الكويت تحتفل بالعيد الوطني الـ64 بعروض عسكرية وفلكلورية حتى 28 فبراير
في قلب الصحراء، حيث تلمع الأعلام الكويتية في سماء مدنها كأنها نجوم لا تغرب، احتفلت دولة الكويت بالعيد الوطني الـ64 يوم الثلاثاء 25 فبراير 2025، لكن الاحتفال لم ينتهِ بعد — بل امتدّ حتى الخميس 28 فبراير، بعروض لا تُنسى، وأجواء تذكّر الجميع بأن هذا اليوم ليس مجرد عطلة، بل ذكرى تُكتب بدماء الآباء وأحلام الأبناء. من القوات المسلحة الكويتية التي أطلقت عروضها الجوية والبرية من العاشرة صباحًا حتى العاشرة مساءً عند أبراج الكويت وشارع الخليج، إلى الكويت مول وسوق مرصاف حيث ترقص الفرق الشعبية بالسيوف والطبول، كانت الكويت كلها مسرحًا واحدًا للانتماء.
من هو الشيخ عبد الله السالم الصباح، ولماذا يُحتفل به في 25 فبراير؟
السؤال الذي يطرحه الأطفال في المدارس، ويتذكره الكبار في المجالس: لماذا نحتفل بالاستقلال في 25 فبراير، وليس في 19 يونيو عندما حققت الكويت استقلالها الحقيقي عن بريطانيا؟ الجواب يكمن في رجل واحد: الشيخ عبد الله السالم الصباح. تولى الحكم عام 1950، وقاد البلاد نحو الاستقلال في 1961، لكنه لم يكن مجرد حاكم — كان رمزًا للثبات، والحكمة، والانتماء. في عام 1962، أُعلنت أول عطلة رسمية لليوم الوطني، لكنها كانت في يونيو، وسط حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية. ففي عام 1963، قرر القادة نقل العطلة إلى 25 فبراير، يوم توليه العرش، ليس فقط تقديرًا له، بل لأن هذا اليوم يحمل معنى أعمق: إنه يوم البداية، وليس فقط النهاية. اليوم، يُحتفل به كذكرى لوحدة الشعب تحت قيادة واحدة، لا كيوم استقلال فقط، بل كعيد للاستقرار.
العروض العسكرية والفلكلورية: عندما تتحدث الأسلحة والرقصات بلغة واحدة
من العاشرة صباحًا، انطلقت طائرات القوات المسلحة الكويتية في عرض جوي مذهل، يُظهر قدرة البلاد على حماية أرضها — وسط ترقب مئات الآلاف من المواطنين الذين احتشدوا تحت أشعة الشمس، لا يهمهم الحر، لأنهم ينتظرون شيئًا أكبر من العرض: شعورًا بالفخر. وفي المساء، تحوّلت الشوارع إلى مهرجانات فلكلورية. في سوق مرصاف، تألق المُرددون بالهَزَجات القديمة، وارتدى الشباب الدشداشة والالبخنق، ليس كتقليد، بل كإرث يُعاد تشكيله. أما العرضة الكويتية، فكانت أكثر من رقصة — كانت نبضًا. كل طبلة، كل سيف، كل خطوة، تقول: "نحن هنا، وما زلنا نحمل تاريخنا على أكتافنا".
المسابقات والتعليم: كيف تُغرس الوطنية في قلوب الجيل الجديد؟
لم تكن الاحتفالات مقتصرة على الشوارع. في مدارس الكويت، أُقيمت مسابقات "حكواتي التاريخ"، حيث يروي الأطفال قصصًا عن معركة الجهراء أو بناء أول ميناء. في الجامعات، تُطرح أسئلة عن إنجازات الدولة منذ 1961 — كم عدد أول مصانع النفط؟ من وقّع أول دستور؟ من كان أول وزير للخارجية؟ هذه ليست امتحانات، بل جسور تربط الجيل الحالي بأجداده. وفي المتاجر، تُنظم سحوبات على جوائز نقدية بقيمة تصل إلى 2.3 مليون دينار كويتي، لكن الهدف ليس المبيعات فقط — بل إشراك المقيمين في المشهد الوطني، لأن الكويت ليست فقط للكويتيين، بل للجميع الذين يعيشون فيها ويعملون فيها ويحبونها.
الاحتفالات في الخارج: عندما تصبح الكويت في كل قارة
في الدوحة، أُقيم حفل استقبال فخم في فندق الشيراتون، بحضور السفير الكويتي وعشرات الدبلوماسيين والصحفيين. لم يكن الحدث مجرد تجمعًا دبلوماسيًا — بل رسالة: الكويت لا تزال حاضرة في قلوب أبنائها في الشتات. في لندن، في طوكيو، في سيدني، أُقيمت حفلات صغيرة، تُردد فيها الأغاني الوطنية، وتُقدّم فيها الكبسة والبقلاوة، ويرتدي المغتربون الدشداشة، ويرفعون العلم، حتى لو كان صغيرًا. هذا ليس ترفيهًا — هذا هو الانتماء، المُعاد تشكيله في كل زاوية من العالم.
ما الذي سيتغير في السنوات القادمة؟
الاحتفالات لم تعد فقط تجمعًا عائليًا أو عرضًا عسكريًا. في 2025، شهدنا أول تعاون رسمي بين وزارة الإعلام وشركات التكنولوجيا لتقديم تجربة رقمية تفاعلية للعيد الوطني — تطبيق يُظهر خريطة الاحتفالات الحية، ويسمح للمستخدمين بإرسال صورهم مع العلم الوطني ليتم عرضها على شاشات عملاقة في أبراج الكويت. هذا التحوّل يشير إلى شيء أعمق: أن العيد الوطني لم يعد مجرد ذكرى تاريخية، بل هو مشروع مستمر، يُبنى بالجيل الجديد، وبالتقنية، وبالانتماء الحقيقي. من المتوقع أن تُضاف فعاليات جديدة في 2026، مثل "متحف العيد الوطني المتنقل"، الذي سيجوب المناطق النائية لتعريف الأطفال بالتراث.
لماذا هذا اليوم يختلف عن أي يوم آخر؟
لأنه لا يحتفل بدولة، بل بذاكرة. بسحورات العائلات على شاطئ المسيلة، بضحكات الأطفال عند رؤية الألعاب النارية فوق منتزه الشعب، بجدة تُحضّر "المندي" بوصفة جدتها، وابنها يلتقط صورة ويرسلها لصديقه في أمريكا مع تعليق: "هذا هو وطني". لا يوجد في العالم دولة تُحيي ذكرى استقلالها بهذه الروح، بهذه الأصالة، بهذه الدفء. هذا ليس احتفالًا — هذا هو وطن يُعيده نفسه كل عام.
أسئلة شائعة
لماذا يُحتفل بالعيد الوطني في 25 فبراير وليس في 19 يونيو، وهو يوم الاستقلال الحقيقي؟
رغم أن الكويت استقلت عن بريطانيا في 19 يونيو 1961، إلا أن العطلة الرسمية نُقلت إلى 25 فبراير عام 1963 بسبب الحرارة الشديدة في يونيو. هذا التاريخ يُحيي ذكرى تولي الشيخ عبد الله السالم الصباح الحكم عام 1950، وهو الرجل الذي قاد البلاد إلى الاستقلال. الاحتفال بهذا اليوم يُبرز استمرارية القيادة والانتماء، وليس فقط لحظة سياسية.
ما هي الفعاليات التي تُقام في المدارس لتعليم الطلاب عن اليوم الوطني؟
تُنظم المدارس مسابقات "حكواتي التاريخ"، حيث يروي الطلاب قصصًا عن إنجازات الكويت، بالإضافة إلى عروض مسرحية عن بناء أول ميناء أو أول دستور. كما تُعقد مسابقات ثقافية تطرح أسئلة عن رموز الدولة، مثل أول وزير للنفط أو أول طائرة كويتية. الهدف ليس الحفظ، بل إشراك الطلاب في بناء هوية وطنية حية، تربطهم بأجدادهم.
هل يُسمح للمقيمين بالمشاركة في الاحتفالات؟
بالتأكيد. الاحتفالات مفتوحة للجميع، وتشجع الحكومة المقيمين على المشاركة من خلال عروض تخفيضات في المتاجر وسحوبات نقدية. في الكويت مول وسوق مرصاف، يرتدي المقيمون الأزياء التراثية، ويرقصون مع الفرق الشعبية. هذا جزء من سياسة دمج المجتمع، لأن الكويت ترى أن الانتماء لا يُقاس بالجنسية، بل بالحب.
ما الذي يميز العروض الفلكلورية في الكويت عن غيرها في دول الخليج؟
العرضة الكويتية تختلف بطبولها المزدوجة، وحركات الرقص التي تعتمد على التوازن والانسيابية، وليس القوة فقط. كما تُستخدم أدوات موسيقية تقليدية مثل "الدف" و"النّاي"، وترافقها أهازيج مكتوبة باللهجة الكويتية الأصيلة، مثل "يا بحر، يا بحر، مين يخافك؟". هذه الأهازيج لا تُسمع في أي دولة أخرى، وهي تُعتبر تراثًا غير مادي مسجل لدى اليونسكو منذ 2021.
هل هناك تغييرات متوقعة في احتفالات 2026؟
نعم. تخطط وزارة الثقافة لlaunch أول "متحف العيد الوطني المتنقل"، سيجوب المناطق النائية والقرى لتعريف الأطفال بالتراث. كما سيُدمج الذكاء الاصطناعي في تطبيق رسمي يُعيد تشكيل محتوى الاحتفالات حسب تفضيلات المستخدمين. الهدف: جعل العيد الوطني ليس مجرد حدث سنوي، بل تجربة مستمرة، تُبنى مع كل جيل.
ما هي أهم الأغاني الوطنية التي تُسمع خلال الاحتفالات؟
أبرزها "وطني الغالي" للفنان الراحل خالد الجراح، و"يا بلدي" للفنانة فاطمة العلي، و"كويت الحب" التي كُتبت خصيصًا لعام 2025 من قبل شاعر شاب من مدرسة الفنون. هذه الأغاني تُعاد بثها على جميع القنوات الرسمية، وتُستخدم في المدارس كجزء من المناهج. بعض الكلمات، مثل "دمت لي يا وطني الحضن الدافئ"، أصبحت شعارًا وطنيًا يُستخدم حتى في الخطابات الرسمية.