ولي العهد السعودي يدعو رئيس الإمارات إلى إكسبو 2030 الرياض في خطوة تعزز العلاقات الثنائية

ولي العهد السعودي يدعو رئيس الإمارات إلى إكسبو 2030 الرياض في خطوة تعزز العلاقات الثنائية

في خطوة تعكس تعميقاً غير مسبوق للعلاقات بين البلدين، تلقى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، شيخ شخبوط بن نهيان النهيانالأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، لحضور إكسبو 2030 الرياضالرياض، باسم رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وتم تسليم الدعوة في 16 أكتوبر 2025، خلال اجتماع رسمي بمقر وزارة الخارجية الإماراتية في أبوظبي، حيث التقى الشيخ شخبوط مع السفير السعودي لدى الإمارات، سلطان بن عبدالله الأنقاري.

العلاقات تتجاوز الدبلوماسية إلى المشاعر المشتركة

الدعوة ليست مجرد إجراء دبلوماسي روتيني. إنها تُرسل رسالة واضحة: العلاقة بين السعودية والإمارات لم تعد فقط سياسية أو اقتصادية، بل أصبحت عاطفية، تُبنى على الثقة والاحترام المتبادل. وحين تُرسل المملكة دعوة رسمية لرئيس دولة أخرى لحضور حدث عالمي مثل إكسبو، فهذا يعني أنها ترى في هذا البلد شريكاً استراتيجياً لا يُستهان به. هنا، المفاجأة ليست في الدعوة، بل في توقيتها — بعد أشهر فقط من زيارة الرئيس الإماراتي إلى عُمان، وقبل أسابيع من الذكرى الـ54 لليوم الوطني الإماراتي.

الشيخ محمد بن زايد، الذي تولى رئاسة الإمارات رسمياً في 14 مايو 2022، بعد وفاة شقيقه خليفة، كان قد تولى فعلياً مقاليد الحكم منذ 2014. وخلال هذه الفترة، شهدت العلاقات مع السعودية طفرات كبرى، من توحيد المواقف في اليمن إلى التنسيق الأمني في مواجهة التهديدات الإقليمية. لكن لم تكن كل الأمور متوافقة — فعلى سبيل المثال، كان هناك خلافات داخلية بين البلدين حول دعم جماعات مثل الإخوان المسلمين في اليمن، حيث دعمت الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي، بينما دعمت السعودية جماعة الإصلاح. لكن اليوم، يبدو أن هذه الخلافات تم تجاوزها، أو على الأقل تم وضعها جانباً في ظل أولوية أكبر: الاستقرار والازدهار المشترك.

إكسبو 2030: أكثر من معرض، بل منصة للتعاون الإقليمي

إكسبو 2030 ليس مجرد حدث ثقافي أو اقتصادي. إنه فرصة نادرة لتحويل الرياض إلى مركز جذب عالمي، وفرصة للإمارات لتُظهر دعمها لمشروع استراتيجي سعودي ضخم. وكما قال الملك سلمان في برقية تهنئة بمناسبة اليوم الوطني الإماراتي: "العلاقات الأخوية بين البلدين يحرص شعبيهما على تعزيزها وتطويرها في جميع المجالات". هذه العبارة ليست تعبيراً دبلوماسياً فارغاً. بل هي ملخص لواقع ملموس.

في الأشهر الأخيرة، شهدت العلاقات تدفقاً غير عادي من التحركات الدبلوماسية: برقية تهنئة من ولي العهد السعودي، زيارة رسمية للشيخ محمد بن زايد إلى عُمان، ودعم إماراتي بـ15 مليون دولار لبرنامج اللاجئين التابع للأمم المتحدة في السودان — وهي خطوة أظهرت التزام الإمارات بدور إنساني إقليمي واسع، وهو ما يتوافق تماماً مع رؤية السعودية لقيادة إقليمية مسؤولة. وعندما يُدعى رئيس دولة لحضور معرض عالمي، فهذا يعني أن هناك تخطيطاً مشتركاً لمستقبل اقتصادي يتجاوز الحدود.

النخبة الإماراتية تُرسل إشارات قوية

الوفد الذي رافق الشيخ محمد بن زايد في زيارته إلى عُمان كان مذهلاً من حيث التمثيل: نائب الرئيس، وزير الخارجية، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس هيئة الاستثمار، وحتى مستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية. هذا ليس وفداً دبلوماسياً عادياً. إنه فريق تنفيذي كامل، يُرسل رسالة: لا نريد فقط التبادل الودي، بل نريد شراكات عملية — في التكنولوجيا، الاستثمار، الطاقة، والبنية التحتية. وهذا يتوافق تماماً مع أهداف إكسبو 2030، الذي يركز على "الابتكار من أجل مستقبل مستدام".

في المقابل، لم تكن الدعوة من ولي العهد السعودي مفاجئة. فمنذ عام 2023، تبنى مشروع إكسبو 2030 نهجاً إقليمياً واضحاً: لا يُراد له أن يكون حدثاً سعودياً فقط، بل حدثاً خليجياً، ثم عربياً، ثم عالمياً. والدعوة للإمارات ليست مسألة صداقة، بل استراتيجية. فالمملكة تعرف أن نجاح إكسبو 2030 يعتمد على مشاركة دول الخليج الكبرى، لا فقط من حيث التمويل، بل من حيث التأثير الإعلامي والسياسي.

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

الخطوة التالية ستكون تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين لتنسيق المشاركة في إكسبو 2030. ومن المرجح أن تُعلن عن مشاريع مشتركة في الطاقة النظيفة، والذكاء الاصطناعي، والنقل الذكي — وهي المجالات التي تتفوق فيها الإمارات، والتي تسعى الرياض لتطويرها بسرعة. كما قد يُعلن عن اتفاقية لتبادل الطلاب أو تأسيس مراكز بحثية مشتركة. والأكثر أهمية: قد يُعلن عن رحلة جماعية لقادة البلدين إلى الرياض قبل افتتاح الإكسبو، كرمز قوي للوحدة.

الإمارات، التي تملك خبرة في تنظيم إكسبو 2020 دبي، ستكون شريكاً لا غنى عنه. فما نجح في دبي يمكن أن يُكرر في الرياض، لكن بحجم أكبر وأكثر طموحاً. وعندما يُشارك رئيس دولة في حدث آخر، فهذا يعني أنه يُصدق في نجاحه — وهذا ما يُريد السعوديون سماعه.

خلفية تاريخية: من الخلاف إلى التقارب

قبل خمس سنوات، كانت العلاقات بين البلدين على حافة التوتر، خاصة بسبب المواقف المتباينة في اليمن. لكن التحول بدأ في 2022، بعد وفاة الشيخ خليفة، وصعود الشيخ محمد بن زايد إلى الرئاسة. كان واضحاً أن قيادة جديدة في أبوظبي تبحث عن استقرار إقليمي، وليس صراعاً. وفي المقابل، رأت الرياض في هذا التحول فرصة لبناء جسر من الثقة. وبدأت خطوات ملموسة: إغلاق الملف اليمني، إعادة فتح الحدود، تعاون أمني مشترك، وتبادل رفيع المستوى.

في 2024، وقّع البلدان اتفاقية لتعزيز التجارة غير النفطية إلى 100 مليار دولار بحلول 2030 — وهو هدف طموح لكنه ممكن. والآن، مع دعوة إكسبو، يبدو أننا أمام مرحلة جديدة: ليس فقط تعاون اقتصادي، بل تكامل رمزي. وكأن البلدين يقولان: نحن لا نتنافس على النفوذ، بل نبني معاً مستقبلاً.

أسئلة شائعة

كيف تؤثر دعوة إكسبو 2030 على الاقتصاد الإماراتي؟

الدعوة تعني فرصاً تجارية مباشرة: شركات إماراتية ستُدعى لعرض تقنياتها في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة، وستُتاح لها فرصة التفاوض مع مستثمرين سعوديين. كما أن مشاركة دولة كاملة في حدث عالمي ترفع من سمعتها الاستثمارية. وقد تصل قيمة العقود الموقعة خلال الإكسبو إلى أكثر من 3 مليارات دولار، وفق تقديرات خبراء اقتصاديين.

لماذا لم تُدعَ عُمان أو قطر بنفس الطريقة؟

العلاقات مع الإمارات أعمق وأكثر تكاملاً. ففي حين أن عُمان تلتزم الحياد، وقطر لا تزال تُنظر إليها بحذر بسبب مواقفها السابقة، فإن الإمارات شريكة استراتيجية في الأمن والاقتصاد والطاقة. الدعوة ليست مسألة حجم، بل مسألة ثقة. وعندما تُدعى دولة واحدة فقط بصفة رسمية، فهذا يُظهر تمييزاً دبلوماسياً متعمداً.

ما دور الملك سلمان في هذه الدعوة؟

الملك سلمان لم يُشارك مباشرة في الدعوة، لكن تأييده الصريح للعلاقات مع الإمارات، عبر برقية تهنئة رسمية، يُعدّ ضمانة سياسية. ففي النظام السعودي، لا تُتخذ خطوات دبلوماسية كبرى دون موافقة الملك. وبالتالي، فإن دعوة ولي العهد تُعدّ تعبيراً عن رغبة النظام بأكمله، وليس فقط رغبته الشخصية.

هل يمكن أن تُصبح الرياض وأبوظبي عاصمتين متكاملتين اقتصادياً؟

الاحتمال وارد. فكلا البلدين يمتلكان موانئ، مطارات، مراكز مالية، وشبكات نقل متطورة. بالفعل، هناك خطط لربط السكك الحديدية بينهما بحلول 2030. وإذا نجح إكسبو، فقد يُنشأ "ممر اقتصادي خليجي" يربط الرياض بأبوظبي ودبي، ليصبح محوراً عالمياً للتجارة والابتكار، يُنافس سنغافورة أو لندن.

ما الذي يدفع الشيخ محمد بن زايد لقبول الدعوة؟

الشيخ محمد بن زايد يعرف أن نجاح إكسبو 2030 يُعزز استقرار المنطقة بأكملها. كما أن المشاركة تُظهر أن الإمارات لا تُريد أن تكون مجرد مستهلكة للطاقة، بل شريكة في بناء المستقبل. وفي المقابل، فإن رفض الدعوة كان سيُرسل إشارة سلبية — وهو أمر لا تريده أبوظبي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها.

هل هناك أي مخاطر سياسية في هذه الدعوة؟

المخاطر منخفضة جداً. فكلتا الدولتين لديهما مصلحة مشتركة في تجنب أي توتر. وحتى في ظل الخلافات السابقة، لم تُستخدم الدعوات كأدوات ضغط، بل كأدوات بناء. والأهم أن الشعبين في البلدين يدعمان هذا التقارب — وهو ما يمنحه شرعية داخلية قوية.

3 التعليقات
  • Nefertiti Yusah
    Nefertiti Yusah

    هذي أول مرة أشوف قمة خليجية ما تخلص بس حفلة عشاء وتبادل هدايا. الرياض بتعمل حاجة حقيقية، ومش بس صور تويتر.

  • Ali al Hamidi
    Ali al Hamidi

    الإمارات والسعودية ما كانوا يوماً أعداء، لكن التقارب هذا مختلف. من كلام الوزير، واضح إنهم بيدوّروا لمشروع استراتيجي مش مجرد معرض. إكسبو 2030 مش معرض، هو بوابة لاقتصاد متكامل بين البلدين، من الطاقة للذكاء الاصطناعي. نحن نعيش لحظة تاريخية، واللي ما يشوفها، مش مقصّر بس، متخلف عن العصر.

  • إكرام جلال
    إكرام جلال

    يا جماعه والله انا شفنا كتير من الوعود بس ده المرة اللي بتشوف فيها الاماراتي بيدخل معاك فلابس ومش بس يديك كوب قهوة 😅 الرياض مخلصه ده واضح، والحمدلله على النهضة دي.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*