نزاع "فرك الأنف" في ميرت باليو تي بارا: تسوية بعد توافق بين الطرفين
في ليلة 19 أكتوبر 2025، تحت مظلة شرطة الطب في ميرت، أُجبر تاجر قماش محلي، ساتيام راستوجي، على الركوع في الشارع وفرك أنفه على الأرض أمام مقر مكتب سوميندرا تومار، النائب الوزاري لطاقة أتر برديش وعضو البرلمان المحلي من حزب البهاراتيا جاناتا. الحدث، الذي بدا وكأنه مشهد من عصر مظلم، وقع بعد خلاف بسيط على موقف سيارة، لكنه تحوّل إلى مأساة إنسانية بفعل فيكول تشبرانا، نائب رئيس فرع باراتيايا كيسان مورشا وعضو من طائفة الغوجار. لم يكتفِ تشبرانا بتهديد راستوجي ورفاقه، بل كسر نوافذ سيارته، وصفعه، وأجبره على التسليم بعبارة: "هاث جود كي، هاث جود كي" — اجمع يديك — بينما كان يفرك أنفه على الرصيف، رأسه منحنٍ، وعيناه مغلقتان من الخزي. لم يتدخل أحد. حتى الشرطة، التي كانت قريبة، لم تحرك ساكناً.
الفيديو الذي أشعل الشارع
الفيديو، الذي استمر أقل من دقيقتين، تداوله الملايين على وسائل التواصل خلال ساعات. لم يكن مجرد عنف — كان تجسيدًا لسلطة مطلقة تُمارس باسم الانتماء الحزبي والطائفي. وعندما نشر زعيم حزب الحزب الاشتراكي، أكيليش ياداف، الفيديو على منصة X، انفجرت الساحة السياسية. المعارضة هاجمت الحزب الحاكم، وطالبت باستقالة تومار، وتساءلت: "كيف يمكن لوزير أن يُدار مكتبه في مكان يُستخدم كمسرح للإذلال؟".
الاعتقال والتعليق: رد فعل الحزب الحاكم
لكن ما كان مفاجئًا هو سرعة رد فعل الحزب. بعد ثلاثة أيام، في 22 أكتوبر، أوقفت شرطة ميرت فيكول تشبرانا، وأربعة من مساعديه. وفي نفس اليوم، أعلنت باراتيايا جاناتا تعليق عضويته في باراتيايا كيسان مورشا. لم يكن هذا رد فعل عابر. كان رسالة موجهة للناخبين: "نحن لا نقبل هذا النوع من التصرفات". لكن، هنا تكمن المفارقة: لماذا لم تُتخذ إجراءات قبل انتشار الفيديو؟ لماذا لم تتحرك الشرطة رغم وجودها؟
الغوجار: عندما تتحول الضحية إلى جماعة محاصرة
في 20 أكتوبر، قبل أن يُعتقل تشبرانا، عقدت طائفة الغوجار اجتماعًا جماهيريًا ضخمًا في كازيبور، بعنوان "مها بانشاييت". لم يُطالبوا بالإفراج عنه فقط — بل هددوا بـ"قائمة سوداء" لقادة الحزب، ومنعهم من الدخول إلى مناطقهم. قال رولاه غوجار، أحد المشاركين: "نحن لسنا عصابة، نحن مجتمع. إذا عاقبتم أحدنا بغير عدالة، فستعاقبوننا جميعًا". لم يكن هذا تهديدًا عابرًا. الغوجار، الذين يشكلون قاعدة انتخابية حاسمة في ميرت وحولها، أدركوا أن الحزب يحاول تفريغهم من مكانتهم السياسية عبر إسقاط تشبرانا. والسؤال: هل هذا تكتيك سياسي أم عدالة حقيقية؟
التسوية الغامضة: ما الذي تم الاتفاق عليه؟
في 25 أكتوبر، أُعلن أن النزاع انتهى بـ"تسوية". لا تفاصيل. لا إفصاح. لا توضيح. لا اعتذار رسمي. لا تعويض مالي. فقط: "تم التوصل إلى توافق". هذا هو أسوأ جزء. عندما تُحل أزمة كبرى بالصمت، فهذا يعني أن القوة تغلب العدالة. هل وافق راستوجي على سحب الشكوى؟ هل تعهد تشبرانا بعدم التدخل في أعماله؟ هل تمت تسوية خلف الأبواب المغلقة؟ أم أن الضحية تنازل عن حقه خوفًا من عواقب أشد؟
الانعكاسات الاقتصادية: من يدفع ثمن الخلاف؟
التأثير الحقيقي لم يكن سياسيًا فقط — بل اقتصاديًا. تاجر القماش ساتيام راستوجي، الذي يملك متجرًا صغيرًا في سوق ميرت، توقف زبائنه عن القدوم. بعضهم قالوا: "لا أريد أن أشتري من شخص تعرّض للإذلال، قد يُنسب إليه شيء". بينما توقفت عائلات الغوجار عن شراء القماش من متجره. السوق المحلي تضرر. المخزون تراكم. التسويق توقف. هذا ليس تدميرًا للكرامة فقط — بل تدمير لسبل العيش. في قرية مثل ميرت، حيث يعتمد 60% من السكان على التجارة الصغيرة، فإن أي صراع طائفي يُعيد رسم خريطة الاقتصاد المحلي. لا أحد يربح هنا — فقط الأنظمة التي تسمح بهذا النوع من التصرفات.
ما الذي سيحدث بعد ذلك؟
التحقيق لا يزال جارياً، وتشبرانا محتجز. لكن ماذا لو أُطلق سراحه؟ هل ستُرفع التهم؟ هل سيُعاد إلى منصبه؟ إذا حدث هذا، فستُرسل رسالة مفادها أن الانتماء الطائفي والحزبي يعلو على القانون. أما إذا استمرت الإجراءات، فستُشعر طائفة الغوجار بالتهميش — وربما تدفعهم إلى التحالف مع المعارضة. في أتر برديش، حيث يُحسم الصراع الانتخابي بفارق 2%، فإن أي توتر طائفي قد يقلب الموازين. والسؤال الأكبر: هل سيُستخدم هذا الحدث كذريعة لتمرير قانون يجرّم الإذلال العام؟ أم أننا سنرى حادثة أخرى، في مكان آخر، بذات السيناريو؟
خلفية: الغوجار في سياسة أتر برديش
طائفة الغوجار، التي تُعد من أكبر المجموعات العرقية في أتر برديش، كانت دائمًا حجر الزاوية في التحالفات السياسية. في العقد الماضي، انتقلت من دعم Congress إلى BJP، ثم عادت جزئيًا إلى Samajwadi Party. لكنها لم تكن أبدًا موحدة. في ميرت، يمتلك الغوجار نفوذًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا — وغالبًا ما يُستخدم هذا النفوذ كوسيلة ضغط. عندما يُستهدف أحد أعضائهم، يُنظر إليه على أنه هجوم على الجماعة بأكملها. وهذا ما حدث هنا. وربما، في الخلفية، كان هناك صراع بين فصائل داخل الحزب: فصيل يرى أن تشبرانا عبء سياسي، وفصيل آخر يرى أنه رمز للقوة المحلية. والضحية، كما دائمًا، هو المواطن العادي.
أسئلة شائعة
كيف أثر الحدث على تجارة القماش في ميرت؟
بعد الحادث، تراجع عدد زبائن تاجر القماش ساتيام راستوجي بنسبة 70% خلال أسبوع، وفقًا لشهادات تجار محليين. كما توقفت عائلات الغوجار عن شراء من متجره، خوفًا من الانتقام أو الارتباط بـ"شخص مذلّ". هذا أدى إلى تراكم مخزون بقيمة 2.3 مليون روبية، وتأجيل توظيف عاملين اثنين — وهو ما يعكس كيف تتحول الصدامات الطائفية إلى أزمات اقتصادية مباشرة.
لماذا لم تتدخل الشرطة أثناء الحادث؟
الشرطة كانت موجودة بالقرب من موقع الحادث، لكنها لم تتحرك، وفقًا لشهود عيان. هذا يعكس مشكلة أعمق: الخوف من التدخل في نزاعات تشمل أعضاء حزبيين أو طائفيين ذوي نفوذ. في ميرت، تُسجل 80% من حالات التأخير في التدخل من قبل الشرطة عندما يكون أحد الأطراف مرتبطًا بحزب أو طائفة نافذة — وهي ظاهرة تُعرف محليًا بـ"الحماية الضمنية".
ما هو مصير فيكول تشبرانا الآن؟
تشبرانا لا يزال محتجزًا، ويخضع للاستجواب في قضايا تتعلق بالإهانة العامة، والعنف، وتدمير الممتلكات. لكنه لم يُوجه إليه اتهام رسمي بعد. الحزب أوقفه من منصبه، لكنه لم يُطرد. هذا يعني أن الباب ما زال مفتوحًا للعودة — خاصة إذا توصل الطرفان إلى تسوية غير معلنة. التوقعات تشير إلى أن الحكم قد يُؤجل حتى بعد الانتخابات المحلية القادمة.
هل هناك قانون يجرّم الإذلال العام في الهند؟
لا يوجد قانون صريح يجرّم "فرك الأنف" أو الإذلال الجسدي العام، لكن يمكن تطبيق مواد من قانون العقوبات الهندي، مثل المادة 509 (إهانة الكرامة) و504 (إثارة النزاع). لكن تطبيقها نادر جدًا، خاصة عندما يكون المتهم من طائفة أو حزب نافذ. في هذه الحالة، تُستخدم التهم كأداة سياسية، وليس كوسيلة للعدالة.
Nefertiti Yusah
ما هذا العصر؟ في عصر الهواتف والإنترنت، نشوف إنسان يُجبر يفرك أنفه على الأرض وكأنه حيوان؟ هذا مش عنف، هذا إبادة للإنسانية. والشرطة اللي كانت قريبة؟ مش شايفة؟ ولا بتعمل دور المراقب؟ كلنا نعرف إن السلطة بتعمل كده، بس نشوفها علانية؟ دي مش مأساة، دي كارثة منظمة.
وأكيد راستوجي دلوقتي متخلي عن متجره، ومش عارف ينام ليله، وبيخشى يطلع الشارع. واللي عملوا كده، مخلصين؟ لا، بس خايفين يخسروا صوت الغوجار في الانتخابات. العدالة هنا مش مسألة قانون، مسألة كم صوت تقدر تجمعه من قرية.