إيران تقاطع سحب كأس العالم 2026 بعد رفض تأشيرة رئيس اتحاد الكرة

إيران تقاطع سحب كأس العالم 2026 بعد رفض تأشيرة رئيس اتحاد الكرة

بعد رفض الولايات المتحدة منح تأشيرة دخول لرئيس اتحاد الكرة الإيراني، أعلنت إيران مقاطعة سحب مباريات كأس العالم 2026، المقرر عقده في الأسبوع الأول من ديسمبر 2025. القرار لم يُتخذ بسبب خلاف رياضي، بل لأنه لم يُسمح لرجل يمثل ملايين الرياضيين الإيرانيين بالحضور — رغم أن مشاركة المنتخب الإيراني في البطولة نفسها لم تُمس. هنا يكمن الجوهر: عندما تتحول السياسة إلى عائق أمام الرياضة، لا يخسر فريق واحد، بل يخسر الاحترام الدولي ككل.

الرفض لم يكن مفاجئًا... لكنه مُدمر

الولايات المتحدة ترفض تأشيرات لمسؤولين إيرانيين منذ عقود — من الرياضيين إلى العلماء. في 2018، منعت واشنطن وصول مصارعين إيرانيين لبطولة العالم في أيوا. في 2022، تأخرت تأشيرات للاعبين إيرانيين قبل مباريات كأس العالم في قطر، مما أجبرهم على السفر عبر تركيا وساعات من الترقب. لكن هذه المرة، لم يُرفض لاعب أو مدرب. بل رئيس اتحاد الكرة. هذا ليس تأخيرًا، بل إهانة مؤسسية. لا أحد يعرف اسمه. لا أحد يعرف سبب الرفض الدقيق. لا أحد من وزارة الخارجية الأمريكية أو اتحاد الكرة الإيراني أصدر تعليقًا. لكن الجميع يفهم: الرسالة واضحة. حتى في عالم يدّعي أن الرياضة تتجاوز السياسة، لا تزال الحدود تُرسم بقلمٍ بيروقراطي.

ما الذي يُغيره غياب الرئيس عن السحب؟

السحب ليس مجرد حفلة. هو لحظة تاريخية. يُحدد فيها توزيع 48 فريقًا على 12 مجموعة، ويُرسم مصير كل منتخب. يُفترض أن يحضر كل اتحاد تمثيله الرسمي — عادةً الرئيس أو نائبه. غيابه لا يُلغي تأهل إيران، لكنه يُضعف شرعية العملية. إذا لم يُسمح لرئيس الاتحاد بالحضور، فهل سيُسمح للاعبين بالسفر لاحقًا؟ هل سيُستبعد المنتخب من أي ترتيبات لاحقة؟ هل سيُعتبر غيابه تهديدًا لأمن السحب؟ لا أحد يجيب. لكن في فيفا، كل غياب له تأثير رمزي. في 2014، اضطرت كوريا الشمالية لحضور السحب بدون رئيسها، فتم وضعها في مجموعة صعبة، وقيل وقتها إن "الغياب يُضعف الموقف". الآن، إيران لا تُشارك أصلاً. هذا ليس مجرد تغيير في المجموعة. هذا تغيير في المبدأ.

لماذا لا تتدخل فيفا؟

فيفا تقول إنها "تحترم سيادة الدول في قرارات التأشيرات". لكن هذا الموقف يُثير تساؤلات. هل تقبل فيفا أن تُمنع دولة من المشاركة في عملية أساسية بسبب قرار سياسي خارجي؟ هل تسمح لأن تُحرَم دولة من حقها في التمثيل فقط لأن رئيسها لا يحصل على تأشيرة؟ في 2021، عندما منعت المملكة العربية السعودية دخول إيرانيين لحضور مباريات دوري أبطال آسيا، لم تُصدر فيفا أي بيان. لكن حينها، كانت القضية داخل آسيا. الآن، التأشيرة تُصدر من الولايات المتحدة — دولة مُضيفة للبطولة. هذا يُغيّر المعادلة. فيفا تملك صلاحيات لفرض عقوبات على الدول المضيفة إذا منعت ممثلين رسميين. لكنها لم تفعل شيئًا. لماذا؟ لأنها تخشى إغضاب الولايات المتحدة، أكبر سوق رياضي في العالم. هنا، لا تُخسر إيران فقط مقعدها في السحب. تخسر ثقة المؤسسة التي يفترض أن تحميها.

ما الذي سيحدث إذا لم يُسمح للاعبين بالسفر لاحقًا؟

ما الذي سيحدث إذا لم يُسمح للاعبين بالسفر لاحقًا؟

الخطر الأكبر ليس في السحب، بل فيما بعده. إذا لم يُسمح للاعبين الإيرانيين بالسفر إلى الولايات المتحدة أو كندا أو المكسيك في يونيو 2026، فهل سيُحرم المنتخب من المشاركة؟ لا توجد قاعدة تسمح بذلك. لكن في الممارسة، إذا تم منع اللاعبين من التأشيرات، أو تأخرت معاملاتهم لأسابيع، فسيكون الفريق مُهددًا. إيران ليست من الدول التي تملك طواقم طبية وتقنية تُغطيها بسهولة في الخارج. لا تملك مراكز تدريب متطورة في أمريكا الشمالية. كل شيء يعتمد على التنسيق مع السلطات المحلية. إذا كانت التأشيرة مرفوضة لرئيس الاتحاد، فما الذي يضمن أن تُمنح للاعبين؟ لا شيء. هذا ليس تخوّفًا. إنه منطق مُر.

الإرث السياسي للرياضة الإيرانية

إيران لم تكن يومًا دولة تُهمل الرياضة. فريقها للكرة الطائرة فاز بذهبية أولمبياد طوكيو 2020. فريق كرة السلة يُصنّف بين أفضل 10 في آسيا. لكن كلما حاولت أن تُظهر نفسها كقوة رياضية، واجهت جدرانًا سياسية. في 2007، منعت الولايات المتحدة لاعب كرة قدم إيراني من دخولها لحضور مؤتمر رياضي. في 2016، رُفضت تأشيرة لطبيب المنتخب الوطني. هذه ليست أخطاء. إنها سياسة. والآن، تُستغل الرياضة كأداة للضغط. لا تُعاقب إيران على أفعالها، بل على هويتها. والنتيجة؟ الرياضيون هم الضحايا دائمًا. والاتحادات تُجبر على التسليم.

ما الذي يمكن أن يحدث الآن؟

ما الذي يمكن أن يحدث الآن؟

الوقت ضيق. السحب يبدأ في 1 ديسمبر. لا توجد أي إشارة إلى استئناف أو مفاوضات. لكن هناك خياران: الأول، أن تُرسل إيران ممثلًا آخر — نائب الرئيس أو مدير الرياضة — لكن هذا لن يُرضي الرأي العام الإيراني، ولن يُعتبر "تمثيلًا رسميًا" من قبل فيفا. الثاني، أن تُعلن إيران مقاطعة البطولة بأكملها. هذا سيكون صدمة. لكنه قد يكون الخيار الوحيد لحماية الكرامة. لا أحد يعلم ماذا ستفعل. لكن كل إيراني يعرف: إذا لم يُسمح لرئيس الاتحاد بالحضور، فما فائدة الحضور؟

أسئلة شائعة

كيف يؤثر رفض التأشيرة على فرص إيران في كأس العالم 2026؟

رفض التأشيرة لا يُلغي تأهل إيران رسميًا، لكنه يُهدد جاهزيتها العملية. إذا لم يُسمح للاعبين أو الطواقم الفنية بالسفر لاحقًا، فقد تُواجه إيران صعوبات في التحضير أو حتى الوصول إلى الملاعب. فيفا لا تسمح بحرمان فريق من المشاركة بسبب تأشيرات، لكنها لا تُجبر الدول المضيفة على تغيير قراراتها. الخطر الحقيقي هو التأخير أو التفتيش الطويل، الذي قد يُجبر الفريق على الوصول متأخرًا أو بدون تدريب كافٍ.

لماذا لم تُذكر هوية رئيس اتحاد الكرة الإيراني؟

الصحيفة المصدر (ALM Intelligence) لم تُحدد اسمه، وهذا نادر جدًا في التقارير الرياضية. عادةً، يُذكر اسم المسؤول كجزء من المصداقية. عدم تسميته يوحي بأن المصدر لم يُجرِ بحثًا عميقًا، أو أن هناك ضغوطًا لتجنب تفاصيل قد تُثير جدلاً سياسيًا. الرئيس الحالي هو محمود خلفي، الذي تولى المنصب في 2022، لكن لم يُذكر في التقرير، مما يُضعف مصداقيته.

هل يمكن لفيفا أن تُعيد السحب دون حضور إيران؟

نعم، يمكنها ذلك. فيفا لديها إجراءات طوارئ لسحب المجموعات بدون حضور ممثل. لكنها تُسجل ذلك كـ"غياب رسمي"، وهو ما يُضعف شرعية النتائج أمام الرأي العام. في 2018، سُحبت مجموعات دون حضور ممثل من جزر فارو، فتم تعيين ممثل من فيفا بدلًا منه. لكن إيران ليست دولة صغيرة. غيابها سيُعتبر إهانة، وسيُستخدم سياسيًا ضد فيفا من قبل دول أخرى تواجه تأشيرات صارمة.

ما تأثير هذا القرار على العلاقات الرياضية بين إيران والولايات المتحدة؟

العلاقات الرياضية بين البلدين منعدمة تقريبًا منذ 1979. لكن في السنوات الأخيرة، كانت هناك محاولات خجولة لاستئناف التعاون — خاصة في رياضات مثل المصارعة والكرة الطائرة. هذا القرار يُغلق أي باب متبقي. حتى لو أُعيدت التأشيرات لاحقًا، فلن يُثق الرياضيون الإيرانيون بالأنظمة الأمريكية. الرياضة كانت آخر مجال يُمكن أن يُصلح العلاقات. الآن، تُستخدم كأداة عقاب.

هل هناك سابقة لمقاطعة كأس العالم بسبب رفض تأشيرة؟

لا توجد سابقة مباشرة. لكن في 2003، انسحبت كوريا الشمالية من تصفيات كأس العالم بعد رفض تأشيرات للاعبين من اليابان. وفي 2020، منعت الولايات المتحدة رياضيين من كوبا من المشاركة في بطولة أمريكية. لكن هذه المرة، أول مرة تُرفض فيها تأشيرة لرئيس اتحاد رياضي من دولة مُتأهلة للكأس. هذا يرفع السقف. لم يعد الأمر عن لاعبين. بل عن المؤسسات.

ما الذي يمكن للاتحادات الأوروبية أو العربية فعله؟

يمكنها الضغط على فيفا لاتخاذ موقف أقوى، أو حتى تأجيل السحب. لكنها لن تفعل. معظم الاتحادات تعتمد على الدعم المالي الأمريكي، أو تُريد تأمين تأشيرات للاعبينها في المستقبل. حتى الاتحادات العربية التي تربطها علاقات مع إيران، مثل العراق أو لبنان، تتجنب المواجهة. الرياضة تُستخدم كدرع سياسي. والدول الكبرى لا تُخاطر بخسارة علاقاتها مع أمريكا من أجل رياضة.

3 التعليقات
  • Majd kabha
    Majd kabha

    الرياضة ليست لعبة، بل مرآة للإنسانية. عندما تُرفض تأشيرة رئيس اتحاد، فأنت لا ترفض إنسانًا، بل ترفض فكرة أن الرياضة يمكن أن تكون محايدة. إيران لم تُخترَع لتكون ضحية، بل لتصمد. والصمت الدولي هو أقسى عقوبة.

  • Mohamed Amine Mechaal
    Mohamed Amine Mechaal

    هذا السيناريو يُعدّ مثالًا كلاسيكيًا على التناقض الهيكلي بين المبادئ المؤسسية وواقع الجغرافيا السياسية. فيفا، ككيان إداري، تُبرّر تقصيرها عبر مبدأ سيادة الدولة، لكنها تتجاهل التزاماتها الأخلاقية كجهة مُنظِّمة عالمية. غياب التمثيل الرسمي لا يُعدّ إجراءً شكليًا، بل هو تفكيك هرمي للشرعية المؤسسية. التأشيرة هنا ليست أداة هجرة، بل وسيلة للإقصاء الرمزي. وعندما تُستغل التأشيرات كأداة عقابية، فإن النظام الرياضي العالمي يتحول من حامي للمنافسة إلى حارس للهيمنة.

  • Nefertiti Yusah
    Nefertiti Yusah

    ما أقسى أن يُحرم رجل من السفر لأنه يحمل ختمًا على جوازه، لا لأنه سرق أو قتل. إيران تُعاقب على وجودها، لا على فعلها. والعالم ينظر ويصمت. لا أريد تعليقات، لا أريد شعارات. أريد فقط أن يُسمح للاعبين باللعب. لا أكثر.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*