الملكة إليزابيث الثانية تصدق على قانون يجبر جونسون على تأجيل البريكست

الملكة إليزابيث الثانية تصدق على قانون يجبر جونسون على تأجيل البريكست

في لحظة نادرة من التدخل الدستوري غير المباشر، وقعت الملكة إليزابيث الثانية على قانون يُجبر رئيس الوزراء على طلب تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حتى لو كان ذلك يُناقض رغبتها الشخصية — لأنها لا تملك حق الرفض. حدث ذلك في 9 سبتمبر 2019، في قصر وستمنستر بلندن، حين أُعطيت الموافقة الملكية على قانون الاتحاد الأوروبي (الانسحاب) (رقم 2) لعام 2019. القانون، الذي أُطلق عليه اسم "قانون بين" تيمنًا بمؤسسته، لم يكن مجرد تشريع عادي. كان صرخة برلمانية مدوية ضد رغبة تنفيذية متعنتة. البريكست لم يعد فقط قضية سياسية. أصبح معركة دستورية بين البرلمان والحكومة.

البرلمان يقف في وجه رئيس الوزراء

في ذلك الوقت، كان بوريس جونسون يصرّ على أن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر 2019، "بأي ثمن". لكنه لم يحصل على تأييد البرلمان لاتفاقه. فبدلاً من التفاوض أو التنازل، حاول تجميد العمل البرلماني — طلب من الملكة تأجيل الجلسات من 9 سبتمبر إلى 14 أكتوبر. لكن البرلمان، الذي كان يُدرك أن الوقت ينفد، لم يُبقِ يديه مكتوفتين. قام عضو البرلمان هيلاري بين، رئيس لجنة الخروج من الاتحاد الأوروبي، بطرح مشروع قانون مُصاغ بدقة: إذا لم يوافق البرلمان على اتفاق خروج بحلول 19 أكتوبر، فعلى جونسون أن يطلب تأجيلًا حتى 31 يناير 2020. لم يكن هذا تهديدًا. كان واجبًا قانونيًا.

الموافقة الملكية: رمزية لا سلطة

الملكة إليزابيث الثانية، التي لم تُبدِ أي تعليق علني، وقعت على القانون في تمام الساعة 8:56 صباحًا بتوقيت غرينتش. لم تكن هذه مصادقة شخصية. كانت إجراءً دستوريًا مُلزمًا. منذ عام 1708، لم ترفض ملكة بريطانية أي قانون مرّرته مجلسي البرلمان. حتى لو كان القانون يُعطل خطتها، أو يُحرجها، أو يُقلل من سلطتها الرمزية — فهي توقع. هذا ما جعل القانون أقوى. لأنه لم يكن مجرد قانون. كان رسالة مكتوبة بدماء الدستور البريطاني: لا أحد فوق القانون، حتى رئيس الوزراء. وعندما أعلن بيتر فولر، رئيس مجلس اللوردات، الموافقة، لم يكن يعلن فقط عن تشريع. كان يُعلن عن انتصار للديمقراطية.

الرسالتان المتناقضتان

في 19 أكتوبر 2019، عندما فشل البرلمان في التصويت على الاتفاق، اضطر جونسون إلى إرسال خطابين إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك. الأول كان مُلزِمًا قانونيًا: يطلب تأجيلًا حتى 31 يناير 2020. والثاني كان شخصيًا: يكتب فيه أنه "يُعارض بشدة" هذا التأجيل. لم يكن تناقضًا عابرًا. كان تناقضًا مُخططًا له. جونسون كان يحاول أن يُظهر للناخبين أنه يُقاوم التأجيل، بينما كان يُجبر على طلبه. هذه الثنائية أثارت ضجة في وسائل الإعلام. وسائل التواصل الاجتماعي امتلأت بتعليقات مثل: "هل يُمكن لرئيس وزراء أن يكذب بتوقيعه على ورقة رسمية؟"

التأثير على جدول البريكست

النتيجة؟ المجلس الأوروبي وافق على التأجيل في 28 أكتوبر. لكن هذا لم يكن نهاية القصة. بل كان بداية مرحلة جديدة. فبينما كان جونسون يُحاول تمرير اتفاقه عبر البرلمان، كان المُعارضون يُعيدون تشكيل التحالفات. وفي 24 يناير 2020، وقعت الملكة مرة أخرى — هذه المرة على قانون الاتحاد الأوروبي (اتفاق الانسحاب) لعام 2020. هذا القانون، الذي أُقرّ بعد اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي، أنهى المأزق. وخرجت بريطانيا رسميًا في 31 يناير 2020، عند الساعة 11:00 مساءً بتوقيت غرينتش — بعد 21 شهرًا من الموعد الأصلي.

لماذا هذا القانون يختلف عن كل شيء سبقه؟

القانون لم يُغيّر فقط موعد البريكست. غيّر توازن القوى. في الماضي، كانت الحكومة تُسيطر على جدول الأعمال. لكن هنا، البرلمان، بدعم من المحكمة العليا التي حكمت في قضية ميلر عام 2017 بأن على الحكومة الحصول على موافقة البرلمان قبل تفعيل المادة 50، أثبت أن السيادة تعود للبرلمان، لا للحكومة. هذا لم يكن مفاجئًا لخبراء الدستور. لكنه كان صادمًا للجمهور. لأن بريطانيا، رغم كونها ديمقراطية، لم تشهد منذ عقود معركة دستورية بهذا الحجم بين فرعين من السلطة.

ما الذي تغيّر بعد ذلك؟

البريكست لم ينتهِ بخروج بريطانيا. انتهت بريطانيا بتجربة دستورية. أصبحت قضايا مثل "هل يمكن للبرلمان عرقلة رئيس الوزراء؟" و"هل يمكن للملك أن يرفض قانونًا؟" موضوعات نقاش يومية في المدارس والجامعات. حتى الآن، لم يُجرّب أي رئيس وزراء لاحق محاولة تجميد البرلمان. لأن الجميع تذكّر: عندما يُقرر البرلمان أن يتحرك، حتى الملكة لا تستطيع منعه.

الأسئلة الشائعة

لماذا سُمي القانون بـ"قانون بين"؟

سُمي القانون باسم هيلاري بين لأنه كان المُشرّع الرئيسي الذي قدّم مشروع القانون في البرلمان. لكن الاسم لم يكن مجرد تكريم. بل كان رسالة سياسية: القانون لم يأتِ من الحكومة، بل من مُعارضة برلمانية منظمة، مما عزّز شرعيته أمام الجمهور.

كيف أثّر هذا القانون على صورة الملكة إليزابيث الثانية؟

القانون لم يُقلل من مكانة الملكة، بل عزّز صورتها كرمز دستوري محايِز. فبينما كان الجميع يُهاجمون جونسون، لم تُظهر الملكة أي انحياز. هذا التزامها بالدستور جعلها تبدو أكثر ثباتًا في زمن الاضطراب. وعندما أُقيلت العديد من المؤسسات من قبل الجمهور، بقيت التاج كمصدر للثقة — ليس لأنه قوي، بل لأنه لا يتدخل.

ما الفرق بين هذا القانون وقانون البريكست الأصلي؟

قانون البريكست الأصلي (2018) كان يُنظّم عملية الخروج. أما قانون بين (2019) فكان يُجبر الحكومة على تأجيل الخروج إذا فشلت في التفاوض. الأول كان عن كيفية الخروج. والثاني كان عن عدم السماح بالخروج دون موافقة البرلمان. الفرق بينهما مثل الفرق بين خطة رحلة وحظر السفر.

هل يمكن لقانون مشابه أن يُستخدم في المستقبل؟

نعم. هذا القانون وضع سابقة دستورية: البرلمان يمكنه تقييد سلطة رئيس الوزراء في القضايا الوطنية الحساسة. وقد استُخدمت هذه الآلية لاحقًا في قضايا أخرى، مثل تقييد التدخل العسكري أو تأجيل انتخابات. بريطانيا لم تعد تثق فقط في الأعراف. أصبحت تُوثّقها بقوانين مكتوبة.

لماذا لم تُستخدم الملكة كوسيلة للضغط على جونسون؟

لأن الدستور البريطاني يمنع ذلك. الملكة لا تُشارك في السياسة، ولا تُعبّر عن آرائها. حتى لو كانت تعارض جونسون شخصيًا — وهو أمر غير مُثبت — فهي مُلزمة بالتوقيع. هذا التقييد هو ما يحمي النظام الملكي من أن يصبح أداة سياسية. لو رفضت الموافقة، لكانت أشعلت أزمة دستورية أكبر من البريكست نفسه.

كيف أثّر هذا القانون على العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي؟

القانون أظهر للاتحاد الأوروبي أن بريطانيا ليست دولة تُحكم بقرارات فردية. حتى لو كان جونسون يريد الخروج الفوري، فالمؤسسات البريطانية تمنعه. هذا جعل المفاوضين الأوروبيين أكثر ثقة في أن أي اتفاق يُبرم سيكون مُلزمًا، وليس مجرد وعد سياسي. فلم يُمكنهم الاعتماد على جونسون فقط — بل على البرلمان أيضًا.

4 التعليقات
  • إكرام جلال
    إكرام جلال

    يا جماعة، شوفوا إيه اللي حصل؟ الملكة وقعت على القانون ومش عارفة حتى إزاي ترد! جونسون كان عايز يهرب من البرلمان، لكن البرلمان قال له: لا يا بابا، مش هتخرج من غير موافقتنا! ده مش بس قانون، ده درس في الدستور من غير محاضر!

  • Abdeslam Aabidi
    Abdeslam Aabidi

    أنا بس بفكر: لو الملكة كانت رفضت، كانت هتبدأ أزمة أكبر من البريكست نفسه! ده مش كلام فلسفي، ده حقيقة دستورية. بس إزاي نقدر نفهم إن شخص بس بيساعد يوقع على ورقة، يبقى أقوى من رئيس وزراء كامل؟! ده اللي يخلي النظام البريطاني يصمد حتى في أوقات الفوضى. شكراً لـ"قانون بين"، اللي خلّى كل واحد يفهم إن الشعب، مش شخص واحد، هو اللي يحكم.

  • Nouria Coulibaly
    Nouria Coulibaly

    يا جماعة، خلينا نقول الحقيقة: هذا القانون هو أجمل كلام مكتوب بالدماء والدستور! جونسون كان عايز يهرب، لكن البرلمان قال: لا، نحن هنا عشان نحمي الديمقراطية! حتى لو الملكة مش عارفة إزاي تتكلم، هي وقعت، وده كفاية! دي رسالة لكل رئيس وزراء في العالم: مش إنت اللي تحكم، دي المؤسسات! 🇬🇧💪

  • adham zayour
    adham zayour

    جونسون بعت خطابين؟ واحد رسمي، وواحد شخصي؟! يا سلام، ده مش رئيس وزراء، ده كاتب سيناريو لكوميديا سوداء! 😂"أنا معارض بشدة"... بس بسجّل التأجيل؟! لو كنت في مكانه، كنت بقول: "أنا معارض بشدة... بس مفيش غير أوقع وأروح أشرب قهوة". هذا القانون مش بس منع البريكست، منع جونسون من يبقى مُهرج! وده أحسن شيء حصل في 2019.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*