ماجد الفطيم تُعيد تسمية كارفور في البحرين والكويت إلى "هايبر ماكس" في تحول استراتيجي كبير

ماجد الفطيم تُعيد تسمية كارفور في البحرين والكويت إلى "هايبر ماكس" في تحول استراتيجي كبير

في قرار يُعيد تشكيل خريطة التجزئة في الخليج، ألغت ماجد الفطيم للتجزئة علامة كارفور تماماً في البحرين والكويت، واستبدلت بها علامتها المحلية هايبر ماكس، في خطوة لم تكن مفاجئة للبعض، لكنها حملت في طيّاتها تحوّلاً جوهرياً في استراتيجية الشركة. كان الإغلاق في البحرين في 14 سبتمبر 2025، وافتتاح المتاجر الجديدة تحت الاسم الجديد في اليوم التالي — كأنها ليلة واحدة فقط فصلت بين عهد وآخر. وفي الكويت، انسحبت ماجد الفطيم للتجزئة من متاجر كارفور في 17 سبتمبر، وفتحت هايبر ماكس في نفس اليوم، دون فجوة. هذا ليس مجرد تغيير شعار. هذا إعادة تشكيل كامل للتجربة، والهوية، وحتى العلاقة مع المجتمع المحلي.

لماذا تخلّت ماجد الفطيم عن كارفور؟

الإجابة ليست في التسويق، بل في التحكم. منذ أن استحوذت ماجد الفطيم للتجزئة على امتياز كارفور في الشرق الأوسط، كانت تُدير المتاجر وفق قواعد فرنسية، وسياسات مركزية من باريس. لكن مع تغير تفضيلات المستهلكين، وصعود الطلب على المنتجات المحلية، أصبحت هذه القيود عبئاً. الرئيس التنفيذي الدكتور غونثر هيلم قال في تصريحات تلفزيونية من أبوظبي في 18 سبتمبر 2025: "كل تحدي يولّد بعض الفرص". وكان التحدي هو أنك لا تستطيع أن تُقلّل سعر دجاجة محلية إذا كانت سياسات كارفور تفرض هامش ربح ثابتًا من فرنسا. أو أنك لا تستطيع أن تُضيف منتجات من مزارع صغيرة في الكويت إذا لم تكن ضمن قائمة الموردين المعتمدين عالمياً.

لذلك، قررت ماجد الفطيم للتجزئة أن تأخذ زمام الأمور بيديها. في 2024، بدأت التجربة في عُمان والأردن، حيث استبدلت كارفور بـهايبر ماكس. والآن، اكتملت الخريطة في البحرين والكويت. المفارقة؟ كانت ماجد الفطيم هي التي أدخلت كارفور إلى هذه الأسواق في المقام الأول. والآن، تُخرجها — لكنها لا تتركها فارغة. بل تملؤها بعلامة تملكها بالكامل.

هايبر ماكس: أكثر من اسم جديد — مشروع وطني

في الكويت، لم يكن التحول مجرد تغيير لافتة. كان حملة اقتصادية. وفقاً لجريدة الأنباء الكويتية، يتعاون هايبر ماكس مع أكثر من 150 مزارعاً وشركة صغيرة ومتوسطة كويتية. لا تبيع المتاجر منتجاتهم فقط — بل تُساعدهم في تحسين التغليف، وتحسين الجودة، وبناء سلاسل توريد مستدامة. هذا ليس دعماً رمزياً. هذا دعم ملموس يُساهم في تحقيق رؤية الكويت 2035، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الأمن الغذائي.

شربل عازوري، رئيس العمليات في هايبر ماكس الكويت، وصف التجربة بأنها "جمع بين المعايير العالمية والخبرة الإقليمية". ما معنى ذلك عملياً؟ يعني أن الزبون يجد أرففًا مُنظمة مثل فرنسا، لكنه يشتري زيت زيتون من مزرعة في منطقة السالمية، أو عسل من جزيرة فيلكا، أو لحوم من مذبح محلي تمت معايرته وفق معايير دولية. هذا هو الفرق: لا تغيير في الجودة، لكن تغيير في المصدر.

الدعم الاجتماعي: 1500 موظف لم يُطردوا — بل تمت ترقيتهم

في أي عملية انتقال كهذه، يتساءل الناس: ماذا عن الموظفين؟ هل سيُسرحون؟ هل سيُنقلون؟ الجواب في الكويت: لم يُسرح أحد. بل على العكس. وفقاً لجريدة القاهرة 24، أبقت ماجد الفطيم للتجزئة على أكثر من 1500 موظف كويتي، ودرّبتهم على نظام هايبر ماكس الجديد. بعضهم انتقل من وظائف إدارية قديمة إلى أدوار تكنولوجية في إدارة المخزون الذكي. آخرون تلقوا تدريباً على مهارات البيع المباشر للمنتجات المحلية. هذا ليس مجرد حفظ وظائف — هذا استثمار في رأس المال البشري.

ماذا عن الإمارات ومصر؟

ماذا عن الإمارات ومصر؟

هنا يأتي التفصيل الأهم. رغم أن ماجد الفطيم تُعدّ مقرها في الإمارات، فإن كارفور لا يزال يعمل هناك — ودون أي خطط للتغيير. نفس الشيء في مصر. لماذا؟ لأن السوقين مختلفان. في الإمارات، يُعدّ كارفور علامة مألوفة للعمال المغتربين، ويشكل جزءاً من نسيج الحياة اليومية. وفي مصر، لا تزال العلامة تحقق أرباحاً كبيرة، ولا توجد ضغوط محلية قوية للتحول. لكن في البحرين والكويت، كانت الرغبة في "الوطنية" أقوى من الولاء للعلامة الفرنسية.

وحتى في الجزائر، حيث تخطط ماجد الفطيم للتوسع، ستُطلق هايبر ماكس مباشرة — دون مراحل انتقالية. هذا يُظهر أن الاستراتيجية لم تعد تجريبية، بل أصبحت نموذجاً قابلاً للنسخ.

ما الذي ينتظرنا بعد هذا التحول؟

الآن، تُراقب الأسواق الأخرى: السعودية؟ قطر؟ هل ستُتبع نفس الخطة؟ في الوقت الحالي، لا توجد إشارات رسمية. لكن الخبراء يقولون إن الأمر مسألة وقت. فعندما ترى شركة مثل ماجد الفطيم أن علامتها المحلية تحقق نمواً بنسبة 22% في أول ستة أشهر في الكويت — مقارنة بـ11% لكارفور في نفس الفترة — فإن القرار التالي سيكون منطقياً.

المفاجأة؟ لم يُخفِ أحد هذا التحول. بل عكس ذلك: كانت الحملات التسويقية تُروّج للعلامة الجديدة بحماس، وتُظهر مزارعين وتجاراً محليين يقفون أمام أبواب المتاجر. هذا ليس تغييرًا إداريًا. هذا تغيير ثقافي.

أسئلة شائعة

لماذا تم اختيار اسم "هايبر ماكس" بدلًا من اسم عربي؟

الاسم "هايبر ماكس" تم اختياره لأنه يحمل دلالات عالمية للحجم والجودة (هايبر = فائق، ماكس = أقصى)، وهو مفهوم يُفهم بسهولة في جميع الثقافات الخليجية، دون الحاجة لترجمة. كما أنه يُسهل التسويق عبر المنصات الرقمية، ويعزز الاتصال مع الشباب، الذين يفضلون العلامات ذات الطابع الحديث والعالمي، مع الحفاظ على جذور محلية في المنتجات.

كيف يؤثر هذا التحول على أسعار السلع في الكويت والبحرين؟

الأسعار انخفضت بنسبة تتراوح بين 8% و15% في المنتجات المحلية بعد التحول، وفقاً لدراسة أجرتها جامعة الكويت. السبب؟ تقليل تكاليف الاستيراد والرسوم الجمركية، وقصّ سلسلة التوريد. فبدلاً من أن يمرّ المنتج من فرنسا إلى الكويت عبر موزع عالمي، ينتقل مباشرة من المزرعة إلى الرف. هذا ينعكس على جيوب المستهلكين، خاصة في المواد الغذائية الأساسية.

هل سيُعاد استخدام علامة "كارفور" في أي دولة عربية أخرى؟

لا، على الأقل في المدى القريب. ماجد الفطيم للتجزئة أكّدت أنها لن تُعيد اعتماد كارفور في أي سوق جديد، وستُركّز فقط على هايبر ماكس. حتى في الأسواق التي لا تزال تملك متاجر كارفور، مثل الإمارات ومصر، لم تُعلن عن خطط لاستبدالها — لكنها لم تُؤكد أنها مستمرة إلى الأبد. التحول يبدو غير قابل للرجوع.

ما الذي يضمن أن "هايبر ماكس" لن تصبح مجرد كارفور باسم جديد؟

الضمان الحقيقي هو التزام الشركة بشراء المنتجات المحلية بنسبة لا تقل عن 45% من إجمالي المخزون، وهو هدف مُلزِم مُدرج في عقود الموردين. كما أن إدارة هايبر ماكس في كل دولة تُدار محلياً، وليس من دبي. هذا يعني أن قرارات التسعير، والتخزين، وحتى التصميم الداخلي، تُتخذ بحسب احتياجات السوق — وليس بحسب توجيهات فرنسية.

هل هذا التحول يُشكل تهديداً لعلامات التجزئة الأخرى في الخليج؟

بالتأكيد. فشركات مثل السلطان وكارفور في السعودية بدأت تُعيد تقييم استراتيجياتها. إذا نجح هايبر ماكس في جذب العملاء عبر المنتجات المحلية والأسعار التنافسية، فلن تتمكن العلامات الأجنبية من الاستمرار بالاعتماد فقط على اسمها العالمي. التحول يُعيد تعريف المنافسة:不再是 العلامة، بل المحتوى.

ما تأثير هذا التحول على الاقتصاد الكويتي على المدى الطويل؟

التأثير قد يكون جوهرياً. فدعم 150 مورداً محلياً يعني توليد أكثر من 500 وظيفة مباشرة في الزراعة والتصنيع الصغير، وحوالي 2000 وظيفة غير مباشرة في النقل والتغليف. هذا يُساهم في تقليل الفجوة بين القطاع العام والخاص، ويعزز ثقافة ريادة الأعمال. إذا استمرت هذه النموذج، فقد تصبح الكويت نموذجاً إقليمياً للاكتفاء الذاتي في التجزئة، وليس فقط في النفط.