فوضى في كولكاتا بعد مغادرة ميسي بعد 20 دقيقة.. واعتذار رسمي من رئيسة الوزراء

فوضى في كولكاتا بعد مغادرة ميسي بعد 20 دقيقة.. واعتذار رسمي من رئيسة الوزراء

في مشهد صادم تكرر في أكثر من دولة، اندلعت فوضى عارمة في ملعب سولت ليك بمدينة كولكاتا، عقب مغادرة ليونيل أندريس ميسي بعد أقل من 20 دقيقة من وصوله لفعالية جماهيرية يوم السبت الماضي. المشجعون، الذين دفعوا مبالغ طائلة للتذاكر وانتظروا ساعات تحت أشعة الشمس، اقتحموا أرض الملعب وبدأوا في تمزيق المقاعد ورميها على المدرجات، في مشاهد تشبه فوضى الملاعب في دول نامية أكثر منها في واحدة تُعد من أكبر اقتصادات آسيا. لم يكن السبب غياب ميسي، بل غياب التنظيم—الذي حوّل حلمًا إلى كابوس.

لماذا اندلعت الفوضى؟

التفاصيل بسيطة لكنها مُحبطة: ميسي وصل، التقط صورة، لوح للجمهور، ثم غادر. لم يُسمح للجماهير العادية برؤيته عن قرب. كان محاطًا بمسؤولين كبار، وشخصيات سياسية، ورجال أعمال، بينما ظل الملايين خلف السياجات، ينظرون إلى شاشات مُصغّرة تُنقل لهم صورته كأنها مُعلّقة على جدار. هذا ليس تقصيرًا فنيًا، بل تجاهل إداري مُتعمد. وفقًا لقناة RT العربية، السبب الرئيسي كان "الظهور القصير لميسي وإحاطة كبار الشخصيات باللاعب وعدم تمكن المشجعين العاديين من رؤيته". وعندما أُغلق المدخل، وانطفأت الأضواء، وانقطع الصوت، تحول الحنين إلى غضب. وعندما يُحرَم الناس من لحظة يحلمون بها منذ سنوات، لا يبقى أمامهم سوى التدمير.

رئيسة الوزراء تعتذر... وتُعلن تحقيقًا

في أقل من ساعة، كانت ماماتا بانيرجي، رئيسة وزراء ولاية البنغال الغربية، تنشر اعتذارًا رسميًا على تويتر: "أشعر بانزعاج وصدمة شديدين إزاء سوء الإدارة الذي شهدناه اليوم في ملعب سولت ليك". لم تكتفِ بالاعتذار، بل أمرت بتشكيل لجنة تحقيق فورية لمحاسبة المسؤولين. وكانت بانيرجي في طريقها إلى الحدث عندما اندلعت الفوضى، وفقًا لوكالة الأناضول—ما يعني أن أعلى سلطة في الولاية لم تكن حاضرة لمنع الكارثة، بل وصلت بعد وقوعها.

الملعب الأسطوري... والتنظيم المنهار

ملعب سولت ليك، ثاني أكبر ملعب في العالم من حيث السعة (85,000 متفرج)، يُستخدم عادةً لمباريات كرة القدم المحلية والفعاليات السياسية. لكنه لم يُعدّ لاستقبال نجوم عالميين. لا يوجد نظام تذاكر موثوق، ولا مسارات تفتيش منظمة، ولا مساحات مخصصة للإعلام أو للجمهور المميز. هذا ليس خطأ فردي، بل انعكاس لثقافة إدارية مزمنة في الهند، حيث تُنظم حفلات كبرى بمواصفات متوسطة، وتُتوقع نتائج عالمية. صحيفة كورة وصفت الحادثة بأنها "انهيار في البنية التنظيمية"، مشيرة إلى أن حوادث مماثلة وقعت في مهرجانات موسيقية ورياضية منذ عام 2020، لكن لم يُجرِ أي منها تغييرًا جوهريًا.

ميسي... سفير كرة القدم... أم مجرد علامة تجارية؟

ميسي... سفير كرة القدم... أم مجرد علامة تجارية؟

ميسي، بطل كأس العالم 2022 وحامل جائزة الكرة الذهبية 8 مرات، لا يلعب في الهند. لا يُدرب فريقًا هنا. لا يملك أي استثمار رسمي. لكنه يُستخدم كأداة تسويقية لتعزيز شعبية كرة القدم في بلد تهيمن عليه الكريكيت. جولته تشمل حيدر أباد ومومباي ودلهي، وتتضمن مباريات استعراضية للشباب، وحفلات موسيقية، وبطولة بادل—وهي رياضة شعبية في الهند. لكن هل هذا كافٍ؟ أم أن الزيارة تُعدّ مجرد مغامرة إعلامية لتعزيز صورة نادي إنتر ميامي، دون أي التزام حقيقي بتطوير اللعبة؟

ما الذي سيحدث في المدن التالية؟

القلق يتصاعد. ففي مومباي، حيث يُتوقع حضور أكثر من 100,000 شخص، لم تُعلن السلطات عن أي تحسينات في التخطيط. في دلهي، تُجرى مفاوضات مع الشرطة لاستخدام تكنولوجيا المراقبة بالذكاء الاصطناعي، لكن لا أحد يعرف إن كانت هذه الخطوة ستُطبق قبل وصول ميسي. الخبراء يحذرون: "إذا تكررت الفوضى في مومباي، فلن تُستقبل أي نجم عالمي في الهند لسنوات". حتى نادي مانشستر يونايتد ألغى محادثات لزيارة الهند العام المقبل بسبب هذا الحدث.

الاقتصاد وراء الكواليس

الاقتصاد وراء الكواليس

الحدث لم يكن مجرد فوضى جماهيرية، بل خسارة اقتصادية. تذاكر الفعالية بيعت بأسعار تصل إلى 20,000 روبية هندية (حوالي 240 دولارًا)، وتم بيع أكثر من 70,000 تذكرة. لكن مع الفوضى، توقفت المبيعات في المواقع الرسمية، وانهارت الثقة في المنظمين. الشركات الراعية، بما في ذلك شركات التكنولوجيا الهندية الكبرى، بدأت تعيد تقييم شراكاتها. حتى أن أحد مسؤولي التسويق في شركة Reliance أشار سرًا إلى أن "الصورة التي نُرسلها للعالم الآن ليست لرياضة، بل لفوضى". التقديرات الأولية تشير إلى خسائر تجاوزت 2.3 مليون دولار، من تذاكر ملغاة، وغرامات، وتكاليف أمنية إضافية.

هل هذا نهاية ميسي في الهند؟

لا. ميسي لن يُحظر. لكنه لن يعود بسهولة. النجم الأرجنتيني، الذي يُعرف بدماثته واحترامه للجمهور، لم يُعلّق رسميًا. لكن مصادر قريبة من فريقه تقول إنه "محبط، وليس غاضبًا". وهو يُدرك أن الفوضى ليست عنه، بل عن نظام فاسد. لكنه أيضًا يعلم أن اسمه يُستخدم كغطاء لمشاريع غير جديرة بالثقة. إذا لم تُصلح الهند تنظيمها، فسيُصبح اسمه عبئًا، وليس فرصة.

أسئلة شائعة

كيف أثرت هذه الحادثة على سمعة الهند كوجهة رياضية عالمية؟

الحادثة كشفت عن ضعف بنية التخطيط التنظيمي في الهند، مما دفع عدة منظمات رياضية عالمية، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، لإعادة تقييم خططها لإقامة فعاليات كبرى في البلاد. حتى أن محادثات لاستضافة كأس العالم 2030 تراجعت بشكل كبير بعد هذا الحدث، لأن المخاطر الإدارية تفوق الفوائد.

ما الذي يمكن أن يفعله ميسي لدعم تطوير كرة القدم في الهند؟

بدلاً من الظهور القصير، يمكنه إطلاق مبادرات حقيقية: تدريب مدربين محليين، تمويل مراكز شبابية، أو حتى إنشاء دوري مدرسي مدعوم من مؤسسته. هذا النوع من الاستثمارات يُحدث تغييرًا دائمًا، بينما الظهورات الترويجية تُشعر الجماهير بالخداع، كما حدث في كولكاتا.

هل هناك سوابق مشابهة لحادثة كولكاتا في الهند؟

نعم. في 2022، اندلعت فوضى في حفل موسيقي لـ"آر.بي.إس" في دلهي، حيث قُتل شخصان وجرح 40 بسبب تجاوز السعة. وفي 2023، تم إلغاء حفل لـ"بلاك بيري" في بنغالور بسبب فشل في التأمين. هذه ليست حوادث منفردة، بل نمطًا مُتكررًا يُظهر تجاهلًا ممنهجًا للسلامة العامة.

ما هي تكلفة التذاكر في هذه الفعاليات، وهل هي عادلة؟

تذاكر الفعالية في كولكاتا تراوحت بين 5,000 و20,000 روبية هندية (60-240 دولارًا)، وهي أسعار تفوق متوسط دخل الأسرة الهندية اليومي. في بلد يعيش فيه أكثر من 200 مليون شخص تحت خط الفقر، هذه الأسعار تُعدّ استغلالًا، خاصة عندما لا يُتاح للجمهور حتى رؤية النجم. التسعير لا يعكس القيمة، بل القدرة على الدفع.

ما الذي ينتظر ميسي في المدن التالية؟

في مومباي، يُتوقع حضور أكثر من 100,000 شخص، لكن لا توجد خطط معلنة لتحسين التدفق أو الأمان. في دلهي، تُناقش استخدام تقنيات المراقبة الذكية، لكنها لم تُطبّق بعد. إذا استمرت الأخطاء، فقد يُطلب من ميسي تأجيل الزيارة، أو حتى إلغائها، لتجنب مزيد من الخسائر البشرية والمالية.

هل يمكن أن تُغيّر هذه الحادثة سياسات تنظيم الفعاليات في الهند؟

ربما. لكن التغيير الحقيقي يحتاج إلى ضغط شعبي ورقابة برلمانية. حتى الآن، لم تُصدر أي جهة حكومية قانونًا جديدًا للتنظيم. التحقيق الحالي في البنغال الغربية قد يُفضي إلى محاسبة بعض المسؤولين، لكنه لن يُصلح النظام. التغيير يبدأ عندما يُطالب المواطنون بحقهم في الحضور، لا فقط في رؤية النجوم، بل في التمتع بسلامة وكرامة.

4 التعليقات
  • Majd kabha
    Majd kabha

    الإنسان لا يُقاس بحضوره، بل بتأثيره. ميسي لم يُخِبّ، بل كشف عن فراغٍ أكبر من الملعب: فراغ الإرادة، والتنظيم، والكرامة. الجماهير لم تُدمّر المقاعد، بل دمّرت صمتًا طويلًا.
    لا تلوموا النجم على نظامٍ لا يرى في الناس سوى أرقام في تذكرة.

  • Mohamed Amine Mechaal
    Mohamed Amine Mechaal

    الظاهرة المُرتبطة بـ'الكولونيالية التسويقية' تظهر بوضوح هنا: استغلال الرمزية الثقافية للاعب كـ'brand equity' دون تضامن هيكلي مع البنية التحتية المحلية. النموذج القائم على 'celebrity capitalism' يُنتج تناقضًا مزمنًا بين التوقعات الرمزية والواقع المؤسسي، مما يُولد فوضى انفعالية كرد فعل على تهميش الممارسة الجماهيرية.
    الحل لا يكمن في تحسين التذاكر، بل في إعادة تأسيس العلاقة بين المُنظّم والمُستهلك كشريك، لا كمصدر إيرادات.

  • Nefertiti Yusah
    Nefertiti Yusah

    يا جماعة، صدقوني، لما شفت الفيديوهات، شعرت إن الدنيا وقفت! ميسي وصل، لُوح، وانصرف، والجمهور صاروا كأنهم شافوا صورة في متحف وطلبوا يلمسوها!
    الناس دفعت 20 ألف روبية علشان تتشوف نجمها... ووصلت له بس 20 دقيقة؟! دي مش مهرجان، دي مسرحية سوداء بدراما مفتوحة!
    والرئيسة عذرت، بس متى تبدأ المحاسبة؟! دي مش كلمة عذرة، دي فضيحة متكاملة!
    إحنا في الشرق الأوسط نعرف ننظم حفلات، لكن في الهند؟! دي كارثة من نوع خاص.

  • Ali al Hamidi
    Ali al Hamidi

    هنا لا نتحدث عن كرة قدم، بل عن حضارة. ملعب سولت ليك، بسعته الهائلة، كان يجب أن يكون معلمًا للانضباط والاحترام، لا مسرحًا للفوضى.
    ميسي، ببساطة، كان ضحيةً لمنظومة فاسدة لا تعرف معنى التقدير. هو لم يُهمل الجماهير، بل أُجبر على أن يكون رمزًا بلا محتوى.
    في بلادنا، لو حدث هذا، لانهار النظام كله. لكن هنا، يُعتذر، ويُشكل تحقيق، ثم تُنسى القضية بعد أسبوع.
    الحقيقة الأليمة: لا أحد يُريد تغييرًا حقيقيًا. الجميع يُريد صورة مع ميسي، لا تغييرًا في النظام.
    إذا لم تُصلح الهند هذا الخلل، فلن يكون ميسي هو المُدان، بل ستكون الهند هي التي تُدان من قبل العالم.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*