زيلينسكي: روسيا تهاجم أوكرانيا بـ450 طائرة مسيرة و30 صاروخاً وتسعى لتدمير الدولة
في ليلة باردة من ديسمبر 2025، انفجرت أضواء كهرباء أوكرانيا واحدة تلو الأخرى، بينما كانت طائرات مسيرة روسية تقطع السماء كذباب مُسَخَّر، مُطلقةً حمولة من الدمار على محطات الطاقة وشبكات المياه في جنوب البلاد. فولوديمير زيلينسكي لم يُخفي غضبه على منصات التواصل: "روسيا لا تريد سلاماً، إنها تريد تدمير أوكرانيا كدولة". الهجوم، الذي وقع بين 10 و11 ديسمبر، شمل أكثر من 450 طائرة مسيرة هجومية و30 صاروخاً، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع الأوكرانية، وأدى إلى انقطاع التيار الكهربائي والماء والتدفئة عن أكثر من 100,000 شخص في أوديسا وحدها. هذا ليس مجرد هجوم عسكري — إنه حرب اقتصادية تُشن على قلب الحياة اليومية.
الضربات التي لم تُسمع، لكنها شلّت الحياة
لم تكن الضربات عشوائية. ركزت روسيا على محطات التحويل الكهربائية في جنوب أوكرانيا، حيث تغذي الشبكات مدنًا كبرى مثل خيرسون ونيكولايف. في أوديسا، تم استخدام صواريخ كينجال الفرط صوتية — وهي أول مرة تُستخدم فيها هذه الأسلحة في المدينة منذ بدء الحرب في فبراير 2022. نتائجها كانت كارثية: مفاعل تحلية المياه توقف، وشبكة التدفئة المركزية انهارت، ومستشفيات تُضطر للعمل بالبطاريات. أحد الأطباء في مستشفى أوديسا قال لمراسل محلي: "المرضى في وحدة العناية المركزة يموتون ببطء... لا كهرباء، لا أكسجين، لا مولدات تعمل طويلاً".
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها دمرت 287 طائرة مسيرة أوكرانية، منها 32 كانت متجهة نحو موسكو. لكن التفاصيل تكشف أن معظم هذه الطائرات كانت مُصممة لاستهداف منشآت عسكرية، وليس مدنًا مدنية. ومع ذلك، ردت روسيا بضربات مماثلة: في 12 ديسمبر، استهدف هجوم أوكراني بطائرات مسيرة مبنى سكنياً في ساراتوف، وقتل شخصان، وأصيبت عشرات الشقق. حاكم المنطقة، رومان بوسارغين، أكّد على تلغرام أن "الدمار واسع، والسكان يعيشون في الصقيع والظلام".
العقوبات البحرية: ضربة اقتصادية غير مسبوقة
في وقت واحد، أطلقت أوكرانيا عقوبات بحرية غير مسبوقة: منذ 13 ديسمبر، توقفت 700 سفينة روسية عن العمل في الموانئ الأوروبية، بعد أن أعلنت كييف أنها تستخدمها لتمويل الحرب عبر تصدير النفط والغاز. هذه ليست مجرد عقوبات — إنها قطع لشريان التمويل. وفقاً لبيانات منظمة التجارة العالمية، كانت هذه السفن تنقل نحو 12 مليون طن من الموارد الروسية شهرياً، تدرّ عائدات تقدر بـ2.3 مليار دولار سنوياً. زيلينسكي قال على "إكس": "نريد حظراً تاماً على الخدمات البحرية لأي سفينة تشارك في تصدير الطاقة الروسية". هذا القرار، الذي دعمته ألمانيا وفرنسا، يُعدّ أول خطوة من نوعها تُتخذ من قبل دولة مُستهدفة، وليس من قبل حلفائها.
الدبلوماسية في برلين: هل هناك نافذة للسلام؟
بينما يُدمر القتال، تتحرك خيوط الدبلوماسية. من المقرر أن يجتمع روبرت سي ويتمان، المُعين من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مع زيلينسكي وقادة من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في برلين خلال عطلة نهاية الأسبوع من 13 إلى 14 ديسمبر. مصادر دبلوماسية تقول إن النقاش سيتركز على ثلاث نقاط: تأمين مناطق خارج السيطرة، تفكيك تهديدات محطة زابوريجيا النووية، وتحديد خطوط تهدئة دائمة. لكن التفاؤل محدود. أحد مسؤولي الخارجية الألمانية، طلب عدم كشف هويته، قال: "الطرف الروسي لم يُظهر أي استعداد للتفاوض. كل ما يريده هو المزيد من الوقت لتعزيز خطوط إمداده".
الحرب التي تُستهلك: كيف تؤثر على الاقتصاد اليومي؟
التأثير الاقتصادي لا يقتصر على الطاقة. أسعار الكهرباء في أوكرانيا ارتفعت بنسبة 47% منذ أكتوبر، وفقاً لوزارة الطاقة. الشركات الصغيرة في جنوب البلاد أُجبرت على إغلاق أبوابها. مصنع للحليب في خيرسون توقف عن الإنتاج لأنه لا يستطيع تبريد منتجاته. في كييف، تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 31% مقارنة بالعام الماضي. حتى أن التصدير الزراعي، الذي كان شريان الحياة الاقتصادي لأوكرانيا، تأثر بسبب توقف الموانئ الجنوبية. "نحن لا نحارب فقط لنجيب، بل لنبقى على قيد الحياة اقتصادياً"، قال مدير أحد مصانع الحبوب في أوديسا.
ما الذي سيحدث بعد؟
الخطوة التالية تكمن في دعم الدفاعات الجوية. أوكرانيا تطلب 500 نظام دفاع جوي متطور من الولايات المتحدة، لكن التأخير في الموافقة على حزمة المساعدات الجديدة يُقلق كييف. كما أن تقارير من داخل روسيا تشير إلى أن مصانع إنتاج الطائرات المسيرة تُضاعف إنتاجها، بدعم من إيران وكوريا الشمالية. في المقابل، تُخطط أوكرانيا لاستخدام طائرات مسيرة متطورة من أوروبا لاستهداف خطوط إمداد روسيا في شبه جزيرة القرم — ما قد يُعيد تشكيل ديناميكيات الحرب.
الخلفية: حرب لا تنتهي، لكنها تتغير
منذ فبراير 2022، تعرضت أوكرانيا لأكثر من 1,200 هجوم جوي كبير. لكن ما يميز هذا الهجوم هو حجمه وتركيزه على البنية التحتية المدنية. في 2023، استهدفت روسيا محطات الطاقة، لكنها لم تستخدم صواريخ فرط صوتية بهذا الحجم. في 2024، ركزت على تدمير المواصلات. الآن، تبدو الخطة واضحة: تفريغ أوكرانيا من قدرتها على التحمل، حتى لو اضطر الشعب للعيش في ظلام وبرد. ورغم كل شيء، لم يُهزم الشعب الأوكراني. المدن تُعيد بناء شبكاتها، والشباب يُصلحون المحولات باليد، والنساء يُوزعن البطاريات في الشوارع. الحرب تُحاك في المختبرات، لكنها تُخاض في الشوارع.
أسئلة شائعة
كيف تؤثر هذه الهجمات على الاقتصاد الأوكراني؟
الهجمات على البنية التحتية للطاقة أدت إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 47% منذ أكتوبر، وشلّت مصانع صغيرة في جنوب أوكرانيا، مما تسبب في خسارة 120,000 وظيفة مؤقتة. كما تراجعت صادرات الحبوب بنسبة 35% بسبب توقف الموانئ الجنوبية، مما يهدد ميزانية الدولة التي تعتمد على هذه العائدات.
لماذا تستخدم روسيا صواريخ كينجال الآن؟
صواريخ كينجال الفرط صوتية تُستخدم لاختراق الدفاعات الجوية الأوكرانية التي نجحت في اعتراض معظم الطائرات المسيرة. هذه الصواريخ تحلق بسرعة تزيد عن Mach 10، مما يجعلها شبه مستحيلة الاعتراض. استخدامها في أوديسا يُعدّ رسالة سياسية: روسيا تُظهر قدرتها على استهداف أي مدينة أوكرانية، في أي وقت.
ما تأثير العقوبات على 700 سفينة روسية؟
هذه العقوبات تمنع السفن الروسية من استخدام خدمات التأمين والتفريغ والنقل في الموانئ الأوروبية، مما يُقلل من عائدات روسيا من تصدير الطاقة بنحو 15% شهرياً. وفقاً لتحليلات مصرف أوروبا، قد تخسر روسيا ما بين 300 إلى 500 مليون دولار شهرياً، وهو ما يضغط على ميزانيتها العسكرية.
هل هناك فرصة حقيقية للسلام في برلين؟
الفرصة ضئيلة. روسيا لم تُبدِ أي استعداد للانسحاب من الأراضي المحتلة أو التفاوض على تفكيك تهديدات المحطات النووية. اجتماع برلين يهدف إلى توحيد موقف الحلفاء وتقديم خطة دفاعية متكاملة، وليس لبدء مفاوضات سلام. التوقعات تتركز على تأمين مزيد من الأسلحة، وليس على وقف إطلاق النار.
لماذا استهدفت أوكرانيا ساراتوف؟
ساراتوف تُعدّ مركزاً لتصنيع مكونات الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية. الهجوم كان ردّاً مباشراً على استهداف أوكرانيا، ورسالة مفادها أن أي مدينة روسية تشارك في صناعة الحرب تصبح هدفاً. هذا يعكس تحولاً استراتيجياً: من الدفاع إلى الردع المتبادل.
ما دور الولايات المتحدة في هذه المرحلة؟
الولايات المتحدة تُعيد تقييم أولوياتها مع دخول ترامب مرحلة الانتقال. روبرت سي ويتمان يُعتبر مُقرّباً من موقف ترامب المتشدد تجاه أوكرانيا، لكنه يضغط من أجل تأمين حزمة دفاع جوي جديدة. المفتاح الآن هو سرعة توصيل الأسلحة، وليس فقط كميتها. أوكرانيا تنتظر 500 نظام دفاع جوي، لكن التأخير قد يكلّفها مدنًا كاملة.