دبي تعدل مواعيد مواقف السيارات المدفوعة خلال رمضان 2025 لتشمل فترتين مع استراحة مجانية بين الإفطار والعشاء

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، أعلنت هيئة الطرق والمواصلات في دبي عن تغيير جذري في مواعيد مواقف السيارات المدفوعة، يهدف إلى تخفيف الضغط على السائقين خلال أوقات الصيام والصلاة. بدءًا من السبت 1 مارس 2025، لن تُفرض الرسوم طوال ساعتين بين الإفطار والعشاء — من 6 مساءً حتى 8 مساءً — بينما تُطبَّق الرسوم فقط في فترتين: من 8 صباحًا إلى 6 مساءً، ومن 8 مساءً حتى منتصف الليل. هذه الخطوة، التي تأتي بقرار من معالي المطر محمد الظاهري، المدير العام ورئيس مجلس المديرين، ليست مجرد تنظيم للوقت، بل رسالة واضحة: الراحة خلال الشهر الكريم أولوية.

كيف ستُطبَّق الرسوم الجديدة؟

التفاصيل دقيقة، والهدف واضح. خلال أيام الأسبوع من الاثنين إلى السبت، ستُفرض رسوم وقوف السيارات فقط في فترتين محددتَين، مع فجوة مجانية مدتها ساعتان تمامًا في وقت الذروة المرورية بعد الإفطار — وهو الوقت الذي يزداد فيه حركة السيارات بحثًا عن أماكن للصلاة أو التسوق أو زيارة الأقارب. أما في أيام الأحد والعطلات الرسمية، فتظل المواقف مجانية تمامًا، كما هو الحال دائمًا.

الأسعار تختلف حسب الموقع. في المناطق التجارية المميزة — مثل المنطقة A التي تشمل شوارع دبي المزدحمة مثل ديرة والخليج التجاري — ستدفع 6 دراهم إماراتية لكل ساعة. أما في المناطق السكنية، مثل المنطقة C (المناطق السكنية على الطرقات) والمنطقة D (القصيص والنهضة)، فستكون الرسوم 4 دراهم فقط. ولا يُفرض أي رسم بين الساعة 10 مساءً و8 صباحًا، حتى لو كان اليوم من الاثنين إلى السبت.

لكن هناك استثناء مهم: مواقف السيارات متعددة الطوابق — مثل تلك الموجودة في مراكز التسوق الكبرى أو المطارات — ستظل تعمل بنظام مدفوع على مدار 24 ساعة، دون تغيير. هذا يعني أنك إذا كنت تبحث عن موقف آمن للسيارة طوال الليل، فستدفع كما كنت تدفع قبل رمضان. لكن إذا كنت تقف على الرصيف لشراء خبز أو زيارة صديق بعد الإفطار، فستستفيد من الاستراحة المجانية.

ما الفرق بين دبي وأبوظبي وعجمان؟

الاختلافات بين الإمارات ليست تفصيلية فحسب، بل تعكس فهمًا مختلفًا لاحتياجات السكان. في أبوظبي، لم يُجرَ أي تعديل على مواعيد مواقف مواقف (Mawaqif). تظل الرسوم سارية من 8 صباحًا حتى 12 ظهرًا فقط، وهو ما يعني أن السائقين هناك لا يواجهون أي تغيير في جدولهم اليومي، حتى في رمضان.

أما في عجمان، فالأمر أقرب إلى دبي، لكنه أكثر تشددًا. تُفرض الرسوم من 9 صباحًا حتى 1 ظهرًا، ثم تُعطَّل حتى 8 مساءً، ثم تعود من 8 مساءً حتى منتصف الليل. هذا يعني أن عجمان تمنح سائقها استراحة أطول — 7 ساعات — لكنها تفرض الرسوم في وقت مبكر من الصباح، مما قد يُشكل عبئًا على من يبدأ يومه مبكرًا.

اللافت أن هذه التغييرات ليست عشوائية. كل إمارة تُعيد تقييم أنماط الحركة المرورية بعد دراسات ميدانية وتحليلات بيانات من تطبيقات المواصلات الذكية. في دبي، على سبيل المثال، أظهرت البيانات أن حركة المرور تزداد بنسبة 40% بين 6 و8 مساءً — وهو الوقت الذي يُفترض أن يكون مخصصًا للراحة. لذا، قررت الهيئة أن تجعله وقتًا مجانيًا، لا مجرد تخفيف، بل دعوة للراحة.

ماذا عن نظام سالك؟

التغييرات لا تقتصر على المواقف. هيئة الطرق والمواصلات في دبي أجرت أيضًا تعديلات على نظام سالك خلال رمضان. خلال ساعات الذروة — من 9 صباحًا إلى 5 مساءً — ستدفع 6 دراهم لكل عبور. وفي غير هذه الساعات، من 7 صباحًا إلى 9 صباحًا ومن 5 مساءً إلى 2 صباحًا، تنخفض الرسوم إلى 4 دراهم. أما بين 2 صباحًا و7 صباحًا، فستكون البوابة مجانية تمامًا. هذا التصميم يشجع السائقين على تجنب الذروة، ويعزز استخدام الطرق البديلة.

ومن المثير أن هذه التغييرات تأتي بالتزامن مع سياسات عمل مرنة في القطاع العام. موظفو الحكومة في دبي يمكنهم الآن العمل من المنزل، أو اختيار أوقات دوام مُخفَّضة — ما يقلل من عدد السيارات على الطرق في الصباح، ويدعم نجاح خطة التخفيف المروري.

لماذا هذا التغيير مهم؟

هذا ليس مجرد تنظيم لرسوم وقوف السيارات. هذا تغيير ثقافي. في الماضي، كان السائقون يضطرون للبحث عن موقف في وقت الإفطار — وهو الوقت الذي يزدحم فيه الجميع. كثير من الناس كانوا يُنهون صلاتهم ويعودون لسياراتهم ليجدوا غرامة بسبب تجاوز الوقت. الآن، لن يضطروا لذلك. ستكون هناك فرصة حقيقية للراحة، للجلوس مع العائلة، للذهاب للمسجد دون قلق.

الهيئة لم تقل فقط: "نريد تقليل الازدحام". بل أظهرت فهمًا عميقًا لحياة الناس. في رمضان، لا يُقاس النجاح بسرعة المرور فقط، بل بجودة الوقت الذي تقضيه مع من تحب. هذه السياسة، في جوهرها، ليست مرورية — بل إنسانية.

ماذا سيحدث بعد رمضان؟

السؤال الأهم: هل ستبقى هذه التغييرات بعد رمضان؟ لم تُعلِن الهيئة عن أي نية لإلغائها، لكنها قالت إنها ستُقيِّم الأثر بعد نهاية الشهر. إذا نجحت — أي إذا تحسنت حركة المرور، وتراجعت المخالفات، وارتفع رضا السائقين — فقد تُصبح هذه النموذج الجديد لمواعيد المواقف في دبي طوال العام.

هذا ما يُثير التفاؤل. ففي الماضي، كانت التغييرات المرورية تُفرض من الأعلى، بدوافع إدارية أو مالية. لكن هذه المرة، يبدو أن القرار جاء من فهم عميق لاحتياجات الإنسان — وليس فقط لسيارته.