ترامب ينسب وفاة راينر إلى "متلازمة كراهية ترامب" في منشور يشعل غضبًا عالميًا
عُثر على المخرج السينمائي الأمريكي روبرت راينر (78 عامًا) وزوجته ميشيل سينغر راينر (68 عامًا) جثتين هامدتين في منزلهما بمنطقة برينتوود بـلوس أنجلوس، الأحد 14 ديسمبر 2025. كانت الجثتان تحملان آثار طعنات متعددة، وفتحت شرطة لوس أنجلوس تحقيقًا جنائيًا، مشيرة إلى أن الابن نيك راينر (34 عامًا) تم احتجازه صباح الاثنين بعد اكتشاف أدلة تربطه بالجريمة. لكن قبل أن تُكتمل التحقيقات، نشر دونالد ترامب منشورًا على "تروث سوشال" أثار موجة من الغضب العالمي — ليس لأن الجريمة كانت مروعة، بل لأن ترامب حوّلها إلى أداة سياسية.
"متلازمة كراهية ترامب": عندما يتحول القتل إلى شعار انتخابي
في منشوره، لم يذكر ترامب أي تفاصيل عن التحقيق أو يعبر عن تعاطف حقيقي. بل قال: "توفي روب راينر... بسبب الغضب الذي أثاره لدى الآخرين نتيجة إصابته بمتلازمة كراهية ترامب، أو ما يُعرف بـTDS". وأضاف: "كان مريضًا بمرض غير قابل للعلاج، وهوسه جعله يفقد الوعي بواقعه". هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها ترامب مصطلح "متلازمة كراهية ترامب" — فقد طرحه منذ سنوات لوصف أي انتقاد علني له، خاصة من الفنانين والصحفيين. لكن هذه المرة، لم يكن الانتقاد مجرد رأي. كان جريمة قتل. وتحويل جريمة مروعة إلى مرض نفسي يُستخدم لتشويه الضحية، يُعد تجاوزًا أخلاقيًا نادرًا حتى في عالم السياسة الأمريكية.
روبرت راينر: أكثر من مخرج سينمائي
روبرت راينر لم يكن مجرد صانع أفلام. هو ابن كارل راينر، الأسطورة الكوميدية، لكنه بنى اسمه على قناعات سياسية أعمق من أي كوميديا. أخرج متى التقى هاري وسلمى، والرجل الذي يُعرف بالكثير، لكنه أيضًا أنتج وثائقيات عن العدالة الاجتماعية، وشارك في حملات لدعم حقوق المهاجرين. قبل شهرين فقط من موته، قال في مقابلة مع نيويورك تايمز: "هذا ليس مجرد فشل سياسي. هذا انهيار ديمقراطي. ترامب يعيد كتابة القواعد كما لو كانت مسودة أولى لدستور استبدادي". لم يكن يتحدث كفنان. كان يتحدث كمواطن خائف. وربما هذا ما جعله هدفًا — ليس فقط لخطاب ترامب، بل لمن يؤمنون أن أي انتقاد لترامب هو تمرد على الحقيقة.
الردود: بين اتهامات باللاأخلاقية ونفاق سياسي
في غضون ساعات، انتشرت مقاطع من منشور ترامب على تيك توك وانستغرام، وتحولت إلى ميمات ساخرة. لكن المواقف الرسمية كانت أقسى. قال النائب الديمقراطي آدم شيف: "هذا ليس رأيًا. هذا تبرير للعنف. إذا كان يعتقد أن الانتقاد يقتل، فما الذي يمنعه من التحريض على المزيد؟". حتى بعض المؤيدين السابقين لترامب اضطروا للانفصال عنه. قال الكاتب المحافظ ديفيد بروكس في مقاله بـواشنطن بوست: "لا يمكن للسياسة أن تصبح دينًا يُعاقب المخالفين بالموت. هذا ليس تحليلًا. هذا سحر شرير".
لكن من ناحية أخرى، قام مؤيدو تيار "ماغا" بمقارنة ردود فعل الديمقراطيين على وفاة راينر بردودهم على اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك في سبتمبر الماضي — حيث اتهموا الديمقراطيين بالصمت. لكن هذه المقارنة تجاهل حقيقة جوهرية: كيرك لم يُقتل في منزله بسكين، ولم يُنسب قتله إلى "مرض نفسي" من قبل رئيس دولة. الفرق ليس في الحدث، بل في اللغة. وعندما يتحول الرئيس إلى مُفسر لموت الناس، فهذا لا يُعد تحليلًا. إنه تهديد.
ما الذي يخبئه التحقيق؟
حتى الآن، لم تُكشف أي أدلة على وجود دافع سياسي في الجريمة. الشرطة لم تذكر أي تهديدات مسجلة من ترامب أو مؤيديه. نيك راينر، المشتبه به، كان يعاني من إدمان مخدرات، وفقًا لمصادر أمنية. لكن السؤال الأكبر: هل كان ترامب يعلم أن منشوره سيُستخدم كذريعة لتشويه الضحية؟ أم أنه يعتقد أن الناس سيعتبرونه "صادقًا"؟ في عالم حيث يُحول الموت إلى تغريدة، لم يعد الفرق بين الحقيقة والانتحال واضحًا. وربما هذا هو الخطر الحقيقي — ليس أن راينر قُتل، بل أن العالم بدأ يقبل أن يُبرر قتله بعبارة مُبتكرة.
هل يمكن للفن أن ينجو من سياسة التدمير؟
روبرت راينر كان يؤمن أن السينما يمكن أن تغير الرأي العام. أخرج أفلامًا جعلت الناس يبكون على الحب، ثم ينهضون للدفاع عن العدالة. لكن اليوم، لم يعد الفن يُقاس بتأثيره على الجمهور. يُقاس بقدرته على إثارة ردود فعل من قبل السياسيين. وفي هذا السياق، يصبح كل فنان معرضًا للتحول إلى رقم في قائمة "مصابي متلازمة كراهية ترامب". والأسوأ؟ أن بعضهم سيُموتون حقًا. وربما لا يكونون أول، ولا آخر.
أسئلة شائعة
ما هي "متلازمة كراهية ترامب"؟
مصطلح "متلازمة كراهية ترامب" (TDS) هو تعبير ساخر أنشأه مؤيدو ترامب لوصف أي انتقاد علني له، خاصة من المشاهير أو الإعلاميين. لكنه لم يكن مصطلحًا طبيًا أبدًا، بل أداة سياسية لتجريد المعارضين من مصداقيتهم. استخدمه ترامب في أكثر من 50 منشورًا على "تروث سوشال" بين 2020 و2025، وحوّله من سخرية إلى تبرير للعنف اللفظي والسياسي.
لماذا أثار منشور ترامب غضبًا عالميًا؟
لأنه لم يُعبر عن تعاطف، بل حوّل جريمة قتل مروعة إلى فرصة للدعاية السياسية. بدلًا من تهنئة الشرطة على التحقيق، أو توجيه عزاء للعائلة، استخدم وفاة شخص مُحترم كدليل على "مرض" في خصومه. هذا يُعد تجاوزًا أخلاقيًا نادرًا، ويشكل خطورة على ثقافة الحوار، حيث يُصبح الانتقاد مرضًا يستحق الموت.
هل هناك أي علاقة بين ترامب وجريمة القتل؟
لا توجد أدلة حتى الآن تربط ترامب مباشرة بالجريمة. الشرطة تركز على نيك راينر كمشتبه به رئيسي، بسبب إدمانه وظروف المنزل. لكن المنشور يُعد تهديدًا لغويًا: فهو يخلق بيئة تُبرر العنف ضد المعارضين. في علم النفس السياسي، يُسمى هذا "التحريض غير المباشر" — حيث تُزرع فكرة أن الخصم "مريض"، وبالتالي لا يستحق الحماية.
كيف ردت عائلة راينر على منشور ترامب؟
لم ترد العائلة مباشرة على منشور ترامب، لكنها أصدرت بيانًا موجزًا قال: "نحن محطّمون بسبب هذه الخسارة المفاجئة، ونطلب احترام خصوصيتنا". هذا الصمت كان رسالة أقوى من أي تصريح. ففي مواجهة تلفيق سياسي، أرادوا أن يبقوا في مواجهة الحزن، لا في معركة إعلامية. هذا الموقف صعب، لكنه أخلاقي.
ما الذي سيحدث بعد هذا الحادث؟
قد تفتح تحقيقات في الولايات المتحدة حول استخدام المسؤولين للمنصات الاجتماعية لتشجيع العنف ضد المعارضين. بعض النشطاء يطالبون بتعديل قانون "التحريض" ليشمل التصريحات الرسمية التي تُخلق بيئة عدائية. وفي هوليوود، تُخطط حملات لتكريم راينر بفيلم وثائقي عن العلاقة بين الفن والسياسة — لكن هذه المرة، لن يكون عن الحب أو الكوميديا. سيكون عن الموت.
هل يمكن أن يُستخدم هذا المثال كسابقة قانونية؟
نعم. في حالات سابقة، مثل حادثة اغتيال النائب جون لويس، تم استخدام التصريحات السياسية كدليل على التحريض. هنا، لا يوجد دليل مباشر، لكن مضمون منشور ترامب يشبه نموذج "التحريض غير المباشر" الذي حكمت به محكمة أوروبية عام 2023 ضد سياسي ألماني استخدم مصطلحات مشابهة ضد مهاجرين. قد يُستخدم هذا الحادث كأساس لتعديلات قانونية تمنع استخدام مصطلحات مُضللة من قبل المسؤولين لتشويه الضحايا.
Nouria Coulibaly
يا جماعة، هذا المنشور ببساطة مُخيف. ما ينفعش نحول الموت لـ meme أو شعار انتخابي! روب راينر كان إنسان، مش مجرد رقم في قائمة "المصابين بـ TDS". لو كان بس قال كلمة تعزية، كنت حببته، لكن ده كأنه يدفن الضحية مرتين.
أنا من الجزائر، وشوفنا في بلادنا كتير من السياسيين بيحولوا الحزن لفرصة دعاية، لكن ده تجاوز كل الحدود. لو حد قال كلام عن ترامب ومات، هل يبقى هو السبب؟! لا، ده خطر حقيقي على أي مفكر أو فنان في العالم.
اللي يقدر يحول حزن عائلة لـ تغريدة، مش محتاج سلاح. عنده لغة أخطر من أي سكين.
adham zayour
أنا أحب أقول الحقيقة حتى لو كانت مؤلمة: ترامب ما كانش يقصد يحرض على القتل، لكنه ببساطة مش عارف الفرق بين السخرية والتحريض. ده مش خبيث، ده مريض بـ 'الذاتية المطلقة' - كل حاجة بتدور حوله، حتى الموت.
اللي بيحولوا جريمة لـ 'متلازمة'، مش بيقولوا إن الضحية مريض، بيقولوا إن المعارضين مرضان. وده أخطر من أي دكتاتور، لأنه بيحول الفكرة لـ مرض نفسي، والمرضى مش يستحقوا عدالة.
لكن يا جماعة، خلينا نعترف: كلنا شفنا أفلام راينر، وكمان شفنا كلام ترامب، والفرق بينهم؟ راينر كان بيخليك تفكر، وترامب بيخليك تكره. وده سبب بقائه حي، وراينر ميت.
Majd kabha
السياسة عندما تتحول لعبادة، الموت يصبح تضحية.
Mohamed Amine Mechaal
من الناحية السوسيو-سياسيّة، هذا الحدث يمثل نموذجًا مثاليًا لظاهرة 'السيميائيات السياسية المُدمّرة' - حيث يُعاد تشكيل السياق التأويلي للوفاة من خلال تفعيل مُفردات مُضلّلة (TDS) تُعيد تكوين الهوية الجماعية للمعارضة كـ 'مرض'، وبالتالي تُبرّر إزالتها من الساحة العامة. هذا ليس تحرّضًا مباشرًا، بل تفكيك إدراكي منهجي للإنسانية.
النظام الإعلامي الحالي يُعزّز هذا التحول عبر آليات 'الانفعال السريع' و'التشويه التكراري'، مما يُحوّل الضحية من كيان إنساني إلى رمز تكتيكي في سياق الصراع الداخلي. حتى لو لم تكن هناك علاقة سببية مباشرة، فإن التأثير التراكمي للخطاب يُولّد بيئة من التطبيع للعنف الرمزي.
القانون لا يزال عاجزًا عن مواكبة هذا النوع من 'التحريض غير المباشر'، لأن القوانين مبنية على فعل ملموس، وليس على تفكيك القيمة الإنسانية. لكن في أوروبا، بالفعل، بدأت المحاكم تُصنّف هذا كـ 'إساءة استخدام السلطة الرمزية'، وهو ما قد يُشكّل سابقة قانونية عالمية.
الخطر الحقيقي ليس في الجريمة، بل في قبول المجتمع أن الموت يمكن أن يكون 'نتيجة طبيعية' للفكر المختلف. وهذا هو التحوّل الذي يجب أن نقاومه - ليس بخطاب، بل بتأسيس ثقافة تُعيد تعريف الاحترام كقيمة غير قابلة للتفاوض.