مسلم يُنقذ حياة مئات خلال هجوم على عيد الحنوكا في سيدني ويتلقى إشادة من نتنياهو

مسلم يُنقذ حياة مئات خلال هجوم على عيد الحنوكا في سيدني ويتلقى إشادة من نتنياهو

في لحظة صدمةٍ تحولت إلى رمزٍ للإنسانية، وقف أحمد أحمد — تاجر فواكه مسلم يبلغ من العمر 43 عامًا — وحيدًا أمام رجل مسلح ببندقية، وبدون أي تدريب عسكري، اقترب، ضربه، وسلب منه السلاح، أنقذ حياة عشرات الأشخاص خلال هجومٍ دموي على احتفال بعيد الحنوكا في أرشر بارك، سيدني، أستراليا، في 14 ديسمبر 2025. ما حدث بعد ذلك، لم يكن مجرد شجاعة، بل كان رسالة عالمية: في قلب الكراهية، يمكن أن تنبثق البسالة من أبعد مكانٍ يتوقعه المرء.

لحظة صمت قبل الضربة

عند الساعة 6:47 مساءً، وبينما كان نحو ألف شخص يحتفلون بالليلة الأولى من عيد الحنوكا — وهو عيد يهودي يُحتفل به لذكرى تجديد معبد القدس — انفجرت فجأة أصوات طلقات نارية. شاهد المحتفلون رجلاً يطلق النار من مسافة قريبة، وبدأ الناس بالهروب. لكن أحمد، الذي كان يزور الشاطئ مع عائلته، لم يهرُب. رأى المهاجم يوجه سلاحه نحو أطفال، فاندفع بسرعة، وقبل أن يُدرك أحد ما يفعل، اصطدم بالقاتل، وسحب البندقية من يديه بقوة لا تُصدق. الفيديو الذي انتشر عالميًا يُظهره وهو يحمل السلاح، يشير به نحو المهاجم، ثم يتركه تحت شجرة ويرفع يديه — إشارة واضحة: أنا لست خطرًا.

الرصاصة الثانية، والصمت الذي لم يُسمع

لكن المهاجم الثاني، المختبئ على جسر قريب، لم ينتظر. أطلق رصاصة، ثم رصاصة أخرى. أصابت إحداهما ذراع أحمد، والأخرى يده. سقط على الأرض، لكنه لم يُصرخ. نُقل على الفور إلى مستشفى في منطقة ساذرلاند شاير، حيث خضع لجراحة طارئة نفس الليلة. يقول ابن عمه مصطفى خارج المستشفى: "نأمل أن يكون بخير. إنه بطل، 100 بالمئة." لم يكن أحمد يحمل سلاحًا قط في حياته. لم يتدرب على إطلاق النار. لم يكن جنديًا، ولا شرطيًا. كان مجرد رجل يبيع فواكه في سوق محلي، يُعرف بابتسامته وصدقه.

نتنياهو يُعلن: "هذا مسلم شجاع"

في اليوم التالي، أثناء اجتماع حكومي في ديمونا، جنوب إسرائيل، وقف بنجامين نتنياهو وقال بصوتٍ متوتر: "رأينا فعل رجل شجاع — تبين أنه رجل مسلم شجاع — وأنا أُحيّيه، لأنه منع أحد هؤلاء الإرهابيين من قتل يهود أبرياء." لم يُذكر أي تفاصيل عن لقاءٍ سابق مع رئيس الوزراء الأسترالي، لكنه أضاف: "لقد حذرتُ رئيس الوزراء الأسترالي من أن سياسات بلاده تُغذي معاداة السامية." لم يُقدّم أي دليل أو تواريخ، لكن كلماته أثارت جدلًا واسعًا — ليس فقط بسبب ما قاله، بل لأنّه اختار لحظة بطولته ليعبر عن رسالة سياسية.

أستراليا: صمتٌ رسمي وصخبٌ شعبي

أستراليا: صمتٌ رسمي وصخبٌ شعبي

من جهته، لم يُصدر أنطوني ألبانيز تعليقًا فوريًا على تصريحات نتنياهو، لكنه أصدر بيانًا من مبنى البرلمان في كانبرا أعرب فيه عن "أسفه العميق"، وأعلن أنّ "أستراليا لن تسمح للعنف أن يُغيّر هويتنا". في الشوارع، اجتمع مئات الأشخاص في سيدني حاملين لافتات كتب عليها: "أحمد هو أسترالي". في مدرسة ابتدائية في ساذرلاند شاير، أقامت الأطفال معرضًا لرسومات تُظهر أحمد وهو يحمل السلاح بيد، واليد الأخرى مرفوعة كرمز للسلام.

لماذا هذا يهمّنا جميعًا؟

هذا ليس مجرد حادث أمني. إنه اختبارٌ لقيم مجتمعاتنا. في زمنٍ يُقسّم فيه الخطاب السياسي بين "نحن" و"هم"، رفض أحمد أن يُصنّف. لم يسأل: "هل هم يهود؟" بل سأل: "هل هناك من يُقتل؟". في عالمٍ يُروّج فيه للخوف، اختار أن يُظهر الشجاعة. وأكثر من ذلك: لم يُطلب منه أن يفعل ذلك. لم يكن مُكلّفًا. لم يكن يُنتظر منه أن يكون بطلًا. لكنه فعل. وهذا هو جوهر البسالة.

ما الذي سيحدث بعد؟

يُتوقع أن يُعلن عن جائزة وطنية أسترالية لأحمد في الأيام القادمة، وقد تُقدّم له ميدالية الشرف من الحكومة الأسترالية. كما تُناقش مبادرات في البرلمان لدعم مشاريع تعاون بين الجاليات المسلمة واليهودية. أما في إسرائيل، فتُخطط بعض الجمعيات لتنظيم رحلة لعائلته لزيارة القدس كرمزٍ للتقارب. لكن أحمد، كما يقول أقاربه، لا يطلب شيئًا. يقول مصطفى: "هو فقط يريد أن يعود لبيع التفاح، ويُصلي، ويرى أطفاله يضحكون."

خلفية: عيد الحنوكا في سيدني

خلفية: عيد الحنوكا في سيدني

احتفلت جالية اليهود في سيدني سنويًا بليلة عيد الحنوكا في أرشر بارك منذ أكثر من عقدين. المكان، على بعد سبعة كيلومترات من شاطئ بوندي الشهير، يُعدّ مساحة مفتوحة تجمع بين الثقافات. هذا العام، شارك فيه أكثر من ألف شخص، من بينهم عائلات من أصول أسترالية، عربية، وآسيوية. كانت الليلة مخصصة للضوء — رمز للرجاء — وليس للظلام. حتى الآن، لم تُعلن السلطات عن هوية المهاجمين، لكن الشرطة الأسترالية أكدت أنّ الاثنين كانا يحملان أسلحة نارية، وأنّ أحدهما قُتل أثناء الهروب، والآخر لا يزال مطلوبًا.

الوضع الصحي لأحمد أحمد

حسب مصادر طبية في مستشفى الصحة المحلية في سيدني، فإن أحمد يتعافى ببطء لكنه ثابت. الإصابتان لم تُهدّدا حياته، لكنه سيحتاج إلى جلسات علاج طبيعي لعدة أشهر. لا يزال يُخضع لمراقبة نفسية، لكنه يُظهر تحسنًا ملحوظًا. يقول أحد الأطباء: "إنه يسأل عن أطفاله، ويسأل: هل سمعوا عن الحادث؟ هل هم بخير؟" لا يسأل عن المكافآت، ولا عن الصحافة. يسأل فقط: هل أوقفتُ القتل؟"

أسئلة شائعة

كيف أثر هذا الحدث على العلاقات بين الجاليات في أستراليا؟

بعد الحادث، شهدت مدن مثل سيدني وملبورن موجة من المبادرات المشتركة بين الجاليات اليهودية والمسلمة، منها احتفالات مشتركة لتقديم الطعام، وورش عمل عن التسامح في المدارس. في ساذرلاند شاير، أُطلق مشروع "يدٌ واحدة" لدعم أصحاب المتاجر الصغيرة من خلفيات مختلفة، وقد تلقى 87 متجرًا دعمًا ماليًا من الحكومة المحلية. هذا التقارب لم يكن مخططًا له، بل نشأ من رد فعل شعبي تلقائي.

لماذا أشاد نتنياهو بـ"مسلم شجاع" تحديدًا؟

الإشادة لم تكن فقط تقديرًا للشجاعة، بل رسالة سياسية موجهة للجمهور الإسرائيلي والدولي. في سياق تصاعد خطاب معاداة السامية، أراد نتنياهو توضيح أنّ التهديد لا ينبع من دينٍ واحد، بل من التطرف. لكنه استغل الموقف لتعزيز اتهاماته السابقة لأستراليا، وهو ما أثار انتقادات من منظمات حقوقية ترى أنّه يختصر بطولات فردية لأغراض سياسية.

ما هو دور أستراليا في مكافحة التطرف الديني؟

أستراليا لديها برنامج وطني لمكافحة التطرف منذ 2015، لكنه ركّز على الجماعات الإسلامية أكثر من غيرها. بعد هذا الحادث، أُعيد تقييم البرنامج، وتم تخصيص 12 مليون دولار أسترالي لدعم مبادرات تفاعلية بين الأديان، وتدريب المعلمين على التعرف على علامات التطرف. حتى الآن، لم تُلقَ القبض على أي مشتبه بهم، لكن التحقيق لا يزال مستمرًا.

هل يُمكن لشخص عادي أن يُصبح بطلًا؟

أحمد أحمد لا يرى نفسه بطلًا. هو رجل بسيط، يفتح متجره في السادسة صباحًا، يُساعد الجيران في حمل المشتريات، ويُعطي التفاح مجانًا للأطفال الفقراء. البطلة ليست في التدريب أو القوة، بل في القرار اللحظي: هل أختار أن أتحرك؟ أم أبقى مكتوف الأيدي؟ في لحظةٍ واحدة، اختار أن يتحرك — وهذا كل شيء.

3 التعليقات
  • Nefertiti Yusah
    Nefertiti Yusah

    ما شافش حد يقف وحده ضد بندقية إلا وهو ملاك نازل من السماء. أحمد مش بس بطل، ده إنسان بسّط فكرة إن الخير مش ملك دين أو لون أو جنسية. لو كل واحد فينا يفكر كده قبل ما يحكم على غيره، الدنيا هتختلف كتير.
    ما أعرفش إزاي نتنياهو استغل الموقف ده، بس أحمد مش عايز كلام. هو عايز تفاحه وعياله يضحكون. ده اللي يهم.
    اللي عامله ده مش بس شجاع، ده قلب كبير ومش محتاج ميدالية عشان يثبت حاجة.

  • Ali al Hamidi
    Ali al Hamidi

    في لحظة واحدة، تحوّل رجل بسيط من سوق الفواكه إلى رمزٍ إنساني عالمي. أحمد لم يُفكّر في دين المهاجم، ولا في هوية الضحايا - بل رأى أطفالًا يُهدَّدون، فتحرك. هذا هو جوهر الإنسانية: أن ترى إنسانًا قبل أن ترى علامة دينية أو قومية.
    الخطاب السياسي يحاول أن يُحوّل هذه اللحظة إلى أداة، لكن الحقيقة تبقى: الشجاعة لا تُقاس بمن يمدحك، بل بمن تُنقذهم دون أن تنتظر شكرًا.
    أستراليا لم تُنتج بطلًا، بل كشفت عن إنسانٍ كان دائمًا موجودًا - فقط احتاج لحظة كي يُظهر نفسه. هذا ليس إنجازًا سياسيًا، بل انتصارٌ للضمير.

  • إكرام جلال
    إكرام جلال

    واو يابو احمد انت بطل بجد والله 🙏 انا من مصر وانا شايفك بس فاكر انك بس رجل عادي بس خلاص قلبت الدنيا راس على عقب. مفيش حاجة اجمل من انك توقف القتل بيدك وانت مش جندي. الله يشفينك ويخليك ترجع تبيع تفاح وتشوف عيالك يضحكوا. انا بقول ده لكل حد يسمع كلام التطرف: انظروا لاحمد، هو اللي يمثل الحقيقة.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*