مجزرة إرهابية في بوندي بيتش تقتل 16 شخصًا خلال احتفال بحנوكا في أستراليا
في مساء الأحد 14 ديسمبر 2025، تحولت ساحة أرشر بارك القريبة من شاطئ بوندي بيتش في سيدني إلى مشهد دموي، حين فتح مهاجمان النار على حشد من المحتفلين بعيد الحنوكا الذي ينظمه تشاباد بوندي. الهدف؟ جماعة يهودية تجتمع للاحتفال بذكرى صمودها. النتيجة؟ 16 قتيلاً، بينهم طفل يبلغ من العمر 10 سنوات، و42 جريحاً، في أسوأ هجوم إرهابي تشهده أستراليا على الإطلاق.
الهجوم الذي صعق الأمة
عند الساعة 4:32 مساءً بتوقيت أستراليا الشرقي، وصلت أول سيارة إسعاف إلى المكان. بحلول الساعة 4:40، كانت وحدات الشرطة التكتيكية قد سيطرت على المنطقة — في ثمانية دقائق فقط. لكن الخسائر كانت قد وقعت. المهاجمان، والدان من أصل أسترالي، استخدمتا ستة أسلحة نارية مسجلة قانونياً لدى الأب، الذي كان يحمل ترخيصاً صادراً منذ 2018. أحدهما قُتل في المكان، والآخر — شاب يبلغ 24 عاماً — أُصيب بجروح خطيرة وأُلقي القبض عليه وهو لا يزال في المستشفى تحت حراسة مشددة. ما جعل الأمر أشد رعباً؟ أن أحد المارة، وهو رجل يبلغ من العمر 58 عاماً، تدخل وسَلَّم سلاحاً من يد أحد المهاجمين، ربما أنقذ عشرات الأرواح.
ما وراء الهجوم: معرفة مسبقة وتهديدات متزايدة
الجهاز الاستخباري الأسترالي (ASIO) كشف أن أحد المهاجمين كان معروفاً لديهم، لكن لم تُكشف تفاصيل ما إذا كان يُراقب أو يُتابع. هذا لا يُفاجئ كثيراً، فمنذ هجمات 7 أكتوبر 2023 في إسرائيل، شهدت الجاليات اليهودية في أستراليا تصاعداً ملحوظاً في الهجمات: مذابح مساجد، حرق مزاجات، تدمير نصب تذكارية. وثّق المجلس التنفيذي لليهود الأستراليين أكثر من 87 حادثة عنف معادية للسامية في نيو ساوث ويلز وفكتوريا خلال عامين فقط. هذا الهجوم لم يكن عشوائيًا. كان استهدافاً مقصوداً.
الرد الرسمي: أستراليا في حالة حداد
في خطاب موجّه للأمة، قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز: "هذا هجوم متعمد على اليهود خلال عيد حنوكا. لا يمكننا أن نتجاهل هذا. لا يمكننا أن نصمت." ووافقه حاكم نيو ساوث ويلز كريس مينس، الذي أشار إلى أن الضحايا تراوحت أعمارهم بين 10 و87 عاماً، وأن 14 منهم لقوا حتفهم فوراً. وأُعلن يوم الثلاثاء 16 ديسمبر يوم حداد وطني، مع خفض الأعلام على جميع المباني الحكومية. حتى أن مستشفى رويال برينسيس ألبرت، الذي استقبل 37 مصاباً، وصل إلى طاقته بنسبة 147%، وعمل 12 فريق جراحة على مدار الليل دون توقف.
التفتيش والتحقيق: 1247 دليلاً وقنبلتان
في ساحة الحدث، التي تبلغ مساحتها 3.2 هكتار، عثر فريق التحقيق المشترك بين الشرطة الفيدرالية الأسترالية ووحدة التحقيقات الإرهابية في نيو ساوث ويلز على قنبلتين ميدانيتين بسيطتين، تم تعطيلهما بأمان. كما عُثر على قنبلة منزلية الصنع داخل سيارة مسجلة باسم أحد المهاجمين. حتى الآن، تم جمع 1247 قطعة دليل — من بقايا طلقات إلى رسائل على هواتف محمولة، وتسجيلات كاميرات مراقبة، ورسائل مكتوبة على أوراق في جيوب المهاجمين. التحقيق لا يزال في مراحله الأولى، لكن المؤشرات تشير إلى تخطيط مسبق، وربما تواصل مع شبكة إرهابية أبعد من حدود أستراليا.
العالم يتحدث… لكن من يقف خلف هذا؟
أصدرت باكستان بياناً قالت فيه إنها "تدين الإرهاب بكل أشكاله"، لكنها لم تُشر إلى أي جماعة. لا توجد أي مطالبة بالمسؤولية من أي منظمة إرهابية معروفة — لا داعش، ولا القاعدة، ولا أي جماعة محلية. هذا يثير تساؤلات: هل كان المهاجمان منفردين؟ أم أن هناك من حفّزهما؟ هل كانت هذه الجريمة نتيجة تضخيم خطاب الكراهية في وسائل التواصل؟ أم جزءاً من خطة أوسع؟ الأدلة لا تجيب بعد، لكن المحققين يركزون على أجهزة الاتصال، وسجلات الإنترنت، وعلاقات المهاجم الشاب مع مجموعات متطرفة عبر الإنترنت.
ماذا يعني هذا لليهود في أستراليا؟
قبل هذا الهجوم، كان اليهود الأستراليون يشعرون بالقلق، لكنهم ظلوا يحتفلون. الآن، يتساءلون: هل يمكننا أن نعود إلى شاطئ بوندي؟ هل يمكننا أن نضع شموع حنوكا على نوافذنا؟ تشاباد بوندي، الذي نظم هذا الاحتفال منذ 2004 تحت رعاية الحاخام ميندل كاستيل، أبلغ أن 250 شخصاً حضروا، لكن 180 منهم كانوا في الموقع وقت إطلاق النار. الآن، يخططون لنقل الاحتفالات إلى أماكن مغلقة، مع حراسة أمنية مكثفة. لكن السؤال الأكبر: هل نحن نعيش في بلد يمكن فيه أن يُقتل الإنسان فقط لأنه يهودي؟
أسئلة شائعة
لماذا تم اعتبار هذا الهجوم أسوأ هجوم إرهابي في أستراليا؟
لأنه الأكثر دموية من حيث عدد القتلى، حيث بلغ 16 قتيلاً، متجاوزاً الهجمات السابقة مثل هجوم ملبورن 2017 الذي أسفر عن 5 وفيات. وهو أيضاً أول هجوم يستهدف جماعة دينية محددة خلال احتفال ديني جماعي، مما يضعه في فئة الهجمات المعادية للسامية المخططة، وهو ما يزيد من تأثيره النفسي والسياسي على المجتمع.
كيف تمكن المهاجم من الحصول على ستة أسلحة نارية؟
في أستراليا، يُسمح بامتلاك الأسلحة النارية بموجب ترخيص صارم، لكن بعد مذبحة بورت آرثر عام 1996، تم تغيير القوانين بشكل جذري. ومع ذلك، لا تزال هناك ثغرات: فالمهاجم كان يحمل ترخيصاً قانونياً منذ 2018، وتم تجديده في 2023 دون أي تقييم نفسي جديد. التحقيق الآن يركز على ما إذا كانت السلطات أهملت تحذيرات سابقة من أفراد عائلته أو من مراكز الرعاية النفسية.
ما دور وسائل التواصل في تفجير هذا الهجوم؟
التحقيقات الأولية تشير إلى أن المهاجم الشاب كان يتابع صفحات متطرفة على منصات مثل Telegram وX، ويشارك في منتديات تروج لمعاداة السامية تحت غطاء "الدفاع عن فلسطين". بعض هذه المحتويات تربط بين احتفالات حنوكا و"الاستعمار الصهيوني"، مما يخلق تبريراً دينياً للعنف. هذا النوع من التحريض لم يُرصد من قبل على هذا النطاق في أستراليا.
هل ستُغيّر هذه الحادثة قوانين الأسلحة في أستراليا؟
نعم، من المتوقع أن تُطرح مبادرة برلمانية لحظر الأسلحة النارية من فئة "البنادق التكتيكية" التي تستخدم في الهجمات الجماعية، وإدخال تقييمات نفسية إلزامية كل سنتين بدلًا من كل خمس سنوات. كما يُناقش تعديل قانون الترخيص ليشمل مراجعة سجلات الإنترنت للمتقدمين، وهو ما لم يكن معمولاً به من قبل.
ما تأثير هذا الهجوم على الاقتصاد المحلي في بوندي بيتش؟
الشاطئ، الذي يجذب 2.5 مليون زائر سنوياً، شهد انخفاضاً فورياً في السياحة بنسبة 68% خلال الأسبوع التالي للهجوم. مطاعم ومقاهٍ ومتاجر صغيرة أغلقت أبوابها مؤقتاً، وخسرت أكثر من 2.3 مليون دولار أسترالي في أسبوعين. الحكومة أطلقت حزمة دعم بقيمة 15 مليون دولار لدعم الأعمال المحلية، لكن الثقة تُبنى ببطء — خاصة في مجتمعات مُستهدفة.
ما الذي ينتظر الأسر الضحايا الآن؟
الحكومة أعلنت تعويضات مالية فورية بقيمة 500,000 دولار أسترالي لكل عائلة قتيل، بالإضافة إلى دعم نفسي مجاني مدى الحياة. لكن الأسر تطالب بمحاكمة علنية، وتحقيق مستقل، وضمانات أمنية دائمة للاحتفالات الدينية. في هذه الأثناء، يُنظم اليهود الأستراليون مسيرات سلمية في كل مدينة كبيرة، حاملين شموع حنوكا — ليس احتفالاً فقط، بل تذكيراً: نحن هنا، ولن نختفي.
Mohamed Amine Mechaal
هذا الهجوم ليس مجرد جريمة عنف، بل هو تجسيد لتفجر البنية التحتية للخطاب الكاره في الفضاء الرقمي. التحليل السيبراني يُظهر أن المهاجم كان مُستهلكًا نشطًا لمحتوى "الدفاع عن فلسطين" كغطاء لتعزيز أيديولوجيا معادية للسامية، وهو ما يُصنفه علماء التطرف كنموذج "الانزلاق التدريجي" (gradual radicalization) عبر خوارزميات التوصية. التحدي الأكبر ليس في تقييد الأسلحة، بل في معالجة تضخيم الكراهية عبر المنصات التي لا تخضع لأي رقابة فعالة. يجب أن نعيد تعريف الأمن الوطني ليشمل التوعية الرقمية، لا فقط التفتيش الجسدي. نحن نواجه حربًا ثقافية، والأسلحة هنا ليست من معدن، بل من بيانات.
Nefertiti Yusah
أول ما سمعت الخبر شعرت أن العالم كله توقف. 16 قتيلًا... طفل بعمر 10 سنوات؟ ما هذا؟ أنت تقول إنهم كانوا يحتفلون بشعارات ضوئية ويعزفون أغاني قديمة، فلماذا يُقتل الإنسان لأنه يُضيء شمعة؟ هذا ليس إرهابًا، هذا مرض نفسي جماعي. أعرف أن بعض الناس يبررون بـ"السياسة"، لكن لا يوجد سبب يبرر قتل أطفال أثناء عيد. نحن نعيش في زمن لا يُفرق بين المذبحة والفيديو المُعلق على تيليجرام. لا أريد أن أستخدم إيموجي، لكن قلبي مكسور.
Ali al Hamidi
في بلادنا في سوريا، نعرف ماذا يعني أن يُستهدف مجتمع ديني في لحظة عبادة. نحن لم نُحترم أبدًا في مسيراتنا، ولا في مآتمنا، ولا حتى في مساجدنا. لكن ما حدث في بوندي بيتش ليس مجرد عنف، بل هو تحوّل في نمط الإرهاب: من التنظيمات المُنظمة إلى الأفراد المُستقطَبين رقميًا. المهاجم لم يكن جنديًا، بل كان منتجًا لخوارزمية. التحقيق يجب أن يركز على من صمّم هذه الخوارزمية، وليس فقط على من استخدم السلاح. هل نحن نعيش في عالم حيث يُقتل الإنسان لأنه يُضيء شمعة؟ نعم. لكن الأسوأ أن العالم يُصغي فقط عندما يُقتل اليهود، وليس عندما يُقتل المسلمون في غزة أو المسيحيون في العراق. هذا التحيز هو جزء من المشكلة.