متحدثة فلسطينية أمريكية تُفنّد الخرافات عن المرأة العربية في جامعة كولومبيا

متحدثة فلسطينية أمريكية تُفنّد الخرافات عن المرأة العربية في جامعة كولومبيا

في 21 أبريل 2025، وقفَت لينا كندة أمام حشدٍ من الطلاب والأساتذة في قاعة كولهافي بجامعة كولومبيا المركزية في مونت بليس، ميشيغان، وقامت بتفكيك خرافةٍ عميقة الجذور: أن المرأة العربية مُستعبدةٌ بدينها. لم تكن كلماتها مجرد محاضرة — كانت مواجهةً مباشرة مع صورٍ نمطيةٍ مُغلوطةٍ نَشَرتها وسائل الإعلام، وكرّستها السياسات، وصَدّقها كثيرٌ من الغرب دون أن يسألوا: من هنّ حقًا؟

الفرق بين "عربي" و"مسلم": خلطٌ يُشوّه الحقيقة

"العربية ليست مسلمة، والمسلمة ليست عربية"، قالت كندة بثقةٍ لا تقبل الشك. وهي فلسطينية أمريكية، تمتلك أكثر من 15 عامًا في التواصل بين الثقافات، وترى أن الخلط بين الهوية الدينية والعرقية هو جوهر المشكلة. فإيران وأفغانستان — التي يُصوّرها الغرب كأنها نموذجٌ للإسلام — لا تتحدثان العربية، ولا تُعدّان من الدول العربية. لكن عندما يُرى في الأخبار امرأةٌ ترتدي الحجاب في طهران، يُقال: "هذا ما يفعله الإسلام". وهذا خطأٌ جوهري.

كندة أوضحت أن الحجاب ليس واجبًا دينيًا مطلقًا، بل هو خيارٌ شخصي. "لا يُطلب من أي امرأة في الشرق الأوسط ارتداؤه. ولا يُفرضه الدين. بل تختاره المرأة لأنها ترى فيه حمايةً، أو تعبيرًا عن إيمانها، أو حتى مقاومةً للضغوط الغربية". ولفتت إلى أن القوانين الصارمة في إيران، مثل إجبار النساء على ارتداء الحجاب، ليست من صميم الإسلام، بل هي أدوات سياسية تستخدمها الدولة للسيطرة. "القوانين التي تقرأها في الأخبار تبدو مُفرطة لأنها كذلك — لأنها من صنع الحكومة، وليس من صنع الدين".

البيانات تُفنّد الأسطورة: المرأة العربية ليست "أمًا كثيرة"

التحول الأقوى في حديث كندة لم يكن في الكلمات، بل في الأرقام. أشارت إلى بيانات منظمة الأمم المتحدة التي تُظهر أن متوسط عدد المواليد لكل امرأة في الشرق الأوسط انخفض من 4.9 في عام 1990 إلى 2.6 فقط في عام 2023. وسبعة من بين أكثر 15 دولة شهدت هذا الانخفاض هي دول عربية. هذا يعني شيئًا واحدًا: المرأة العربية لم تعد تُنظر إليها كـ"آلة تكاثر". إنها تختار التعليم، والعمل، والتأخير في الزواج — وتُغيّر مصيرها.

هذا التحول لا يُذكر في التقارير الغربية التي تصور المرأة العربية كضحيةٍ مطلقة. لكنه يُثبت أن التغيير يجري من الداخل — من خلال تغييرات اجتماعية، واقتصادية، وتعليمية، وليس فقط من خلال قوانين تُفرض من الخارج.

الإسلام لا يُقمع — بل يُحرّر: تفسيراتٌ نسائيةٌ تُعيد صياغة النصوص

في نوفمبر 2024، نشر المركز العربي للبحث والسياسات في واشنطن تقريرًا بعنوان "خمسة أشياء يجب أن تعرفها عن المرأة في الإسلام"، كشف أن هناك نمطين مهيمنين يُشوّهان صورة المرأة المسلمة: الأول، الحكومات التي تستغل نصوصًا دينية لتبرير التمييز؛ والثاني، الغربيون الذين يستخدمون تفسيراتٍ قديمةٍ ومتحيزةٍ للإسلام لدعم خطاب كراهية المسلمين.

لكن التقرير أضاف شيئًا جوهريًا: هناك مُفسّراتٌ مسلماتٌ، من أندونيسيا إلى مصر، يُعيدن قراءة القرآن في سياقها التاريخي، ويُظهرن أن التمييز ضد المرأة ليس من جوهر النص، بل من تفسيراتٍ ذكوريةٍ نشأت في عصورٍ مختلفة. "هذا ليس إسلامًا، بل هو تراثٌ مُشوّه"، كما قالت الدكتورة آية رحمن من جامعة ميامي في مقالها الذي نُشر في يناير 2025.

الحجاب ليس عبودية — بل اختيارٌ يُستغلّ سياسيًا

في السعودية، أُدخل قانون السلامة العامة في 8 مارس 2022، الذي كرّس بعض القواعد التقليدية حول الزواج والطلاق في القانون. وفقًا لـروثنا بيجوم من هيومن رايتس ووتش، فإن القانون "أرسى التمييز ضد حقوق المرأة في النص القانوني"، رغم أن ولي العهد محمد بن سلمان قال في مقابلة عام 2018 إن العباءة والغطاء "ليس إلزاميًا".

لكن الواقع مختلف. حتى الآن، يرتدي معظم النساء السعوديات العباءة — لكن بتصاميم وألوانٍ جديدة. قانون اللباس اللائق لعام 2019 لم يطلب سوى ملابس فضفاضة تغطي المرفقين والكاحلين. التغيير هنا ليس في القانون، بل في الممارسة. المرأة السعودية تُعيد تشكيل مظهرها — ببطء، ولكن بثبات.

في ميلووكي، وثّق تحالف المرأة المسلمة في ميلووكي في أبريل 2025 أن الإسلام منح المرأة حقوقًا كاملة منذ 1400 عام: التعليم، الميراث، العمل، وحتى الترشح للانتخابات. "من لا يعرف الإسلام يظن أن التغطية مُضطهدة. لكن المسلمات يرينها تحريرًا، تمامًا كما ترى المسيحية مريم العذراء نموذجًا للطهارة والكرامة"، قالت المديرة التنفيذية فاطمة أحمد.

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

الحركات النسائية الإسلامية تنمو. في إندونيسيا، تُدرّس طالباتٌ فقهًا نسائيًا في الجامعات. في مصر، تُنظم النساء جلسات صلاة مختلطة في بعض المساجد. في الدنمارك، تُقام جلسات سباحة مخصصة للمسلمات. في كندا، تُفتح مراكز دعم للنساء اللواتي يواجهن التمييز بسبب الحجاب.

المركز العربي للبحث والسياسات يتوقع أن تُطلق مبادرات تعليمية إسلامية نسائية في جميع أنحاء الشرق الأوسط بحلول عام 2026. الهدف؟ تغيير المناهج، وتدريب المعلمات، وبناء جيلٍ من النساء يُعيدن صياغة الإسلام — ليس كدينٍ يُقمع، بل كمرجعٍ يُحرّر.

أسئلة شائعة

هل يُجبر المسلمون النساء على ارتداء الحجاب؟

لا، ليس كجزء من العقيدة الإسلامية. الحجاب اختيار شخصي، وفقًا لدراسات منظمة الأمم المتحدة وتحليلات المركز العربي للبحث والسياسات. في دول مثل إيران، يُفرض الحجاب بقوة القانون كأداة سياسية، لكن هذا لا يعكس الإسلام، بل يعكس حكوماتٍ استبدادية. في تركيا والسعودية وماليزيا، تواجه النساء الذين لا يرتدين الحجاب ضغوطًا اجتماعية، لكن هذا أيضًا ناتج عن التقاليد، وليس الدين.

لماذا تُستخدم المرأة العربية كرمز للقمع في الإعلام الغربي؟

لأن الصورة النمطية تخدم سياساتٍ خارجية وثقافية. تصوير المرأة العربية كضحية يُسهّل التدخل الخارجي، ويعزز صورة "الغرب المنقذ". لكن الأرقام تُظهر أن معدلات الخصوبة انخفضت بنسبة 47% منذ 1990، وأن النساء العربيات يُحققن تقدمًا في التعليم والعمل. هذه الحقائق تُهدّد السردية الغربية المُبسّطة، لذا تُهمَش.

ما دور المرأة المسلمة في تفسير النصوص الدينية اليوم؟

تُؤسّس المرأة المسلمة اليوم مدارس فقهية نسائية في إندونيسيا ومصر وتونس، وتُعيد قراءة القرآن في سياق تاريخي، وتُثبت أن التمييز ضد المرأة ناتج عن تفسيرات ذكورية في عصورٍ سابقة. مثلاً، الدكتورة آية رحمن تُظهر أن آياتٍ تُستخدم لحرمان المرأة من الميراث كانت تُفسّر في سياق اجتماعي قديم، وليس كأوامر دائمة.

هل تغيّر قوانين مثل قانون السلامة العامة في السعودية حقوق المرأة حقًا؟

لا، بل تُرسّخ التمييز. رغم أن القانون يمنع القضاة من استخدام تفسيراتهم الشخصية، إلا أنه يُثبت قواعد تُفضّل الرجل في الطلاق والميراث والولاية. هيومن رايتس ووتش وصفته بأنه "إضفاء شرعية قانونية على التمييز". التغيير الحقيقي يأتي من حركة نسائية داخلية، وليس من قوانين تُكتب من الأعلى.

لماذا ترتدي النساء السعوديات العباءة رغم أنّها ليست إلزامية؟

لأن التقاليد الاجتماعية لا تزال أقوى من القوانين. حتى لو أُزيلت العقوبات، فإن الضغط الاجتماعي — من العائلة، المدرسة، وحتى العمل — يدفع النساء للاستمرار في ارتدائها. لكن التغيير يحدث: العباءات اليوم تأتي بألوانٍ وزخارفٍ جديدة، وتحوّلت من رمز للقمع إلى رمز للهوية المُعاد تشكيلها.

ما الذي يميز المرأة العربية اليوم عن سابقاتها؟

التمكين الذاتي. لم تعد تطالب بحقوقٍ تُمنح لها، بل تُعيد تعريفها بنفسها. من خلال التعليم، والكتابة، والفن، والنشاط الاجتماعي، تُعيد صياغة هويتها. الأرقام تُظهر انخفاض الخصوبة، وزيادة التحاق النساء بالجامعة، ودخولهنّ مجالات لم تكن مفتوحة من قبل. هذا ليس تغييرًا مفروضًا — بل هو ثورة هادئة، تُبنى ببطء، ولكن بثبات.

4 التعليقات
  • Nouria Coulibaly
    Nouria Coulibaly

    يا جماعة، شكون قال إن المرأة العربية مُستعبدة؟ شوفوا الأرقام! الخصوبة نزلت من 4.9 لـ 2.6، وبناتنا بيدخلوا الجامعات، بيشتغلوا، وبيختاروا حجابهم أو ما يلبسوه! هذا ما يسمى تحرير، مش استعباد. نحن مش ضحايا، نحن مُغيّرات! 🌱

  • adham zayour
    adham zayour

    يا أخي، لو سمعت حد يقول إن الحجاب "فرض ديني" وانت معاك تقرير من الأمم المتحدة، يبقى إما ما قرأش ولا فهم، أو عايز يبقي في صورة النمطية اللي خلّت الغرب ينام براحته على فكرة إننا "متأخرين". بس خلينا نعترف: بعض الحكومات بتعمل من الحجاب درعًا سياسيًا، والبعض الآخر بيعمل منه سلاحًا ضدنا. والنساء؟ بس بيدوروا على مساحة يتنفسوا فيها. 😅

  • Majd kabha
    Majd kabha

    الحجاب ليس رمزًا دينيًا ثابتًا، بل ممارسة ثقافية قابلة لإعادة التفسير. التغيير الحقيقي ليس في القوانين، بل في تفسيرات النصوص من قبل نساء مُثقفات. هذا ليس تمردًا، بل إعادة بناء.

  • Mohamed Amine Mechaal
    Mohamed Amine Mechaal

    الهيكلية التفسيرية للنصوص الدينية في السياق التاريخي-الاجتماعي تُعيد تشكيل البنية الدلالية للهوية النسائية الإسلامية، مما يُمكّن من تفكيك التأويلات الذكورية كأداة هيمنة ثقافية. التغيير ليس سطحيًا، بل هو تحوّل بنيوي في ممارسة التفسير.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*