سوريا تتأهل لكأس آسيا 2027 بخماسية صارخة على باكستان

سوريا تتأهل لكأس آسيا 2027 بخماسية صارخة على باكستان

في لحظة تاريخية لم تُسجل في ذاكرة كرة القدم السورية الحديثة، تأهّل المنتخب السوري إلى نهائيات كأس آسيا 2027المملكة العربية السعودية بفوز ساحق 5-0 على المنتخب الباكستاني في إسلام آباد، الثلاثاء 18 نوفمبر 2025. المباراة، التي أُقيمت على ملعب جناح الرياضي، لم تكن مجرد انتصار رياضي — بل كانت رسالة قوية أن سوريا، رغم كل الظروف، لا تزال قوة لا تُهمل في قارة آسيا.

الخماسية التي غيرت خريطة المجموعة

سجل أهداف سوريا خمسة لاعبين، لكن الاسم الذي سيُذكر في كل تقارير المستقبل هو محمد الحلاق. اللاعب الذي يلعب لنادي الفيصلي الأردني، سجّل هدفين في الدقيقتين 34 و47، ليُثبت أن المواهب السورية لا تُقتصر على الملاعب المحلية، بل تُزهر حتى في ظل الظروف الصعبة. ثم جاء ياسين سامية ليُضيف هدفين في الدقيقتين 79 و90+4، في لحظة تأكيد للسيطرة الكاملة. أما الهدف الخامس، فكان من نصيب علاء الدين الدالي في الدقيقة 90، ليُغلق الباب على أي أمل لباكستان بالعودة.

النتيجة لم تكن مفاجئة للذين يتابعون التطور الهادئ في أداء الفريق، لكنها صادمة للجميع من حيث القيمة المطلقة. خمسة أهداف في مباراة خارجية، ضد فريق يُصنّف عادةً كأحد أضعف المنتخبات في آسيا — هذا ليس نجاحًا، هذا إنجاز.

الصدارة بلا منازع.. ورقم قياسي

بعد خمس مباريات، يمتلك المنتخب السوري 15 نقطة — كاملة. لا خسارة. لا تعادل. لا أهداف مُستقبلية. فقط فوز متسلسل. بينما يقف ميانمار في المركز الثاني بـ6 نقاط من أربع مباريات، ويبقى كل من أفغانستان وباكستان عند نقطتين فقط. هذا الفارق لم يعد مجرد تقدم، بل هو فصل بين فريقين: فريق يبني مستقبلًا، وفريق يحاول البقاء.

الجولة السادسة والأخيرة، المقررة في 31 مارس 2026، ستكون شكليّة. فسوريا ستواجه أفغانستان في دمشق، بينما يلتقي باكستان وميانمار في باكستان. حتى لو خسرت سوريا، فلن تُحسم الصدارة إلا بفارق 9 نقاط — وهو أمر مستحيل.

لماذا هذا الفوز مختلف؟

لأنه لم يُصنع في ملاعب أوروبا أو أمريكا. لم يُبنى على استثمار مالي ضخم أو انتقالات باهظة. بل صُنع بروحٍ، بانضباط، وبلاعبين يُقدّمون أداءً يفوق إمكانياتهم. معلّق عراقي، لاوين هابيل الكردي، قال في تحليله بعد المباراة: "المنتخب السوري يلعب بثقة لا تُقاس بالمهارات وحدها — بل بالقلب".

ومن جانبه، أشار مشجع أردني من محبي نادي الفيصلي في فيديو على يوتيوب: "محمد الحلاق يلعب معنا بروح المُتفرّغ، لا المُستغل. عندما يُدعى للمنتخب، يعود بمستوى أعلى. هذا ليس صدفة، هذا اختيار".

الحقيقة أن التحدي الأكبر للفريق لم يكن باكستان، بل التوقعات. فمنذ سنوات، يُنظر إلى المنتخب السوري على أنه فريق "مُحتمل"، وليس "مُحقّق". اليوم، تغيّر هذا الوصف. لم يعد أحد يسأل: "هل يمكنهم التأهل؟"، بل: "كم هدفًا سيُسجلون؟"

ما الذي ينتظر سوريا بعد التأهل؟

ما الذي ينتظر سوريا بعد التأهل؟

التأهل إلى كأس آسيا 2027 في السعودية لا يعني فقط المشاركة. يعني أن سوريا ستُواجه أقوى الفرق في القارة: اليابان، كوريا الجنوبية، إيران، أستراليا. ستكون هذه فرصًا لبناء سمعة رياضية جديدة، ولإعادة رسم صورة البلاد في المحافل الدولية. لا تنسوا أن هذه هي المرة الأولى منذ 2011 التي تتأهل فيها سوريا إلى نهائيات كأس آسيا — والآن، تعود بقوة لم تُرهقها الحرب، بل صقلتها.

الاتحاد الآسيوي لكرة القدم (AFC) يُعدّ هذه التصفيات جزءًا من مسار أوسع: فالفائزون في المجموعات الستة ينضمون إلى 18 فريقًا تأهلوا من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026. هذا يعني أن سوريا، في حال أحرزت نتائج جيدة، قد تُصبح قوة تُحسب لها في التصنيف العالمي — ليس فقط كفريق آسيوي، بل كفريق عالمي.

الخلفية: من أين أتى هذا التحول؟

قبل عشر سنوات، كان المنتخب السوري يُعاني من غياب اللاعبين، وانهيار البنية التحتية، وانعدام التمويل. لكن منذ 2020، بدأ تغيير جذري: عاد اللاعبون من المهجر، وبدأ الاتحاد السوري في تبني سياسة "الاستقرار على المدى الطويل". لم يُستعجل التأهل، بل بُني عليه. المدربون يختارون اللاعبين بناءً على الأداء المستمر، وليس على الأسماء المشهورة. وتم إيقاف دعوات اللاعبين الذين يتحججون بالأندية. هذا المبدأ البسيط — "نختار من يحب الفريق، لا من يُجبر على اللعب" — هو ما جعل الفرق تُصبح أقوى من مجموع أجزائها.

في 2023، فازت سوريا على الأردن 2-1 في عمان. في 2024، تغلبت على ميانمار 3-0 في دمشق. وفي 2025، سحقت باكستان 5-0 في إسلام آباد. كل خطوة كانت تُعيد بناء الثقة. والآن، الثقة لم تعد مسألة توقعات — بل واقع.

أسئلة شائعة

كيف تأثرت مشاركة سوريا في كأس آسيا 2027 على الصعيد الاقتصادي؟

التأهيل يعني عائدات مباشرة من التذاكر، والرعايات، وحقوق البث التلفزيوني، خاصة مع تزايد الاهتمام العربي بالمنتخبات التي تُعيد بناء نفسها. كما أن التغطية الإعلامية الدولية تفتح أبوابًا لاستثمارات في البنية التحتية الرياضية، وقدّرت مصادر اقتصادية أن العائدات المباشرة قد تصل إلى 2.3 مليون دولار خلال العامين المقبلين، مما يُساهم في تمويل مشاريع رياضية داخل سوريا.

لماذا لم يُدعَ بعض اللاعبين المتميزين من الدوري السوري؟

المدربون يفضلون اللاعبين الذين يلعبون في دوريّات خارجية، لأنهم يواجهون مستويات أعلى من التنافس، مما يُحسّن أدائهم في المباريات الدولية. كما أن اللاعبين المحليين غالبًا ما يعانون من ضعف في التدريب المستمر بسبب توقف البطولات، مما يجعل تقييم أدائهم صعبًا. هذا لا يعني استبعادهم، بل تأجيلهم لمرحلة أكثر استقرارًا.

ما الذي سيحدث إذا فازت سوريا في كأس آسيا 2027؟

إذا تأهلت إلى الدور ربع النهائي أو أكثر، فسيُعاد تقييم مكانة سوريا في الاتحاد الآسيوي، وقد تُمنح أولوية في استضافة مباريات مستقبلية أو تدريبات لفرق أخرى. كما أن نجاحها قد يُحفّز دولًا أخرى في المنطقة، مثل لبنان والأردن، على إعادة هيكلة أندية كرة القدم لديها، مما يُحدث تأثيرًا إقليميًا طويل الأمد.

هل يمكن لسوريا أن تتأهل لكأس العالم بعد هذا الإنجاز؟

التأهل لكأس العالم يتطلب التصفيات الآسيوية المستقلة، لكن النجاح في كأس آسيا يُحسّن التصنيف العالمي للمنتخب، مما يُقلّل من صعوبة المواجهات في التصفيات. في حال احتفظت سوريا بمستواها، فستكون من بين المرشحين للفوز بمركز في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2030، خاصة مع تراجع أداء بعض الفرق التقليدية.

ما دور اللاعبين المغتربين في نجاح المنتخب؟

اللاعبون المغتربون، مثل محمد الحلاق في الأردن، هم عماد الفريق الحالي. لديهم خبرة في مواجهة أسلوب لعب عالي، وفهم للضغط النفسي في المباريات الدولية. كما أنهم يُرسلون معلومات عن تكتيكات الأندية الأوروبية والآسيوية، مما يُساعد المدربين على تطوير الاستراتيجيات. بدونهم، لما تجاوزت سوريا المجموعة.

لماذا لم تُنقل المباراة على القنوات العربية الكبرى؟

رغم أهمية المباراة، لم تُنقل على القنوات الكبرى بسبب تفضيلها لمباريات أكثر تجارية، مثل تلك التي تضم فرقًا من الخليج أو اليابان. لكن التغطية على يوتيوب ووسائل التواصل أظهرت أن الجمهور العربي يتابع بحماس، مما يُشير إلى أن الطلب على كرة القدم السورية ينمو، وربما يجبر القنوات على تغيير سياساتها في المستقبل.