68 لجنة في البحر الأحمر تفتح أبوابها لانتخابات مجلس النواب 2025 أمام 340 ألف ناخب

68 لجنة في البحر الأحمر تفتح أبوابها لانتخابات مجلس النواب 2025 أمام 340 ألف ناخب

في صباح الاثنين 10 نوفمبر 2025، امتلأت ساحات المدارس في مدن البحر الأحمر بطيوب المواطنين، الذين اصطفوا قبل فتح اللجان بساعات، محملين بطاقاتهم الرقمية وأحلامهم بمستقبل أفضل. فتحت 68 لجنة انتخابية أبوابها في المحافظة، موزعة على ثلاث دوائر، لاستقبال البحر الأحمر، التي تضم 340,360 ناخبًا مؤهلًا — رقم لم يُسجل منذ عقد من الزمان. لم تكن مجرد انتخابات، بل كانت لحظة تواصل بين المواطن والدولة، في وقت يُعيد فيه الجميع تقييم دورهم في صناعة القرار.

الغردقة ورأس غارب: قلب العملية الانتخابية

في الغردقة، حيث يعيش أكثر من ثلثي الناخبين في المحافظة، شهدت لجنتا مدرسة محمد الطيب وراجاك طوابير طويلة منذ الساعة السادسة صباحًا. لم يكن التصويت مجرد إجراء، بل كان حدثًا اجتماعيًا. وجدت كبار السن كراسي متحركة مخصصة، وتم توزيع مظلات على طول الممرات، بينما كانت فرق التطعيم المتنقلة تقدم مياهًا وقهوة للناخبين. هذه التفاصيل الصغيرة، التي لم تُذكر في الكتيبات الرسمية، كانت ما جعل الناس يشعرون أنهم مُقدَّرون.

الدائرة الأولى، التي تضم رأس غارب والغردقة، تضم 231,347 ناخبًا موزعين على 39 مركزًا، وهي الأكبر في المحافظة. هنا، يتنافس 11 مرشحًا على مقاعد فردية، مع توقعات بارتفاع نسبة المشاركة عن 65% — وهي الأعلى في تاريخ الانتخابات المحلية. لم تكن المنافسة فقط بين أسماء، بل بين تيارات: من يرى أن السياحة هي المحرك الوحيد، ومن يرى أن البنية التحتية للصيد والنقل البحري هي المستقبل الحقيقي.

الدوائر الأصغر: صوت مهدد بالصمت

لكن في الشلاتين وحلايب، حيث يبلغ عدد الناخبين 16,118 فقط، كان المشهد مختلفًا. هنا، في أقصى جنوب المحافظة، يعيش الناس على حافة الوجود — مناطق نائية، طرق غير معبدة، وخدمات أساسية محدودة. ورغم ذلك، لم تكن هناك منافسة حقيقية. مرشح واحد فقط يخوض الانتخابات في هذه الدائرة، مما أثار تساؤلات حول تمثيلهم الحقيقي. "أصوّت، لكنني لا أرى من يمثلني،" قال أحمد مصطفى، معلم في حلايب، وهو يضع ورقة الاقتراع في الصندوق. "الدولة تأتي بنا لنتصويت، لكنها لا تأتي بنا لنُسمع."

أما الدائرة الثانية، التي تضم سفاجا والقصير ومرسى علم، فكانت أكثر توازنًا. 92,895 ناخبًا، 24 لجنة، وثلاثة مرشحين بارزين يتنافسون على مقعدين. هنا، يدور النقاش حول تطوير موانئ الصيد، وتوسيع شبكة الكهرباء، ودعم السياحة البيئية. "هنا لا نحتاج لشعارات، نحتاج لمشاريع،" قال سعيد عبد الله، صياد من سفاجا، وهو ينتظر دوره ببطء.

الإشراف والتنظيم: من يضمن النزاهة؟

الإشراف والتنظيم: من يضمن النزاهة؟

على مستوى المحافظة، كان اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، حاضرًا في أكثر من 15 لجنة، يتفقد المظلات، يتحدث مع كبار السن، ويشجع المتطوعين. وجه بتركيب مظلات في كل مركز، ووفر كراسي متحركة، وأمر بتمكين أي ناخب موجود داخل المبنى حتى لو تجاوز الوقت المحدد. "الانتخابات ليست لحظة، بل هي واجب،" قال حنفي لمراسلين.

أما على المستوى الوطني، فكانت الهيئة الوطنية للانتخابات في قلب العملية. برئاسة القاضي أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي، أُعلن أن 5,606 لجنة فرعية في 14 محافظة تجري انتخاباتها في المرحلة الأولى، من بينها البحر الأحمر. وأكد بنداري أن "الهيئة مستمرة في العمل حتى يُمكن آخر ناخب من الإدلاء بصوته" — وهي جملة أُعيدت في مؤتمرات متتالية، كأنها وعود مقدسة.

ما الذي ينتظرنا بعد التصويت؟

الفرز سيبدأ فور غلق اللجان، لكن النتائج الأولية لن تُعلن قبل مساء الأربعاء 12 نوفمبر. في حال وجود جولة إعادة — وهو أمر مرجح في دوائر متعددة — فستُجرى خارج مصر يومي 1 و2 ديسمبر، داخلها يومي 3 و4 ديسمبر. هذا التوقيت المزدوج يُظهر حجم التحدي: أكثر من 500 ألف مصري في الخارج سيصوتون، وسط توقعات بارتفاع نسبة المشاركة بين المغتربين.

التحدي الأكبر ليس في التصويت، بل في ما بعد التصويت. من سيُمثل البحر الأحمر في مجلس النواب؟ هل سيكون من يُقدِّم مشاريع سياحية ضخمة؟ أم من يُطالب بحقوق الصيادين؟ أم من يُطالب ببناء مستشفى في حلايب؟ هذه الأسئلة لم تُطرح في الحملات، لكنها ستُجاب عنها في قاعة البرلمان.

خلفية تاريخية: انتخابات البحر الأحمر عبر العقود

خلفية تاريخية: انتخابات البحر الأحمر عبر العقود

في انتخابات 2020، شهدت المحافظة أقل نسبة مشاركة في مصر، عند 38%. حينها، كانت السياحة تنهار، والنقل بين المدن متعثرًا، والناخبون يشعرون بالإهمال. لكن هذا العام، تغيرت المعادلة. التحول في البنية التحتية — طريق الغردقة-حلايب الجديد، وتوسيع ميناء سفاجا، ومشروعات الطاقة الشمسية في رأس غارب — جعلت الناس يشعرون أن صوتهم قد يُحدث فرقًا. حتى في أقصى الجنوب، حيث لم يُنتخب مرشح من حلايب منذ 2015، بدأ الشباب يُنظّم حملات توعية عبر واتساب، وينشرون معلومات عن المرشحين.

ما يحدث الآن ليس فقط انتخابات. إنه إعادة تعريف للعلاقة بين المواطن والسلطة. لم يعد التصويت مجرد واجب، بل أصبح أداة ملموسة لتحسين الحياة.

أسئلة شائعة

كيف تأثرت دوائر البحر الأحمر بزيادة عدد الناخبين مقارنة بانتخابات 2020؟

في 2020، كان عدد الناخبين المسجلين في المحافظة نحو 302,000، بينما وصل هذا العام إلى 340,360 — زيادة تزيد عن 12%. هذه الزيادة نتجت عن تحديث قاعدة البيانات وتسجيل شباب جديد، خصوصًا في الغردقة ومرسى علم. كما أن تحسين البنية التحتية وتوسيع مراكز الاقتراع ساهم في رفع الثقة، مما أدى لارتفاع نسبة المشاركة المتوقعة من 38% إلى أكثر من 65%.

لماذا هناك مرشح واحد فقط في دائرة الشلاتين وحلايب؟

هذا يعكس تهميشًا طويل الأمد للمنطقة. رغم وجود 16 ألف ناخب، إلا أن التحديات اللوجستية، وقلة التمويل، وضعف التواصل مع المرشحين المحتملين، جعلت معظم الأسماء تتجنب هذه الدائرة. بعض المراقبين يرون أن هذا يُعد تهديدًا للتمثيل العادل، خاصة أن الدائرة تضم أراضي ذات طابع استراتيجي حدودي، وتتطلب ممثلًا يفهم قضايا الأمن والتنمية المتكاملة.

ما دور الهيئة الوطنية للانتخابات في ضمان نزاهة التصويت؟

الهيئة نشرت أكثر من 3,000 مراقب محلي ودولي، وربطت جميع اللجان بمنظومة إلكترونية تُرسل صورًا للصناديق فور غلقها. كما أُجبرت اللجان على تسجيل توقيت فتح وغلق الصناديق، مع وجود ممثلين عن الأحزاب. القاضي أحمد بنداري أكد أن أي تجاوز يُحاسب عليه فورًا، حتى لو كان من موظف صغير. هذه الشفافية هي ما يُفرق هذه الانتخابات عن سابقاتها.

هل يمكن لمواطني البحر الأحمر التصويت خارج مدينتهم؟

لا، التصويت يُجرى فقط في اللجان المسجلة في مكان الإقامة الرسمية، حسب البطاقة الرقمية. لكن في حالات الطوارئ أو السفر المفاجئ، يُمكن طلب نقل موقت عبر موقع الهيئة قبل 72 ساعة من التصويت. هذا الخيار لم يُستخدم بكثافة في البحر الأحمر، لكنه مُتاح، خاصة لعمال السياحة الذين ينتقلون بين المدن.

ما تأثير انتخابات البحر الأحمر على المرحلة الثانية؟

البحر الأحمر تُعد نموذجًا للمناطق النامية التي حققت زيادة في المشاركة. إذا نجحت في رفع نسبة التصويت فوق 65%، فقد تُستخدم كنموذج لمحافظات مثل مطروح وأسيوط في المرحلة الثانية. كما أن نجاح توزيع الكراسي المتنقلة والخدمات الخاصة قد يُطبق على مستوى الجمهوري. التحدي هو الحفاظ على هذا المستوى دون تراجع بعد الانتخابات.

ما هي المخاطر المحتملة بعد إعلان النتائج؟

أكبر خطر هو تجاهل صوت الدوائر الأصغر، مثل الشلاتين وحلايب. إذا لم يُترجم التصويت إلى مشاريع فعلية — مثل توصيل الكهرباء أو تحسين الطرق — فقد يُشعر المواطنون بالإحباط، وينخفض التصويت في الانتخابات القادمة. كما أن أي تأخير في توزيع المقاعد أو تدخلات سياسية قد يُثير احتجاجات، خصوصًا في الغردقة التي تشهد نشاطًا سياسيًا نشطًا.