في خطوة تُعدّ نقلة نوعية في خدمة ضيوف الرحمن، أطلقت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة في أبوظبي الباقة الإلكترونية الموحّدة لإصدار شهادات الموافقة لحملات الحج والعمرة، بعد تجربة مباشرة من قبل رواد القطاع. لم يكن الأمر مجرد تحديث تقني — بل كان تغييرًا جوهريًا في طريقة التعامل مع ملايين المسلمين الذين يبحثون عن تجربة حج أو عمرة آمنة، منظمة، وخالية من البيروقراطية.
من البيروقراطية إلى النقرة الواحدة
قبل هذا الإطلاق، كانت الحملات تضطر لتقديم عشرات الأوراق، والانتظار أسابيع، والتنقل بين عدة جهات حكومية لإتمام ترخيص نشاطها. الآن، كل شيء يُنجز عبر منصة واحدة: ehaj.awqaf.gov.ae — وهي المنصة الرسمية التي تُدار مباشرة من قبل الهيئة. التغيير؟ لا حاجة لورق، لا حاجة لساعات في الطوابير، ولا حاجة للاستعانة بوسطاء. كل طلب — من ترخيص الحملة، إلى تحديث بيانات المندوبين، إلى طلب موافقة على برامج الحج — يُقدّم ويُراجع ويُعتمد في غضون أيام، إن لم يكن ساعات.
اللمسة الإنسانية هنا؟ لم تُقرّر الهيئة القرار من قمة الهرم فقط. بل دعت 30 ممثلًا عن كبرى حملات الحج والعمرة في الدولة، وطلبت منهم أن يجربوا النظام مباشرة — كمستخدمين عاديين، لا كخبراء. "رأينا كيف يُفتح الطلب، وكيف يُرفض، وكيف يُطلب توضيح إضافي. هذا ليس تصميمًا من مكتب، بل من واقع الميدان،" قال أحد مديري الحملات، مفضّلًا عدم ذكر اسمه. "الفرق بين قبل وبعد؟ مثل أن تمشي على رمال مكة... أو على زجاج مكسور.""
أسعار الحج تبدأ من 26,800 درهم — لكن التفاصيل تُغيّر كل شيء
على منصة الهيئة، تظهر خمسة برامج حج محددة، تبدأ أسعارها من 26,800.00 درهم إماراتي. لكن هذا الرقم ليس ثابتًا — بل هو نقطة انطلاق. السعر يختلف حسب رحلة الطيران (اقتصادية أم ممتازة)، ونوع الإقامة (فندق 3 نجوم أم فندق 5 نجوم مقابل الحرم)، وعدد الوجبات، وحتى إن كانت الرحلة تشمل زيارة المدينة المنورة. أحد البرامج، على سبيل المثال، يقدّم إقامة في فندق ميركيور مكة العزيزية، مع رحلات من 21/05/2026 إلى 31/05/2026، وأرقام اتصال مباشرة: 0557199300 و022358777.
هنا، لا توجد مفاجآت في الفاتورة النهائية. كل تفاصيل التكلفة — حتى تكلفة التأمين الطبي أو نقل الركاب بين المواقع — مذكورة مسبقًا. "هذا ينهي عصر المفاجآت،" قال مدير إحدى الحملات. "الحج ليس رحلة سياحية. هو عبادة. لا يُسمح بخداع أو تضليل. هذه المنصة تحمي الضيف، وتحمّل الحملة المسؤولية."
التعاون مع السعودية: ليس مجرد تعاون، بل شراكة استراتيجية
ما يُميز هذه المبادرة ليس فقط التحول الرقمي داخل الإمارات، بل كيف أنها تُنسّق بشكل عميق مع وزارة الحج والعمرة السعودية. فمنذ سنوات، تُعدّ المملكة الجهة الوحيدة التي تُصدر التصاريح النهائية لدخول الأراضي المقدسة. والآن، بعد ربط الأنظمة، تُرسل الهيئة بيانات الحملات مباشرة إلى النظام السعودي — دون تدخل يدوي. هذا يعني: لا تأخير، لا تكرار، لا أخطاء في التوثيق.
النتيجة؟ تقليل وقت التصريح من 21 يومًا إلى أقل من 72 ساعة. هذا ليس تحسينًا — هذا ثورة. ويعني أن الحملات الإماراتية يمكنها الآن تقديم عروض أكثر دقة، وتواريخ أدق، وخطط أوضح للحجاج — وهو ما يزيد من الثقة، ويخفّف الضغط على الأسر التي تُخطط لرحلة العمر.
لماذا هذا مهم؟ لأن الحج ليس تجارة، بل أمانة
في عالم تُستخدم فيه التكنولوجيا أحيانًا لزيادة الأرباح على حساب الجودة، تُظهر الإمارات أن التحول الرقمي يمكن أن يكون أخلاقيًا. لا أحد يُجبر أحدًا على حجز برنامج. لا أحد يُخفي تكلفة إضافية. لا أحد يُقدّم وعودًا لا يمكن تحقيقها. كل شيء مفتوح، موثّق، وقابل للتحقق.
الهيئة لم تُقلّل من الإجراءات فقط — بل رفعت من معايير الجودة. كل حملة تُرخّص يجب أن تلتزم بمعايير صارمة في التدريب، والنقل، والإيواء، والرعاية الطبية. هذا لا يُقلّل من المنافسة — بل يُنظّف السوق. الحملات الصغيرة التي لا تلتزم تختفي. والكبيرة التي تلتزم تزدهر.
ما الذي سيأتي بعد ذلك؟
الخطوة القادمة؟ تطبيق نفس النموذج على العمرة. وربما حتى على زيارة المدينة المنورة. هناك تخطيط لربط نظام التسجيل الإلكتروني مع مراكز الحج في جميع أنحاء العالم — بحيث يُمكن لحجاج من كندا أو أستراليا أو إندونيسيا أن يُسجلوا عبر حملة إماراتية، ويتلقوا التصاريح من نفس المنصة.
الهدف النهائي؟ أن تصبح الإمارات — ليس فقط منظّمًا للحج، بل مركزًا عالميًا للخدمات الدينية الرقمية. وأن تُصبح منصة الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة مرجعًا يُحتذى به من قبل دول أخرى في قطاع الحج والعمرة.
أسئلة شائعة
كيف تختلف هذه الباقة الإلكترونية عن الأنظمة السابقة؟
قبل هذه الباقة، كانت الحملات تضطر لتقديم طلبات منفصلة لكل جهة حكومية، مع أوراق مطبوعة وتوقيعات يدوية، مما استغرق أسابيع. الآن، كل الإجراءات تُنجز عبر منصة واحدة، مع ربط تلقائي مع وزارة الحج السعودية، وتقليل الوقت من 21 يومًا إلى أقل من 3 أيام. كما أن النظام يمنع التكرار أو الأخطاء البشرية.
هل الأسعار المذكورة على المنصة نهائية؟
لا، الأسعار تبدأ من 26,800 درهم، لكنها تتغير حسب رحلة الطيران، نوع الغرفة، عدد الوجبات، والخدمات الإضافية مثل التأمين أو النقل. كل تفصيل مذكور قبل الحجز، ولا توجد تكاليف خفية. يُنصح دائمًا بمراجعة عرض السعر الكامل قبل التأكيد النهائي.
من يمكنه استخدام هذه الباقة؟
جميع الحملات المرخصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، يمكنها التسجيل واستخدام الباقة. لكن يجب أن تلتزم بالمعايير التي وضعتها الهيئة، بما في ذلك تدريب الموظفين، وضمان سلامة الإقامة، والشفافية في الأسعار.
ما دور وزارة الحج السعودية في هذا النظام؟
وزارة الحج والعمرة السعودية هي الجهة الوحيدة التي تُصدر التصاريح النهائية للدخول إلى الأراضي المقدسة. النظام الجديد يربط تلقائيًا بيانات الحملات الإماراتية بنظامها، مما يُسرّع الموافقة ويُقلل الأخطاء. هذا ليس تعاونًا عابرًا — بل شراكة تقنية استراتيجية تخدم ضيوف الرحمن من كل أنحاء العالم.
هل يمكن للحجاج العاديين حجز رحلة مباشرة من المنصة؟
لا، المنصة مخصصة للحملات المرخصة فقط. لكن الحجاج يمكنهم زيارة الموقع لرؤية البرامج المتاحة، ومعرفة أسعارها، وتحديد الحملة التي يثقون بها، ثم التواصل معها مباشرة عبر الأرقام المذكورة. هذا يضمن الشفافية، ويبقي مسؤولية الحجز على الكيانات المرخصة.
ما تأثير هذه الخطوة على سوق الحج في الإمارات؟
التأثير واضح: تحسين جودة الخدمات، وزيادة الثقة، وخفض التكاليف التشغيلية للحملات. هذا يفتح الباب أمام شركات صغيرة ومبتكرة للدخول للسوق، بينما يُخرج الشركات غير الملتزمة. النتيجة؟ سوق أكثر نضجًا، وأكثر أمانًا للحجاج، وأكثر جاذبية للمستثمرين.
قد يعجبك
Abdeslam Aabidi
الله يخليك يا إمارات، هذا النوع من التحديثات يُعيد ثقتك في الإنسان. كنت خايف من الحج هذا العام بسبب كل اللي سمعته عن التلاعب بالأسعار والبرامج الوهمية، لكن هالمنصة صرّحت لي إن الحج ما بيعملش تجارة. شفنا كيف صاروا يربطوا مع السعودية مباشرة؟ هذا ما يُسمى تعاون حقيقي، مش كلام على التلفزيون.
أنا من مصر، وبنسمع عن كل حاجة بس مابنصدقش، لكن هالخطوة جعلتني أفكر أرسل أهلي من غير خوف. شكراً من القلب.
Majd kabha
التحول الرقمي ما يخلص بالتقنيات، يخلص بالنية. هالمنصة ما بس ربطت الأنظمة، بل ربطت الضمير.
Mohamed Amine Mechaal
الإطار التنظيمي المُعزّز بالتكامل السيبراني بين الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية يُنتج نموذجًا مُحكمًا للحوكمة الدينية الرقمية، حيث تُستَبعَد متغيرات التفاعل البشري غير المُنظَّم عبر تطبيق مبادئ الـ API-driven governance وEcosystem interoperability. هذا ليس مجرد تحسين إداري - بل هو تحوّل بنيوي في مفهوم الترخيص الدينوي القائم على الشفافية التفاعلية واللامركزية التوثيقية.
البيانات المُشتركة مع وزارة الحج السعودية تُمكّن من تطبيق معيار ISO 20400 للخدمات الدينية المستدامة، مما يُقلل من التكاليف غير المباشرة بنسبة تصل إلى 68% حسب نماذجنا التحليلية. التحدي القادم؟ دمج البلوك تشين لضمان عدم القابلية للتعديل في سجلات التصاريح - وهذا سيكون معيارًا عالميًا جديدًا.