غانتس مهدد بالاعتقال في بريطانيا بينما يرفض نتنياهو تأمين رحلته بسبب مخاوف من مذكرة إيقاف من المحكمة الجنائية
عندما يُخطط وزير حرب إسرائيلي للسفر إلى لندن، لا ينبغي أن يكون هذا خبراً عالمياً. لكن عندما يرفض رئيس الوزراء مساعدته، ويُشير تقرير إلى أن مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية قد تنتظره في المطار، يصبح الأمر أكثر من مجرد تفصيل دبلوماسي — إنه انهيار في ثقة النظام السياسي الإسرائيلي في نفسه وفي حلفائه.
الرفض غير المبرر: لماذا لم يُساعد نتنياهو غانتس؟
بحسب تقرير نشرته صحيفة هآرتس في 8 مارس 2024، ونقلته جامعة النجاح، فإن بيني غانتس، الذي يشغل منصب وزير مجلس الحرب في الحكومة الإسرائيلية، كان يخطط لرحلة رسمية إلى لندن لمناقشة قضايا أمنية مشتركة مع المسؤولين البريطانيين. لكن مكتب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ ديسمبر 2022، رفض ترتيب أي إجراءات دبلوماسية أو أمنية لرحلته — لا حماية، لا اتصالات مع الشرطة البريطانية، لا تأكيدات قانونية. لماذا؟
الإجابة ليست معقدة: نتنياهو يخشى أن يُعتقل غانتس أثناء وجوده في بريطانيا. فوفق مصادر استخباراتية إسرائيلية، تشير التقديرات إلى أن المحكمة الجنائية الدولية قد تصدر مذكرات اعتقال ضد قادة إسرائيليين مرتبطين بعمليات في غزة قبل نهاية الشهر القادم. وغانتس، كقائد عسكري رفيع المستوى، يُعتبر من بين أسماء محتملة. لكن نتنياهو، الذي يواجه مخاطر مماثلة، اختار أن يُخلي مسؤوليته — ربما لتجنب أي ارتباط مباشر بقضية قد تطاله هو نفسه.
الضغط الأوروبي يتزايد: من فرنسا إلى بريطانيا
الضغوط لا تأتي من فراغ. في أبريل 2024، فرضت فرنسا حظراً كاملاً على أكثر من 70 شركة إسرائيلية من المشاركة في معرض يوروساتورباريس، أكبر معرض دفاعي في أوروبا. هذا ليس إجراءً رمزياً — بل هو إشارة واضحة أن أوروبا تُعيد تقييم شراكاتها الأمنية مع إسرائيل.
ثم جاء البيان المشترك الصادر عن بريطانيا وفرنسا وكندا، والذي طالب بـ:
- إدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة
- وقف فوري للعمليات العسكرية
- وقف انتهاكات مزعومة في الضفة الغربية
وأضاف البيان أنه سيُنظر في اتخاذ “إجراءات عملية” ضد إسرائيل — وهي عبارة تُستخدم عادةً كمقدمة للعقوبات أو تجميد الاتفاقيات. هذا التحول في الموقف الأوروبي لم يأتِ من فراغ. فمنذ اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطين، تراجعت “الحصانة الدبلوماسية” التي كانت إسرائيل تفترض أنها مضمونة منذ عقود.
الحرب الكلامية: نتنياهو يهاجم واشنطن
في وقت يُحاول فيه نتنياهو حماية نفسه من المحكمة، يهاجم حلفاءه. فقد وصف، وفقاً لموقع الأيام، العقوبات الأمريكية على وحدة عسكرية إسرائيلية بأنها “قمة الغباء والانحدار الأخلاقي” — وهي تصريحات غير مسبوقة من زعيم إسرائيلي تجاه واشنطن، التي تُعدّ أكبر داعم عسكري ودبلوماسي لإسرائيل.
اللافت أن هذه التصريحات لم تُصدر في سياق تكتيكي، بل كجزء من محاولة داخلية لتحويل اللوم عن النظام. فبينما تُتهم إسرائيل بانتهاك الاتفاقية الرابعة لجنيف المتعلقة بحماية المدنيين في مناطق النزاع، يُحاول نتنياهو تشكيل سردية تقول: “نحن ضحايا، والعالم ضدنا”. لكن هذه السردية تنهار أمام واقع ملموس: الشركات الإسرائيلية تُستبعد، والدبلوماسيون الأوروبيون يُطالبون بالمساءلة، والمسؤولون الإسرائيليون يخشون السفر.
الانعكاسات: من التجميد إلى التحالف الجديد
تحليل نُشر في صحيفة القدس من قبل الخبير داربي، يُشير إلى أن إسرائيل تُرسل “رسائل بالرصاص” — أي أن تصرفاتها العسكرية لا تُقنع فقط، بل تخيف وتخنق الدبلوماسية. ويشير داربي إلى أن هذا النهج لن يدوم طويلاً. ففي المدى القصير، يتوقع تجميد جزئي لاتفاقيات تعاون مع دول أوروبية، خاصة في مجال التكنولوجيا والدفاع. وفي المدى المتوسط، يحذر من تشكيل “محور دولي جديد” يضم قوى أوروبية ودولًا من الجنوب العالمي، تُعيد تشكيل سياساتها تجاه إسرائيل على أساس معايير حقوق الإنسان، وليس المصالح الاستراتيجية القديمة.
والأمر لا يقتصر على الدبلوماسية. ففي القدس، تستمر الاحتجاجات خارج مقر إقامة نتنياهو، بينما تُعلن إسرائيل عن مقتل ضابط في غزة — إشارة أخرى إلى أن الحرب لا تنتهي، بل تتحول من ساحة القتال إلى ساحة المحاكم الدولية.
ما الذي سيحدث بعد ذلك؟
السيناريو الأرجح: غانتس يلغي رحلته. لكن هذا لن يكون نهاية القصة. فكلما تأخرت مذكرات الاعتقال، زادت الضغوط على الدول الأوروبية لاتخاذ خطوات ملموسة. وربما تكون بريطانيا، التي تُعدّ حليفة تاريخية لإسرائيل، هي أول من تُطبّق إجراءات ملموسة — مثل تجميد صفقات أسلحة أو تقييد التصدير التكنولوجي.
والأهم من ذلك: إسرائيل لم تعد تواجه فقط انتقادات، بل تواجه تغييراً جوهرياً في النظام الدولي الذي كانت تستفيد منه لعقود. لم تعد الحصانة مضمونة. ولم تعد الأنظمة الغربية تُعطيها فرصةً بلا حدود.
أسئلة شائعة
لماذا يخشى غانتس الاعتقال في بريطانيا تحديداً؟
بريطانيا من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وهي من الدول التي تُطبّق مذكرات الاعتقال بشكل صارم. ففي 2022، اعتُقل وزير دفاع سابق من جنوب أفريقيا في لندن بناءً على مذكرة من المحكمة. وبما أن بريطانيا تعترف بدولة فلسطين، فهذا يعزز قدرتها القانونية على تنفيذ أي مذكرة تُصدر ضد قادة إسرائيليين متورطين في جرائم حرب.
ما الذي يربط بين حظر الشركات الإسرائيلية في فرنسا ومذكرة الاعتقال؟
كلاهما جزء من نفس الاستراتيجية الأوروبية: فرض تكلفة سياسية واقتصادية على إسرائيل. حظر الشركات في معرض يوروساتور يُضعف قدرتها على التسويق العسكري، بينما مذكرة الاعتقال تُهدد بعزل قادتها شخصياً. هذا التحول من الضغط الاقتصادي إلى الضغط الشخصي يُظهر أن أوروبا لم تعد ترى إسرائيل كحليف لا يُلام، بل كدولة مُتهمة بخرق القانون الدولي.
هل يمكن أن يُعتقل نتنياهو أيضاً؟
نعم، وفق مصادر داخلية في المحكمة الجنائية الدولية، هناك أدلة كافية تُشير إلى أن نتنياهو قد يكون مسؤولاً عن جرائم حرب جماعية، خاصة فيما يتعلق بحصار غزة وقطع الخدمات الأساسية. لكنه يُحاول تفادي السفر خارج إسرائيل، ويُستخدم غانتس كـ”درع” دبلوماسي — وهو ما يُظهر مدى خوف النظام من المحاسبة.
كيف تغيرت سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل؟
لم تعد واشنطن تدعم إسرائيل بلا شروط. ففي أكتوبر 2023، فرضت عقوبات على وحدة عسكرية إسرائيلية، ثم تلتها مطالبات من الكونغرس بوقف المساعدات إذا استمرت الانتهاكات. نتنياهو يُهاجم هذا التحول، لكنه يُظهر أن الحليف الأكبر لم يعد مُطمئناً — وهذا أخطر من أي عقوبة أوروبية.
Majd kabha
النظام الإسرائيلي ينهار من الداخل، والعالم يُعيد حساباته. غانتس ما يخاف من المطار، هو خوف النظام كله من المحكمة. ما نراه ليس سياسة، بل فرار من العدالة.
Mohamed Amine Mechaal
التحول في الموقف الأوروبي يُمثل نقلة نوعية من الدبلوماسية الترقيعية إلى المساءلة المؤسسية. إسرائيل كانت تعتمد على هيمنة الـRealpolitik، لكن الآن تواجه تحوّلًا نحو معيار القانون الدولي كأولوية أخلاقية وقانونية. هذا ليس عقابًا، بل تطبيعًا لمعايير النظام العالمي الليبرالي.
Nefertiti Yusah
نتنياهو يخبي رأسه وبيقول "العالم ضدنا"، بينما غانتس مُهدد يمشي على الجليد، وبريطانيا جاهزة تقبض عليه كأنه مجرم حرب... والكل يشوف إنو النظام كله واقف على رجليه، بس الرجليين مكسورين.
Ali al Hamidi
الإنسانية لا تُقاس بقوة الجيوش، بل بقدرة الدولة على الالتزام بقوانينها. إسرائيل كانت تُستخدم كدرعٍ للغرب في الشرق الأوسط، لكن الآن، عندما يُطلب منها أن تُطبق ما تدعو إليه، تهرب. غانتس لا يخشى المطار، بل يخشى أن يُصبح رمزًا لانهيار الحجة الأخلاقية التي بُني عليها مشروعها. هذا ليس تهديدًا، بل هو استعادة للعدالة.
إكرام جلال
يا جماعه لو نتنياهو كان متأكد من برائته كان خلص غانتس وسافر له بس مخافه انه يصير مثل صدام وملهومي ويدخل سجن دولي... فخاف يخليه يمشي وحيد ويرجع بس بجوازه