نابولي ترفض بيع كوليبالي أو رويز بأقل من 100 مليون يورو
في واحدة من أكثر التصريحات وضوحًا في تاريخ نابولي الحديث، أعلن الرئيس أوريليو دي لورينتيس أن النادي لن يسمح ببيع أي من نجومه الأساسيين — كاليدو كوليبالي أو فابيان رويز — إلا مقابل مبلغ محدد: 100 مليون يورو. لم يكن هذا مجرد تهديد إعلامي، بل سياسة متبعة بصرامة منذ صيف 2018، وتحولت إلى معيار لا يُمكن التفاوض عليه، حتى لو جاءت عروض من أقوى الأندية الأوروبية.
لماذا 100 مليون يورو بالضبط؟
الرقم ليس عشوائيًا. في يوليو 2018، رفض دي لورينتيس عرضًا بقيمة 100 مليون يورو من نادٍ إنجليزي، وفقًا لتصريحات صادرة لـRadio Kiss Kiss. ورُبطت هذه العرض بـتشيلسي، وفقًا لتقارير BeIN SPORTS. لكنه لم يُغلق الباب تمامًا — بل أعاد تأكيد أن النادي مستعد للبيع... إذا وصل العرض إلى هذا الرقم. في يناير 2019، أشار Bleacher Report إلى أن مانشستر يونايتد كان مستعدًا لدفع 90 مليون جنيه إسترليني — ما يعادل تقريبًا 100 مليون يورو حينها — لضم كوليبالي. الرقم تحوّل من مطلب إلى معيار دولي.
دي لورينتيس، الذي يقود النادي منذ 2004، لم يكتفِ بالرفض، بل حوّل الموقف إلى استراتيجية. نابولي لم تكن تبحث عن بيع، بل عن إعادة تشكيل مالي. كوليبالي، الذي انتقل من ميتز عام 2014 مقابل 5 ملايين يورو فقط، أصبح أحد أفضل مدافعي إيطاليا. ورويز، الذي جاء من ريال بيتيس عام 2018 بـ22 مليون يورو، تحوّل إلى قلب نابولي في وسط الملعب. كلا اللاعبين كانا ركيزتين في الفريق الذي انتهى موسم 2017-2018 كوصيف لليوينتس بـ91 نقطة. بيعهما بسعر أعلى من أي صفقة في تاريخ النادي لم يكن مجرد ربح — بل كان تأكيدًا على أن نابولي لم تعد مجرد نادٍ إيطالي، بل كيان يُحسب له ألف حساب في السوق الأوروبية.
من هم المُحتملون؟ مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد فقط؟
في مقابلات مع Goal.com وFootball365، أشار دي لورينتيس بوضوح إلى أن مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد هما الطرفان الوحيدان اللذان قد يُقنعانه بالبيع. لماذا؟ لأنهما فقط من يستطيعان تحمّل هذا السعر. لم تُذكر أندية أخرى — لا ليفربول، ولا برشلونة، ولا حتى ريال مدريد — في أي تصريح رسمي. هذا ليس تحيزًا، بل واقع. نادٍ مثل نابولي لا يملك موارد مانشستر سيتي، لذا فهو لا يُحاول التفاوض مع من لا يستطيع الدفع. حتى أن بعض المراقبين اعتبروا أن دي لورينتيس يُرسل رسالة مزدوجة: "إذا لم تستطع دفع 100 مليون، فلا تُضيّع وقتي. نحن لا نبيع بسعر الخصم."
ما الذي تغيّر منذ ذلك الحين؟
الحقيقة؟ لا شيء تقريبًا. كوليبالي غادر نابولي في يوليو 2020، لكنه انتقل إلى نابولي — لا، إلى ليفربول، بسعر 35 مليون يورو فقط. لماذا؟ لأن دي لورينتيس تغيّر موقفه. لم يعد يُصرّ على 100 مليون. لماذا؟ لأن اللاعب كان في آخر عامين من عقده، والسوق تغيّر. رويز، من ناحيته، انتقل إلى باريس سان جيرمان في صيف 2022 مقابل 45 مليون يورو — أقل من نصف السعر الذي طالب به دي لورينتيس قبل أربع سنوات. المفارقة؟ لم يُعلن عن أي تغيير في الموقف حينها. ببساطة، لم يعد اللاعبان في وضع يسمح لهما بالبقاء. والرئيس، الذي كان يُصرّ على سعر مطلق، تكيّف مع الواقع.
لماذا كانت هذه الموقف مهمًا؟
لأنه لم يكن مجرد حديث عن بيع لاعب. كان حديثًا عن هوية نادٍ. نابولي، التي تُعدّ نموذجًا للأندية الإيطالية الصغيرة التي تبني نجومًا ثم تبيعها، كانت تحاول أن تُعيد تعريف قواعد اللعبة. دي لورينتيس لم يكن يُريد أن يُباع نابولي كنادي يُستهلك — بل كمصنع يُنتج قيمًا تُقدر بعشرات الملايين. هذا الموقف أثار جدلًا في إيطاليا: هل هو بطل أم مُتغطرس؟ البعض قال إنه يحمي كرامة النادي. والبعض الآخر قال إنه يُضيّع فرصًا على لاعبين يُمكنهم أن يكبروا مع الفريق.
لكن الأهم من كل هذا، أن دي لورينتيس أثبت شيئًا واحدًا: في كرة القدم الحديثة، لا تُقاس قوة النادي بـ"الدوري" فقط، بل بـ"السعر". ونابولي، رغم أنها لم تفز باللقب، أصبحت واحدة من أكثر الأندية التي تُحترم في سوق الانتقالات. حتى عندما تبيع، تبيع على شروطها.
ما الذي ينتظر نابولي الآن؟
الآن، بعد رحيل كوليبالي ورويز، يواجه دي لورينتيس تحديًا أكبر: إعادة بناء الفريق دون أن يُفقد الهوية. اللاعبون الجدد — مثل أوديون إغبالي أو ريناتو ساركيس — لا يحملون نفس القيمة السوقية، ولا نفس التأثير الإعلامي. لكن النادي يواصل سياسة "الاستثمار الذكي". في 2023، اشترى لاعبًا من البرتغال بـ7 ملايين يورو، وحوله إلى نجم بـ25 مليونًا. هذه ليست صدفة. هذه خطة. دي لورينتيس لم يُغيّر رأيه. فقط تعلّم أن يُعيد تشكيل المعايير.
أسئلة شائعة
لماذا رفض دي لورينتيس بيع كوليبالي بـ100 مليون يورو في 2018؟
لأنه رأى في كوليبالي أسطورة دفاعية نادرة، واعتقد أن بيعه بسعر أقل من 100 مليون يورو سيُضعف مكانة النادي في السوق الأوروبية. كما أن العرض الذي تلقاه من تشيلسي لم يكن مصحوبًا بضمانات بيعية أو تطويرية، مما جعله يرفضه كمجرد عرض مالي دون رؤية استراتيجية.
هل كان الرقم 100 مليون يورو واقعيًا في ذلك الوقت؟
نعم، لكنه كان أعلى من المعتاد. في 2018، كان متوسط سعر نقل مدافع رفيع في أوروبا حوالي 60-70 مليون يورو. كوليبالي كان استثناءً — مدافع عالمي، قائد، مُحترم في كل البطولات. الرقم كان طموحًا، لكنه لم يكن غير واقعي، خصوصًا مع تضخم أسعار الانتقالات في الدوري الإنجليزي.
لماذا لم يُباع رويز أو كوليبالي في صيف 2019 رغم التصريحات؟
لأنه لم يظهر أي نادٍ مستعد لدفع 100 مليون يورو. حتى مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد، اللذان أُشير إليهما، لم يقدّما عرضًا رسميًا. دي لورينتيس كان يُصرّ على السعر، لكنه لم يكن مستعدًا لبيع لاعبٍ أساسي دون مقابل يُغطّي تكلفة الاستبدال — وهو ما لم يحدث أبدًا.
كيف أثّرت هذه السياسة على نابولي لاحقًا؟
أثّرت بشكل مزدوج: من ناحية، جمعت النادي أموالًا كبيرة من بيع لاعبين لاحقًا، مثل رويز بـ45 مليونًا. ومن ناحية أخرى، عززت صورة النادي كمؤسسة لا تُباع لاعبيها بسهولة، مما جذب مُحترفين يرغبون في بناء مسيرتهم في بيئة منظمة. لكنها أيضًا عرّضت الفريق لفترات ضعف عندما لم يُستبدل اللاعبون بسرعة كافية.
هل ما زال دي لورينتيس يُطبّق نفس المبدأ مع لاعبين جدد؟
نعم، لكنه أصبح أكثر مرونة. الآن، يُحدّد السعر بناءً على عمر اللاعب وعمر عقده. لاعب تحت 23 عامًا يُباع بسعر أقل، لكنه يُطلب منه عقدًا طويلًا كشرط. المبدأ نفسه: لا تبيع لاعبًا دون ضمان عائد استثماري. لكنه لم يعد يُصرّ على أرقام ثابتة — بل على نموذج استثماري.