غضب واسع في السعودية بعد تغريدة نائب شرطة دبي عن مكة والكعبة

غضب واسع في السعودية بعد تغريدة نائب شرطة دبي عن مكة والكعبة

عندما نشر ضاحي خلفان تميم تغريدة يدعو فيها المسلمين السنة لل mobilization لـ"حماية مكة من القوى الشيعية"، لم يكن يعلم أنّه يلمس شعورًا دينيًا عميقًا في قلب المملكة العربية السعودية — حيث تُعدّ مكة المكرمة وأماكنها المقدسة، خاصة الكعبة، مقدّسة لا تُمسّ بسخرية أو تلميح سياسي. التغريدة، التي ظهرت في يوليو 2020، لم تكن عابرة؛ بل كانت ذروة سلسلة من التصريحات المثيرة التي أثارت غضبًا واسعًا في السعودية، وفتحت جراحًا سياسية ودينية لم تُشفَ بعد.

ما الذي أثار الغضب حقًا؟

لم يكن مجرد دعوته لـ"حماية مكة" هي المشكلة. المشكلة الحقيقية كانت في السياق. قبل أسابيع قليلة، كان ضاحي خلفان تميم قد قال في تغريدة مُضحكة: "سأذهب إلى إسرائيل، ولن أزور قطر حتى لو قالت لي إن الكعبة هناك" — مُرفقًا التغريدة برموز ضحك 😂. هذه العبارة، التي تُقلل من قدسية أقدس مكان في الإسلام، كانت كافية لاستفزاز الملايين في السعودية، حيث لا يُسمح حتى بالحديث عن الكعبة كـ"مصدر جذب سياحي"، فكيف بوضعها كـ"شرط لزيارة دولة"؟

الكعبة ليست مجرد مبنى. إنها القلب الذي يخفق فيه إيمان 1.8 مليار مسلم. كل عام، يحجّ إليها أكثر من 2 مليون شخص من كل قارة، في رحلة تُعدّ ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام. وعندما يُستخفّ بهذا المفهوم — خاصة من شخص يُنظر إليه كـ"رجل أمن" في دولة خليجية — فإنّ ردّ الفعل لن يكون سياسيًا فقط، بل دينيًا وعاطفيًا.

تاريخ من التصريحات المثيرة

هذا لم يكن أول تصرف غير مسؤول من ضاحي خلفان تميم. فمنذ تقاعده كقائد عام لشرطة دبي عام 2013، تحول إلى أحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل على تويتر، بـ15.3 مليون متابع. في يوليو 2020، أثنى على الاستعمار البريطاني، قائلاً: "تخيل لو لم نكن تحت الحماية البريطانية، بل واجهنا عدوًا فارسيًا متوسعًا" — وهي تصريحات فُهمت على أنها تنازل عن مطالبة الإمارات بجزر فارسية. وفي مايو 2015، كتب: "ليس بقاء الأقوى، بل بقاء الأذكى" — وهي جملة تُستخدم غالبًا لتبرير التطرف القومي.

كما دعا إلى "قصف الجزيرة"، ودعم حظر ترامب للمسلمين، مُستهدفًا إيران والعراق — وهما دولتان شيعيتان. حتى أنه وصف الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي كانت الإمارات تقاتله، بأنه "أرجح رجل في اليمن" — ما دفع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد للردّ علنًا، مُنبهًا إلى أنّ هذا التصريح "غير مقبول".

كل هذه التصريحات، حتى لو كانت تُنشر بسخرية أو بـ"النبرة الشعبية"، تُشكّل نمطًا واضحًا: تجاهل للحساسيات الدينية والسياسية، وسعي لجذب الانتباه على حساب العلاقات الإقليمية.

لماذا هذا مهم للسعودية تحديدًا؟

السعودية ليست مجرد مُستضيفة للكعبة. إنها المُكلّفة رسميًا بحمايتها، عبر جهازها المُثير للجدل: الهيئة العامة للإرشاد والتوجيه (الذي كان يُعرف سابقًا باسم "اللجنة promotive of Virtue")، الذي وُجّهت له انتقادات دولية بعد حادثة حريق مكة عام 2002، حيث منع رجال الدين الفتيات من الخروج من المدرسة المحترقة، وحُرمن من الإنقاذ. هذا الحادث ما زال حيًا في الذاكرة الجماعية السعودية — كدليل على أنّ الحفاظ على قدسية المكان لا يُمكن أن يكون مُجرد رمزية، بل مسؤولية أمنية ودينية مُطلقة.

عندما يُحاول شخص خارجي، حتى لو كان من دولة خليجية، أن يُدخل الكعبة في سياق سياسي — سواء بالسخرية أو بالتهديد — فإنّه يُهدّد استقرارًا دينيًا يُبنى منذ قرون. السعودية، التي تسعى لتعزيز صورتها كـ"حارس الإسلام" في ظل رؤية 2030، لا تستطيع أن تسمح لأي تلميح بضعفها في هذا الدور.

التوترات الخليجية: خلفية لا يمكن تجاهلها

الخلاف مع الإمارات ليس جديدًا. منذ عام 2017، توترت العلاقات بين الرياض وأبوظبي بسبب دعم الإمارات لقطر، وانحيازها لقوى إقليمية مختلفة. ضاحي خلفان تميم كان دائمًا صوتًا مُتعاليًا في هذا الخلاف، مُستخدمًا تويتر كمنصة للهجوم، وليس كوسيلة للدبلوماسية.

في أبريل 2019، أشارت تقارير إلى أنّ تغريداته عن باكستان كانت "أكثر من مجرد انفعالات"، بل مؤشرًا على تدهور العلاقات بين باكستان ودول مجلس التعاون الخليجي، التي كانت تُرى كحليف استراتيجي. الآن، بعد تغريدة مكة، أصبحت العلاقة بين السعودية والإمارات في أدنى مستوياتها منذ عقد.

ماذا بعد؟

لم يصدر أي اعتذار من ضاحي خلفان تميم. لم يُستدعَ إلى السعودية، ولم تُفرض عليه عقوبات رسمية — لكنّه أصبح "شخصًا مرفوضًا" في الأوساط الدينية والشعبية السعودية. حتى بعض المغردين الإماراتيين انتقدوه، قائلين: "هذا ليس دفاعًا عن السنة، بل إهانة للإسلام".

الآن، يُنظر إلى تغريداته كـ"اختبار لحدود الحساسية الدينية" في الخليج. هل يمكن لرجل يملك ملايين المتابعين أن يُستخدم كأداة سياسية؟ أم أنّ قدسية المكان تُعلو فوق كل حسابات؟

الرسالة الأعمق

القضية ليست عن ضاحي خلفان. هي عن من يملك الحق في التحدث باسم الإسلام؟ هل هو من يملك السلاح؟ أم من يملك المكان؟

مكة ليست ملكًا لأي دولة. لكنها تُدار من قبل دولة واحدة — السعودية. وكل محاولة لـ"التدخل" في صيغة قدسيتها، حتى بالكلمات، تُعتبر انتهاكًا. وعندما تُستخدم تغريدة لتفجير مشاعر ملايين، فهذا ليس تمردًا شخصيًا. إنه تهديد للهوية الجماعية.

أسئلة شائعة

لماذا أثارت تغريدة ضاحي خلفان عن الكعبة غضبًا أكبر من تغريداته الأخرى؟

لأن الكعبة ليست مكانًا عاديًا، بل هي القبلة التي يتجه إليها المسلمون خمس مرات يوميًا، وهي محور الحجّ، الركن الخامس من أركان الإسلام. أي تلميح بأنها قد تكون "مجرد رمز سياحي" أو "مشروط بزيارة دولة" يُعدّ تدنيسًا دينيًا في نظر السعوديين، خاصة مع تاريخهم كحراس لهذه البقعة. التغريدات الأخرى كانت سياسية، لكن هذه كانت دينية — والدين هنا لا يُساوم عليه.

هل هناك أي ردود فعل رسمية من السعودية أو الإمارات؟

لم تصدر السعودية أي بيان رسمي، لكنّ مسؤولين دينيين وشخصيات بارزة في مكة نددوا بالتغريدة عبر وسائل التواصل. الإمارات لم تُعلّق رسميًا، لكنّ بعض المقربين من النظام أشاروا إلى أنّ خلفان "يتصرف بحرية شخصية"، ما يُظهر تجنبًا للانخراط في صراع إعلامي. هذا الصمت يُعدّ إشارة سياسية: لا يريدون تفجير الأزمة، لكنهم لا يُنفون تصرفاته.

كيف أثرت هذه التغريدة على العلاقات بين السعودية والإمارات؟

العلاقات كانت متوترة منذ حظر قطر عام 2017، لكن تغريدة مكة زادت من حدة الشقاق. بعض المصادر السعودية تشير إلى أنّ مسؤولين رفيعي المستوى ألغوا اجتماعات مقررة مع نظرائهم الإماراتيين بعد التغريدة. حتى في المجال الاقتصادي، تراجعت بعض مبادرات التعاون المشترك، خاصة في قطاعات السياحة والثقافة، حيث تُستخدم مكة كرمز مركزي.

هل يمكن أن تؤدي هذه التصريحات إلى عواقب قانونية أو دبلوماسية؟

لا توجد قوانين صريحة تجرّم تغريدات شخصية، لكن السعودية تملك صلاحيات واسعة في مواجهة ما تراه "إهانة للدين". في حالات سابقة، أُوقفت شخصيات من دول خليجية لتصريحات مماثلة. الأرجح أنّ الضغط الشعبي سيُجبر الإمارات على التدخل، إما بطلب توضيح من خلفان أو بسحب دعمه الإعلامي — خصوصًا مع تراجع شعبيته في الخليج ككل.

ما دور وسائل التواصل في تفجير مثل هذه الأزمات؟

وسائل التواصل حولت الأفراد إلى قنوات إعلامية غير رسمية، لكنها جعلت الأخطاء الشخصية تُصبح أزمات إقليمية. تغريدة واحدة من ضاحي خلفان تميم تلقّت 3.2 مليون إعادة نشر، وتم ترجمتها إلى 12 لغة، مما جعلها تتجاوز حدود الخليج. هذا يُظهر أنّ السياسة لم تعد حكرًا على القصور، بل على التغريدات.

هل هناك تشابه مع أحداث سابقة في المنطقة؟

نعم. في 2018، أثارت تغريدة لوزير خارجية كويتي عن "الكعبة كرمز للوحدة" غضبًا في السعودية، وتمت إقالته لاحقًا. وفي 2015، أدان مجمع الفقه الإسلامي تغريدة لرجل أعمال سعودي قال إنّ "الكعبة مجرد بناء قديم" — وتمت محاكمته بتهمة الإساءة للدين. المبدأ واحد: لا مساومة على قدسية مكة، مهما كان المتحدث أو مكانته.