بريكس تُوسع نفوذها: 9 دول شريكة جديدة وانضمام إندونيسيا كعضو كامل في 2025

بريكس تُوسع نفوذها: 9 دول شريكة جديدة وانضمام إندونيسيا كعضو كامل في 2025

في خطوة تُعيد تشكيل خريطة القوة الاقتصادية العالمية، أعلنت مجموعة بريكس في 24 أكتوبر 2024 عن منح تسع دول صفة "دولة شريكة" تبدأ فعليًا في 1 يناير 2025. القرار، الذي كشفه مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية يوري ألكساندروفيتش أوشاكوف في إحاطة إعلامية في 23 ديسمبر، لم يكن مجرد إجراء إداري — بل هو تحوّل جيوسياسي صامت يُعيد تعريف ما يعنيه أن تكون "غير غربي" في النظام الدولي. الدول التسع الجديدة: بيلاروسيا، بوليفيا، إندونيسيا، كازاخستان، كوبا، ماليزيا، تايلاند، أوغندا، وأوزبكستان — لن تملك حق التصويت، لكنها ستُشارك في صياغة المبادرات، وتُستشار في القضايا الاقتصادية، وتُستفيد من آليات التبادل التجاري غير الدولار. والتفاصيل؟ لم تُعلن بعد. لكن المؤكد أن هذا التوسع يُرسل رسالة أقوى من أي بيان: العالم لا ينتظر الغرب ليُقرر مصيره.

من بريك إلى بريكس: كيف تحوّلت فكرة استثمارية إلى كتلة عالمية

كانت بريكس في الأصل مجرد مصطلح اقتصادي ابتكره خبير مالي بريطاني عام 2001 لوصف أربع اقتصادات ناشئة: البرازيل، روسيا، الهند، والصين — اختصارًا "BRIC". لم يُتوقع أن تتحول هذه الكلمة إلى منظمة حقيقية. لكن في 2006، أثناء منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي، اجتمعت هذه الدول أول مرة رسميًا. وبحلول 2009، عُقدت أول قمة رسمية. ثم في 2011، انضمّت جنوب إفريقيا، فصارت "BRICS". لكن التحول الحقيقي بدأ في 2023، حين دعت القمة الخامسة عشرة في جنوب إفريقيا ست دول جديدة للانضمام كأعضاء كاملين: مصر، إيران، الإمارات، إثيوبيا، سوريا، والسعودية. دخلت خمسة منهم في 1 يناير 2024، لكن السعودية ما زالت تُراجع قرارها، وفقًا لمركز راصد للدراسات. ثم، في 6 يناير 2025، أصبحت إندونيسيا أول دولة في جنوب شرق آسيا تنضم رسميًا كعضو كامل — العضو العاشر. هذا ليس توسّعًا عاديًا. إنه تحوّل من كتلة تُحاكي الغرب إلى كتلة تُعيد تعريفه.

الدول الشريكة: ماذا تعني هذه الصفة حقًا؟

الفرق بين العضو الكامل والدولة الشريكة ليس شكليًا. الدول الشريكة لا تشارك في التصويت على الوثائق، ولا تُوقع على الإعلانات الرسمية، لكنها تُدعى لاجتماعات اللجنة الاقتصادية، وتُشارك في مبادرات التبادل التجاري، وتُستثمر فيها في مشاريع البنية التحتية المشتركة. هذا يعني أن إندونيسيا — رغم انضمامها كعضو كامل — كانت في الأصل ضمن قائمة الشراكة، بينما كوبا وأوغندا وبوليفيا تدخل الآن كشركاء فقط، مما يُظهر أن بريكس لا تُريد فقط عضوية عددية، بل نفوذًا استراتيجيًا. مساعد الرئيس الروسي أوشاكوف صرّح بوضوح: "الشراكة هي بوابة، وليس نهاية الطريق". وهذا يُفسّر لماذا تنتظر موسكو ردود أربع دول أخرى لم تُكشف هويتها — ربما دول تملك احتياطيات نفطية، أو موانئ استراتيجية، أو تكنولوجيا نادرة. التوسع لا يُشبه تشكيل نادي، بل بناء شبكة.

الأرقام التي تُغير المعادلة

إذا كنت تظن أن بريكس مجرد اتحاد سياسي، فالأرقام ستكذبك. هذه المجموعة تضم 3.6 مليار نسمة — أي 45% من سكان الأرض. اقتصاداتها تُنتج 36.17% من التجارة العالمية، مقابل 29.06% فقط لدول مجموعة السبع. الناتج المحلي الإجمالي العالمي الذي تُسهم به بريكس يبلغ 31.3%، والصين وحدها تُشكل 18.6% من هذا المجموع. الهند تأتي ثانية بـ6.9%. روسيا والبرازيل كل منهما يساهم بـ3% و2.3% على التوالي. في 2024، نما اقتصاد بريكس بنسبة 4%، بينما كان المتوسط العالمي 3%. هذا ليس تفوقًا عابرًا — إنه استمرار في التسارع. حتى العملات تُغيّر ملامحها: الآن تضم المجموعة 10 عملات رسمية، من الريال البرازيلي إلى الريال الإيراني، ومن الدرهم الإماراتي إلى البير الإثيوبي. هذا ليس تهديدًا للدولار، بل تراكمًا هادئًا لبديل.

القمة في ريو: التحدي الأكبر ليس الاقتصاد، بل التوافق

القمة السابعة عشرة لبريكس عُقدت في ريو دي جانيرو في 2025 تحت شعار "شراكة من أجل حوكمة شاملة ومستدامة". لكن التحدي الأكبر لم يكن في مشاريع الطاقة المتجددة أو التبادل النقدي — بل في التوافق بين أعضاء متنوعين جدًا. كيف تُنسّق سياسات الصين والهند وإيران وكوبا وأوغندا؟ كيف تُدار المصالح المتضاربة؟ تقرير مركز راصد للدراسات أشار إلى أن "التوسع أدى إلى تعميق التباينات الاستراتيجية". الصين تريد توحيد المواقف ضد العقوبات الغربية، بينما تُفضل بعض الدول الأفريقية التوازن. روسيا تدفع نحو التحالف العسكري، بينما تُفضل إندونيسيا والبرازيل التركيز على التجارة. التحدي الحقيقي ليس في جذب الأعضاء، بل في جعلهم يتحركون معًا.

ما الذي ينتظرنا بعد 2025؟

الاحتمالات مفتوحة. إما أن تتحول الدول الشريكة إلى أعضاء كاملين بحلول 2027 — خاصة إذا نجحت آليات التبادل النقدي غير الدولار — أو أن تتحول المجموعة إلى شبكة من التحالفات الثنائية، حيث تُدير كل دولة علاقاتها مع شركائها داخل بريكس بشكل منفصل. لكن الأهم: ماذا لو أعلنت إيران أو السعودية أو حتى تركيا عن نية إصدار عملة مشتركة؟ ماذا لو أُنشئ بنك تجاري إقليمي بريكس يُصدر سندات بعملات المجموعة؟ هذه ليست توقعات خيالية. ففي 2024، أُطلق أول صندوق استثماري مشترك بين الصين والهند وإندونيسيا بقيمة 5 مليارات دولار. التغيير لا يُعلن ببيانات، بل بعقود وبنوك وموانئ.

لماذا هذا يهمك؟

لأنك تعيش في عالم يُدار الآن من قبل قوى لا تُسيطر عليها واشنطن أو بروكسل. عندما تشتري منتجًا صينيًا، أو تستثمر في سندات هندية، أو تُستخدم عملة إماراتية في صفقة تجارية، فأنت تشارك في بناء هذا النظام الجديد. التضخم في أوروبا؟ قد يُخفّفه تبادل تجاري مباشر بين روسيا وماليزيا. التوترات في البحر الأحمر؟ قد تُحلّ عبر اتفاقات بريكس لا عبر قرارات الأمم المتحدة. هذا ليس تهديدًا للغرب، بل تحوّلًا في مركز الثقل. والسؤال الآن: هل ستُعيد أنت — كفرد، كمستثمر، كمواطن — تقييم مكانتك في هذا النظام؟

أسئلة شائعة

ما الفرق بين العضو الكامل والدولة الشريكة في بريكس؟

العضو الكامل له حق التصويت في قرارات المجموعة، ويُشارك في صياغة الإعلانات الرسمية وتوقيعها، كما يُساهم في تمويل المؤسسات المشتركة مثل بنك بريكس. أما الدولة الشريكة فتشارك في الاجتماعات الاقتصادية، وتقترح مبادرات، وتستفيد من الشراكات التجارية، لكنها لا تُصوّت ولا تُوقع على وثائق رسمية. هذا التصنيف يسمح لبريكس بتوسيع نفوذها دون إرباك قراراتها الداخلية.

لماذا لم تنضم السعودية كعضو كامل رغم دعوتها في 2023؟

رغم دعوتها رسميًا في قمة 2023، ما زالت السعودية تُراجع مخاوفها الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بالاعتماد على عملات غير الدولار، والانخراط في مشاريع قد تُقيّد سيادتها النفطية. وفقًا لمركز راصد للدراسات، تُفضل الرياض التحالفات الثنائية مع الصين والهند بدلًا من التزامات جماعية قد تُجبرها على مواقف سياسية غير مرغوبة، خاصة في ظل التوترات مع إيران.

هل يمكن لبريكس أن تُصبح بديلًا لمجموعة السبع (G7)؟

لا تُحاول بريكس أن تحل محل G7، بل تُقدم نموذجًا بديلًا. فبينما تُركز مجموعة السبع على المعايير الغربية، تُركز بريكس على المصالح المشتركة للجنوب العالمي. لكنها تملك الآن حصة أكبر في التجارة العالمية (36.17% مقابل 29.06%) ونسبة نمو اقتصادي أعلى. التحول ليس في التسمية، بل في القدرة على تمويل المشاريع وتحديد أسعار السلع — وهذا ما يُغير المعادلة تدريجيًا.

ما تأثير توسع بريكس على الاقتصاد العربي؟

الدول العربية مثل مصر والإمارات وإيران أصبحت جزءًا من شبكة تجارية تُقلل الاعتماد على الدولار. هذا يُسهّل التبادل مع الصين والهند، ويفتح أسواقًا جديدة للصادرات غير النفطية. كما يُعزز من فرص الاستثمار في البنية التحتية والطاقة المتجددة عبر صناديق بريكس المشتركة. لكن التحدي يكمن في التوافق مع سياسات المجموعة، خاصة فيما يتعلق بالعقوبات الغربية.

ما هي العملات التي تُستخدم داخل بريكس؟

تستخدم بريكس 10 عملات رسمية: الريال البرازيلي (BRL)، والروبل الروسي (RUB)، والروبية الهندية (INR)، واليوان الصيني (CNY)، والراند الجنوب أفريقي (ZAR)، والجنيه المصري (EGP)، والريال الإيراني (IRR)، والدرهم الإماراتي (AED)، والبير الإثيوبي (ETB)، والروبية الإندونيسية (IDR). تُجرى مفاوضات لاعتماد عملة مشتركة، لكن حتى الآن، تُستخدم العملات الوطنية في المعاملات الثنائية، مع تقليل تدريجي للدولار.

لماذا تُعتبر إندونيسيا نقطة تحول في بريكس؟

إندونيسيا هي أول دولة جنوب شرق آسيوية تصبح عضوًا كاملًا، وهي ثاني أكبر دولة مسلمة في العالم، وثالث أكبر اقتصاد في آسيا. انضمامها يمنح بريكس مصداقية في منطقة استراتيجية تُسيطر على ممرات بحرية حيوية، كما يُضيف قوة شعبية واقتصادية هائلة — 270 مليون نسمة، وناتج محلي إجمالي يتجاوز 1.3 تريليون دولار. هذا يُغيّر توازن القوى داخل المجموعة، ويُقلل هيمنة الدول الأوروبية التقليدية على التحالفات.

3 التعليقات
  • Nouria Coulibaly
    Nouria Coulibaly

    يا جماعة، هذا التوسع مش بس خبر اقتصادي، ده ثورة صامتة! أنا من الجزائر، وعايشة الفرق من قريب: من بعد ما اتفقت بلادي على تجارة مع روسيا بالروبل، ارتفع دخل الصغار بس من غير ما نحتاج دولار. بريكس مش نادي، ده شبكة حياة جديدة. خلينا نستعد إننا نشتغل مع بعض، مش ننتظر الغرب يسمح لنا نعيش!

  • Majd kabha
    Majd kabha

    التوسع ده ذكي. مش عدد، ده توازن. بريكس مش بتدور على أعضاء، بتدور على شركاء يقدروا يغيروا المعادلة من غير ما يخسروا سيادتهم. إندونيسيا مش عضو عادي - ده مفتاح جنوب شرق آسيا. والصين والهند، رغم اختلافاتهم، بيفهموا إن القوة مش في التصويت، بل في التبادل. دي ليست محاولة لقلب النظام، بل إعادة تشكيله من الداخل.

  • إكرام جلال
    إكرام جلال

    يا جماعه انا شايف ان بريكس ده احسن حاجة حصلت لمصر منذ سنين! نحن عايشين فعلاً فرق التبادل بالجنيه المصري مع الهند والصين، وصارت شركاتنا الصغيرة تصدر بسهولة. بس لازم ننتبه، التوسع ده ممكن يخليها فوضى لو ما اتفقوا على قواعد واضحة. خصوصاً إننا شايفين كيف إيران والسعودية لسه متحفظين. بس والله، لو اتحسوا يتعاملوا بعملات محلية، هنخلص من تبعية الدولار اللي خلّتنا ندفع فلوس كتير على التحويلات. اتمنى يبقى فيه بنك بريكس قريب، علشان نستفيد من القروض من غير شروط غربية. دي فرصة، مش مجرد اتحاد!

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*