خورفكان تحتفل بعيد الاتحاد الـ54 بمسيرة بحرية وأمسية فنية بحضور الشيخ هيثم بن صقر القاسمي
في ليلة تملؤها الأضواء والأنغام، انطلقت احتفالات عيد الاتحاد الـ54 في خورفكان يومي 1 و2 ديسمبر 2025، بحضور الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سمو الحاكم في مدينة كلباء، في حدثٍ جمع بين الفخر الوطني والانتماء العميق، وسط مشاركة 33 جهة حكومية واتحادية. لم تكن مجرد احتفالات، بل كانت تجسيداً حياً لوحدة شعبٍ تجاوز الحدود الجغرافية ليصنع دولةً من رمال الصحراء وبحرٍ يلامس السماء.
البداية قبل الاحتفال: زينة وطنية تسبق الفرح
قبل أن تبدأ النغمات، بدأت الأضواء. في 25 نوفمبر 2025، عند الساعة 5:39 مساءً، حوّلت بلدية خورفكان شوارع المدينة إلى لوحة فنية مُضيئة، بمجسمات ترمز إلى العلم الوطني، وأشجار مزينة برسومات تجسد رموز الاتحاد. لم تكن هذه الزينة مجرد تزيين — كانت رسالة. رسالة أن الاتحاد ليس مجرد تاريخ، بل هو حاضرٌ يُبنى يومياً، حتى في أصغر تفاصيل الشارع.
الاحتفالات الرسمية: من المسرح إلى البحر
عند منتصف الليل من 1 ديسمبر، دقّت الساعة 00:01:13، وانطلقت الفعاليات الرسمية في مدرج خورفكان، بحضور الدكتورة مروة حسن النقبي، عضو اللجنة المنظمة، التي أعلنت بدء الاحتفالات بكلمات حماسية: "هذا اليوم ليس ذكرى، بل هو واجب نعيشه كل عام". تضمن اليوم الأول عرضاً مسرحياً غنائياً بعنوان "فرحه وطن"، ومشاركة الفرق الشعبية من مختلف قرى الإمارة، وأسواق للأسر المنتجة عرضت منتجات يدوية تروي قصصاً من التراث.
لكن المفاجأة كانت المسيرة البحرية في صباح 2 ديسمبر — أول مرة تُنظم في خورفكان. عشرات القوارب المزينة بألوان العلم، تبحر ببطء في خليج عمان، تحمل شباناً وشابات يلوحون بالأعلام، بينما تُسمع من مكبرات الصوت نشيد الوطن. هنا، لم يكن الحضور مجرد مشاهدة — كان انتماءً ملموساً، يُرى في عيون الأطفال الذين يرقصون على شاطئ البحر.
الفن والشباب: صوت الجيل الجديد
في 29 نوفمبر، سبقت الاحتفالات الرئيسية أمسية فنية استثنائية، جمعت بين الفنان حسين الجسمي وفؤاد عبد الواحد — الذي اعتلى خشبة المدرج للمرة الأولى في فعالية رسمية. لم يغنِ فؤاد فقط، بل تحدث عن شعوره وهو يقف على المسرح الذي شهد أجيالاً من أبناء خورفكان: "هذا المكان لا يُبنى بالحجارة، بل بالقلوب".
أما مجلس شباب خورفكان، فقد أدار جلسة حوارية بعنوان "ما معنى الاتحاد لي؟"، شارك فيها أكثر من 200 شاب وفتاة. إحدى المشاركات، طالبة في السنة الثالثة، قالت: "أمي كانت تعيش في رأس الخيمة، وأبي في الفجيرة، ونحن هنا في خورفكان. الاتحاد يعني أننا نتحدث بلغة واحدة، حتى لو كانت لهجاتنا مختلفة". لم تكن هذه مجرد كلمات — كانت شهادة حية على وحدة لم تُفرض، بل تُبنى.
الخلفية التاريخية: من وثيقة 1971 إلى مسيرة 2025
تبدأ قصة الاتحاد في 2 ديسمبر 1971، عندما وقّع زعماء ست إمارات — أبوظبي، دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، والفجيرة — وثيقة توحيد دولة جديدة. ثم انضمّت رأس الخيمة في 10 فبراير 1972. لم يكن هذا اتفاقاً سياسياً فقط، بل كان تجاوباً شعبياً عميقاً مع رؤية قادة أدركوا أن المستقبل لا يُبنى بعزلة.
منذ ذلك الحين، تحوّل 2 ديسمبر من يوم تأسيس إلى يوم وعي. في خورفكان، التي تقع على ساحل خليج عمان وتضمّ مجتمعات من أصول متنوعة — من أبناء البدو إلى المهاجرين من جنوب آسيا — أصبحت الاحتفالات مقياساً للاندماج. هنا، لا يُحتفل بالاتحاد كحدث تاريخي، بل كمشروع حي يُجدد كل عام.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي: احتفالات تُحرك الاقتصاد
وفقاً لمصادر محلية، تجذب احتفالات خورفكان سنوياً أكثر من 15 ألف زائر من مناطق مثل كلباء، رأس الخيمة، والفجيرة. هذا التدفق يُنشط قطاعات متعددة: المطاعم تحقق مبيعات تزيد بنسبة 70%، والأسواق الشعبية تبيع أكثر من 2000 وحدة من المنتجات المحلية، والفنادق تصل إلى طاقتها القصوى. لم يعد هذا مجرد احتفال وطني — بل هو محرك اقتصادي صغير، يُعيد توزيع الدخل داخل المجتمع.
الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، الذي يشغل منصبه منذ 2020، لم يحضر فقط كممثل رسمي — بل كواحد من أبناء المنطقة. وهو يُشارك سنوياً، ليس لأنه مُطالب، بل لأنه يشعر أن هذا اليوم يخصه كإنسان، لا كمسؤول.
ما الذي سيأتي بعد 2 ديسمبر؟
الاحتفالات تنتهي، لكن الآثار تستمر. مجلس شباب خورفكان يخطط لمشروع "أبناء الاتحاد"، يهدف إلى توثيق قصص العائلات التي عاشت في أكثر من إمارة قبل 1971. كما تدرس بلدية خورفكان إنشاء متحف متنقل يجوب المدارس، يحكي عن تأسيس الدولة من منظور الأطفال.
هذا العام، لأول مرة، تم تسجيل كل فعالية بجودة 4K، وستُنشر على منصات رقمية تابعة لإمارة الشارقة. الهدف؟ أن يرى كل طفل في دولة الإمارات، حتى في أبعد قرية، أن خورفكان لم تكن مجرد مكان — بل كانت نموذجاً.
أسئلة شائعة
كيف تختلف احتفالات خورفكان عن باقي مدن الشارقة؟
بينما تركز مدن أخرى على العروض العسكرية أو المهرجانات الكبرى، تتميز خورفكان بدمجها العميق للتراث البحري والمشاركة المجتمعية. المسيرة البحرية، وجلسة الحوار الشبابي، ومشاركة الأسر المنتجة من المناطق النائية — كلها عناصر فريدة لا تُرى بنفس الطريقة في دبي أو الشارقة المدينة. هذا التميز يعكس تنوع السكان وطبيعة المدينة الساحلية.
لماذا تم اختيار مدرج خورفكان كموقع رئيسي للاحتفالات؟
مدرج خورفكان يقع على تلة تطل على خليج عمان، مما يوفر إطلالة طبيعية تُضاعف من تأثير العروض. كما أنه مُصمم لاستيعاب أكثر من 10 آلاف شخص، وهو الأكبر في المنطقة الشرقية. لكن الأهم أنه رمز للانفتاح — فمنذ افتتاحه عام 2017، استضاف فعاليات ثقافية متنوعة، مما جعله مسرحاً طبيعياً للوحدة.
ما تأثير هذه الاحتفالات على الاقتصاد المحلي؟
تشير بيانات بلدية خورفكان إلى أن الاحتفالات تزيد من حركة البيع في الأسواق الشعبية بنسبة 70%، وترفع إيرادات المطاعم والنقل المحلي بأكثر من 65% خلال يومي الاحتفال. كما أن تدفق الزوار يدعم مئات الأسر المنتجة التي تبيع منتجاتها، مما يعزز الاقتصاد غير الرسمي بطريقة مستدامة.
هل هناك خطط لتوسيع الفعاليات في السنوات القادمة؟
نعم، تخطط اللجنة المنظمة لإطلاق مبادرة "أصوات الاتحاد"، تجمع تسجيلات صوتية من أبناء الإمارات من مختلف الأجيال، تُعرض في متحف رقمي. كما يُتوقع إدخال عرض ضوئي متكامل على جبال خورفكان، يُحاكي تاريخ الاتحاد من 1971 حتى اليوم، باستخدام تقنيات الواقع المعزز.
من هم الجهات المشاركة في الاحتفالات؟
شارك 33 جهة حكومية واتحادية، من بينها دائرة الثقافة والإعلام، هيئة الشارقة للسياحة، بلدية خورفكان، ووزارة الداخلية. لم تُنشر القائمة الكاملة، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى مشاركة هيئات مثل دائرة التفتيش الصحي، ومؤسسة خورفكان للتنمية المجتمعية، ومركز شرطة خورفكان، مما يدل على تكامل الأدوار في إنجاح الفعالية.
ما الذي يجعل فؤاد عبد الواحد مميزاً في هذه الأمسية؟
فؤاد عبد الواحد، وهو من أبناء خورفكان، لم يسبق أن غنى على خشبة المدرج في فعالية رسمية، رغم شهرته في المهرجانات المحلية. مشاركته كانت رمزية: شاب من المدينة يعود ليغني للوطن في المكان الذي ترعرع فيه. هذا لم يكن مجرد أداء — كان عودة، واعتراف، وتكريم للجذور.
Abdeslam Aabidi
يا جماعة، شفتوا المسيرة البحرية؟ والله ما خيّللي أني شايف هيك مشهد في حياتي. القوارب اللي تمشي ببطء والأعلام ترفرف، والأطفال يرقصوا على الشاطئ... هذا مو احتفال، هذا دماغنا بيحلم بس صار واقع. أنا من مصر، وعندنا احتفالات كتير، لكن هنا الشعور مختلف. مش بس فخر، ده انتماء حقيقي.
Nouria Coulibaly
يا ريت كل دولة تفهم هالمعنى! شوفوا كيف الشباب بيحكيوا بصدق، وفؤاد عبد الواحد اللي غنى لأول مرة على مسرح مدينته؟ هذا هو اللي يغير العالم، مو العروض الضخمة! أنا من الجزائر، وعندنا ناس كتير تنسى إن الاتحاد مو مجرد تاريخ، هو حياة يومية. خورفكان علّمتنا إزاي نعيش الوحدة، مو نحتفل بيها فقط!
adham zayour
يا جماعة، خليني أقول لكم الحقيقة: كل سنة نسمع نفس الكلام عن "الوحدة" و"الانتماء"، ونمشي على نفس الزينة، ونصور نفس القوارب، ونقول إنها "رسالة". بس في خورفكان، لو تمشي في الشارع بعد الاحتفال، تلاقي نفس اللي كان يرقص على الشاطئ، بيعمل في مطعم بس براتب 1500 درهم. هل الاتحاد بيعملهم يأكلوا؟ أم بس بيعملهم يصوروا؟
بس... بس لو سألت الطفل اللي كان يلوح بالعلم، وسألته "ليش؟"، ما راح يقولك "الدولة"، راح يقولك "أمي قالت إننا نحن واحد". وده بس كفاية. أنا متشنج، بس مش مخطئ.
Ali al Hamidi
هذا ليس احتفالًا عابرًا، بل هو ترجمة حية لمعنى "الاتحاد" كما لم يُفهم في أي مكان آخر. في سوريا، نحن نُضيع سنوات في التفكير في "من يحكم؟"، بينما هنا، يُبنى الوطن من أسفل، من قارب صغير، من بيت أسرة منتجة، من شاب يغني لأول مرة على مسرح مدينته. لا أحد يفرض وحدة هنا، بل يُولد من التفاصيل: من لهجة الأم، من طعم السمك المدخن، من صوت النشيد الذي يُسمع من مكبرات قوارب لا تملك إلا ألوان العلم. هذا ليس تزيينًا، هذا هو البناء الحقيقي. خورفكان ليست مدينة، إنها نموذجٌ مصغر لدولة لا تُبنى بالقوانين، بل بالقلوب التي تختار أن تبقى معًا.