اليوم الوطني 54: احتفالات ضخمة في الإمارات بمناسبة توحيد الإمارات السبع تحت شعار 'روح الاتحاد'

اليوم الوطني 54: احتفالات ضخمة في الإمارات بمناسبة توحيد الإمارات السبع تحت شعار 'روح الاتحاد'

في الثاني من ديسمبر 2025، ستُضيء سماء الإمارات بانفجارات من الأضواء والألعاب النارية، بينما ترتفع الأعلام الحمراء والخضراء والبيضاء والسوداء فوق كل شارع ومبنى، احتفالًا بالذكرى الـ54 لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة. هذه ليست مجرد عطلة رسمية، بل لحظة تجمع وطني تعيد تذكير الجميع — مواطنين ومقيمين — بقيمة الوحدة التي بناها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأصبحت اليوم ركيزة هوية الدولة الحديثة. وبحسب الإعلان الحكومي، ستكون العطلة الرسمية يومي 2 و3 ديسمبر، لأول مرة في تاريخها، تشمل القطاعين العام والخاص بالكامل، مما يمنح الجميع فرصة حقيقية للاحتفال دون ضغوط عمل.

من أين بدأ كل شيء؟ تاريخ التوحيد الذي غيّر مسار المنطقة

في 2 ديسمبر 1971، وقّع زعماء ست إمارات — أبوظبي، دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، والفجيرة — على وثيقة تأسيس دولة واحدة، بعد قرون من التشتت القبلي والاعتماد على الصيد واللؤلؤ. لم يكن الأمر سهلاً. كانت الطرق ترابية، والمستشفيات نادرة، والكهرباء تُوزع بساعات محدودة. لكن قيادة الشيخ زايد، الذي كان حاكم أبوظبي آنذاك، رأى في الوحدة مخرجًا من التبعية والاستغلال. وبعد أربعة أشهر فقط، في فبراير 1972، انضم رأس الخيمة، ليكتمل التكوين السبعي الذي أصبح نموذجًا نادرًا في التاريخ الحديث للاتحادات. اليوم، بعد 54 عامًا، تحولت هذه الأرض القاحلة إلى مركز مالي عالمي، ووجهة سياحية رائدة، ومحور للابتكار، كل ذلك بفضل تلك الوثيقة التي وُقّعت بيد رجل لم يملك سوى إرادة وحكمة.

احتفالات 2025: 'روح الاتحاد' تُضيء السماء من أبوظبي إلى دبي

الشعار الرسمي لهذا العام، 'روح الاتحاد'، ليس مجرد شعار دعائي. إنه تذكير مباشر بفلسفة الشيخ زايد: أن القوة لا تكمن في الثروة، بل في التماسك. وستكون أبوظبي، مقر الحكم، محور الاحتفالات الكبرى. في أبوظبي كورنيش، ستُطلق الألعاب النارية من الساعة 8 مساءً حتى 10 مساءً، بينما تُعرض عروض جوية من فرقة الفُرسان، طيارو سلاح الجو الإماراتي، الذين سيحلّقون بطائراتهم المُزينة بألوان العلم، في تشكيلات مذهلة تُحاكي شكل العلم الوطني. وفي مركز أبوظبي الوطني للمعارض، ستشهد مراسم عسكرية رسمية بحضور حكام الإمارات وأعضاء المجلس الوطني الاتحادي، حيث يُقرأ بيان التأسيس وترفع الأعلام بتكريم عسكري.

أما في دبي، فستكون برج خليفة مسرحًا لعرض ضوئي هائل، يغطي كامل جسم المبنى بألوان العلم، بينما ستُقدّم نافورة دبي ثلاث عروض مخصصة، كل واحدة تبدأ عند الساعة 6 و7 و8 مساءً على شارع الشيخ محمد بن راشد، مصحوبة بالنشيد الوطني. وستُضيء أماكن أخرى مثل مجمع مول فيستيفال سيتي، ولا مير، والسيف، والشاطئ في جميرا بيتش ريزيدنس، بزخارف وأضواء وعروض موسيقية مجانية بعد الألعاب النارية.

قبل الاحتفال: يوم التذكار، عندما تُخفض الأعلام وتُصمت الأصوات

لكن الاحتفال لا يبدأ فجأة. قبل يومين، في 30 نوفمبر، يُحيي الإماراتيون يوم الشهيد، وهو يوم حزين لكنه مقدس. عند الساعة 11 صباحًا، تتوقف الحياة في كل أنحاء الدولة. السيارات تتوقف. المدارس تُغلق. حتى المولات تُطفئ موسيقاها. الجميع يقف صامتًا دقيقة واحدة، بينما تُرفع الأعلام نصف عمود، تخليدًا لذكرى أكثر من 150 شهيدًا إماراتيًا سقطوا في خدمة الوطن، من أفغانستان إلى اليمن، ومن عمليات حفظ السلام إلى مهام إنقاذ دولية. هذه اللحظة، أكثر من أي شيء آخر، تُظهر أن اليوم الوطني ليس مجرد فرح، بل هو تذكير دائم بالثمن الذي دُفع لبناء هذا التحالف.

الاقتصاد والتسوق: العطلة تُحرك السوق وتُعيد تشكيل سلوك المستهلك

الاقتصاد والتسوق: العطلة تُحرك السوق وتُعيد تشكيل سلوك المستهلك

من الناحية الاقتصادية، يُعد اليوم الوطني من أهم فترات التحفيز الاستهلاكي في العام. وبحسب تقرير ZenHR الصادر في 10 نوفمبر، فإن مراكز التسوق في جميع الإمارات ستُزيّن بألوان العلم، وستقدم خصومات تصل إلى 70% على المنتجات المحلية، خاصة الملابس والهدايا التذكارية. وتشير بيانات وزارة الاقتصاد إلى أن إنفاق الأسر خلال عطلة اليوم الوطني يتجاوز 1.2 مليار درهم سنويًا، مع زيادة بنسبة 18% مقارنة بعام 2023. وتمتد هذه الحركة إلى قطاع السياحة، حيث تُسجل الفنادق في أبوظبي ودبي امتلاءً كاملاً قبل أسبوع من العطلة، مع تدفق مكثف من المقيمين من إمارات أخرى، وأيضًا من الجاليات الآسيوية والغربية التي تشارك في الاحتفالات بحماس.

ما الذي سيتغير في السنوات القادمة؟

الإشارات تدل على أن الاحتفالات ستزداد تطورًا. ففي 2024، أُعيد تسمية اليوم الوطني رسميًا إلى عيد الاتحاد، وهو تغيير رمزي يهدف إلى تعميق الربط بين الهوية الوطنية والقيم المشتركة، وليس فقط التاريخ. وفي 2025، تُخطط السلطات لدمج تقنيات الواقع الافتراضي في بعض المعارض التراثية، بحيث يمكن للزوار ارتداء نظارات ذكية لرؤية كيف كانت الحياة في الإمارات قبل 50 عامًا. كما تُدرس فكرة إضافة يوم ثالث للعطلة في المستقبل القريب، خاصة مع ازدياد عدد السكان وتنوعهم. لكن الأهم، أن الحكومة تسعى لجعل هذا اليوم مناسبة تعليمية، لا احتفالية فقط — فالمدارس تُجبر الآن على تدريس تفاصيل التأسيس، وليس فقط تلوين الأعلام.

لماذا يهم هذا بالنسبة لك؟

لماذا يهم هذا بالنسبة لك؟

حتى لو لم تكن مواطنًا إماراتيًا، فإن اليوم الوطني هو مفتاح فهم المجتمع الذي تعيش فيه. فهو يُظهر كيف يمكن لقيادة حكيمة، ورؤية جماعية، وانضباط مجتمعي، أن يحوّل صحراء إلى نموذج عالمي للنجاح. والأهم، أن هذه الاحتفالات لا تُقام فقط لاستعراض القوة، بل لتعزيز الانتماء — بين مواطن ومواطن، وبين مقيم ومجتمع. في عالم يتجزأ فيه الناس بسهولة، فإن الإمارات تقدم درسًا نادرًا: أن الوحدة ليست مجرد سياسة، بل أسلوب حياة.

أسئلة شائعة

لماذا تم تغيير اسم اليوم الوطني إلى 'عيد الاتحاد'؟

تم تغيير الاسم في 2024 لتعزيز البُعد الروحي والاجتماعي للاحتفال، وليس فقط التاريخي. فـ'عيد الاتحاد' يُبرز أن الدولة لم تُبنى فقط بتوقيع وثيقة، بل بقيم مشتركة مثل التضامن، والاحترام، والعمل الجماعي. هذا التغيير يهدف إلى جعل الاحتفال أكثر شمولية للمقيمين، وليس فقط المواطنين، ويعكس رؤية القيادة في بناء هوية وطنية ديناميكية.

هل يمكن للزوار الأجانب المشاركة في الاحتفالات؟

بالتأكيد. جميع الاحتفالات العامة — من الألعاب النارية إلى العروض الموسيقية في لا مير أو السيف — مفتوحة للجميع دون تذاكر. بعض الفعاليات التراثية، مثل القرى التراثية في الشارقة أو العين، تقدم تجارب تفاعلية للزوار، مثل تعلم صنع القهوة الإماراتية أو ارتداء الخُلَّة. الحكومة تشجع المقيمين على المشاركة كجزء من الانتماء المجتمعي، وغالبًا ما تُنظم مسابقات لتصوير الاحتفالات ومشاركتها بوسوم رسمية.

ما هي أفضل أماكن مشاهدة الألعاب النارية في دبي؟

أفضل أماكن المشاهدة هي شاطئ جميرا بيتش ريزيدنس (JBR) خاصة في منطقة البلكونات أمام سينما روكي، وشارع الشيخ محمد بن راشد أمام نافورة دبي، وساحة برج خليفة. أما في أبوظبي، فالكورنيش هو الخيار الأمثل، لكن تأكد من الوصول قبل الساعة 6 مساءً، لأن المواقع تمتلئ بسرعة. بعض الفنادق مثل فندق برج العرب تقدم عروضًا خاصة على الأسطح، لكنها مكلفة. الأفضل دائمًا هو المشاهدة من الأماكن العامة المجانية.

لماذا يُغلق القطاع العام والخاص في نفس اليومين؟

هذا التغيير، الذي بدأ بشكل تدريجي منذ 2023، يهدف إلى توحيد الإيقاع الوطني وتمكين الجميع من المشاركة دون تمييز. في الماضي، كان القطاع الخاص يُجبر على العمل، مما أضعف روح الاحتفال. الآن، بقرار من مجلس الوزراء، يُعتبر العطلة مسؤولية وطنية، وليس رفاهية. وهذا يعكس اعترافًا بأن الاقتصاد الوطني لا يُبنى فقط بالشركات، بل بالمجتمع المتماسك الذي يشعر بالفخر المشترك.