طيران الإمارات تستأنف رحلات إلى 29 مدينة.. لكن التفاصيل تُظهر تناقضاً في العدد الفعلي

طيران الإمارات تستأنف رحلات إلى 29 مدينة.. لكن التفاصيل تُظهر تناقضاً في العدد الفعلي

في خطوة تبدو كأنها تعيد بناء شبكة الطيران العالمية، أعلنت طيران الإمارات استئناف رحلات الركاب إلى 29 مدينة عالمية، وفقاً لبيان صادر عن المكتب الإعلامي لحكومة دبي نُشر في مطلع 2025. لكن هنا تبدأ المفارقة: بينما يرفع التقرير عنواناً يتحدث عن 29 وجهة، فإن النص نفسه يذكر فقط 16 مدينة، ويُفصّل أربعًا منها فقط — المنامة، مانشستر، زيورخ، وفيينا — دون توضيح من هي الـ13 الأخرى. هذا التناقض، الذي لم يُفسّر في أي مصدر رسمي، يترك الجمهور والمتخصصين في حيرة: هل هي خطأ تقني؟ أم أن هناك خطة تدريجية لم تُعلن بعد؟

الشبكة تنمو.. لكن بخطوات غير متساوية

في المقابل، تكشف تقارير أخرى عن نمو حقيقي وملموس. ففي 14 مارس 2025، أعلنت طيران الإمارات وفلاي دبي عن إضافة سبع وجهات جديدة حتى يوليو 2025، في إطار خطة شاملة لاستعادة الحركة الجوية بعد سنوات من التحديات. من بين هذه الوجهات، تعود رحلة طيران الإمارات اليومية الثالثة إلى روما اعتباراً من 1 يونيو 2025، مع إضافة أكثر من 2,530 مقعداً أسبوعياً. كما تبدأ رحلة أسبوعية إلى مدغشقر في 2 أبريل، وهي أول رحلة مباشرة من دبي إلى هذه الوجهة الأفريقية النادرة.

أما في أستراليا، فستُفعّل الرحلة الثالثة الأسبوعية إلى ملبورن اعتباراً من 30 مارس 2025، ما يعكس تزايد الطلب من الجالية الهندية والآسيوية في الإمارات على السفر إلى أستراليا. وفي المقابل، تعيد فلاي دبي تشغيل رحلاتها الصيفية إلى بودروم وطرابزون وأنطاليا في تركيا، إضافة إلى العليمين في مصر، مما يشير إلى تركيز استراتيجي على الأسواق السياحية ذات التكلفة المنخفضة والطلب المرتفع في الصيف.

الطلب يتجه شرقاً وجنوباً.. وفرنسا تبقى قوية

تحليلات الحجوزات الصادرة عن طيران الإمارات في أغسطس 2025 تكشف نمطاً مثيراً: فيتنام تتصدر القائمة بزيادة 61% في عمليات البحث، مع تسيير 25 رحلة أسبوعية إلى ثلاث مدن فيها — هانوي، هوشي منه، ودانيانغ. اليابان لم تُهمل، فنسبة البحث ارتفعت 28%، وتُدار 21 رحلة أسبوعية إلى طوكيو (ناريتا وهانيدا) وأوساكا. فرنسا، رغم التحديات الاقتصادية الأوروبية، تحتفظ بمكانتها بزيادة 25% في الطلب، مع تسيير 21 رحلة أسبوعية إلى باريس، منها 3 رحلات يومية على متن إيرباص A380، ورحلة يومية إلى نيس بنفس الطائرة العملاقة.

اللافت أن هذه الأرقام لا تأتي من فراغ. ففي أبريل 2025، أعلنت طيران الإمارات عن شراكة جديدة مع شركة الطيران الألمانية كوندور، تتيح لعملائها تبادل الرموز (code-share) على مسارات أوروبية جديدة — دون تحديد عدد الوجهات، لكنها تُعزز التغطية في ألمانيا وسويسرا والنمسا، وهي دول مذكورة في قائمة الـ16 المعلنة. هل هذه الشراكة هي المفتاح لملء الفجوة بين 16 و29؟ ربما. لكن حتى الآن، لا توجد قائمة رسمية.

الطائرات الجديدة تفتح أبواباً بعيدة

الطائرات الجديدة تفتح أبواباً بعيدة

من بين أبرز التطورات، تبدأ طيران الإمارات تشغيل أحدث طائراتها، إيرباص A350، إلى مونتريال في فبراير 2026 — وهي أول رحلة مباشرة من دبي إلى كندا باستخدام هذه الطائرة الصديقة للبيئة. هذا يوسع شبكة الطائرة إلى 12 وجهة عالمية، وتُعد خطوة استراتيجية لاستقطاب السفر طويل المدى من أوروبا وأمريكا الشمالية.

في المغرب، تُقدّم طيران الإمارات خدماتها من مطار محمد الخامس إلى جدة ومدينة جوانزو وملبورن وبالي، مع أسعار تبدأ من 29,565 درهماً مغربياً للرحلة ذهاب وعودة إلى جدة في درجة الأعمال. هذه الأسعار، التي تُظهر حساسية السوق المغربية للتكلفة، تشير إلى أن طيران الإمارات تُركّز على جذب المسافرين من شمال إفريقيا عبر رحلات مربحة إلى وجهات مقدسة وتجارية.

لماذا هذا التناقض في الأرقام؟

السؤال الأكبر لا يزال دون إجابة: لماذا تقول المكتب الإعلامي لحكومة دبي إن الرحلات استؤنفت إلى 29 مدينة، بينما لا يُذكر سوى 16 في النص؟ هناك تفسيران محتملان: الأول، أن بعض الوجهات تُعدّ "مستأنفة" لكنها لم تُبدأ بعد، وهي جزء من خطة تدريجية تُعلن لاحقاً. الثاني، أن العدد 29 يشمل رحلات الشحن والركاب معاً، لكن هذا غير منطقي لأن التقرير يتحدث صراحة عن "رحلات الركاب".

الواقع أن طيران الإمارات تُدير حالياً رحلات إلى 148 وجهة في 80 دولة، وفلاي دبي إلى أكثر من 125 وجهة في 55 دولة. هذا يعني أن الـ29 ليست إضافة جديدة بالمعنى المطلق، بل إعادة تفعيل لشبكة مفقودة. لكن التناقض في الإعلان يُضعف الثقة — خاصة في عصر المعلومات الفورية، حيث يبحث الناس عن الدقة لا عن التصريحات العامة.

ما الذي سيحدث بعد يوليو 2025؟

ما الذي سيحدث بعد يوليو 2025؟

إذا استمرت وتيرة التوسع الحالية، فمن المتوقع أن تصل شبكة طيران الإمارات إلى 160 وجهة بحلول نهاية 2025، مع تركيز على آسيا الوسطى وأفريقيا. أما فلاي دبي، فستُكثّف رحلاتها إلى دول مجلس التعاون الخليجي وجنوب آسيا، خاصة مع تزايد السفر الداخلي بين الإمارات والسعودية والهند.

التحدي الأكبر الآن ليس في إضافة وجهات، بل في الحفاظ على جودة الخدمة، وتجنب تكرار أزمة التأخيرات التي عانت منها الشركة في 2023. فعندما تُعيد تشغيل رحلاتك إلى 29 مدينة، لا يكفي أن تقول إنها "متوفرة" — يجب أن تكون موثوقة.

أسئلة شائعة

لماذا لم تُذكر المدن الـ13 الإضافية في تقرير سكاي نيوز العربية؟

لا توجد إجابة رسمية، لكن من المرجح أن هذه المدن تُعدّ ضمن خطة تدريجية للتشغيل، أو أنها وجهات تُدار عبر شراكات مثل كوندور، ولا تُحسب كرحلات مباشرة من دبي. بعضها قد يكون رحلات موسمية أو مخصصة للشحن فقط، لكن التناقض في التصريح يُضعف مصداقية الإعلان.

كيف تؤثر هذه التغييرات على المسافرين من شمال إفريقيا؟

المسافرون من المغرب ومصر يشهدون تحسناً ملحوظاً، خاصة مع رحلات فلاي دبي إلى العليمين وأنطاليا، وعروض طيران الإمارات من مطار محمد الخامس. الأسعار تنافسية، لكن التحدي الأكبر هو تكرار الرحلات — فعدد الرحلات إلى جدة مثلاً لا يزال أقل من الطلب، خاصة في مواسم الحج والعمرة.

ما السبب وراء تزايد الطلب على فيتنام؟

الطلب على فيتنام ارتفع 61% بسبب تزايد السياحة العائلية والعملية، مع ارتفاع عدد المغتربين الآسيويين في الإمارات. كما أن فيتنام تقدم تأشيرات سهلة، وتكاليف سفر منخفضة مقارنة باليابان أو فرنسا، مما يجعلها وجهة جذابة للعائلات والمسافرين الميزانيات المحدودة.

هل ستُستخدم طائرات A380 في رحلات جديدة؟

نعم، لكن فقط إلى وجهات ذات طلب مرتفع. حالياً، تُستخدم A380 في باريس ونيس، وستُستخدم على الأرجح في لندن وسيدني وطوكيو في المستقبل القريب. لكن الشركة تُقلّل من استخدامها تدريجياً بسبب تكاليف التشغيل العالية، وتستبدلها بـA350 للرحلات الأطول والأقل ازدحاماً.

ما تأثير شراكة طيران الإمارات مع كوندور؟

الشراكة تمنح المسافرين وصولاً إلى 15 وجهة أوروبية إضافية عبر رحلات كوندور، دون الحاجة لتحويل طائرة. هذا يُحسّن تجربة السفر إلى مدن مثل ميونيخ وفرانكفورت وبرلين، لكنه لا يُحسب كـ"رحلات مباشرة" من دبي — وهذا ربما يفسّر جزءاً من تناقض الأرقام.

هل هذا التوسع يعكس نجاحاً اقتصادياً لدولة الإمارات؟

بالتأكيد. نمو شبكة الرحلات يعكس استقرار الاقتصاد المحلي وثقة المستثمرين، خاصة مع ارتفاع الطلب على السفر السياحي والتجاري. لكن التحدي الأكبر هو الحفاظ على هذا النمو دون تراجع في الجودة، ففي الماضي، أدت التوسعات السريعة إلى تأخيرات وانقطاعات، وهذا ما يجب تجنبه الآن.

4 التعليقات
  • adham zayour
    adham zayour

    يا جماعة، 29 مدينة؟ يا سلام! النص بيقول 16، والباقي مين؟ هل الـ13 المفقودة بسّطوا في ملف Excel ونسيتو يفتحوه؟ طيران الإمارات بتسوق زي ما بتسوق في سوق الخضار: "كلشي متوفر!" وبعدين تلاقي الموز مفقود من الرف. بس خلينا نعترف، حتى لو كان التناقض، الرحلات الجديدة لفيتنام ومدغشقر ممتازة. بس خليكم متيقنين إنو ما بيعملوا علشان يخلصوا التقرير، علشان يخليوا الحدث يبدو كبير أكتر من الواقع.

  • Majd kabha
    Majd kabha

    العدد 29 مش غلط. هو مجموع الرحلات المباشرة + الشراكات. كوندور مش جزء من شبكة طيران الإمارات، لكنها جزء من تجربة العميل. التناقض ليس في الأرقام، بل في التوصيف. لو قالوا "29 وجهة عبر الشراكات المباشرة وغير المباشرة"، ما كان في لبس.

  • Mohamed Amine Mechaal
    Mohamed Amine Mechaal

    التحليل التكتيكي للتوسع الجوي يُظهر تحوّلاً استراتيجياً نحو ترسيخ الحضور في الأسواق ذات الكثافة السكانية النامية، مع تفكيك الاعتماد على الممرات الأوروبية التقليدية. تفعيل A350 إلى مونتريال يُعدّ تحوّلاً في نموذج التشغيل، حيث يُحلّ محل A380 في الرحلات ذات الكثافة المنخفضة-الطولية، مما يُحسّن كفاءة التكلفة الحدية. الشراكة مع كوندور تُمثل نموذجًا تكاملياً من نوع Code-Share 2.0، حيث لا تُعدّ الوجهات المضافة "مباشرة" من منظور البنية التحتية، لكنها مُدمجة من منظور تجربة المستخدم. بالتالي، التناقض الإعلاني هو انعكاس للاختلاف بين المفاهيم التشغيلية والتسويقية، وليس خطأً تقنياً.

  • Nefertiti Yusah
    Nefertiti Yusah

    أنا بس أقول واحد: 29 مدينة؟ وين الـ13؟! والله لو جبتهم في قائمة على ورقة وخلصت، ما كان أحد سأل. بس خلينا نعرف، هل نحن نتعامل مع شركة طيران أو مع مكتب إعلامي من مسلسل درامي؟! بس بس، رحلات مدغشقر؟ يا جماعة، أخويا راح يشتري تذكرة وين؟! وراحت تيجي من دبي لبلاصة ما فيش حتى مطعم عربي؟! 🙄

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*