إلغاء مباراة الإمارات مقابل السعودية في كأس العرب بسبب عاصفة قوية في الدوحة
في قرار غير مسبوق، ألغت FIFA مباراة المركز الثالث بين الإمارات والسعودية في كأس العرب قطر 2025الدوحة بعد أن جعلت عاصفة مفاجئة ملعب خليفة الدولي غير قابل للاستخدام. الحدث، الذي كان مقرراً قبل النهائي بين الأردن والمغرب، توقف فجأة عند الهدوء بين الشوطين، بعد أن غمرت الأمطار الغزيرة الملعب في الريان، ضاحية الدوحة. لم يكن الأمر مجرد طقس سيء — بل كان تحدّياً لقواعد البطولة، ونقطة تحول في تاريخ كأس العرب الحديث.
لماذا توقفت المباراة؟
لم تكن الأمطار مجرد تقلّب جوي. بل كانت كارثة مائية. خلال الشوط الأول، لعب الفريقان بحماس، مع فرص حقيقية من علي صالح ويحيى الغساني للإمارات، ورُفض هدف لسالم الدوسري بسبب التسلل. لكن في استراحة النصف، تحولت السماء إلى نهر. المياه تجمعت بسرعة على الملعب، وتحولت العشب إلى طين متحرك. عندما عاد الحكم لاستشارة المدربين، كان القرار واضحاً: لا استمرار.
هنا تأتي اللحظة التي تختلف فيها هذه المباراة عن أي أخرى. المدربان — كوزمين أولارويو من رومانيا، مدرب الإمارات، وهرفي رينار من فرنسا، مدرب السعودية — لم يتفقا فقط على التوقف، بل أصرّا على عدم استئناف المباراة. قال أولارويو لمراسلي الجزيرة: "اللاعبون ليسوا أبطالاً في معركة الطبيعة. نحن هنا لحماية حياتهم، لا لاختبار حدودها." رينار أضاف: "إذا سقط لاعب وكسر ساقه في طين، فهل نقول إنها إصابة رياضية؟ أم إهمال؟"
ما الذي يُحدد المركز الثالث الآن؟
السؤال الأكبر: من يحصل على الميدالية البرونزية؟
الإجابة: لا أحد يعرف بعد.
لوائح كأس العرب — التي أُعيد إحياؤها عام 2021 بعد توقف دام 22 عاماً — لا تحتوي على بند واحد يعالج إلغاء مباراة بسبب ظروف طبيعية. لم يُذكر في أي وثيقة أنّه في حال تعذر لعب المباراة، هل يُحتسب نتيجة الشوط الأول؟ هل يُستخدم معيار الأهداف المسجلة في البطولة؟ أم يُستعان بترتيب المجموعة؟ كل الخيارات مطروحة… لكن لا شيء مؤكد.
المسؤولون في FIFA أكدوا أنّه لن يتم اتخاذ القرار عبر قرعة، كما شاع في بعض وسائل الإعلام. "لن نترك مصير فريقين لصدفة مكعب نرد،" قال مسؤول في لجنة التنظيم. "سندرس كل التفاصيل: الأداء، الأهداف، البطاقات، حتى تكتيكات المدربين. ثم نتخذ قراراً يُحترم."
الوقت يضغط. النهائي بين الأردن والمغرب وقع في نفس اليوم، في تمام الساعة 8 مساءً بتوقيت الدوحة. الملعب لم يكن مهيأً لإعادة المباراة يوم السبت — ولا حتى الأحد. التصفيات الجوية في قطر، حتى في الشتاء، تبقى غير متوقعة. وفريقا المركز الثالث لم يعودا إلى مقراتهما بعد. يُقال إنّهما ما زالا في فنادق الدوحة، ينتظران… لا شيء.
ما تأثير هذا الإلغاء على اللاعبين والاتحادات؟
اللاعبون، خصوصاً الشباب، يشعرون بخيبة أمل. سلطان عادل، لاعب الوسط الإماراتي الذي لعب بحماس في الشوط الأول، قال لـالبيان: "كنا نلعب لأجل الميدالية. لأجل عائلاتنا. لأجل كل من صدّق فينا. والآن؟ لا شيء. لا جائزة، لا شهادة، لا حتى كلمة شكر."
الاتحاد السعودي نشر بياناً موجزاً: "نحترم قرار FIFA ونؤيد مبدأ سلامة اللاعبين. ننتظر القرار النهائي بثقة." أما الاتحاد الإماراتي، فكان أكثر تفصيلاً: "لقد قدّمنا أداءً متميزاً، ونستحق أن نُعترف به. نحن لا نطالب بالميدالية، بل بالعدالة."
هنا تكمن الحقيقة الصعبة: هذه ليست مسألة رياضية فقط. إنها مسألة عدالة. فريقان خرجا من نصف النهائي بشرف، وسُلبت منهما فرصة لتأكيد مكانتهما — ليس فقط في البطولة، بل في تاريخ كرة القدم الخليجية.
ما الذي سيحدث في المستقبل؟
السؤال الأعمق: هل سيُعيد FIFA كتابة قواعد البطولة؟
من المرجح أنّ هذا الحدث سيُجبر المنظمة على إضافة بند جديد في نسخة 2027: "إلغاء المباراة بسبب الظروف الجوية — الإجراءات المتبعة." هل ستُستخدم معايير الفوز بالأهداف المسجلة؟ هل يُحتسب فوز الفريق الأفضل في المباريات السابقة؟ أم تُعاد المباراة في وقت لاحق — حتى لو كان بعد أشهر؟
الخبراء يشيرون إلى تجربة كأس الأمم الأوروبية عام 2020، حيث أُلغيت مباراة في بودابست بسبب عاصفة، فاستُخدم معيار الترتيب العام للفرق في المجموعة. لكن كأس العرب مختلفة: لا توجد مجموعات في المرحلة النهائية. كل شيء خروج مباشر.
الآن، كل العيون تتجه نحو لجنة الحكام في FIFA. هل سيُمنح المركز الثالث للإمارات لأنها فازت على الجزائر؟ أم للسعودية لأنها تغلبت على الأردن في المجموعة؟ أم سيُعلن أنّ المركز الثالث "غير مُخصص"؟
الاحتمال الأخير — الأقل ترجيحاً، لكنه مطروح — هو أن تُمنح الميدالية البرونزية للمنتخب الذي سجل أكبر عدد من الأهداف في البطولة بأكملها. في هذه الحالة، الإمارات تتفوق بفارق هدفين. لكن هذا سيُعدّ تعديلاً جذرياً للقواعد… وسيثير جدلاً أكبر.
خلفية تاريخية: كأس العرب بين الماضي والحاضر
كأس العرب، التي بدأت عام 1963، كانت تُلعب كل أربع سنوات، ثم توقفت عام 2003. أُعيد إحياؤها عام 2021 في قطر، كمنافسة تجريبية قبل كأس العالم. في نسخة 2021، فازت الجزائر باللقب. في 2025، كانت النسخة الأقوى: 16 فريقاً، ومستويات رفيعة، وحضور جماهيري مذهل.
الإمارات، التي لم تفز باللقب من قبل، وصلت إلى نصف النهائي لأول مرة منذ 1998. السعودية، التي فازت باللقب عام 1998، كانت تسعى لإعادة عزّتها. والآن، كلا الفريقين يقفان على حافة الفراغ.
الملعب، خليفة الدولي، الذي استضاف نهائي كأس العالم 2022، لم يُصمم لمواجهة مثل هذه العواصف. حتى مع أنظمة الصرف الحديثة، لم تكن قادرة على تفريغ 120 ملم من الأمطار في أقل من ساعة. هذا ليس خطأ في التخطيط — بل تذكير بأن الطبيعة لا تُستهان بها، حتى في أكثر المدن تطوراً.
أسئلة شائعة
كيف سيُحدد الفريق الفائز بالمركز الثالث بعد إلغاء المباراة؟
لم يُعلن القرار النهائي بعد، لكن مصادر داخل FIFA تشير إلى أنّ اللجنة ستدرس معايير مثل: إجمالي الأهداف المسجلة في البطولة، الفروق في الأهداف، عدد النقاط في المباريات السابقة، وعدد البطاقات الصفراء. لن تُستخدم القرعة، ولا يُتوقع إعادة المباراة. القرار سيُعلن خلال 72 ساعة.
لماذا لم تُعاد المباراة يوم السبت؟
لأن الملعب مخصص لحفلات التتويج، والنقل التلفزيوني، ونقل المعدات بعد النهائي. كما أنّ الطقس في الدوحة لا يُتوقع أن يتحسن فجأة، وفرقتا المنتخبين تخططان للعودة إلى بلديهما خلال 24 ساعة. إعادة المباراة ستتطلب تأخير توزيع الجوائز، وتغيير جدول السفر، مما يُسبب فوضى إدارية ومالية كبيرة.
هل هذا أول مرة تُلغى مباراة في كأس العرب بسبب الطقس؟
نعم. في النسخ الثلاث السابقة (1963، 1966، 2021)، لم تُسجل أي حالة إلغاء بسبب الطقس. حتى في نسخة 2021 التي أُقيمت في شتاء قارس، لم تكن هناك أمطار كافية. هذه المرة، كانت العاصفة غير مسبوقة — 120 ملم في أقل من 90 دقيقة — ما جعل الملعب غير قابل للعب، حتى لو تمّ تجفيفه.
ما تأثير هذا الإلغاء على مشاركة المنتخبين في كأس آسيا 2027؟
لا تأثير مباشر، لأن التصنيف لـكأس آسيا يعتمد على المراكز في التصفيات، وليس على كأس العرب. لكن التأثير النفسي كبير. الفريق الذي يُحرم من الميدالية البرونزية قد يُفقد دافعاً معنوياً قبل التصفيات. بعض المدربين يقولون إن "الكرامة الرياضية" تُحسب أكثر من النقاط.
هل يمكن أن يُمنح المركز الثالث للإمارات لأنها فازت على الجزائر؟
هذا احتمال مطروح، لكنه غير مضمون. الإمارات فازت على الجزائر 2-1 في الدور نصف النهائي، لكن السعودية هزمت الأردن 2-1 في نصف النهائي أيضاً. لا يوجد معيار رسمي يسمح بمقارنة نتائج مباريات مختلفة المراحل. حتى لو اعتمدوا على الأهداف، الإمارات سجلت 8 أهداف، والسعودية 9 — ما يجعل السعودية الأعلى، لكن لا أحد يعلم ما إذا كان هذا كافياً.
ماذا سيحدث إذا لم يُعلن القرار خلال أسبوع؟
إذا تأخر الإعلان، فسيُعتبر المركز الثالث "فارغاً" رسمياً — أي لن يُمنح لأي فريق. هذا سيُعدّ أول مرة في تاريخ كأس العرب. لكن FIFA تتجنب هذا الخيار لأنه يُضعف مصداقية البطولة. من المرجح أن يُعلن القرار قبل نهاية الأسبوع، حتى لو كان غير مرضٍ للجميع.