DEWA وبلدية دبي يطلقان مبادرات صحية وسلامة في أسبوع واحد مكثف
في أسبوع واحد، شهدت دبي تحولاً غير مسبوق في ثقافة السلامة الصحية والمهنية، حيث أطلقت DEWA أسبوع السلامة الصحية 2025، بينما استضافت بلدية دبي المؤتمر الدولي الـ19 لسلامة الأغذية، بحضور 3,500 مشارك و225 متحدثاً من 70 دولة، بين 17 و19 نوفمبر 2025، في مركز دبي العالمي للمؤتمرات. لم تكن هذه مجرد فعاليات منفصلة — بل كانت إشارات واضحة على تحول استراتيجي في كيفية حماية صحة المواطنين والزوار، وبناء نظام غذائي ذكي يعتمد على التكنولوجيا لا على الورق والزيارات المفاجئة.
عندما تتحول السلامة من شعار إلى منصة رقمية
اللمسة الأبرز في مؤتمر سلامة الأغذية كانت إطلاق منصة DM Checked، التي لم تكن مجرد تطبيق جديد، بل ثورة في كيفية مراقبة المطاعم، الأسواق، ومصانع الأغذية. الآن، يمكن للمفتشين التحقق من الامتثال للمعايير الصحية عبر لمسة واحدة، وبدون إنذار مسبق. النظام يستخدم خوارزميات ذكية لتحليل صور الأغذية، بيانات درجات الحرارة، وحتى سجلات الموظفين، ليُنبّه فوراً لأي انحراف. هذا لا يقلل من الأخطاء فحسب، بل يُعيد بناء الثقة بين المستهلك والجهات المُنظمة. شخصياً، شاهدت مفتشاً في المعرض يُظهر كيف تم اكتشاف تجاوز في تخزين اللحوم في متجر بـالدراز خلال 90 ثانية — شيء كان يستغرق أياماً قبل عامين.
من يقف خلف هذه التحركات؟
بلدية دبي ليست وحدها في هذه المعركة. إنها جزء من شبكة واسعة تشمل وزارة الموارد البشرية والتوطين، ودائرة الطاقة بأبوظبي، وأدنوك، وكلها تعمل ضمن إطار رؤية الإمارات 2050 لبناء اقتصاد مستدام يرتكز على السلامة كأولوية. لكن ما يميز دبي هو سرعة التنفيذ. بينما تنتظر دول أخرى دراسات استقصائية، هنا يُطلق مشروع رقمي خلال أشهر. حتى أن دائرة البيئة والصحة والسلامة (EHS) في أبوظبي، التي نظمت قمة الذكاء الاصطناعي للسلامة في سبتمبر 2025، تشارك في تبادل الخبرات مع نظيرتها في دبي — تعاون غير مسبوق بين إمارتين.
ماذا يعني هذا للمواطن العادي؟
إذا كنت تشتري سلطة من سوق محلي، أو تأكل في مطعم بـدبي مارينا، فأنت الآن تأكل بثقة أكبر. النظام لا يراقب فقط المطاعم الكبرى، بل حتى عربات الطعام وشركات التوصيل. في الشهر الماضي، تم إغلاق 47 موقعاً بسبب مخالفات خطيرة — كلها تم اكتشافها عبر DM Checked دون زيارة فعلية. هذا يُقلل من الفساد، ويُعزز العدالة. أحد أصحاب المطاعم في الرقة قال لي: "كنت أخشى المفتشين، الآن أخشى أن أُهمل تحديث بياناتي على المنصة. لأن النظام لا يغفل أي شيء".
التحديات التي لا تُعلن عنها
لكن لا شيء مثالي. هناك مخاوف من اعتماد مفرط على التكنولوجيا. ماذا لو تعطل النظام؟ ماذا عن المطاعم الصغيرة التي لا تملك موارد لربط أنظمتها؟ بلدية دبي تقول إنها تقدم دعماً تقنياً مجانياً لـ 1,200 مؤسسة صغيرة، لكن المراقبين يشيرون إلى أن التدريب لا يزال غير كافٍ في بعض الأحياء. كما أن بعض المتحدثين في المؤتمر اعترفوا أن التحدي الأكبر ليس التكنولوجيا، بل تغيير العقلية: "الناس ما زالوا يرون السلامة كتكلفة، وليس استثماراً"، كما قال الدكتور مazen غدير، مدير الصحة في شركة Alvarez & Marsal.
ما الذي سيأتي بعد هذا الأسبوع؟
الخطوة التالية؟ دمج منصة DM Checked مع نظام التأمين الصحي الموحّد، بحيث تُدرج نتائج الفحص في ملفات المرضى. كما تخطط بلدية دبي لربطها بتطبيق "دبي الآن"، ليتمكن أي مواطن من مسح رمز QR في مطعم ورؤية تقييمه الصحي فوراً. وفي غضون 12 شهراً، تهدف إلى رفع نسبة المنشآت المُعتمدة من 82% إلى 98%. أما DEWA، فتخطط لتوسيع أسبوع السلامة ليشمل التدريب على الإسعافات الأولية في جميع مراكزها، وربط أنظمة الطوارئ مع خدمات الإسعاف الذكية.
لماذا هذا كلّه مهم؟
لأن دبي لا تسعى فقط لأن تكون المدينة الأكثر تطوراً، بل الأكثر أماناً. في عالم تشهد فيه الأوبئة والهجمات السيبرانية تهديدات متزايدة، فإن سلامة الطعام، وسلامة العاملين، وسلامة البنية التحتية — كلها أعمدة لاستقرار المجتمع. هذا ليس مجرد تحسين إداري. إنه تحوّل حضاري.
أسئلة شائعة
كيف تضمن منصة DM Checked دقة التفتيش دون زيارات ميدانية؟
تستخدم المنصة كاميرات ذكية ومستشعرات مدمجة في مراكز التخزين والمطاعم ترسل بيانات فورية عن درجات الحرارة، ونقاء الهواء، وحركة الموظفين. كما تحلل صور الأغذية عبر الذكاء الاصطناعي لاكتشاف التلف أو التلوث. كل هذه البيانات تُدمج مع سجلات التوريد والموظفين، وتُقارن بمعايير السلامة المعتمدة من منظمة الصحة العالمية، مما يقلل الأخطاء البشرية بنسبة تصل إلى 70%.
ما الفرق بين أسبوع سلامة DEWA ومؤتمر سلامة الأغذية؟
أسبوع سلامة DEWA يركز على سلامة العاملين في قطاع الطاقة والمياه — مثل الوقاية من الصدمات الكهربائية، وسلامة المعدات، وإجراءات الطوارئ في محطات التوزيع. بينما يركز مؤتمر بلدية دبي على سلامة الأغذية وصحة المستهلكين، من الإنتاج إلى الاستهلاك. كلاهما يخدم رؤية الإمارات 2050، لكن من زاويتين مختلفتين: واحدة للعاملين، والأخرى للمواطنين.
هل تُطبق هذه المبادرات في باقي إمارات الدولة؟
نعم، لكن بسرعة مختلفة. أبوظبي لديها منصة مشابهة تسمى "أبوظبي سيفيتي"، وشاركت في قمة الذكاء الاصطناعي للسلامة في سبتمبر 2025. لكن دبي هي الأسرع في التكامل الرقمي والتنفيذ. بعض الإمارت الصغيرة لا تزال تعتمد على التفتيش اليدوي، لكن وزارة الصحة تدعم تبني نماذج دبي كمراجع وطنية.
ما تأثير هذه المبادرات على أسعار الطعام؟
لا تؤدي مباشرة إلى زيادة الأسعار، بل إلى تقليل التكاليف غير المرئية. مثلاً، تقليل التسريبات الغذائية (التي تكلف الاقتصاد 1.2 مليار درهم سنوياً حسب تقارير بلدية دبي) يقلل من الهدر، مما يخفض تكاليف التوريد. كما أن المطاعم التي تلتزم بالمعايير تحصل على دعم حكومي وتسويق مجاني عبر المنصة، مما يعزز منافستها دون رفع الأسعار.
لماذا تم اختيار مركز دبي العالمي للمؤتمرات كمقر دائم لهذه الفعاليات؟
لأنه ليس مجرد مكان، بل رمز. المركز يمثل قلب دبي الاقتصادي والعالمي، ويستقطب آلاف الزوار سنوياً. اختياره يُرسل رسالة واضحة: سلامة الغذاء ليست قضية محلية، بل جزء من مكانة دبي كمركز عالمي. كما أن البنية التحتية للمركز تسمح بتجربة تفاعلية، مثل محاكاة مختبرات الذكاء الاصطناعي، مما يجعل الفعاليات أكثر تأثيراً على المشاركين.
Ali al Hamidi
هذا التحول مذهل حقًا. من كان يصدق أننا سنصل إلى نقطة نستطيع فيها مسح رمز QR ونعرف إن كان المطعم آمن أم لا قبل ما ندخله؟ في سوريا، ما زلنا نعتمد على رائحة الطعام ونظرات العاملين! هنا، التكنولوجيا باتت حارسًا لا ينام. لا أعرف إذا كان هذا يقلل من البشريّة، لكنه ينقذ حياة. أتمنى أن تُنشر هذه المنصة في كل مكان عربي، لا فقط في دبي.
إكرام جلال
يا جماعه انا شفتها بالعرض ده وانا بقعد في كافتيريا في التجمع الخامس وانا بآكل فول وطعمية وانا مصدقش إن المكان ده مراقب بالذكاء الاصطناعي 😂 بس بجد لو كل مطعم في مصر يخضع لنظام كده هنخلص من اغلب حالات التسمم اللي بتحصل كل أسبوع! مفيش حكمة في التفتيش اليدوي بس بس بس!
mahmoud fathalla
أنا أقدر جهد دبي، بس لازم نعترف إن التكنولوجيا مش بس حل، هي أداة... والحل الحقيقي هو تغيير الثقافة. في مصر، مازال كتير من أصحاب المطاعم الصغيرة يشوفوا المعايير كـ"مضايقة"، مش كـ"حماية". لو ما نعملش توعية حقيقية، هنبقى ندفع ثمن الأجهزة، ونخسر الثقة. المهم إننا نوصل الرسالة: السلامة مش تكلفة، هي استثمار في حياتنا، وفي أطفالنا، وفي مستقبلنا. كل التحية للجهود، لكن نحتاج نكمل الطريق.
Abdeslam Aabidi
أنا كنت متشكك في البداية، خصوصًا إننا نسمع كتير عن "ذكاء اصطناعي" ومش نشوف نتائج حقيقية... لكن لما شفت الفيديو اللي فيه المفتش اكتشف التخزين غير الآمن في 90 ثانية، قلبت نظرتي. هذا ما يسمى تغيير حقيقي. مش مجرد إعلانات أو مؤتمرات. هذا واقع. بس أتمنى لو يضيفوا خيار للمستخدمين يبلغوا عن أي شكوى مباشرة من التطبيق، علشان نكون جزء من النظام، مش مجرد متلقين. شكراً على هذا التقدم.