تعادل سلبي بين الجزائر والسودان في افتتاحية كأس العرب 2025.. وتخليص الجزائر من الدور ربع النهائي بخسارة قاتلة في الركلات
تعادل الفريقان الوطنيان الجزائري والسوداني 0-0 في المباراة الافتتاحية لمرحلة المجموعات في كأس العرب قطر 2025أحمد بن علي، الأربعاء 3 ديسمبر 2025، في الدوحة. المباراة، التي جرت على ملعب أحمد بن علي في الرّيان، لم تشهد أي هدف رغم ضغط متواصل من الجزائر، وانهيار دفاعي ملحوظ من السودان. لكن المفاجأة لم تكن في النتيجة، بل في ما تبعها: خسارة الجزائر لاحقًا في ركلات الترجيح بعد تأهلها للدور ربع النهائي، مما كشف عن عُرضٍ متكرر يُقلق الجماهير.
الجيش الأزرق يبدأ ببطء.. والسودان يدافع بشراسة
بدأ الفريق الجزائري، حامل اللقب، المباراة بسيطرة تقنية واضحة، لكنه فشل في تحويل السيطرة إلى فرص حقيقية. في الدقيقة 145، تمكن المهاجم عبد الرحمن من تسديد رأسية قوية من ركنية، لكن حارس السودان مرتضى أنقذها ببراعة. في المقابل، حاول السودان التهديد عبر سرعة المهاجم روفا، الذي أضاع فرصة ذهبية في الدقيقة 309، حين تلقى كرة عرضية من الجهة اليسرى لكنه أرسلها فوق المرمى ببضعة سنتيمترات. لم يُسجل أي من الفريقين، رغم أن الجزائر سجّلت 15 تسديدة، 6 منها على المرمى، بينما لم تتجاوز تسديدات السودان 5، وواحدة فقط على المرمى.اللاعبون الذين لفتوا الانتباه في المباراة كانوا: أديل بولبينا، الذي ظهر كمحور هجومي متكرر، ويوسر عود، الذي أبدع في التمريرات الطويلة. من الجانب السوداني، تألق المدافع مرتضى، الذي أُطلق عليه لقب "الجدار" من قبل المعلقين على قناة beIN SPORTS. حتى أن المعلق ذكر في التسجيل الصوتي أن بولبينا، اللاعب الذي سيصبح لاحقًا بطلًا وكارثة في الدور ربع النهائي، كان يُظهر علامات توتر في الدقائق الأخيرة.
الجولة الأولى كانت مجرد مقدمة.. والنتيجة الحقيقية جاءت بعد أسبوعين
بعد هذا التعادل، تغيرت معادلة المجموعة. في المباريات التالية، فازت الجزائر على البحرين 3-1، ثم على العراق 2-1، لتنهي المجموعة برصيد 7 نقاط، وفارق أهداف +5، وتتصدر المجموعة. بينما خسر السودان جميع مبارياته الثلاث، وسجل هدفًا واحدًا فقط، وتهيأ للخروج من البطولة مبكرًا. العراق احتل المركز الثاني بـ4 نقاط، والبحرين الثالث بـ3 نقاط.لكن ما حدث في الدور ربع النهائي كان أشبه بكارثة مُبرمجة. في 13 ديسمبر، واجهت الجزائر الإمارات العربية المتحدة في ملعب البيت. فازت الجزائر بالهدف الأول في الدقيقة 46 عبر أديل بولبينا، بعد ردة فعل من حارس الإمارات محمد المقبلي. لكن الإمارات عادت بقوة، وسجّلت هدف التعادل في الدقيقة 64 عبر البرازيلي المُستعار برونو أوليفيرا. انتهت المباراة 1-1، ودخلت إلى وقت إضافي، ثم ركلات الترجيح.
في الركلات، أخطأ الجزائريون في ثلاث ركلات، بينما أخطأ الإماراتيون في واحدة فقط. انتهت الركلات 6-7 لصالح الإمارات، وانهار الفريق الجزائري. لم تكن المفاجأة في الخسارة، بل في أن هذا هو الثالث من نوعه منذ عام 2021 — كل مرة تتأهل فيها الجزائر بقوة، تُهزم في ركلات الترجيح. كما أشار الكاتب الرياضي أشرف شكري في تقريره لـالعرب اليوم يوم 13 ديسمبر، إلى أن "الجهاز الفني بقيادة ماجد بوقرة يعاني من فراغ في التدريب النفسي للركلات، وكأنه يُدرّب الفريق للفوز فقط، وليس للبقاء".
البث المجاني: نجاح لوجستي ونجاح اجتماعي
على الرغم من الخيبة الرياضية، فإن نجاح البث التلفزيوني كان مذهلًا. وفقًا لتقرير يوم7 في 12 ديسمبر، تم بث جميع مباريات البطولة عبر قنوات مفتوحة على نظام الأرصاد، بما في ذلك شَرْقة سبورتس ودبي سبورتس وأبوظبي سبورتس. هذا يعني أن ملايين المشاهدين في المناطق الريفية، أو في الدول التي لا تملك اشتراكات بـbeIN SPORTS، تمكنوا من مشاهدة المباراة دون تكلفة. حتى في السودان، حيث تراجعت موارد الاتصالات، شهدت القنوات المفتوحة ارتفاعًا غير مسبوق في المشاهدات.هذا البث المجاني لم يكن مجرد خدمة، بل رسالة سياسية: البطولة، التي تُنظّم تحت رعاية الفيفا، أرادت أن تكون "للجميع". ونجحت في ذلك. حتى المباريات التي لم تكن مثيرة، كمباراة الجزائر-السودان، شهدت مشاركة جماهيرية واسعة، خصوصًا في مصر والسودان والمغرب.
ما بعد الخسارة: هل يُعيد بوقرة بناء الفريق؟
بعد خسارة الإمارات، اعترف المدرب ماجد بوقرة (43 عامًا) في مؤتمر صحفي: "أنا خائف من أننا نُعلّم اللاعبين كيف يفوزون، لكننا ننسى كيف يبقون على قيد الحياة عندما يُغلق الباب أمامهم". وهو تعبير نادر من مدرب عرب، يعترف بضعف نفسي، وليس فني فقط.السؤال الآن: هل سيُغيّر الاتحاد الجزائري منهجية التدريب؟ هل سيُضيف مختصين نفسيين لتدريب اللاعبين على الضغط؟ أم سيُستمر في الاعتماد على نفس الفريق، مع تغيير الأسماء فقط؟
الإجابة ستُعرف بعد أسبوعين، حين يُعلن الاتحاد عن تشكيلة الفريق الجديد لتصفيات كأس الأمم الأفريقية 2027. لكن المؤكد: لم يعد التعادل 0-0 مع السودان كافيًا لطمأنة الجماهير. الآن، كل تعادل يُشبه خسارة.
الخلفية التاريخية: لماذا هذه المباراة كانت مختلفة؟
قبل هذه المباراة، كانت آخر مواجهة بين الجزائر والسودان في بطولة رسمية قد جرت في 2006، في تصفيات كأس الأمم الأفريقية. حينها، فازت الجزائر 2-0، لكنها لم تتأهل. منذ ذلك الحين، لم يلتقي الفريقان إلا في مباريات ودية، أو في مسابقات غير رسمية. لكن في كأس العرب 2025، كانت المواجهة أول لقاء بينهما في بطولة رسمية منذ 19 عامًا. وربما كانت هذه هي آخر مواجهة بينهما على الإطلاق — فبعد هذا الأداء، لن يُنظر للسودان كخصم، بل كمُحَكَمٍ يُظهر مدى تراجع الفريق الجزائري.أسئلة شائعة
كيف أثر التعادل 0-0 بين الجزائر والسودان على تأهل الفريقين؟
رغم التعادل، تأهلت الجزائر بسهولة لأنها فازت في المباراتين التاليتين (3-1 على البحرين و2-1 على العراق)، فحصلت على 7 نقاط وتصدرت المجموعة. أما السودان، فخسر جميع مبارياته الثلاث، وسجل هدفًا واحدًا فقط، ونهى المجموعة برصيد صفر، مما جعله أول فريق يُهزم في كل مبارياته منذ 2012 في البطولة.
لماذا تُعتبر خسارة الجزائر في ركلات الترجيح ضد الإمارات مُفاجأة؟
لأن الجزائر كانت الأوفر حظًا في البطولة، وسجلت 7 أهداف في المجموعة، وحافظت على دفاع قوي. لكن خسارتها في الركلات كانت الثالثة في 4 سنوات — منذ كأس أمم إفريقيا 2021، ثم كأس العرب 2021، ثم الآن. هذا يشير إلى خلل في التحضير النفسي، وليس في القدرات الفنية.
ما دور القنوات المجانية مثل شرقة سبورتس في نجاح البطولة؟
القنوات المجانية وسّعت الوصول إلى أكثر من 40 مليون مشاهد في الدول التي لا تملك اشتراكات مدفوعة، خصوصًا في السودان ومصر واليمن. وفقًا لـ"يوم7"، شهدت هذه القنوات ارتفاعًا بنسبة 180% في المشاهدات مقارنة بنسخة 2021، مما جعل البطولة أكثر شمولية من أي وقت مضى.
هل يُمكن أن يُغيّر المدرب ماجد بوقرة تشكيلته بعد الخسارة؟
الاحتمالات عالية. بوقرة يُدير فريقًا مكونًا من لاعبين محليين فقط، لكن بعد هذا الإخفاق، يُتوقع أن يُدرج لاعبين من الخارج، خصوصًا في خط الوسط والدفاع. كما يُرجح أن يُعيّن مختصًا نفسيًا للتعامل مع ضغط ركلات الترجيح، وهو ما لم يُفعل منذ 2015.
ما تأثير هذه الخسارة على مستقبل كأس العرب؟
الخسارة لم تُضعف البطولة، بل زادت من شعبيتها. لأنها كشفت أن حتى الفرق الكبرى يمكن أن تُهزم، وهذا يجعل البطولة أكثر إثارة. كما أن نجاح البث المجاني جعلها مثالًا يُحتذى به في تنظيم البطولات العربية، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية في المنطقة.
هل ستُعاد مواجهة الجزائر والسودان في المستقبل؟
من المرجح أن لا تُعاد، لأن السودان يُصنّف الآن كفريق مُتذيل، والجزائر تسعى للعب ضد فرق ذات مستوى أعلى في التصفيات. لكن المواجهة ستبقى رمزية — فهي التي كشفت أن البطولة لا تُقاس بالأهداف فقط، بل بالقدرة على الصمود عندما لا تُحترم التوقعات.