موظفو دبي للإعلام يجهزون 10 ملايين وجبة لغزة ضمن سفينة محمد بن راشد الإنسانية
في صباح الأحد 7 ديسمبر 2025، امتلأ مركز دبي للمعارض - إكسبو بصوت الأقدام والضحكات والهمسات المتشابكة بين متطوعين من مختلف الأعمار والجنسيات، بينما كان موظفو دبي للإعلام يحملون أكياس الأرز والزيت والبقول، يُعبئونها بعناية في سلال غذائية موجهة إلى قطاع غزة. لم يكن هذا مجرد تطوع، بل كان حدثًا جماعيًا يُعيد تعريف معنى العطاء في دولة الإمارات، حيث تم تجهيز 10 ملايين وجبة خلال يوم واحد فقط، ضمن مبادرة سفينة محمد بن راشد الإنسانيةدبي، التي تُنظمها مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية كجزء من عمليات الفارس الشهم 3. كل سلة غذائية تكفي أسرة مكونة من خمسة أشخاص لمدة أسبوع، وتضم 20 صنفًا غذائيًا متنوعًا، مُختارة بعناية لتناسب الاحتياجات اليومية للأطفال والنساء وكبار السن في غزة، مع ضمان الجودة والقيمة الغذائية العالية.
الإمارات تُعيد تعريف العمل الإنساني الجماعي
لم يُشارك في هذه المبادرة فقط موظفو دبي للإعلام، بل شملت فرقًا من الأطفال الذين حملوا علب السكر، وكبار المواطنين الذين تولوا التفتيش على التواريخ، وأصحاب الهمم الذين قاموا بتنسيق المراحل، وعمال من جنسيات 80 دولة مختلفة. كانت المجموعات الأربع المُنظمة — تعبئة، تغليف، فحص، تحميل — تعمل كآلة دقيقة، كل منها يُكمل الآخر دون توقف. هنا، لم يكن هناك رئيس أو موظف، بل كل شخص متطوع، وكل يد تُشارك في صنع الأمل. "هذا ليس عملًا، هذا واجب إنساني،" قال أحمد الهاشمي، مُعد برامج في دبي للإعلام، وهو يُغلق كيسًا من التمر. "نحن نُرسل الطعام، لكننا نُرسل معه رسالة: أنت لست وحدك.""
الخلفية: التزام متواصل منذ 2023
هذه المبادرة ليست منفصلة. إنها حلقة في سلسلة طويلة من الدعم الإماراتي لغزة. ففي 2023، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بتحويل 50 مليون درهم إماراتي كمساعدة عاجلة للشعب الفلسطيني. وفي نوفمبر 2025، أعلنت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية عن مبادرة "سفينة محمد بن راشد"، وتعهدت بتقديم 43 مليون درهم كمعونة غذائية مباشرة لمليون شخص في غزة. وقد سبقت هذه الخطوة شحنة إغاثة في سبتمبر 2024، أرسلتها "دبي الإنسانية" عبر ميناء العريش في مصر، تضم 71.6 طنًا من المستلزمات الطبية الأساسية. والآن، مع 10 ملايين وجبة، ترتفع كمية المساعدات التي تُنقل عبر جهود دبي الإنسانية في العام الماضي وحده إلى 1255 طنًا متريًا، استفاد منها 3.7 مليون شخص حول العالم.
كيف تُدار هذه العمليات؟ التنظيم كفن
التحدي الأكبر لم يكن جمع الوجبات، بل توزيعها بسرعة وفعالية. كل وجبة مُصنفة رقميًا، ومُسجلة في نظام مركزي يربط بين مراكز التعبئة وميناء جبل علي وسفينة الشحن التي ستقلها إلى غزة. وفقًا للمدير التنفيذي لـ مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، محمد بن عبدالله القرق، فإن "التنظيم الدقيق والالتزام الميداني هما ما جعلا من المستحيل ممكنًا في 24 ساعة فقط." لم يُستخدم أي معدات ثقيلة، بل اعتمد الفريق على تدريب المتطوعين على تقنيات التعبئة اليدوية، مما سمح بمشاركة أكبر عدد ممكن من الناس، حتى من لا يملكون قوة جسدية. "الإنسانية لا تُقاس بالآلات، بل باليد التي تُمسك الملعقة،" قال أحد المُشرفين.
دور الإعلام: من النقل إلى التأثير
ما يميز مشاركة دبي للإعلام ليس فقط حضورها الميداني، بل توثيقها الشامل. فريق إعلامي كامل — مصورون، مذيعون، محررون — تابع كل مرحلة، ونقل لحظات التضامن عبر قنواته، حتى تلك التي لا تُرى عادة: طفلة تُمسك كيسًا من الدقيق بيد واحدة، ورجل مسن يُعلق ملصقًا على صندوق بخط يده: "من قلب الإمارات إلى قلب غزة." هذه التغطية لم تكن ترويجًا، بل تأصيلًا لثقافة العطاء. "نحن لا نُغطي الحدث، نحن جزء منه،" أوضحت مُديرة الإعلام في دبي للإعلام. "الإعلام في الإمارات ليس مجرد ناقل، بل مُحفز، ومُشارك، ومُلهم.""
ما الذي سيحدث بعد التعبئة؟
الوجبات جاهزة، والسفينة الإنسانية في طريقها للتجهيز في ميناء جبل علي، ومن المتوقع أن تنطلق خلال الأسبوعين القادمين. لكن التحدي الأكبر لم يبدأ بعد: إيصال الوجبات بأمان إلى غزة، عبر ممرات إنسانية معقدة، وسط توترات أمنية وقيود تجارية. هنا، تدخل دور الشركاء الدوليين، خاصة في مصر والأردن، حيث تُدار مراكز التوزيع. المؤسسة تؤكد أن التوزيع سيكون مُرتبًا مع الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة، لضمان وصول كل وجبة إلى المستحق. "الهدف ليس فقط توصيل الطعام، بل إبقاء الأمل حيًا،" قال وزير شؤون مجلس الوزراء، محمد بن ثنيان الغفلي، في تصريح مُباشر بعد انتهاء المبادرة.
الإمارات وغزة: علاقة لا تنقطع
منذ عقود، لم تكن الإمارات مجرد مانح، بل شريكًا استراتيجيًا في البقاء. من دعم المستشفيات في خان يونس، إلى تمويل مدارس في رفح، إلى إرسال أطباء وممرضين عبر طائرات الإغاثة، كان الدعم دائمًا ملموسًا. هذه المبادرة تُضيف طبقة جديدة: الدعم الجماعي. لم يُشارك فيها أثرياء فقط، بل عامل النظافة، والطالب الجامعي، والموظفة التي أخذت إجازة لتساعد. هذا هو الفرق: في الإمارات، الإنسانية ليست مسؤولية النخبة، بل عادة المجتمع.
أسئلة شائعة
كيف ستصل الوجبات إلى غزة؟
ستُشحن الوجبات عبر سفينة إنسانية من ميناء جبل علي، وتُنقل عبر ميناء العريش في مصر، ثم تُوزع عبر ممرات إنسانية مُنسقة مع الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة. يتم توثيق كل شحنة رقميًا لضمان وصولها إلى الأسر المستهدفة دون تدخل أو تأخير، مع تجنب المناطق المُحاصرة أو المُعرضة للقصف.
لماذا 10 ملايين وجبة؟ هل هذا رقم عشوائي؟
لا، الرقم مبني على دراسة دقيقة: كل أسرة في غزة تحتاج 7 وجبات أسبوعية، ويوجد نحو 1.4 مليون أسرة تتلقى مساعدات. الـ10 ملايين وجبة تكفي 1.4 مليون أسرة لمدة أسبوع كامل، وتُغطي احتياجات 7 ملايين فرد — أي نحو ثلث سكان غزة. هذا يُعد أكبر حملة غذائية فردية من نوعها منذ بداية الأزمة.
ما الفرق بين هذه المبادرة ومساعدات سابقة؟
الفرق في الحجم والتنظيم. في السابق، كانت المساعدات تُرسل كمواد خام أو شحنات طبية. هذه المرة، الوجبات جاهزة للأكل، مُغذية، ومُصنعة محليًا بمعايير صحية إماراتية. هذا يقلل من الحاجة لطهيها في ظروف صعبة، ويضمن تغذية مباشرة دون تأخير أو فاقد.
هل يمكن لأي شخص المشاركة في المبادرات القادمة؟
نعم، الموقع الإلكتروني www.MBRship.ae مفتوح دائمًا للتطوع. منذ إطلاق المبادرة، تقدم أكثر من 120 ألف شخص للتسجيل، وتم قبول 45 ألفًا فقط في هذه المرحلة بسبب التخطيط اللوجستي. لكن المؤسسة تُخطط لسلسلة من المبادرات الشهرية، كل منها يركز على منطقة مختلفة في العالم.
ما تأثير هذه المبادرة على الاقتصاد المحلي؟
أثرها غير مباشر لكنه عميق: دعم 12 موردًا محليًا لإمداد المواد الغذائية، وخلق طلب مؤقت لـ200 ألف وحدة تعبئة، وزيادة الوعي بالاستدامة. كما أن تغطية الإعلام للفعالية أعادت تشكيل صورة الإمارات كدولة لا تُرسل مساعدات فقط، بل تُبني أنظمة إنسانية قابلة للتوسع — وهذا يعزز ثقة الشركاء الدوليين في الشراكات معها.
Majd kabha
هذي مش مجرد وجبات... هذي رسالة أن الإنسان ما يموت بالجوع لو في واحد حاسس بيه. الإمارات ما ترسل طعام، ترسل كرامة. في زمن بيحكي فيه الناس عن الحدود والانقسامات، هالعمل يذكّرنا إن الإنسانية ما لها جنسية.
Nouria Coulibaly
يا جماعة! شفتم الأطفال وهم يحملون علب السكر؟! قلبي انصهر! ❤️ الإمارات ما تبني مدن فقط، تبني قلوب. كل واحد فينا يقدر يشارك، حتى لو بملعقة واحدة! نحنا نقدر نغير العالم بيدنا، ما نحتاج طائرة ولا سفينة... نحتاج بس نية صادقة!
adham zayour
يا أخي، شفنا كل هذا التنظيم والكلام عن 'الإنسانية'... بس خلينا نكون صريحين: في 90% من الدول، هالعملية كانت تتحطّ على رأسها من أول يوم. هنا، تعبئة 10 ملايين وجبة في 24 ساعة؟! لا، ما نحن نعيش في عالم آخر، ولا نحن نتعامل مع بشر مختلفين. نحن نتعامل مع نظام مُصمم بذكاء، وقيادة تؤمن إن العطاء ما يُقاس بالمال، بل بالتنظيم. بس خلينا نعترف: هذا ما يحصل إلا في مكان واحد. لا تخلطوا بين التميز والمعجزة.
Mohamed Amine Mechaal
هذا السيناريو يمثل نموذجًا متكاملًا للإنسانية التشاركية القائمة على التكامل اللوجستي-الاجتماعي. من حيث تحليل النظام، نلاحظ تفعيلًا متزامنًا لعناصر سلسلة التوريد الإنسانية (Humanitarian Supply Chain) عبر محاور متعددة: التعبئة (assembly), التوثيق الرقمي (digital traceability), التوزيع الموزع (decentralized distribution)، والمشاركة المجتمعية الموسعة (mass civic engagement). هذه البنية لا تُبنى بمحض الصدفة، بل هي نتيجة تراكم هيكلي لاستثمار في الرأسمال الاجتماعي والمؤسسي، ما يُحول المساعدة من تدخل عابر إلى نظام قابل للقياس، التكرار، والتوسع. التحدي القادم: تعميم هذا النموذج على السياقات المُضطربة ذات البنية التحتية المُنهكة، عبر تطوير وحدات إنسانية متنقلة ذاتية التمكين.