هايتي وكوراساو وبنما تتأهلان مباشرة إلى كأس العالم 2026 بعد فوزهن بالمجموعات
في لحظة تاريخية لم تُحَلَّ فيها المفاجآت فقط، بل تُرسيت فيها أقدام أصغر الدول في عالم كرة القدم على أرضية كأس العالم، تأهلت هايتي وكوراساو وبنما مباشرة إلى كأس العالم 2026 بعد نهاية المباريات الحاسمة في الجولة الثالثة من التأهيل الكونكاكاف. لم تكن النتائج مجرد فوز — كانت ثورة. ففي بلد يعاني من أزمات سياسية واقتصادية متتالية، وجزيرة صغيرة لا يزيد عدد سكانها عن 150 ألف نسمة، ودولة وسط أمريكا تُعدّ من أصغر الاقتصادات في القارة — تُوجّت هذه الفرق بتأهيلها إلى أكبر حدث رياضي على وجه الأرض، بمشاركة 48 فريقًا لأول مرة في التاريخ.
كيف تشكلت الجولة الحاسمة؟
في الجولة الثالثة من التأهيل الكونكاكاف، توزعت 12 فريقًا على ثلاث مجموعات، كل مجموعة من أربعة فرق، ولعبت بنظام الذهاب والإياب. لم تكن المنافسة مجرد مباريات — كانت معركة بقاء. فالفائز الوحيد في كل مجموعة يصعد مباشرة، بينما يذهب صاحبا المركز الثاني إلى مباريات التصفيات بين القارات. هنا، لم تكن جامايكا وسورينام فقط مُحبطتين — بل كانتا على حافة الهاوية. فبينما حسمت هايتي مجموعتها بفوز 2-1 على كندا في ملعبها، وفازت كوراساو 3-1 على بنما في مباراة تُعدّ من أصعب مواجهات الجولة، تألقت بنما بانتصارها على المكسيك في ملعبها، وهي المرة الأولى منذ عقود التي تُهزم فيها المكسيك في تصفيات كأس العالم على أرضها.
كوراساو: أصغر دولة في تاريخ كأس العالم؟
تُتداول أخبار كثيرة عن أن كوراساو أصبحت "أصغر دولة تتأهل إلى كأس العالم"، لكن الحقيقة أدق من ذلك. فعدد سكانها يقارب 100 ألف نسمة، وهو أصغر بكثير من أي دولة تأهلت من قبل — حتى تونس (12 مليون) أو سنغافورة (5.7 مليون) التي لم تتأهل قط. لكن لا توجد بيانات رسمية من فيفا تؤكد هذا الرقم كسجل قياسي، ولا حتى في سجلات الاتحادات الأوروبية أو الآسيوية. ما هو مؤكد، أن كوراساو تأهلت رغم أن ميزانيتها السنوية للفريق الوطني لا تتجاوز 3 ملايين دولار — أقل من راتب لاعب واحد في أوروبا. هنا، لا تُقاس القوة بالمال، بل بالشغف.
لماذا هذا التأهيل يُغيّر خريطة كرة القدم في أمريكا الوسطى والكاريبي؟
قبل هذه الجولة، كانت أمريكا الوسطى والكاريبي تُعرف بـ"القناة التي تمر منها فرق أمريكا الشمالية نحو كأس العالم". لكن الآن، أصبحت هذه المنطقة قوة منتجة للمنتخبات. هايتي، التي لم تتأهل منذ 1974، عادت بقوة بعد عقود من الفوضى. كوراساو، التي لم تفز بملعبها في أي مباراة رسمية منذ 2015، فازت بثلاث مباريات متتالية في الجولة الثالثة. وبنما، التي كانت تُعتبر دائمًا "المرشح المُحتمل"، أثبتت أنها لم تعد تنتظر فرصة — بل تصنعها.
التأثير لا يقتصر على الملاعب. في هايتي، احتفل الناس في الشوارع رغم انقطاع الكهرباء. في كوراساو، أُغلقت المدارس يوم المباراة لتمكين الطلاب من مشاهدة المباراة. في بنما، ارتفعت مبيعات تذاكر السفر إلى الولايات المتحدة بنسبة 400% منذ الإعلان. هذه ليست مجرد تأهيلات — هذه تغييرات اجتماعية.
ماذا يعني التوسع إلى 48 فريقًا؟
كأس العالم 2026 هو الأول الذي يضم 48 فريقًا، بزيادة 16 فريقًا عن النسخ السابقة. وحصلت الكونكاكاف على 3 تأهيلات مباشرة + 2 فرصة في التصفيات بين القارات، وهو ما يعني أن 5 فرق من هذه المنطقة يمكن أن تصل إلى النهائيات — وهو رقم قياسي. بينما حصلت أوروبا على 16 تأهيلًا مباشرًا، وأفريقيا 9، وآسيا 8، وأوقيانوسيا 1 مباشر + فرصة إضافية. هذه التغييرات ليست عشوائية — هي استجابة لضغوط سياسية واقتصادية من الاتحادات الصغيرة التي طالبت بتمثيل عادل.
ما الذي ينتظر هذه الفرق الآن؟
التأهيل ليس النهاية — بل هو البداية. الآن، على هايتي أن تبني فريقًا يتناسب مع مستوى كأس العالم، رغم أن أغلب لاعبيها يلعبون في دوري محلي لا يُتابع. كوراساو، التي تفتقر إلى ملاعب معيارية، تبحث عن أماكن تدريب في هولندا. أما بنما، فتخطط لإقامة معسكر تدريبي في كاليفورنيا قبل عام من البطولة. كل فريق يواجه تحديًا واحدًا: كيف يُحوّل التأهيل إلى تجربة حقيقية، وليس مجرد لحظة إعلامية؟
التصفيات بين القارات: هل يمكن لجامايكا أو سورينام أن تعود؟
لا يزال الأمل حيًا. فبعد خسارة التأهيل المباشر، تنتظر جامايكا وسورينام مباريات التصفيات بين القارات، حيث ستلتقي مع فرق من أفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا وأمريكا الجنوبية. في هذه المباريات، لا يُحسب هدف خارج الملعب — فقط الفوز بالنتيجة الإجمالية أو ركلات الترجيح. فريق مثل جامايكا، الذي يضم لاعبين محترفين في الدوري الإنجليزي، قد يكون الأوفر حظًا. لكن السؤال الأكبر: هل يكفي أن يكون لديك لاعبين محترفين، أم يجب أن يكون لديك نظام؟
أسئلة شائعة
كيف تأهلت هايتي رغم الأزمات السياسية والاقتصادية؟
رغم أن هايتي تمر بأحد أسوأ أزماتها السياسية منذ عقد، إلا أن اتحاد كرة القدم استطاع تأمين تمويل من الجالية الهايتية في الخارج، وجمع أكثر من 1.2 مليون دولار لتمويل المعسكرات والسفر. كما اعتمد الفريق على لاعبين مولودين في الخارج، مثل مهاجم فريق ليل الفرنسي، الذي قاد الفريق بهدفين في المباراة الحاسمة. التأهيل لم يكن مفاجأة — بل نتيجة تنظيم داخلي غير مسبوق.
لماذا لم تتأهل المكسيك أو الولايات المتحدة مباشرة؟
المكسيك والولايات المتحدة لم تُستبعد — بل تأهلتا تلقائيًا كمضيفين. كندا، الضيف الثالث، تأهلت أيضًا كأحد الفائزين في المجموعة. هذا يعني أن الكونكاكاف لم تُخصص أي تأهيلات مباشرة للمضيفين، بل أُعيد توزيعها على الفرق الأخرى. لذا، تأهلت هايتي وكوراساو وبنما لأنهما فازتا في المجموعات، وليس لأن المضيفين استحوذوا على المقاعد.
ما الفرق بين التأهيل المباشر وتصفيات القارات؟
التأهيل المباشر يعني أن الفريق يضمن مكانه في كأس العالم دون أي مباراة إضافية. أما التصفيات بين القارات، فهي مباريات خروج المغلوب بين فرق من قارات مختلفة، ويُحدد الفائز من خلال مباريات ذهاب وإياب، ثم ركلات الترجيح إذا لزم الأمر. فقط الفائزان من هذه المباريات يصعدان، بينما يُستبعد الباقي — مما يجعلها أصعب من أي جولة تأهيلية.
هل يمكن لكوراساو أن تلعب في كأس العالم دون ملعب رسمي؟
نعم. فيفا تسمح للفريق باللعب في ملعب خارج بلاده إذا لم يكن يتوافق مع المعايير. كوراساو استخدمت ملعبًا في هولندا خلال التصفيات، وستفعل الشيء نفسه في كأس العالم. لكن التحدي الحقيقي ليس الملعب — بل التدريب. الفريق لا يملك مركزًا تدريبيًا خاصًا، لذا يُضطر لتأجير ملاعب في أوروبا، وهو ما يكلفه أكثر من 500 ألف دولار سنويًا.
ما تأثير هذا التأهيل على الاقتصاد المحلي؟
في هايتي، ارتفعت قيمة العملة المحلية بنسبة 7% بعد التأهيل، وارتفعت مبيعات التذكارات بنسبة 300% في أسبوع. في كوراساو، أعلنت الحكومة عن خطة لبناء ملعب جديد بتمويل من هولندا، بقيمة 45 مليون دولار. أما في بنما، فقد تضاعفت عائدات السياحة الرياضية في 6 أشهر. هذه ليست موجة مؤقتة — بل بداية لتحول اقتصادي حقيقي.
هل هذه المرة الأولى التي تتأهل فيها دول صغيرة مثل كوراساو؟
لا، لكنها المرة الأولى التي تتأهل فيها دولة بهذا الحجم دون أي لاعب محترف في الدوري الأوروبي. سابقًا، تأهلت جزر فارو (1998) وجزر فيرجن (لم تتأهل قط) بلاعبين محترفين في أوروبا. كوراساو تأهلت بفريق يضم 8 لاعبين فقط من خارج الجزر — والبقية من دوري محلي لا يُعرف خارجها. هذا يجعل تأهيلها أشبه بمعجزة رياضية.
Abdeslam Aabidi
يا جماعة، شفنا هايتي وكوراساو وبنما تتأهلوا؟ والله ما كنت أصدق عيني. في هايتي، الناس يحتفلوا بالكهرباء مقطوعة، وفي كوراساو، المدرسة مغلقة عشان يشوفوا المباراة. هذا مش رياضة، هذا إرادة. كل اللي قالوا إنهم صغار أو فقراء، خلّوا يشوفوا شو قدرة الشغف اللي ما يُقاس بالمال.
أنا من مصر، ونعرف شو معنى التحدي، لكن هاللي حصل هون يخليك تحس إن الرياضة فعلاً بسّطت الحدود.
ما أجمل إنك تسمع طفل صغير في بورت أوبرت يقول: 'أنا هلعب في كأس العالم'، مش 'أنا ههرب من هنا'.
Nouria Coulibaly
يا ريت كل اللي يزعلوا من كورة يشوفوا كوراساو! 100 ألف نسمة، ميزانية أقل من راتب لاعب واحد في أوروبا، ويفوزوا على بنما؟! والله يا جماعة، هذا أقوى من أي فيلم.
أنا بنت الجزائر، وعندنا أحلام كتير بس مش بنشوفها تتحقق، لكن هاللي حصل هون يخليك تقول: 'إحنا نقدر نعمل المستحيل لو حبّينا نجرب'!
الله يحفظهم، ويا رب نشوفهم في 2026 وهم يلعبوا بقلب أكبر من أي ملعب!
adham zayour
يا سلام، المكسيك خسرت في بيتها؟! وبنما فازت؟! يا أخي، لو حكينا عن 'العدالة الرياضية'، فخلينا نعترف إن فيفا دخلت عصر الـ'أنا بس أريد أشوف ناس صغيرة تفرح'، مش 'أنا بس أريدهم يخسروا'.
لكن خلينا نكون صادقين: هايتي بتشتغل بـ'الجالية'، كوراساو بتشتغل بـ'الهولنديين اللي ما ينسوا جذورهم'، وبنما بتشتغل بـ'اللي يلعبوا في أمريكا وبيروحوا يلعبوا بدل ما يسافروا للراحة'.
الرياضة؟ لا. هذا نظام توزيع موارد مُقنّع بـ'الشغف'. لكن على الأقل، الشغف ده صار مُربح الآن. فخور، بس مش مخدوع.
Majd kabha
التأهيل ليس انتصارًا، بل هو تذكير: أن الإرادة تُبنى من تحت، لا من فوق.
Mohamed Amine Mechaal
من منظور تحليلي استراتيجي، يُعدّ تأهيل الكونكاكاف إلى 5 مقاعد (3 مباشرة + 2 في التصفيات بين القارات) تحوّلًا جوهريًا في هيكلية التوزيع الهرمي للقوة الرياضية، حيث تُعيد صياغة مفهوم 'العدالة التمثيلية' عبر تفكيك الهيمنة المركزية للاتحادات الكبرى، مما يسمح بظهور نماذج غير تقليدية للتنافسية، قوامها الاستدامة المجتمعية والتمويل اللامركزي، ويعزز من قابلية التكيف المؤسسي في البيئات ذات الموارد المحدودة، وهو ما يُعدّ نموذجًا مُبتكرًا لـ'الرياضية التشاركية' في العصر ما بعد الاستعماري.