تحذير أحمر للضباب في الإمارات: الرؤية أقل من 100 متر وتحذيرات للسائقين

تحذير أحمر للضباب في الإمارات: الرؤية أقل من 100 متر وتحذيرات للسائقين

في صباح الخميس 20 نوفمبر 2025، غطّى ضباب كثيف أجزاء واسعة من الإمارات، مُفعّلاً أعلى مستوى تحذيري في نظام National Centre of Meteorology — التحذير الأحمر — بعد أن انخفضت الرؤية إلى أقل من 100 متر في مناطق حيوية مثل القصيص والمحيصنة في دبي. لم يكن هذا مجرد ضباب عادي. كان حدثاً نادراً، مُصحوباً بدرجات حرارة وصلت إلى 9.2°م في ركنة بالعين، ورياح شرقية جنوبية، ورطوبة عالية تلامس سطح الصحراء بعد عودة النسيم البحري. النتيجة؟ شوارع شبه مغلقة، وساعات صباحية متوترة، وسائقون يعيشون لحظات من الترقب. لكن المفاجأة؟ لا حوادث كبرى. ولا تأخيرات كبيرة في النقل. لماذا؟ لأن الناس استمعوا.

التحذير الأحمر: متى وكيف بدأ؟

بدأ التحذير قبل منتصف الليل بقليل، بتوقيت الإمارات (UTC+4)، عندما رصدت أجهزة National Centre of Meteorology انخفاضاً حاداً في الرؤية، خاصة في المناطق الساحلية والداخلية. بحلول الساعة 6 صباحاً، كانت الرؤية في بعض نقاط طريق الشيخ محمد بن زايد وأجزاء من طريق الشيخ زايد أقل من 50 متراً — أقل من طول ملعب كرة قدم. هنا، لم تعد الطرق ممرات، بل مخاطر مُعلقة. أصدر National Centre of Meteorology تحذيراً مفصلاً منذ الأربعاء، متنبئاً بـ"ضباب وغيوم منخفضة حتى الأحد 23 نوفمبر"، لكن التفاصيل الميدانية كانت أسوأ من التوقعات. مدير عام المركز، د. عبد الله المنديس، أوضح لاحقاً أن هذا النوع من الضباب — المعروف علمياً باسم "ضباب الإشعاع" — يتشكل عندما يبرد سطح الصحراء بسرعة بعد غروب الشمس، فيبرد الهواء الرطب الذي جلبه البحر خلال النهار، فيتكثف ليشكل سحابة منخفضة تلتصق بالأرض.

الشرطة تتحرك: تحذيرات مباشرة ودوريات مكثفة

لم تكتفِ الجهات الرسمية بالتحذير. تحولت إلى عمل ميداني. شرطة دبي، بقيادة لواء عبدالله خليفة المري، أرسلت إشعارات فورية إلى هواتف السائقين عبر تطبيق "دبي الذكية"، تطلب منهم خفض السرعة إلى 80 كم/س، واستخدام مصابيح الضباب فقط — وليس المصابيح الخطرة، التي يُعاقب استخدامها أثناء القيادة بغرامة فورية. في نفس الوقت، زادت الدوريات على طرق E311 وطريق الشيخ زايد بنسبة 40%. في الشارقة، أصدر المقدم سيف الزاري الشامسي، المدير العام لشرطة الشارقة، بياناً قال فيه: "المسافة الآمنة ليست رفاهية، بل هي خط دفاعك الأول". أما في أبوظبي، فقد استخدمت شرطة أبوظبي منصة X (تويتر سابقاً) لتنبيه السائقين إلى تغييرات السرعة على اللوحات الإلكترونية، مع تذكير: "القيادة الآمنة ليست اختياراً، بل واجب".

التأثير على الحياة اليومية: من المدارس إلى التوصيل

لم يقتصر التأثير على الطرق. المدارس الخاصة في أبوظبي أغلقت أبوابها، ونقلت الدروس إلى المنازل. مُقدمو خدمات الحافلات المدرسية أرجأوا مواعيد الانطلاق بساعتين. في المقابل، أطلقت تطبيقات مثل Careem وUber أسعاراً متزايدة خلال ساعات الصباح، حيث ارتفع الطلب على التوصيل بينما تراجعت العروض بسبب صعوبة التنقل. في منطقة جبل علي الحرة، أبلغت شركات الشحن عن تأخيرات في جمع الشحنات، وتأخر وصول الشاحنات بنسبة 30% تقريباً. حتى المكاتب لم تكن بمنأى: أصدر وزارة الموارد البشرية والتوطين توجيهاً ينص على أن الموظفين الذين تأخروا بسبب الظروف الجوية لا يُخصمون من رواتبهم، شريطة توثيق الإعلانات الرسمية من الجهات المعنية.

لماذا لم تحدث حوادث كبرى؟

هنا تكمن المفاجأة الأكبر. رغم أن الرؤية في بعض المناطق تراجعت إلى مستوى "لا ترى حتى سيارتك الأمامية"، لم تُسجّل أي حوادث قاتلة أو جسيمة بحلول الساعة 10:45 صباحاً، عندما بدأ الضباب يرتفع تدريجياً مع ارتفاع الحرارة فوق 18°م. وفقاً لـشرطة دبي: "التعاون العام، والالتزام بالتعليمات، والوعي المروري هم المفاتيح الثلاثة التي أنقذت اليوم". هذا ليس صدفة. هذا نتيجة سنوات من التوعية، وتطبيق صارم للقوانين، وتقنية ذكية توصل التحذيرات قبل أن يُخطئ السائق. في الماضي، كان الضباب يُسبب تكدساً وحوادث متتالية. اليوم؟ كان كل سائق يُشعر بأنه مُراقب — حتى لو لم يكن هناك شرطي في الجوار.

ما الذي سيحدث في الأيام القادمة؟

ما الذي سيحدث في الأيام القادمة؟

التحذير الأحمر انتهى، لكن الخطر لم ينتهِ. توقّعات National Centre of Meteorology تشير إلى أن الضباب سيستمر كظاهرة صباحية حتى الأحد 23 نوفمبر، مع رطوبة عالية ليلاً ورياح متغيرة. هذا يعني أن كل صباح حتى نهاية الأسبوع سيظل فترة حساسة. العلماء يحذرون: هذه ليست مجرد موجة طبيعية. مع تغير المناخ، أصبحت موجات الضباب المبكرة أكثر تكراراً. في 2021، سُجّل أدنى درجة حرارة في الإمارات: -5°م في ركنة. اليوم، نرى نفس المنطقة تشهد ضباباً كثيفاً عند 9.2°م — ما يشير إلى تغيير في ديناميكية الرطوبة والحرارة. ما كان حدثاً نادراً في فبراير، بات يظهر في نوفمبر.

ما الذي يجب على السائق فعله الآن؟

الإرشادات بقيت كما هي: لا تستخدم المصابيح الخطرة. لا تتجاوز 80 كم/س. خفّف السرعة أكثر إذا لاحظت تغيّراً مفاجئاً في الرؤية. تابع تطبيق "الطقس الإماراتي". وقبل كل شيء: لا تُلهِ نفسك بالهاتف. في ظروف كهذه، ثانية واحدة من التشتت قد تكون الأخيرة.

أسئلة شائعة

كيف يؤثر الضباب على الاقتصاد المحلي؟

الضباب الكثيف يُعيق حركة النقل والشحن، مما يزيد تكاليف اللوجستيات بنسبة تصل إلى 25% في المناطق الحرة مثل جبل علي. كما يُقلل من حركة التسوق الصباحية، ويؤثر على قطاع التوصيل السريع، حيث ارتفعت أسعار خدمات مثل Careem بنسبة 60% خلال الذروة. حتى المطارات لم تكن بمنأى: تأخرت 12 رحلة محلية قصيرة، مما أثر على سفر الموظفين والتجار.

لماذا لا يُسمح باستخدام المصابيح الخطرة أثناء الضباب؟

المصابيح الخطرة تُربك السائقين الآخرين، لأنها تُظهر أن السيارة متوقفة، بينما في الضباب، السرعة المنخفضة لا تعني التوقف. في دبي، استخدامها يُعاقب بغرامة فورية قدرها 1000 درهم، و3 نقاط تراكمية. الهدف هو الحفاظ على تدفق حركة المرور، حتى لو ببطء، بدلاً من إحداث فوضى بصرية تزيد من خطر التصادم.

هل هذا الضباب ناتج عن تغير المناخ؟

العلماء في National Centre of Meteorology يشيرون إلى أن تكرار الضباب المبكر — مثل هذا الحدث في نوفمبر — يتفق مع نمط تغير المناخ. ارتفاع الرطوبة الناتج عن ارتفاع حرارة الخليج، وزيادة تبخر المياه، يخلق ظروفاً مثالية لتشكل الضباب في أوقات لم تكن تُسجل فيه سابقاً. هذا ليس حدثاً عابراً، بل مؤشر على تحوّل مناخي مستمر.

ما الفرق بين الضباب والغيوم المنخفضة؟

الضباب هو سحابة تلامس سطح الأرض، وتُقلل الرؤية إلى أقل من كيلومتر واحد. الغيوم المنخفضة تظل في الهواء، على ارتفاعات تتراوح بين 100 و500 متر، وتُقلل الرؤية لكنها لا تُغطي الأرض. في هذا الحدث، كان الضباب هو السائد، لكن الغيوم المنخفضة ساهمت في استمرار الرطوبة، مما جعل تلاشي الضباب أبطأ من المتوقع.

ما الذي يُميز ضباب الإمارات عن ضباب أوروبا؟

ضباب أوروبا غالبًا ما يكون ناتجاً عن تلوث الهواء ورطوبة مدنية. أما في الإمارات، فهو "ضباب إشعاعي" نقيّ تقريباً، يتشكل بسبب برودة الصحراء ورطوبة البحر. لا يحتوي على جسيمات ملوثة، لكنه أشد كثافة بسبب نقص التضاريس المرتفعة التي تُساعد على تفريقه. هذا يجعله أخطر، لأنه لا يُرى إلا عندما تكون أنت فيه.

هل ستُغيّر هذه الحادثة قوانين السير؟

السلطات تدرس بالفعل إضافة نظام إنذار تلقائي على الطرق السريعة يُفعّل تلقائياً عند انخفاض الرؤية تحت 200 متر، وربطه باللوحات الإلكترونية ونظام المراقبة الذكية. كما يُمكن أن يُطلب من السيارات الجديدة تجهيزها بمستشعرات ضباب متكاملة، كجزء من معايير السلامة الجديدة. هذا ليس تغييراً عابراً، بل بداية لمرحلة جديدة في إدارة المرور في المناطق الصحراوية.

5 التعليقات
  • Nouria Coulibaly
    Nouria Coulibaly

    يا جماعة، هذا الضباب كان خرافة حقيقية! شفت نفسي وأنا أقود وأنا أحس إن السيارة معلقة في سحابة، والله ما كنت أشوف حتى لوحة المرور! لكن الحمد لله الكل التزم، وما حصلش أي حادث كبير. الله يحفظنا من كل شر، وأتمنى نستمر هيك، لأن الوعي هو اللي ينقذنا، مش الشرطة ولا الكاميرات!

  • Majd kabha
    Majd kabha

    الضباب الإشعاعي في الصحراء مش زي أوروبا. هنا ما فيش تلوث، لكن فيّه كثافة تقتل. ما يكفيش تخفف السرعة، لازم تحسّ بوجودك في المكان. كل ثانية تشتت، تُخاطر بحياة. هذا ما يسمى تحذير، هذا تذكير بالفطرة.

  • إكرام جلال
    إكرام جلال

    يا جماعه والله ما كنت أصدق اننا نقدر نخلي الضباب يمر من غير حادث! انا من مصر وسمعت عن الضباب في الامارات وقلت شو هذي؟ بس لما شفت التفاصيل، صرت فخور بنا! حتى لو في تايبو في الكلام، لكن التزام الناس هو اللي يهم. الله يخليك يا دكتور المنديس ويا شرطة دبي!

  • mahmoud fathalla
    mahmoud fathalla

    أنا أعتقد أن هذا الحدث هو نموذج مثالي للتعاون بين الإنسان والتكنولوجيا... والوعي... والانضباط... والذكاء... والثقة... والمسؤولية... والعمل الجماعي... والاحترام... والثقة مرة أخرى... والصبر... والهدوء... والتركيز... والانضباط مرة أخرى... والثقة... والوعي... والوعي... والوعي... والوعي... والوعي... والوعي...

  • Abdeslam Aabidi
    Abdeslam Aabidi

    أنا كنت شايف التغطية على التلفزيون، وقلت: الله يخليك يا شرطة دبي. الناس في بلادي تضيع في الضباب، وعندكم تبقى الطرق آمنة. ما يهمشوا التوعية، ولا ينسوا إن الضباب مش رح يروح بس، هو رح يرجع. لازم نبني أنظمة تفهمه، قبل ما يفهمنا.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*