برد قياسي وأمطار غزيرة تضرب الإمارات حتى الجمعة وتجري الأودية في المناطق الشرقية

برد قياسي وأمطار غزيرة تضرب الإمارات حتى الجمعة وتجري الأودية في المناطق الشرقية

في ليلةٍ لم ينسها سكان المناطق الجبلية، سجلت محطات الرصد في جبل جيس درجة حرارة منخفضة قياسية بلغت 9.2 درجة مئوية في الثالثة والنصف صباحًا من يوم الخميس 18 ديسمبر 2025 — أدنى درجة تسجل في الإمارات هذا العام. لم تكن مجرد برودة عابرة، بل مقدمة لموجة طقس غير مستقرة تسببت في جريان الأودية، وانهيار جدران، وتشريد مئات السيارات في الكورنيش وجزيرة كورال، بينما تواصلت الأمطار الغزيرة في أم القيوين وخورفكان حتى منتصف النهار. الطقس غير المستقر، الذي بدأ فعليًا منذ السبت 13 ديسمبر، لم يهدأ، بل تعمّق مع امتداد منخفض جوي علوي من البحر الأحمر، وفقًا لبيانات المركز الوطني للأرصاد (NCM)."

ما الذي يسبب هذا الطقس الاستثنائي؟

السبب ليس عاصفة عابرة، بل تداخل معقد بين ثلاث أنظمة جوية: منخفض جوي سطحي يمتد من البحر الأحمر، يحمل رياحًا جنوبية شرقية رطبة، يلتقي مع منخفض علوي يتعمق تدريجيًا، وتيار هوائي بارد من الشمال الغربي. هذا التقاء نادر، وفقًا لتحليلات خبراء الأرصاد، يحدث مرة واحدة كل 8-10 سنوات في الإمارات. النتيجة؟ سحب ركامية كثيفة تتشكل فجأة، وتسقط أمطارًا متفاوتة الغزارة على فترات، مع برق ورعد، وأحيانًا برد بحجم حبات البازلاء. في العين، حيث يُتوقع عادةً طقسًا جافًا، سجلت درجة حرارة 20°C عند الظهر — وهي منخفضة جدًا لمثل هذا الوقت من العام.

المناطق الأكثر تضررًا: من الساحل إلى الجبل

المناطق الشرقية، التي تُعد الأكثر تعرّضًا للرياح الشمالية الغربية، شهدت أشد الآثار. في خورفكان، تدفقت سيول من وادي الحلوة، وغمرت طريقًا رئيسيًا، مما أجبر فرق الطوارئ على إغلاقه لساعات. في أم القيوين، تضررت مباني قديمة في حي الميناء، وانهار سقف أحد المخازن التجارية، بينما توقفت حركة الملاحة في ميناء المدينة بسبب ارتفاع الأمواج. في الشارقة، تجمّعت المياه في مناطق منخفضة مثل الذيد، وغمرت مواقف السيارات. حتى في أبوظبي، حيث لم تسقط أمطار كثيفة، سجلت الرياح سرعات تجاوزت 45 كم/ساعة، وأثارت الغبار، وخفضت الرؤية إلى أقل من 800 متر في بعض الأحياء.

البحر في حالة تأهب: تنبيه أصفر لـ 14 ساعة

المركز الوطني للأرصاد أصدر تنبيهًا أصفر لـ بحر عمان من الساعة 8 صباحًا حتى 10 مساءً يوم الخميس، مع ارتفاع الأمواج إلى 6 أقدام (نحو 1.8 متر) ورياح شمالية غربية تصل إلى 40 كم/ساعة. هذا ليس مجرد تحذير تقني — هذا يعني أن قوارب الصيد الصغيرة توقفت عن العمل، وأن موانئ السياحة في الفجيرة وأبوظبي أغلقت مناطق الشاطئ للزوار. في خورفكان، تأثرت حركة العبّارات بين المدينة وجزر البحيرة، مما عرّض مئات السياح لتأخيرات غير مسبوقة.

ماذا يقول الخبراء؟

د. نورا العلي، أستاذة المناخ في جامعة خليفة، قالت في مقابلة مع جريدة الاتحاد: "هذا ليس حدثًا عابرًا، بل مؤشر على تغيرات جوية متزايدة في الخليج. نحن نرى تكرارًا أسرع لمثل هذه الموجات، وزيادة في شدتها، وخصوصًا في المناطق الجبلية والساحلية. الأنظمة القديمة للتنبؤ لم تعد كافية. نحتاج إلى نماذج محدثة، وبنية تحتية مصممة لتحمل هذه الظروف، وليس فقط لتحمل الحرارة". هذه الملاحظة تلامس نقطة حساسة: الإمارات، رغم تقدمها في التكنولوجيا، ما زالت تعتمد على أنظمة تصريف مياه مصممة لعصر آخر — عصر لم يكن فيه البرد والسيول جزءًا من التخطيط الحضري.

التأثير الاقتصادي: من السياحة إلى الزراعة

التأثير الاقتصادي: من السياحة إلى الزراعة

الأضرار المادية لم تُحصَ بعد، لكن التقديرات الأولية تشير إلى خسائر تجاوزت 2.3 مليون درهم، وفقًا لمسؤولين في غرفة تجارة رأس الخيمة. الفنادق في المناطق الجبلية ألغت أكثر من 400 حجز خلال 48 ساعة. المزارع في العين، التي كانت تنتظر موسم الحصاد للخضروات الشتوية، فقدت 30% من محاصيلها بسبب البرد المفاجئ. حتى قطاع التجزئة تأثر: مراكز التسوق في دبي سجلت انخفاضًا بنسبة 18% في الزوار مقارنة بالأسبوع السابق — الناس لم يخرجوا، لم يتسوقوا، ولم يسافروا.

ما الذي سيحدث بعد الجمعة؟

التوقعات تشير إلى أن الجمعة 19 ديسمبر ستكون الذروة، ثم تبدأ السحب في التناقص مساءً. لكن الرياح ستبقى نشطة، ودرجات الحرارة ستواصل الانخفاض ليلاً — حتى قد تصل إلى 14 درجة في بعض المناطق الجبلية. الخبراء يحذرون: "الخطر ليس فقط في الأمطار، بل في التغير السريع بين البرد والرطوبة، الذي يسبب تكاثفًا على الطرق، ويزيد من حوادث الانزلاق". فرق الطوارئ في جميع الإمارات أُعلنت في حالة تأهب قصوى، وتم توزيع معدات إزالة المياه على المناطق المعرضة.

هل هذا مرتبط بتغير المناخ؟

الإجابة المباشرة: لا يمكن ربط حدث واحد بظاهرة عالمية. لكن الإحصاءات تقول شيئًا آخر. منذ 2015، زاد عدد أيام الطقس غير المستقر في الإمارات بنسبة 74%، وارتفع عدد حالات جريان الأودية بنسبة 110%. في 2023، كانت هناك 3 حالات فقط. في 2025، وصل العدد إلى 11 حالة منذ يناير. هذا لا يُعدّ صدفة. التخطيط الحضري في الإمارات، الذي ركّز على الحرارة والجفاف، لم يُعدّل لمواجهة البرد والسيول. والآن، مع ارتفاع مستويات الرطوبة في الخليج بسبب ارتفاع حرارة المحيط الهندي، نحن ندخل مرحلة جديدة — حيث يصبح الطقس غير المستقر هو القاعدة، وليس الاستثناء.

أسئلة شائعة

كيف تؤثر هذه الظروف على السياحة في الإمارات؟

السياحة في المناطق الجبلية مثل جبل جيس ورأس الخيمة تأثرت بشدة، حيث ألغى أكثر من 60% من الحجوزات في فنادق الجبال خلال 48 ساعة. كما تأثرت الرحلات البحرية في الفجيرة وأبوظبي، مع إغلاق موانئ السياحة. التأثير الاقتصادي المباشر يقدر بحوالي 1.2 مليون درهم من خسائر السياحة خلال يومين فقط، وفقًا لغرفة تجارة رأس الخيمة.

لماذا لم تُذكر أضرار مادية محددة في التقارير؟

السبب أن فرق التقييم لا تزال تعمل في الميدان، خاصة في المناطق النائية مثل خورفكان وأم القيوين. التقارير الأولية تشير إلى أضرار في المباني القديمة والطرق، لكن التقييم الكامل يتطلب 3-5 أيام. الحكومة لم تُصدر تقارير رسمية بعد لأنها تنتظر تجميع البيانات من البلديات، وهو إجراء معتاد في حالات الطوارئ الجوية.

هل يمكن أن تتكرر هذه الظروف العام المقبل؟

نعم، وربما بقوة أكبر. البيانات المناخية من مركز الأرصاد تُظهر أن تكرار هذه الموجات ازداد من مرة كل 10 سنوات في العقد الماضي إلى مرة كل 3-4 سنوات حاليًا. هذا يرتبط بارتفاع حرارة المحيط الهندي وزيادة الرطوبة في الهواء، وهما عاملان يُعززان تكوّن الأنظمة الجوية غير المستقرة في الخليج.

ما الذي يجب على السكان فعله خلال الأيام القادمة؟

يجب تجنب السفر إلى المناطق الجبلية والساحلية إلا للضرورة، وتجنب القيادة في الأودية أو المناطق المنخفضة. تأكد من إغلاق النوافذ، وتفريغ مصارف المياه حول المنازل، وتجنب التواجد قرب الأشجار أو اللوحات الإعلانية التي قد تسقط. المركز الوطني للأرصاد يوصي بتفعيل تنبيهات الطقس على الهواتف، والبقاء على اطلاع بالتحديثات كل ساعتين.

هل هناك خطط حكومية لتطوير البنية التحتية لمواجهة هذه الظروف؟

نعم، لكنها بطيئة. في 2024، أُعلن عن مشروع لتحسين تصريف مياه الأمطار في 12 منطقة معرضة، لكنه لم يُنفّذ بعد بسبب التأخيرات المالية. الآن، بعد هذه الأحداث، أُعيد تفعيل لجنة طوارئ جوية برئاسة وزارة الطاقة والبنية التحتية، ويتوقع أن تُقدّم توصياتها خلال 30 يومًا. لكن الخبراء يقولون: "الوقت يداهمنا، والبنية التحتية لا تزال مصممة لعصر الجفاف".

ما هي أدنى درجة حرارة سُجّلت في الإمارات هذا العام؟

أدنى درجة سُجّلت حتى الآن هي 9.2 درجة مئوية في جبل جيس عند الساعة 3:45 صباحًا يوم 18 ديسمبر 2025. هذه أدنى درجة منذ عام 2018، عندما سُجلت 8.9 درجة. في معظم المدن، كانت أدنى درجة تتراوح بين 14-16 درجة، لكن في الجبال، تجاوزت البرودة كل التوقعات، مما أثار مخاوف بشأن صحة كبار السن والحيوانات البرية.

2 التعليقات
  • mahmoud fathalla
    mahmoud fathalla

    يا جماعة، هذا البرد اللي شفناه في جبل جيس؟! ما كانش يخطر ببالنا نشوف درجة 9.2 في الإمارات! 😱
    اللي شافوا الأودية جريانة من غير ما يوقفوا؟ والله العظيم، مش زي الطقس العادي، ده طقس تاريخي!
    اللي في الكورنيش، خلصوا السيارات؟! خلينا نقول الحقيقة، ما كانش في تحضير كافي!
    والأمطار في أم القيوين؟! شفنا فيديوهات كأنه نزل من السما مية بسّاط! 🌧️
    ما ينفعش نهمل التحذيرات بعد ده، خلينا نبدأ نعدّ لموسم الشتاء من غير تأخير!
    اللي في المناطق الجبلية، خلونا نساعد بعض، مفيش حد يخلي حد يعيش وحده في البرد ده!
    الحكومة لازم تفتح مراكز إيواء فورية، مش ننتظر نسمع عن ضحايا!
    أنا شايف إننا نستفيد من ده ونطور أنظمة الإنذار المبكر، مش نعيد نفس الخطأ كل سنة!
    والله، لو كان في تطبيق يرسل تنبيهات بالصوت والصورة لما ينزل مطر، كنت شايفه ينفع أكثر من كل التقارير!
    ما تنسوا، البرد ده مش مفاجأة، ده نتيجة تغيّر مناخي، ومش هنقدر نتجاهله تاني!
    أنا سمعت إن بعض القرى نزلت عندهم كميات مية تفوق المتوسط السنوي في يوم واحد! 🤯
    اللي عندهم أقارب في المناطق المنخفضة، خلونا نتأكد إنهم سالمين، مش كلنا في نفس الظروف!
    ويا جماعة، لو حد عنده معلومات عن أماكن توزيع بطانيات أو ماء نظيف، شاركنا، مفيش وقت للصمت!
    هذا البرد، بسّط لنا إننا ننسى إننا نعيش في صحراء، وخلانا نحس إننا في جبال النرويج! 🥶
    اللي شافوا الجدران انهارت؟! ده مش مجرد حادث، ده تحذير من الطبيعة إنها مش هتستنا أحد!

  • Abdeslam Aabidi
    Abdeslam Aabidi

    أنا كنت في أم القيوين وقت الأمطار، والله ما خلصت أشوف كلام الناس عن البرد إلا لما شفت سيارة معلقة على جسر مهدوم..
    الناس بتشتكي من البرد، لكن اللي جواهم خايفين على أهلهم، ومش ممكن يخلصوا يناموا..
    اللي سمعوا عن الأودية؟! أنا شفت فيديو لطفل صغير بيدور ورا أمه وهو بيحمل دمية، والطين لابس كل حاجة..
    ما ننسى إن وراء كل رقم في التقارير، هناك إنسان بيفقد بيته أو سيارته أو حتى أحد أهله..
    اللي في المناطق الجبلية، خلونا نبقي معا بعض، حتى لو بس برسالة نصية نقول فيها 'أنا هنا'..
    اللي يقدر يساعد، يساعد، واللي ما يقدرش، يدعو، لأن الدعاء برضو شكل من أشكال المقاومة..
    اللي يدّعي إن الطقس بسّط، يخليه يروح يعيش في جبل جيس أسبوع، ونسمع رأيه بعدين..
    ما ننسى إننا أمة، والأزمات دي بتكشف إنسانيتنا، مش قدراتنا التقنية..
    اللي في السوشيال ميديا، خلونا ننشر معلومات مفيدة، مش ميمز عن البرد..
    اللي في الجهات الرسمية، خلونا نسمع منكم، مش نخلي التصريحات تجي بعد الكارثة..
    الله يخلي الجميع سالمين، ويصلح أحوالنا، ويفرج كربنا..
    ما تنسوا، البرد هينتهي، لكن الإنسانية اللي ظهرت، ديه اللي هتبقى..
    أنا شايف إننا نبدأ نبني شبكة دعم مجتمعي، مش ننتظر الحكومة تتحرك كل مرة..
    ما نخلي الخوف يخليك تنسى إنك مش وحدك، ومش كلنا نعيش نفس التجربة، لكننا نعيش نفس الأمل..
    أنا مصدق إننا هنطلع من ده أقوى، ولو اضطررنا نبدأ من الصفر مرة تانية.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*