل. حتى الآن، كانت الشركات التي ترغب في التوسع داخل إكسبو دبي تواجه تأخيرات في فتح الحسابات، وطلبات ورقية معقدة، وغياب تام للتكامل بين الجهات. هذه الشراكة تغير كل ذلك. بنك الإمارات دبي الوطني سيقدم حزمة مخصصة لحاملي تراخيص سلطة مدينة إكسبو دبي، تشمل فتح حسابات في أقل من 24 ساعة، وخدمات مصرفية رقمية متكاملة، ودعم مالي مخصص للتوسع في أسواق الخليج والهند وأفريقيا. لا توجد وثائق مطلوبة أكثر من اللازم. لا توجد مفاوضات مع مسؤولين متعددين. كل شيء يُدار عبر منصة رقمية واحدة — مصممة خصيصًا لاحتياجات الشركات التي تعيش في عالم لا ينتظر.

النتائج متوقعة: تقليل الوقت اللازم لإطلاق مشروع جديد من 14 يومًا إلى 3 أيام، وخفض تكاليف التشغيل المصرفية بنسبة تصل إلى 40% وفقًا لتقديرات داخلية من البنك. هذا ليس تحسينًا طفيفًا — هذا تحول جذري.

من يربح؟ الشركات… والاقتصاد ككل

الشركات الناشئة هي أول من يشعر بالفرق. مها أبوالهول، المشرفة على مشروع "بيت الفن" في إكسبو دبي، تقول: "نحن نعمل على مشاريع ثقافية مبتكرة، لكننا لا نملك وقتًا للذهاب إلى البنوك. الآن، نستطيع أن نركز على الإبداع، بينما يهتم البنك بالمال". هذه ليست مجرد راحة — هذه حرية.

الشركات الكبرى أيضًا ستستفيد. شركات التكنولوجيا التي تسعى لتوسيع عملياتها في منطقة الشرق الأوسط، مثل "سيفونيك" و"أيكونيك"، تخطط لنقل مقرها الإقليمي إلى إكسبو دبي بعد هذه الشراكة. لماذا؟ لأنها ترى أن دبي لم تعد فقط مكانًا للعمل… بل مكانًا يُسهّل العمل.

والأهم من ذلك: الاقتصاد. وفقًا لصندوق النقد الدولي، سجّل اقتصاد الإمارات الأداء الأفضل بين دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2025، مع نمو غير مسبوق في قطاعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. هذه الشراكة ليست عرضًا منفصلًا — بل هي جزء من خريطة طريق أوسع. فكل شركة تُسهل لها الإجراءات، كل رأس مال يُحرر من البيروقراطية، كل رائد أعمال يُمنح فرصة حقيقية… هذا هو ما يبني اقتصادًا مرنًا، لا يعتمد على النفط.

ما الذي سيحدث خلال الأشهر الستة القادمة؟

الشراكة لا تبدأ بتوقيع، بل بتنفيذ. فريقان مشتركان — من سلطة مدينة إكسبو دبي وبنك الإمارات دبي الوطني — سيُتابعان التنفيذ على مراحل. في الشهر الأول: إطلاق المنصة الرقمية وتدريب فرق الدعم. الشهر الثاني: تجربة تجريبية مع 50 شركة ناشئة. الشهر الثالث: تقييم الأداء وتعديل الأخطاء. بحلول الشهر السادس، ستكون الخدمة متاحة لجميع حاملي التراخيص — أكثر من 2,300 شركة حتى الآن.

البنك لن يكتفي بفتح الحسابات. سيقدم استشارات مالية مجانية، وورش عمل حول التمويل الدولي، وحتى دعمًا في إعداد التقارير المالية وفقًا لمعايير دولية. هذه ليست خدمة مصرفية… هذه رعاية أعمال.

لماذا هذا مهم لبقية الإمارات؟

لماذا هذا مهم لبقية الإمارات؟

إكسبو دبي ليست مجرد مدينة. إنها نموذج. نموذج لـ "ما يمكن أن تكون عليه" أي منطقة أعمال في الإمارات. إذا نجحت هذه الشراكة هنا، فستُنسخ في أبوظبي، وعجمان، ورأس الخيمة. البنك يخطط بالفعل لتوسيع نفس النموذج إلى "منطقة العين للابتكار" و"مدينة خليفة الصناعية". هذا يعني أن ما يُبنى في إكسبو اليوم، سيصبح قاعدة للجميع غدًا.

والأمر الأكثر إثارة؟ أن هذا كله يجري في وقت تتصاعد فيه المنافسة الإقليمية. السعودية تبني نيوم، وقطر تطور حيّها المالي، والبحرين تُطلق حزمة تحفيزية ضخمة. دبي لا تتنافس فقط… بل تُعيد تعريف التنافس. لا تكفي الأبراج أو المطارات. تكفي البيئة التي تجعل رائد الأعمال يقول: "هنا، يمكنني أن أنجح".

ما الذي لم يُقال بعد؟

التفاصيل الدقيقة لأسعار الخدمات، أو ما إذا كانت هذه الحزمة ستُطبق على الشركات الأجنبية بنسبة 100%، لا تزال قيد التفاوض. لكن المصادر المطلعة تؤكد أن هناك رغبة حقيقية في جعل إكسبو دبي أول مدينة في العالم تُقدم "خدمة مصرفية متكاملة" كحق أساسي لكل شركة مرخصة فيها — دون استثناءات.

التحول لا يأتي من قوانين جديدة. يأتي من شراكات ذكية. ومن بنوك لا ترى الشركات كعملاء… بل كشركاء في بناء المستقبل.

أسئلة شائعة

كيف تختلف هذه الشراكة عن الخدمات المصرفية المتوفرة حاليًا في دبي؟

الخدمات الحالية تُقدّم بشكل عام لجميع الشركات، لكن هذه الشراكة مخصصة حصريًا لحاملي تراخيص إكسبو دبي، وتُقدّم إجراءات مبسطة وخدمات رقمية متكاملة لم تُطرح من قبل. مثلاً: فتح الحساب في 24 ساعة بدلاً من أسبوعين، واستشارات مالية مجانية، وربط مباشر مع منصات الترخيص الحكومية. هذا ليس تحسينًا… بل إعادة تصميم كامل للتجربة.

هل هذه الشراكة تشمل الشركات الأجنبية فقط أم أيضًا المحلية؟

تشمل كلا النوعين دون تمييز. حتى الشركات الصغيرة المملوكة لمواطنين إماراتيين يمكنها الاستفادة من الحزمة، خاصة إذا كانت مرخصة داخل إكسبو دبي. الهدف هو دعم جميع الشركات التي تختار المدينة كقاعدة أعمالها، بغض النظر عن جنسيتها أو حجمها. هذا جزء من رؤية دبي لبناء اقتصاد مفتوح وشامل.

ما الذي يضمن أن هذه الخدمات ستستمر بعد ستة أشهر؟

الشراكة ليست عرضًا مؤقتًا، بل هي اتفاقية استراتيجية مدتها ثلاث سنوات قابلة للتجديد. كما أن البنك يربط تقييم أدائه بمؤشرات أداء محددة: عدد الحسابات المفتوحة، ورضا العملاء، ووقت المعالجة. أي تراجع في الجودة يُعتبر خرقًا للاتفاق، مما يخلق حافزًا حقيقيًا للحفاظ على التميز.

هل هناك أي تكاليف إضافية على الشركات للاستفادة من هذه الحزمة؟

لا توجد رسوم إضافية للاستفادة من الخدمات الأساسية مثل فتح الحساب أو التحويلات الرقمية. بعض الخدمات المتقدمة، مثل الاستشارات المالية الدولية أو التمويل المدعوم، قد تتطلب رسومًا رمزية، لكنها أقل بنسبة 60% من المعدلات السوقية. الهدف ليس الربح من الشركات… بل جذبها ودعم نموها.

كيف يمكن للشركات التسجيل للحصول على هذه الخدمات؟

سيتم إرسال دعوات مباشرة لجميع حاملي التراخيص عبر البريد الإلكتروني الرسمي للشركة. كما يمكن التسجيل عبر منصة "إكسبو بيزنس بوت" على موقع سلطة إكسبو دبي، حيث يُطلب فقط رقم الترخيص وبيانات الشركة الأساسية. لا حاجة لزيارة فرع البنك — كل شيء رقمي، من الطلب حتى التفعيل.

ما تأثير هذه الشراكة على سمعة دبي كمركز مالي عالمي؟

هذه الشراكة تُثبت أن دبي لا تعتمد فقط على البنية التحتية أو الضرائب المنخفضة… بل على الابتكار في الخدمات. عندما تصبح إجراءات العمل في دبي أسهل من سنغافورة أو لندن، فهذا ليس تطورًا… هذا قيادة. الشركات العالمية ستبدأ بمقارنة دبي ليس بـ "الرياض" أو "القاهرة"، بل بـ "نيويورك" و"شانغهاي".

3 التعليقات
  • Mohamed Amine Mechaal
    Mohamed Amine Mechaal

    هذا النوع من الشراكات هو ما يُعيد تعريف البنية التحتية للابتكار في المنطقة. ليس مجرد تبسيط إجراءات، بل إعادة هندسة النظام المالي ككل ليكون مُوجهًا للشركات، وليس العكس. التكامل الرقمي بين الترخيص والمصرفية يُلغي طبقة بيروقراطية كانت تُثقل كاهل رواد الأعمال منذ عقد. ما يميز هذه المبادرة هو أن البنك لم يكتفِ بدور الوسيط، بل تحوّل إلى شريك استراتيجي - يُقدّم استشارات، وورش عمل، وحتى دعمًا في التقارير المالية وفق المعايير الدولية. هذا ليس خدمة، بل بناء منظومة متكاملة. عندما تُصبح تكلفة التشغيل أقل بنسبة 40%، والوقت من 14 يومًا إلى 3، فأنت لا تُحسّن تجربة… أنت تُعيد تعريف المنافسة الإقليمية. دبي لم تعد تجذب الشركات… بل تُحوّلها إلى مُحرك للنمو الإقليمي.

  • Nefertiti Yusah
    Nefertiti Yusah

    أنا شغوفة بالتفاصيل، وده كلام جامد بس خليني أقولك: لو ما فيش أي رسوم إضافية على الشركات الصغيرة، يبقى ده كلام جامد بجد. مفيش حاجة أجمل من إنك تبدأ مشروعك وتشوف البنك مش عايز يخليك تدفع فلوس على كل حاجة. بس بس… خليني أقولك، لو الشراكة دي بقت معمولة في أبوظبي كمان، هبقى أول واحد يسجل.

  • Ali al Hamidi
    Ali al Hamidi

    هذا ليس فقط تطورًا ماليًا، بل هو تحوّل حضاري. في زمن تُقاس فيه قوة الدول بقدرتها على تحرير رأس المال من البيروقراطية، تُقدّم دبي نموذجًا يُشبه تجربة سنغافورة، لكنه مُعرّب، مُصاغ بلغة العصر، وبنفس دقة الإنجليزية وروح العربية. البنوك في كثير من الأماكن لا ترى الشركات كشركاء… بل كمصدر ربح. هنا، يُنظر إليها كمُبادرة حضارية. هذا ما يُميّز دبي عن غيرها: ليست الأبراج، ولا المطارات، بل العقلية التي تقول: "لنُسهّل، لنُمكّن، لنُشارك". وعندما تُطبّق هذه المعادلة في العين ورأس الخيمة، فستكون هذه الشراكة نواة لثورة اقتصادية لا تُقاس بمؤشرات النمو، بل بقدرته على إعطاء الإنسان فرصة أن ينجح - دون أن يُطلب منه أن يُحارب النظام أولاً.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*