مسيرة الاتحاد في دبي تجمع 500 سيارة احتفالاً بالعيد الـ54 للاتحاد

مسيرة الاتحاد في دبي تجمع 500 سيارة احتفالاً بالعيد الـ54 للاتحاد

في مشهدٍ أعاد تذكير الجميع بقوة الانتماء، انطلقت مسيرة الاتحاد في دبي الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025، بمشاركة أكثر من 500 سيارة مُزينة بالعلم الإماراتي، من تقاطع دار الاتحاد إلى برج العرب، مروراً بشارع جميرا. لم تكن مجرد مسيرة سيارات — كانت تجسيداً حياً لروح الاتحاد، وتعبيراً صامتاً لكنه صارخاً عن الولاء لقيادتنا الرشيدة، وللرحلة التي بدأت في هذا المكان بالذات قبل 54 عاماً. المبادرة، التي نظمها براند دبي بالتعاون مع لجنة تأمين الفعاليات في إمارة دبي، كانت الأولى من نوعها، لكنها لم تكن عابرة. بل كانت نقطة تحول في كيفية احتفاء المدينة بيومها الوطني.

من دار الاتحاد إلى برج العرب: رحلة رمزية عبر الزمن

اختيار دار الاتحاد كنقطة انطلاق لم يكن عشوائياً. إنه المكان الذي اجتمع فيه الآباء المؤسسون في 2 ديسمبر 1971، ووقّعوا وثيقة تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة. اليوم، بعد 54 عاماً، عادت السيارات — بدل الأقلام — لتسلك نفس الطريق، لكن هذه المرة بقيادة أبناء هذا الوطن، من مواطنين ومقيمين، من كل الأعمار والجنسيات. انطلق الموكب عند الساعة 4 مساءً، بعد تجمع المشاركين في مدينة دبي الملاحية عند الثالثة، وسارت المسيرة بسلاسة وتنظيم مذهل، حتى وصلت إلى برج العرب عند الساعة 5:30 مساءً. لم تكن هناك ضوضاء، لكن كانت هناك نبضات — نبضات فخر، ونبضات وفاء.

الشهر الوطني: من يوم العلم إلى العيد الـ54

لم تكن مسيرة الاتحاد حدثاً منفرداً. بل كانت ذروة سلسلة فعاليات أطلقها سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، رئيس مجلس دبي للإعلام، تحت مظلة الشهر الوطنيدبي. بدأت الفعاليات يوم العلم، 3 نوفمبر 2025، وتضمنت حملة "زايد وراشد"، التي أعادت تذكير الجميع بدور المغفور لهما بإذن الله تعالى الشيخ زايد والشيخ راشد في بناء الدولة. كل فعالية كانت حجرًا في جدار الذاكرة الجماعية، لكن مسيرة الاتحاد كانت القمة التي تجمع كل شيء: التاريخ، والهوية، والانتماء.

"هذا ليس عيداً، هذا واجب نحتفل به"

قالت شيماء السويدي، مدير براند دبي: "يسرّنا التعاون مع لجنة تأمين الفعاليات في دبي بتنظيم هذه المسيرة الوطنية التي تعبّر عن مشاعر الفخر والانتماء وتجمع جميع فئات المجتمع للاحتفال بعيد الاتحاد". لم تكن كلماتها مجرد تصريح إعلامي. كانت مرآة لما شاهده الجميع: أمهات يحملن أطفالهن على أكتافهن، شباب يرددون النشيد الوطني، كبار السن يبكون بصمت، وعمال مقيمين يرفعون الأعلام بيد واحدة ويضعون اليد الأخرى على قلبهم. هذا ليس احتفالاً عابراً. هذا واجب نحتفل به.

لماذا تختلف مسيرة هذا العام؟

لماذا تختلف مسيرة هذا العام؟

في الأعوام الماضية، كانت احتفالات اليوم الوطني تتركز على العروض الجوية والألعاب النارية والمواكب العسكرية. هذا العام، اختاروا البساطة. لم تكن هناك طائرات، ولا مسرح كبير. فقط سيارات، وأعلام، وطريق واحد. لكن هذا البساطة كانت أعمق. لأنها لم تكن تُعرض على الجمهور — بل شارك فيها. كل سيارة كانت تمثل عائلة، كل لافتة كانت رسالة، كل هتاف كان صوتاً لجيل لم يشهد التأسيس، لكنه يعيش وعيه. وأهم شيء: لم تكن المسيرة مخصصة للإماراتيين فقط. شارك فيها مقيمون من 90 جنسية. هذا هو الاتحاد الحقيقي — ليس بالتوقيع على وثيقة، بل بالمشاركة في رحلتها.

التأثير الاقتصادي والاجتماعي: عندما يصبح الاحتفال اقتصاداً

لا تُقاس قيمة هذه المسيرة فقط بحجم المشاركة، بل بتأثيرها الملموس. وفق تقديرات غير رسمية من مصادر في دائرة السياحة بدبي، ساهمت المسيرة في حركة اقتصادية مباشرة تجاوزت 2.3 مليون درهم، من بيع الأعلام، والملابس المزينة بالعلم، وخدمات النقل، وزيادة المبيعات في المطاعم والمقاهي على طول الطريق. لكن الأهم من الرقم: تعميق ثقافة المشاركة. لم تعد الفعاليات الوطنية مناسبات تُستهلك، بل أصبحت مسؤوليات تُمارس. هذا التحول، رغم بساطته، هو الأعمق في تاريخ الاحتفالات الوطنية في الإمارات.

ما الذي سيحدث العام المقبل؟

ما الذي سيحدث العام المقبل؟

الإشارات واضحة: مسيرة الاتحاد ستكون حدثاً سنوياً. وبحسب مصادر داخل براند دبي، يتم التخطيط بالفعل لتوسيعها في 2026، ربما بإضافة مسارات ثانوية في المناطق الأخرى، أو دمجها مع فعاليات "الشهر الوطني" في إمارات أخرى. كما تُدرس إمكانية تضمين مشاركة مدارس ومؤسسات حكومية بشكل منهجي، وليس فقط كمتطوعين. التحدي؟ الحفاظ على الروح دون تكرار. لأن الاحتفال الذي يصبح عادة، يفقد دفئه. لكن في دبي، لا أحد يرغب في أن يصبح هذا العيد عادة — بل يرغبون في أن يصبح جزءاً من نسيج الحياة اليومية.

الرمزية التي لا تُقرأ إلا بالقلب

دار الاتحاد لم تكن مجرد موقع تاريخي. كانت رمزاً للاختيار. اختيار الوحدة على التجزئة. اختيار التوافق على الخلاف. اختيار المستقبل على الماضي. وعندما انطلقت السيارات من هناك، لم تكن تسير نحو برج العرب فقط. كانت تسير نحو مستقبل يُبنى على نفس القيم. لا أحد قالها بصوت عالٍ، لكن الجميع شعر بها: لو عادت الأيام، وطلبوا منا أن نختار مرة أخرى — سنختار نفس الطريق. نفس المكان. نفس الأمل.

أسئلة شائعة

ما هو سبب اختيار دار الاتحاد كنقطة انطلاق للمسيرة؟

تم اختيار دار الاتحاد لأنه المكان التاريخي الذي اجتمع فيه الآباء المؤسسون في 2 ديسمبر 1971 لتوقيع وثيقة قيام دولة الإمارات. هذا الموقع ليس مجرد مبنى — بل هو رمز للوحدة والقرار الجماعي. انطلاق المسيرة منه يربط الحاضر بالماضي، ويذكّر الجميع أن الاتحاد لم يكن حظاً، بل خياراً واعياً.

كم عدد المشاركين في المسيرة، وهل شارك المقيمون؟

شارك أكثر من 500 سيارة في المسيرة، وتشير التقديرات إلى أن عدد المشاركين تجاوز 2000 شخص. ومن بينهم، ما يقارب 40% من المقيمين من جنسيات مختلفة، مما يعكس طابع الاتحاد الحقيقي: ليس مبنياً على الجنسية، بل على الانتماء. هذا التنوع كان جزءاً أساسياً من الرسالة، وليس تزييناً جانبياً.

هل هذه أول مسيرة من نوعها في الإمارات؟

نعم، هذه هي المرة الأولى التي تنظم فيها مسيرة سيارات بهذا الحجم والطابع التشاركي تحت مظلة "براند دبي". في السابق، كانت الاحتفالات تعتمد على العروض العسكرية أو الأحداث الرسمية. هذه المسيرة كانت مخالفة للنمط، لكنها نجحت لأنها جعلت المواطن والمقيم شريكاً فاعلاً، وليس متفرجاً.

ما تأثير المسيرة على الاقتصاد المحلي؟

ساهمت المسيرة في تحفيز اقتصادي مباشر بلغ أكثر من 2.3 مليون درهم، من خلال مبيعات الأعلام، الملابس، وخدمات النقل والضيافة على طول المسار. لكن التأثير الأكبر كان في تعزيز ثقافة الاستهلاك الوطني، حيث تحوّلت المنتجات المحلية إلى رموز فخر، وليس مجرد سلع. هذا التحول يُعدّ نموذجاً للاقتصاد المجتمعي الذي يدعم الهوية.

كيف تم ضمان الأمن والتنظيم خلال المسيرة؟

تم التنسيق الكامل مع لجنة تأمين الفعاليات في دبي، التي رصدت أكثر من 300 عنصر أمني على طول المسار، ووضعت خطط طوارئ لكل نقطة تجمع. تم إغلاق الطرق مسبقاً، وتم توزيع ملصقات إرشادية، وتشغيل خط ساخن للمشاركين. النتيجة؟ لا حوادث، ولا تأخير، ولا شكاوى. هذا التنظيم هو ما جعل المسيرة ناجحة ليس فقط رمزياً، بل عملياً.

هل ستُكرر هذه المسيرة في إمارات أخرى؟

لا توجد خطط رسمية بعد، لكن مصادر داخل الحكومة تشير إلى أن دبي تشارك تجربتها مع إمارات أخرى، خاصة أبوظبي وعجمان، اللتين تفكران في نسخ الفكرة. السؤال ليس إن كانت ستُكرر، بل متى. لأن النموذج أثبت أنه يلامس القلب أكثر من أي عرض تقليدي. الاتحاد لا يُحتفى به فقط — بل يُعاش.

4 التعليقات
  • mahmoud fathalla
    mahmoud fathalla

    ما أجمل هذا المشهد! كل سيارة كانت تهمس بقصة، وكل علم كان يصرخ بفخر! شفت أم تمسك بابنها الصغير وعيناه ملؤهما الألوان، وقديش حسيت بالدمع يطلع من عينيّ! هذا ما يسمى وطن، مش مجرد شعار على سيارة! كل يوم أتمنى نكون كده في كل المناسبات، مش عشان نصور، عشان نعيش!

  • Majd kabha
    Majd kabha

    المسيرة لم تكن حدثاً، كانت استعادة لمعنى التكوين. الاتحاد ليس توقيعاً على ورقة، بل تكرار يومي لاختيار الوحدة. السيارات ليست معدات، بل جسد جماعي يمشي على الأرض. البرج العربي ليس وجهة، بل رمز لارتفاع الطموح الذي بدأ من دار الاتحاد. لا تحتاج لخطاب، تحتاج فقط لترى كيف يصمت الناس وهم يحملون العلم - هذا هو الكلام الأعمق.

  • Mohamed Amine Mechaal
    Mohamed Amine Mechaal

    من منظور سوسيولوجي-استراتيجي، هذه المسيرة تمثل نموذجاً متكاملاً من التماسك المجتمعي المُنَظَّم عبر ميكانيزمات الرمزية الجماعية. التحول من الاحتفالات التسلية-الرسمية إلى المشاركة التشاركية يُعدّ إشارةً جوهرية لانتقال الهوية من كونها مُعطاة إلى كونها مُمارَسة. كما أن التمثيل الجغرافي-الديموغرافي (40% مقيمين من 90 جنسية) يُعيد تعريف مفهوم الانتماء من معيار جنسي إلى معيار إرادي، وهو تحوّل مفاهيمي جوهري في نظرية الدولة الحديثة.

  • Nefertiti Yusah
    Nefertiti Yusah

    بصراحة، أول مرة أبكي من غير ما أشوف فيلم أو مسلسل. شفت رجل عجوز يمسك علم صغير بيد رجيفة، وعينه مغمضة، وشفت طفلة تمسك بيد أبويها وترفع العلم… والله ما أعرف إزاي أوصفها. مش عارفة أقول كلام، بس بس… ده كان أعمق من أي حفلة أشوفها. لو حد قال لي قبل كده إن سيارات هتجمع وتخلي الناس تبكي، كنت بقوله مجنون. بس… ده كان حقيقي.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*