الدول الخليجية تطلب ضمانات أمنية من الولايات المتحدة بعد ضربات إيران النووية

الدول الخليجية تطلب ضمانات أمنية من الولايات المتحدة بعد ضربات إيران النووية

في ليلة 21 يونيو 2025، بينما كان الإيرانيون نائمين، انطلقت طائرات أمريكية من قواعدها في قلب المحيط الهادئ، متجهة شرقًا باتجاه أعمق مراكز التخصيب النووي في إيران — فوردو، ناتانز، وإسفahan. لم تكن هذه مجرد ضربة عسكرية. كانت عملية ميدنايت هامر — عملية مُحكمة، سرية، وقاسية، أطلقت 75 قنبلة موجهة بدقة، من بينها 14 قنبلة من نوع GBU-57، كل واحدة منها تزن 30 ألف رطل، مصممة لاختراق 300 قدم من الصخور الصلبة. الهدف؟ تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، لا إسقاط النظام. لكن التأثير لم يقتصر على إيران. في غضون أشهر، تحولت المنطقة بأكملها إلى لعبة روسية-أمريكية محفوفة بالمخاطر، والدول الخليجية تطلب ضمانات أمنية قبل أن تُطلق رصاصة واحدة.

الضربة التي غيرت موازين القوى

الضربات لم تكن عشوائية. وفقًا لتقرير مركز سوفان، استُخدمت سبع طائرات B-2 ستيث، طائرة تُستخدم فقط في المهام الاستراتيجية، بينما أُجريت حركة تضليل مذهلة: بعض الطائرات طارت غربًا نحو غوام، لتشتيت المراقبة الإيرانية. في الساعة 4 صباحًا، انفجرت القنابل في قلب منشآت نووية مخفية تحت الجبال. وفقًا للبنتاغون، تضررت المواقع الثلاثة "ضررًا شديدًا"، ولم تُسجل أي خسائر أمريكية، ولا حتى تسرب إشعاعي — كما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن الأهم من ذلك: لم تُعلم الكونغرس مسبقًا. هذه كانت ضربة تنفيذية، أُطلقت بقرار من الرئيس دونالد ج. ترامب، الذي أعلنها بفخر على تويتر، مهددًا طهران: "إما أن تصنع السلام، أو تواجه المزيد".

ما الذي دفع ترامب إلى هذا؟

الضربة لم تكن مفاجئة. فمنذ فبراير 2025، وقع ترامب على NSPM-2، تذكرة أمنية تأمر بإطلاق "أقصى ضغط" على إيران. وفي زيارة ربيعية للشرق الأوسط، وصف ترامب إيران بأنها "أكبر قوة تدميرية في الشرق الأوسط"، لكنه في الوقت نفسه عرض المفاوضات — شريطة رفع العقوبات المالية فورًا. لكن طهران لم تقبل. ردّ علي شمخاني، أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، بسخرية: "يتحدث عن غصن زيتون، لكننا نرى أسلاكًا شائكة". ومرت المهلة الـ60 يومًا دون اتفاق. ثم جاءت الضربة الإسرائيلية في 13 يونيو — ضربات موجهة ضد أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، فككت قدرتها على الرد. وكانت الضربة الأمريكية، بعدها ببضعة أيام، كأنها الضربة النهائية، بعد أن أُزيلت الحواجز.

الخليج يرتجف: من يحمينا؟

بينما كانت طائرات B-2 تعود إلى قواعدها، كانت دول الخليج تراقب الشاشات بقلق. لم تكن تعتقد أن إيران ستبقى صامتة. ففي 17 سبتمبر 2025، وقّعت السعودية وباكستان على اتفاق دفاع مشترك — خطوة غير مسبوقة في تاريخ المنطقة. وفي أواخر سبتمبر، أصدر ترامب المرسوم التنفيذي 14178، يضمن مساعدة عسكرية ثنائية لقطر. لكن السعودية، التي تُعد حجر الزاوية في الاستراتيجية الأمريكية، لم تحصل بعد على ضمان مماثل. وبحسب تقرير مجلس الشرق الأوسط، فإن واشنطن تربط أي تطبيع سعودي-إسرائيلي بحصول الرياض على ضمانات أمنية رسمية. أي أن التطبيع ليس مكافأة، بل هو ثمن — ثمن يُدفع بضمير أمريكي.

لماذا هذا كلّه مهم للاقتصاد؟

لماذا هذا كلّه مهم للاقتصاد؟

لأن النفط لا يُباع في فراغ. عندما تهدد حرب إقليمية مصادر الطاقة، ترتفع الأسعار. عندما ترتفع الأسعار، تهتز اقتصادات العالم. في 2023، كان سعر برميل النفط 78 دولارًا. بعد الضربات، ارتفع إلى 92 دولارًا في أسبوعين، ثم استقر عند 87. لكن التأثير الأعمق هو في الاستثمارات. الشركات العالمية تؤجل مشاريعها في الخليج، والبنوك تعيد تقييم المخاطر. حتى الإمارات ومصر — اللتان دعمتا خطة ترامب لغزة — توقفتا عن التوسع في مشاريع الطاقة النظيفة، خوفًا من تداعيات أي تصعيد. الاقتصاد لا ينتظر السلام. بل يعيش في رهبة من حرب لم تبدأ بعد.

ما الذي ينتظرنا؟

التحليل من مونا يعقوبيان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية واضح: هناك طريقان. الأول: إيران تُنهي تخصيب اليورانيوم، وتُقبل بعقوبات مخففة، وتبدأ مفاوضات جادة. الثاني: إيران تُطلق صواريخ على موانئ السعودية أو الإمارات، أو تدعم هجمات على ناقلات النفط، فيبدأ سلسلة من الانتقام المتبادل. والخيار الثاني يعني ارتفاع النفط إلى 120 دولارًا، وانهيار اقتصادات عربية تعتمد على الاستيراد، وانهيار في سوق الأسهم الخليجية. ولا أحد يعرف أي طريق سيُختار. لكن الجميع يعلم أن الضمانات الأمريكية لم تعد مجرد وثيقة دبلوماسية. إنها ورقة أمان — وربما آخر ورقة.

العلاقة بين التطبيع والضمانات: هل هي حقيقة أم خدعة؟

العلاقة بين التطبيع والضمانات: هل هي حقيقة أم خدعة؟

الحقيقة الصعبة: لم يُطلب من السعودية أن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل لأنها "تريد السلام". بل لأن واشنطن تحتاجها كحليف استراتيجي لضمان استقرار السوق، ولإبقاء إيران في مواجهة مزدوجة — من الغرب، ومن الشرق. لكن هذا التطبيع، كما يحذر تقرير مجلس الأعمال الأمريكي، يُحول السعودية من حليف تابع إلى حليف مُطالب. ففي الماضي، كانت الرياض تنتظر دعمًا أمريكياً كهبة. الآن، تطلبها كحق. وإذا لم يُمنح هذا الحق، فهل ستبحث الرياض عن شريك آخر؟ الصين؟ روسيا؟ هذا التحول في المفهوم — من الولاء إلى التبادل — هو ما يُعيد تشكيل الاقتصاد الإقليمي من الداخل.

أسئلة شائعة

كيف تؤثر الضربات على أسعار النفط في الدول العربية؟

ارتفع سعر برميل النفط من 78 دولارًا إلى 87 دولارًا خلال أسبوعين بعد الضربات، مما زاد عجز الميزانيات في دول تستورد معظم احتياجاتها من الطاقة، مثل الأردن ولبنان. لكن الدول المصدرة كالسعودية والإمارات استفادت مؤقتًا، لكنها تواجه خطرًا طويل الأمد: تراجع الاستثمارات الأجنبية بسبب عدم الاستقرار.

لماذا لم تُعلم الكونغرس بالضربات؟

الرئيس ترامب استند إلى سلطاته الدستورية كقائد أعلى للقوات المسلحة، واستخدم مبدأ "الضرورة العسكرية العاجلة"، وهو ما يسمح له باتخاذ إجراءات عسكرية دون موافقة الكونغرس في حالات التهديدات المباشرة. لكن هذا يثير جدلاً دستوريًا، وقد تُستخدم هذه الحجة في المستقبل كسلطة مطلقة للتدخل العسكري.

ما دور باكستان في هذا السياق؟

باكستان، رغم أنها ليست خليجية، تملك ترسانة نووية وعلاقات عميقة مع إيران. توقيعها لاتفاق دفاع مع السعودية يُعد إشارة واضحة: أن التحالفات الإقليمية تُعاد صياغتها بعيدًا عن النمط الأمريكي التقليدي. هذا قد يُضعف التحالف الغربي، لكنه يمنح السعودية خيارًا استراتيجيًا بديلًا في حال تراجع الدعم الأمريكي.

هل يمكن أن تُستخدم الضمانات الأمريكية كذريعة لتدخلات عسكرية مستقبلية؟

نعم. إذا وُضعت الضمانات كوثيقة رسمية، فسيصبح أي هجوم على السعودية أو قطر تهديدًا مباشرًا لأمن الولايات المتحدة، مما يفتح الباب لتدخل عسكري أمريكي واسع. هذا ما تخشاه إيران، لكنه ما تريده الرياض — وهو توازن خطير، قد يُحول الخليج إلى ساحة حرب غير مباشرة بين القوى العظمى.

ما تأثير هذه الأحداث على صناعة الطاقة المتجددة في الخليج؟

الاستثمارات في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تراجعت بنسبة 30% في الربع الثالث من 2025، لأن المستثمرين يرون أن الاستقرار طويل الأمد غير مضمون. حتى مشاريع "نيوم" و"مدينة مصدر" تواجه تأخيرًا في التمويل، لأن البنوك الدولية ترفض تغطية المخاطر الجيوسياسية.

هل هناك احتمال لعودة الاتفاق النووي؟

الاحتمال ضعيف حاليًا. إيران ترى أن الضربات أثبتت أن المفاوضات لا تحميها، والولايات المتحدة لا تثق بأن طهران ستلتزم. لكن إذا هاجمت إيران مصالح أمريكية، فقد تُجبر واشنطن على العودة للطاولة — ليس لدعم إيران، بل لمنع حرب أوسع تُدمر الاقتصاد العالمي.