الكويت تسحب جنسية الداعية طارق السويدان بسبب انتمائه للإخوان

الكويت تسحب جنسية الداعية طارق السويدان بسبب انتمائه للإخوان

في خطوة أثارت موجة من التساؤلات حول الحدود بين الدين والسياسة، أصدر أمير الكويت مشعل الأحمد الصباح مرسوماً أميرياً في 7 ديسمبر 2025 يقضي بسحب الجنسية الكويتية من الداعية الإسلامي طارق محمد الصالح السويدان، ومن اكتسبوا الجنسية معه بطريقة التبعية. القرار، الذي وافق عليه مجلس الوزراء بعد عرضه من النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، يُعد أحد أشد الإجراءات الأمنية التي تتخذها الكويت ضد شخصيات ذات تأثير ديني-سياسي، ويربطه المراقبون مباشرة بانتماء السويدان لـجماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها بعض الدول العربية كمنظمة إرهابية.

المرسوم والأدلة: لا تفسير رسمي، لكن الإشارات واضحة

المرسوم لم يذكر سبباً صريحاً، لكنه حدد بوضوح: "سحب الجنسية الكويتية من طارق محمد الصالح السويدان ومن اكتسبها معه بطريقة التبعية". هذا النص الدقيق، الذي نشره الناشط محمد فهد على منصة X (تويتر) مرفقاً بصورة رسمية للمرسوم، أضاف وسماً مثيراً: #أخوان_مريم — إشارة مباشرة إلى انتماء السويدان للتيار الإخواني، وهو ما أكده تقرير قناة RT العربية في نفس اليوم، كما تأكدته قناة العربية عبر مقطع يوتيوب شورتس من نشرة الرابعة.

في الكويت، لا يُصدر المرسوم الأميري إلا في قضايا تمس الأمن الوطني أو المصلحة العامة، وهو أعلى مستوى تشريعي يمكن أن تصل إليه قرارات الدولة. هذا لا يعني أن السويدان ارتكب جريمة جنائية مُثيرة للشبهات — فلم تُذكر أي ملاحقات قضائية سابقة ضده، ولا تفاصيل عن مدة إقامته، ولا حتى عدد من سُحبت جنسيتهم معه. لكن السياق يتحدث بصوت أعلى من الوثيقة: الكويت تُجري مراجعة شاملة لقضايا الجنسية منذ أكثر من عقد، بعد كشف تحقيقات استمرت 9 سنوات عن أضخم عملية تزوير للجنسية في تاريخ الكويت، امتدت لأكثر من 50 عاماً، وشملت ازدواجية الهوية، وإضافة أبناء وهميين، وانتحال أسماء.

طارق السويدان: من الداعية إلى القيادي المُستهدف

طارق السويدان، الذي يُقدّر عمره بحوالي 65 عاماً، لم يُذكر في أي مصدر أنه يحمل جنسية أخرى، لكنه كان من أبرز الوجوه الإعلامية للتيار الإسلامي في الخليج. بدأ مسيرته كداعية في مساجد الكويت، ثم انتقل إلى التلفزيون، حيث أصبح وجهًا معروفًا عبر قنوات مثل الجزيرة والعرب، يُقدم برامج تحليلية تربط بين الدين والسياسة، وغالباً ما ينتقد الأنظمة العربية التقليدية. لم يُصدر أي تصريح رسمي منه منذ نشر المرسوم — لا تأييد، ولا احتجاج. هذا الصمت يُفسّر كإشارة على أنه يُعامل كمُشكلة أمنية، وليس كشخصية قابلة للحوار.

اللافت أن السويدان لم يُدان قط في محكمة كويتية، ولا توجد أحكام قضائية ضده. لكنه يُعتبر رمزاً لـالانتماء غير المقبول في سياق تحوّل سياسي أوسع: الكويت، التي كانت يوماً مركزاً للحريات النسبية في الخليج، تُعيد تعريف حدود الانتماء الوطني. والمرسوم ليس عقوبة فردية — بل رسالة جماعية: لا مكان لمن يُستخدم كأداة لتأجيج الانقسامات، حتى لو كان يتحدث باسم الدين.

السياق الأوسع: مراجعة الجنسية كأداة سياسية

السياق الأوسع: مراجعة الجنسية كأداة سياسية

الكويت ليست الوحيدة التي تستخدم سحب الجنسية كوسيلة سياسية، لكنها الأدق في تطبيقها. منذ 2017، سحبت الحكومة الجنسية من أكثر من 700 شخص، معظمهم من ذوي الأصول الفلسطينية أو السورية، بتهمة "الانتماء لجماعات مُصنفة إرهابية". لكن في حالة السويدان، الملف مختلف: هو كويتي الأصل، يحمل شهادة جامعية من جامعة الكويت، ونشأ في بيئة دينية تقليدية. فلماذا الآن؟

الإجابة تكمن في التحول الاستراتيجي الذي تشهده الكويت منذ 2020: تقليل التأثير الخارجي، وتعزيز الهوية الوطنية الموحّدة. التحقيقات التي كشفت عن تزوير الجنسية لأكثر من نصف قرن لم تكن مجرد فساد إداري — بل كانت خطة منظمة لزرع نفوذ سياسي عبر الجوازات. والسويدان، بصفته قيادياً في شبكة إخوانية عابرة للحدود، يُنظر إليه كجزء من نفس الخطة: تأسيس قاعدة داخلية تخدم أجندات خارجية.

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

لا توجد معلومات عن إجراءات قانونية ملموسة بعده. هل سيُمنع من دخول الكويت؟ هل ستُصادر ممتلكاته؟ هل سيُلاحق في الخارج؟ لا أحد يعرف. لكن المؤكد أن قراراً كهذا يُرسل إشارات إلى عشرات الدعاة والناشطين في المنطقة: حتى لو لم تُجرم أفكارك، يمكن أن تُجرم هويتك.

السويدان لم يُحاكم، لكنه أُزيل. هذا ليس انتهاكاً للقانون — بل هو تطبيقه بطريقة تُعيد تعريف ما يعنيه أن تكون "كويتيًا" في عصر الأمن المطلق. والسؤال الذي يُطرح الآن: هل سينتهي الأمر معه؟ أم أن المرسوم هو مقدمة لسلسلة من القرارات المشابهة؟

ما تأثير هذا القرار على المجتمع الكويتي؟

ما تأثير هذا القرار على المجتمع الكويتي؟

القرار أثار جدلاً واسعاً بين المواطنين. بعضهم رحب به كـ"حماية للهوية الوطنية"، بينما اعتبره آخرون "خطوة تُخيف المثقفين وتُضيّق الخناق على الحريات". في المدن، تشهد المجموعات الدينية تردداً في الحديث عن السياسة، حتى في المجالس الخاصة. وبدون تصريحات رسمية من السويدان، تبقى الصورة غامضة — لكن التأثير النفسي واضح: الخوف من التبعية، حتى لو كانت مجازية.

أسئلة شائعة

لماذا لم يُذكر سبب محدد لسحب الجنسية في المرسوم؟

المراسيم الأميرية في الكويت تُصدر بناءً على مبررات أمنية، ولا تُلزم بذكر التفاصيل العلنية لحماية المصادر والإجراءات. لكن السياق الإعلامي، مثل هاشتاغ #أخوان_مريم وتحليلات RT العربية، يشير بوضوح إلى أن الانتماء للإخوان المسلمين هو العامل الحاسم. هذا ليس استثناءً — ففي قضايا مشابهة، تُستخدم نفس الطريقة لتجنب المواجهات القانونية المباشرة.

كم عدد الأشخاص الذين سُحبت جنسيتهم مع طارق السويدان؟

لم تُنشر أية أرقام رسمية، لكن "الطريق التبعي" يعني عادةً الزوجة، الأطفال القُصّر، وأحياناً الوالدين إذا كانوا مقيمين بشكل دائم. في حالات سابقة، كان العدد يتراوح بين 3 و10 أشخاص لكل حالة. لكن في حالة السويدان، حيث لا يُعرف إن كان متزوجاً أو له أبناء مسجلون ككويتيين، لا يمكن التأكيد على العدد — وهو ما يزيد من غموض القرار.

هل يمكن لطارق السويدان الطعن على هذا القرار؟

قانونياً، لا يمكنه الطعن أمام المحاكم الكويتية، لأن المرسوم الأميري يُعدّ نهائياً ولا يخضع للطعن القضائي. لكنه قد يلجأ إلى محاكم دولية، مثل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إذا كان يحمل جنسية أخرى أو يقيم في دولة تسمح بذلك. حتى الآن، لم يُعلن عن أي خطوة قانونية من طرفه، مما يشير إلى أنه قد يُعامل كشخص غير مرغوب فيه، وليس كمتهم.

كيف يرتبط هذا القرار بفضيحة تزوير الجنسية؟

التحقيقات التي كشفت عن تزوير الجنسية لأكثر من 50 عاماً، والتي تضمنت إضافة أبناء وهميين وانتحال أسماء، أظهرت أن بعض الجماعات استخدمت الجنسية كأداة لتوسيع نفوذها. السويدان، رغم أنه كويتي أصلي، يُنظر إليه كرمز لـ"الاستيلاء القيادي" على الهوية الوطنية من خلال التأثير الديني. القرار إذن ليس ضد التزوير فقط، بل ضد توظيف الجنسية كوسيلة لتمكين تيارات سياسية معارضة.

هل سيُطبق هذا النمط على دعاة آخرين؟

نعم، وربما بالفعل بدأ. مصادر مطلعة تشير إلى أن هناك ملفات مغلقة لـ5 دعاة آخرين يُشتبه في انتمائهم لتيارات إخوانية، وتم تجميد إجراءات تجديد إقاماتهم. القرار ضد السويدان هو "نموذج تجريبي" — إذا لم يُثار رد فعل دولي قوي، فسيُستخدم كقاعدة لاحقة. الكويت لا تريد صراعاً، لكنها لا تقبل أي تهديد، حتى لو كان رمزياً.

4 التعليقات
  • Ali al Hamidi
    Ali al Hamidi

    هذا القرار ليس ضد طارق السويدان فقط، بل ضد أي صوت يُحاول أن يربط الدين بالسياسة بطريقة لا تخدم المشروع الوطني. الكويت كانت دوماً ملاذاً للحريات، لكن الحرية لا تعني الفوضى. عندما تُستخدم المساجد كمقرات لتنظيمات عابرة للحدود، ويُروّج لخطاب يُمزق النسيج الاجتماعي باسم الدين، فإن الدولة لا تملك خياراً سوى أن تحمي نفسها. السويدان لم يُحاكم لأنه لم يُرتكب جريمة جنائية، لكنه كان يُمارس جريمة سياسية بأسلوب ديني. هذا المرسوم ليس قمعاً، بل هو تطهير.

    الناس تنسى أن الكويت لم تُسحَب جنسيات من فراغ. بعد عقد من التحقيقات التي كشفت أن نصف مُسجلين في الجوازات ليسوا كويتيين أصلاً، أصبح من الواضح أن هناك خطة منظمة لزرع نفوذ. السويدان كان رمزاً لهذه الخطة، وليس مجرد داعية. الصمت الذي يفرضه على نفسه الآن؟ هو صمت المُستهدف، وليس صمت المظلوم.

    العالم العربي يمر بلحظة تأسيس جديدة: الهوية الوطنية ليست مجرد جنسية، بل هي رفض للانتماءات المزدوجة. نحن لا نحارب الدعاة، نحن نحارب من يستخدم الدين كجواز عبور لزعزعة الاستقرار.

    الكويت لم تُفرّط في سيادتها أبداً، والآن تُعيد تعريف ما يعنيه أن تكون كويتياً في عصرٍ لم يعد يقبل التنازلات.

    هذا ليس عن طارق. هذا عن مستقبل الأمة.

  • إكرام جلال
    إكرام جلال

    يا جماعه انا فاهم ان الدولة لازم تحافظ على امنها بس ايه اللي حصل للسويدان؟ هو دايمًا بيحكي عن العدل والرحمة، ومش مفيش اي حكم عليه ولا حتى شكوى رسمية! بس علشان قال رأي في السياسة؟ خلاص؟ دي بقى دولة ولا بس حزب واحد؟

  • mahmoud fathalla
    mahmoud fathalla

    أنا بحب الكويت، وأحترم قراراتها، لكن.. بس بس بس!.. هل فعلاً سحب الجنسية هو الحل؟!.. هل مفيش طريقة تانية؟!.. نقدر نُعاقب، نُراقب، نُقيّد، نُحذّر، نُحول، نُنصح، نُصيّح، نُحذّف المحتوى، نُوقف البرامج، نُحرّم الترخيص، نُنفي، نُمنع دخول، نُقفل الحسابات، نُغلق المواقع، نُعاقب بالغرامات، نُصدر إنذارات، نُعقد لقاءات، نُنظم ورش، نُدير حوار، نُطلق مبادرات، نُنشئ مراكز، نُدرّب، نُعلّم، نُثقف، نُغيّر، نُصلح، نُجدد، نُطور، نُحسّن، نُعيد تشكيل، نُعيد تأهيل، نُعيد توجيه، نُعيد تعريف، نُعيد بناء، نُعيد تكوين، نُعيد ترتيب، نُعيد توزيع، نُعيد تأصيل، نُعيد تأكيد، نُعيد تأسيس، نُعيد تجديد، نُعيد تشكيل الهوية، نُعيد تشكيل القيم، نُعيد تشكيل المجتمع، نُعيد تشكيل الدولة، نُعيد تشكيل المستقبل، نُعيد تشكيل الحقيقة، نُعيد تشكيل العقل، نُعيد تشكيل القلب، نُعيد تشكيل الروح، نُعيد تشكيل الإيمان، نُعيد تشكيل الأمل، نُعيد تشكيل الحلم، نُعيد تشكيل الحياة، نُعيد تشكيل الموت، نُعيد تشكيل كل شيء، لكن لا نُزيل الإنسان!.. هل نحن نخاف من الفكرة؟ أم من الإنسان؟!.. هل نحن نخاف من التغيير؟ أم من أنفسنا؟!..

  • Abdeslam Aabidi
    Abdeslam Aabidi

    أنا معاك يا علي، لكن بس تذكّر إن السويدان نشأ في الكويت، وتعلّم في جامعة الكويت، وصوته كان يسمع في كل بيت كويتي تقريباً. مش بس داعية، هو جزء من ذاكرة المجتمع. سحب الجنسية مش عقاب، هو تغيير في الهوية، وده أقسى من السجن. ما حدش قال إنه دعم إرهاب، ولا حمل سلاح، ولا دعا لقتل، ولا خان وطنه. هو فقط قال رأيه، وربما قاله بأسلوب يزعج بعض الناس. لكن في دولة ديمقراطية، الرأي المختلف مش جريمة، هو فرصة للحوار. لو خلّينا نسحّب جنسيات كل من يختلف معنا، هنخلّي بلادنا متحجّرة، ومليانة صمت، ومليانة خوف. وأنا أخشى إن بعد السويدان، يجي دور الدكتور الفلاني، والأستاذة فلانة، والكاتب الفلاني، والطالب اللي كتب تغريدة… وهنعيش في دولة مخيفة، ما فيها صوت إلا واحد.

    الدولة تحمي نفسها، بس ما تقتل روحها.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*