توقيع بروتوكول تعاون بين التحالف الوطني وموانئ دبي العالمية في الأقصر لدعم أهداف التنمية المستدامة في مصر
في تمام الساعة 12 ظهر يوم الاثنين 7 أكتوبر 2024، وُقِّع بروتوكول تعاون تاريخي بين التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي ومؤسسة موانئ دبي العالمية الخيرية في مقر محافظة الأقصر، في خطوة تُعد أول تعاون رسمي بين الطرفين، وتُرسِّخ شراكة استراتيجية تهدف إلى دفع عجلة تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر. لم يُكشف عن أسماء الموقّعين، لكن الحضور كان من كبار المسؤولين من كلا الطرفين، وتم توثيق الحدث عبر عدة مصادر إعلامية موثوقة، بينها Youm7 وSiasa Post ومقاطع فيديو من News Room. ما يثير الاهتمام هنا ليس فقط التوقيع، بل المكان: الأقصر، المدينة التي تُعد نموذجًا حيًا لتحديات التنمية في صعيد مصر، ورمزًا عالميًا للتراث الإنساني.
لماذا الأقصر؟ خلفية استراتيجية لا تُهمل
اختيار الأقصر كمقر لتوقيع البروتوكول ليس عشوائيًا. هذه المدينة، التي تضم أكثر من 60% من آثار مصر القديمة، تواجه تناقضًا صارخًا: فهي تجذب ملايين السياح سنويًا، لكن سكانها يعانون من نقص في البنية التحتية، وفرص العمل، والخدمات الصحية والتعليمية. هنا، تصبح الشراكة بين منظمة محلية تعمل على تطوير المجتمع المدني، ومؤسسة دولية تمتلك شبكة لوجستية عالمية، أكثر من مجرد إعلان نوايا. إنها محاولة لتحويل التراث إلى فرصة اقتصادية، لا مجرد متحف مفتوح.
التفاصيل: ماذا ينص البروتوكول حقًا؟
البروتوكول لا يحتوي على أرقام، ولا على مبالغ مالية، ولا على جداول زمنية محددة. هذا ليس نقصًا في الشفافية، بل تكتيكًا استراتيجيًا. ما ورد في التقارير، وبخاصة في مقال Siasa Post، هو أن الهدف الأساسي هو "تطوير آليات لتنفيذ مشاريع ومبادرات تدعم أهداف التنمية المستدامة في مصر". أي أن المرحلة الأولى ليست بناء مدارس أو مستشفيات فورية، بل بناء نظام — نظام لتحديد الأولويات، وتنسيق الموارد، وقياس الأثر. هذا يشبه بناء خريطة طريق قبل رحلة طويلة، وليس تحميل الشاحنات بالبضائع فورًا.
الزيارة إلى دبي: خطوة تالية لا تُستهان بها
في غضون ساعات من التوقيع، سافر وفد التحالف الوطني إلى مقر DP World في دبي، وفقًا لتقارير Siasa Post وNews Room. هذه الزيارة لم تكن زيارة تهنئة، بل مفاوضات عملية. ماذا يبحثون هناك؟ ليس فقط التمويل، بل الخبرة اللوجستية، وشبكة الشركاء، وآليات إدارة المشاريع التنموية في بيئات متنوعة. مؤسسة موانئ دبي العالمية الخيرية ليست مجرد جهة خيرية — إنها ذراع تنموية لشركة تعمل في 40 دولة. لديها تجربة في بناء موانئ، وتطوير مدن، وتشغيل مراكز توزيع. هذه الخبرة هي ما يريده التحالف الوطني، وليس فقط المال.
كيف ستُترجم هذه الشراكة إلى واقع؟
التحدي الأكبر ليس التوقيع، بل التنفيذ. في مصر، توجد عشرات البروتوكولات الموقعة بين جهات محلية ودولية، لكن قليلًا منها يتحول إلى مشاريع ملموسة. ما يميز هذه الشراكة هو أن الطرفين لا يتعاملان كمُانِح ومُستفيد، بل كشريكين متكافئين: التحالف الوطني يعرف الأراضي، والمجتمعات، والاحتياجات الحقيقية، بينما مؤسسة موانئ دبي العالمية تملك القدرة على توصيل الموارد، وبناء الشراكات، وربط المشاريع بالأسواق العالمية. التوقعات تشير إلى أن أولى المشاريع قد تركز على قطاعات السياحة المستدامة، والتدريب المهني للشباب في صعيد مصر، وتحسين البنية التحتية للخدمات الأساسية في المناطق المحيطة بالمواقع الأثرية.
ما الذي لم يُقال؟ الأسئلة التي تبقى معلقة
لا أحد يعرف كم من المال سيُخصص لهذه الشراكة. لا أحد يعرف متى ستبدأ المشاريع. لا أحد يعرف ما إذا كانت هناك مراقبة مستقلة للأثر. هذه الثغرات ليست غيابًا في التقارير فحسب، بل قد تكون علامة على أن الشراكة ما زالت في مرحلة التأسيس. لكن هذا لا يعني أنها ضعيفة. بل على العكس — ففي بعض الأحيان، أفضل المشاريع تبدأ بصمت، لا بإعلانات.
ما الذي يختلف هذه المرة؟
في الماضي، كانت الشراكات الدولية مع مصر تُركز على التبرعات أو المشاريع الفردية. هذه المرة، هناك إدراك عميق بأن التحديات التنموية لا تُحل بمشاريع منفصلة، بل بمنظومة متكاملة. التحالف الوطني، رغم أنه منظمة محلية، يُصنف كتحالف وطني — أي أنه يجمع مئات المنظمات الأهلية تحت مظلة واحدة. هذا يعطيه قدرة على التمدد والتنفيذ على نطاق واسع، وهو ما تفتقر إليه كثير من المؤسسات الخيرية التي تعمل منفردة.
ما هي التحديات المحتملة؟
أحد التحديات التي قد تواجه الشراكة هو التوافق بين الثقافتين: ثقافة العمل الأهلي المصري، التي تعتمد على التفاعل المجتمعي المباشر، وثقافة المؤسسة الإماراتية، التي تعتمد على الهيكلة والمؤشرات. إذا لم يتم بناء جسر ثقافي حقيقي بين الفريقين، فقد تتعثر المشاريع في البيروقراطية أو سوء الفهم. لكن التوقيع في الأقصر، وزيارة دبي بعده مباشرة، يُظهران نية حقيقية لبناء هذا الجسر.
أسئلة شائعة
كيف ستؤثر هذه الشراكة على سكان الأقصر؟
حتى الآن، لم يُعلن عن مشاريع محددة، لكن التركيز على الأقصر كموقع للتوقيع يشير إلى أن السكان المحليين سيكونون المستفيدين الأساسيين. من المتوقع أن تشمل المبادرات تدريب الشباب على مهارات السياحة المستدامة، وتحسين الخدمات في المناطق المحيطة بالمواقع الأثرية، ودعم المشروعات الصغيرة المرتبطة بالتراث. هذه التغييرات قد تُقلل من الهجرة من الصعيد، وتخلق فرص عمل مباشرة.
لماذا لم يُذكر أي رقم مالي في التقارير؟
عدم ذكر الأرقام لا يعني غياب التمويل، بل يعكس أن الشراكة في مرحلة التخطيط، وليس التنفيذ. المؤسسات الدولية مثل مؤسسة موانئ دبي العالمية غالبًا ما تبدأ بتمويل أولي صغير لاختبار الآليات قبل التوسع. هذا أسلوب حكيم — فالأفضل أن تبدأ بمشروع ناجح واحد، بدلاً من توزيع أموال على عشرات المشاريع التي قد تفشل.
ما الفرق بين مؤسسة موانئ دبي العالمية الخيرية وشركة DP World؟
شركة DP World هي شركة لوجستية عالمية تدير الموانئ، بينما مؤسسة موانئ دبي العالمية الخيرية هي ذراعها الإنساني، تُركز على التعليم، والصحة، والتنمية المجتمعية. لا تُدار المؤسسة من أرباح الشركة، بل من ميزانية خيرية مستقلة، لكنها تستفيد من خبراتها اللوجستية وشبكاتها العالمية لتنفيذ المشاريع بفعالية أكبر.
هل هذه أول شراكة بين التحالف الوطني وDP World؟
نعم، وفقًا لجميع المصادر، هذه هي أول شراكة رسمية بين الطرفين. لكنها ليست أول شراكة إماراتية-مصرية في مجال التنمية. هناك شراكات سابقة مع مؤسسات مثل صندوق أبوظبي للتنمية، لكن هذه المرة تأتي عبر منظمة أهلية مصرية مُنظمة، مما يعطيها طابعًا أكثر استدامة وتوافقًا مع احتياجات المجتمع المحلي.
ما هي المراحل القادمة؟
المراحل القادمة تتركز على تطوير "آليات التنفيذ"، أي تحديد كيف، ومتى، وأين ستُنفذ المشاريع. من المتوقع أن يُشكل الطرفان لجنة مشتركة خلال الأشهر القادمة، وربما تُعلن أولى المشاريع قبل نهاية 2025. الهدف ليس الإعلان عن أرقام، بل إثبات أن الشراكة قادرة على تحويل الأفكار إلى نتائج ملموسة في صعيد مصر.
هل هذه الشراكة جزء من علاقة سياسية أوسع بين مصر والإمارات؟
بالتأكيد. تُعد هذه الشراكة جزءًا من توجه أوسع لتعزيز التعاون التنموي بين البلدين، خصوصًا في قطاعات البنية التحتية والتنمية المجتمعية. لكنها تختلف عن المشاريع الحكومية — فهي تُدار عبر منظمات أهلية، مما يقلل من التوترات السياسية ويزيد من قبول المجتمع المحلي. هذا النوع من الشراكات هو ما يُسمى بـ"الدبلوماسية التنموية"، وهو الأكثر فعالية على المدى الطويل.