إمارات تُعلن طلبية ضخمة بـ20.2 مليار دولار لـ65 طائرة بوينغ 777-9 لتوسيع أسطولها

إمارات تُعلن طلبية ضخمة بـ20.2 مليار دولار لـ65 طائرة بوينغ 777-9 لتوسيع أسطولها

في قرار يُعيد تشكيل خريطة الطيران العالمي، أعلنت إمارات يوم 17 نوفمبر 2025، خلال معرض دبي الجوي، عن طلبية ضخمة لـ65 طائرة من طراز بوينغ 777-9، بقيمة تصل إلى 20.2 مليار دولار أمريكي. هذا ليس مجرد شراء جديد — بل هو تأكيد على التزام طويل الأمد بشركة بوينغ، وعلامة فارقة في سعي إمارات للحفاظ على صدارتها كأكبر شركة طيران دولية في العالم. الأرقام تتحدث عن نفسها: هذه الطلبية ترفع إجمالي طلبيات إمارات من طائرات 777X إلى 270 طائرة، مما يجعلها العميل الأكبر عالميًا لهذا الطراز، الذي يُعدّ أكبر طائرة ثنائية المحركات على الإطلاق.

الالتزام الاستراتيجي مع دبي

قال الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس ورئيس تنفيذي إمارات ومجموعة إمارات: "نحن بالفعل أكبر مشغّل للطائرة بوينغ 777 في العالم، ونُعزّز اليوم التزامنا بهذا البرنامج بطلبية إضافية لـ65 طائرة 777-9. هذا التزام طويل الأمد ليس فقط مع بوينغ، بل مع مستقبل الطيران الأمريكي، ومع خطط دبي للنمو."

التفاصيل ليست فقط رقمية. كل طائرة تم طلبها مُخطّط لها بعناية ضمن خطة نمو إمارات التي تتماشى مع تطور دبي كمركز عالمي للنقل والسياحة. وعندما تدخل هذه الطائرات الخدمة، ستُغيّر تجربة المسافر تمامًا: مقصورات أوسع، رطوبة أفضل، رحلة أكثر سلاسة، وإضاءة طبيعية تقلل التعب. وحتى تقليل استهلاك الوقود بنسبة 20% مقارنة بالطائرات التي تستبدلها — ليس مجرد رقم تقني، بل هو تحوّل بيئي واقتصادي.

ردود فعل بوينغ وشراكة تستمر لأربعة عقود

من جهتها، قالت ستيفاني بوب، الرئيسة والرئيسة التنفيذية لشركة بوينغ للطائرات التجارية: "نحن مُكرّمون أن تختار إمارات طائرات 777X لدفع مستقبلها، وهي التي نمت معنا على مدى 40 عامًا لتصبح واحدة من أبرز شركات الطيران في العالم."

هذه الشراكة ليست حديثة. بدأت في أوائل التسعينات، ونمت مع كل رحلة من دبي إلى نيويورك، إلى سيدني، إلى سان فرانسيسكو. اليوم، تتجاوز هذه العلاقة مجرد بيع طائرات — إنها بناء بنية تحتية جوية مشتركة. وعندما تُسلّم الطائرات الجديدة بين عامي 2027 و2030، ستكون جزءًا من أسطول يُعدّ الأحدث والأكثر كفاءة على الإطلاق.

تحديات تشغيلية وقرارات صعبة في شبكة الوجهات

تحديات تشغيلية وقرارات صعبة في شبكة الوجهات

لكن هذا التوسع لا يأتي في فراغ. ففي يونيو 2025، اضطرت طائرة إمارات من طراز 777-300، بقيمة 375 مليون دولار، للهبوط الطارئ في طهران بعد أن دخلت المجال الجوي الإيراني في لحظة توتر أمني مع إسرائيل. بقيت الطائرة مُحتجزة لأكثر من ثلاثة أسابيع، حتى تمكّن الطاقم من إعادتها إلى دبي في 5 يوليو 2025، بعد فحص دقيق من المهندسين. كانت لحظة صعبة، لكنها كشفت عن قدرة إمارات على التكيف في بيئات سياسية معقدة.

وبينما أعادت إمارات تشغيل رحلات إلى دمشق في 16 يوليو 2025 — بعد 13 عامًا من التوقف — قررت في 15 نوفمبر 2025 إيقافها مرة أخرى، بناءً على مراجعة تشغيلية. القرار لم يكن سياسيًا فقط، بل اقتصاديًا: تخصيص الموارد لطرازات أكثر ربحية، مثل 777-9، في وجهات ذات طلب أعلى.

وفي يونيو، هبطت طائرة إمارات من طراز A380 في مطار جون كينيدي في نيويورك بعد تعطل محرك، لكنها هبطت بأمان. كل هذه الحوادث — من الهبوط الطارئ إلى الاحتجاز الجوي — لم تُضعف الثقة، بل زادت من تعقيد خطة التوسع.

الترقية الكبرى ومستقبل الرحلة

لا يقتصر التحديث على الطائرات الجديدة. من أغسطس 2026، ستبدأ إمارات برنامجًا لترقية 111 طائرة من أسطولها، تشمل تحديثًا كاملًا لنظام الترفيه، وتحسينات في الخدمة، ومواد جديدة في المقاعد. وفي 1 فبراير 2026، ستُطلق أول رحلة لطائرة إمارات من طراز A350 إلى مونتريال، مما يفتح سوقًا جديدًا في كندا.

الرسالة واضحة: إمارات لا تبني أسطولًا فقط، بل تبني تجربة. تجربة تجمع بين التكنولوجيا، والراحة، والقدرة على التكيف مع الأزمات.

ما الذي ينتظرنا؟

ما الذي ينتظرنا؟

الآن، تنتظر إمارات تسليم أول طائرة 777-9 في 2027. وبحلول 2030، ستكون 100 طائرة من هذا الطراز في الخدمة. وفي المقابل، تُعيد بوينغ تشكيل خطوط إنتاجها لمواكبة الطلب. وربما تكون هذه الطلبية نقطة تحول في صناعة الطيران — ليس فقط لأنها كبيرة، بل لأنها تأتي في وقت يبحث فيه العالم عن حلول مستدامة، وموثوقة، وذكية.

أسئلة شائعة

كيف ستؤثر طائرات 777-9 الجديدة على تجربة المسافر؟

ستقدم طائرات 777-9 مقصورات أوسع بنسبة 15% مقارنة بالطرازات السابقة، مع رطوبة محسّنة تقلل الجفاف، وإضاءة طبيعية تُقلل التعب، ونظام تهوية متطور. كما أن تقليل الضوضاء يُحسّن جودة النوم خلال الرحلات الطويلة. هذه التحسينات ليست ترفًا — بل تهدف لجعل رحلة دبي إلى لوس أنجلوس أو سيدني أكثر راحة من أي وقت مضى.

لماذا اختارت إمارات بوينغ 777-9 بدلًا من طائرات منافسة مثل إيرباص A350؟

رغم أن إيرباص تقدم طائرات ممتازة، فإن 777-9 يتفوق في السعة والكفاءة على المسارات الطويلة التي تخدمها إمارات — خاصةً إلى أمريكا الشمالية وأستراليا. كما أن العلاقة التاريخية مع بوينغ، وسهولة دمجها في الأسطول الحالي، وتكلفة الصيانة الأقل على المدى الطويل، جعلت القرار واضحًا. الطائرة مصممة خصيصًا لاستبدال أسطول 777-300ER القديم.

ما تأثير هذه الطلبية على الاقتصاد الإماراتي؟

الطلبية تدعم أكثر من 12,000 وظيفة مباشرة في قطاع الطيران الأمريكي، وتدعم صناعات موردين إماراتيين مثل الصيانة والخدمات اللوجستية. كما أنها تعزز مكانة دبي كمركز عالمي للطيران، وتشجع الاستثمارات الأجنبية في البنية التحتية الجوية. كل طائرة تُسلّم تعني تدفقًا جديدًا للسياح والشركات — وهو ما يدعم رؤية دبي 2040.

هل هناك مخاطر جيوسياسية تهدد هذا الاستثمار؟

بالتأكيد. فمثلًا، احتجاز طائرة في طهران عام 2025 أظهر أن الطائرات قد تُصبح أدوات سياسية. لكن إمارات تمتلك خبرة في إدارة هذه المخاطر عبر سياسات مرنة: تغيير المسارات، التفاوض مع السلطات، أو حتى تأجيل الرحلات. الطلبية تُوزّع على سنوات، مما يمنحها مرونة في التكيف مع أي تطورات مستقبلية.

متى ستبدأ الطائرات الجديدة بالعمل؟

أول طائرة 777-9 من المقرر أن تُسلّم في أواخر 2027، وستبدأ بالعمل في خطوط الرحلات الطويلة مثل دبي-نيويورك ودبي-سيدني. سيتم تدريجيًا استبدال الطائرات الأقدم، مع وصول 100 طائرة إلى الخدمة بحلول 2030. هذا التوقيت متوافق مع انتهاء عمر الطائرات الحالية، وزيادة الطلب على السفر بين آسيا وأمريكا الشمالية.

ما تأثير هذا القرار على سوق الطيران العالمي؟

هذا القرار يُرسل إشارة قوية للمنافسين: أن الطيران المستدام والكفاءة هما المعيار الجديد. إيرباص وشركات أخرى قد تضطر لتسريع تطوير طائرات جديدة أو خفض الأسعار. كما أن تقليل الانبعاثات بنسبة 20% يُحدث ضغطًا على الصناعة لتبني معايير بيئية أشد صرامة — خاصة في ظل قوانين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تفرض ضرائب على الكربون.