إعصار ديتوا يُلغي 54 رحلة في مطار تشيناي ويشلّ حركة الطيران بجنوب الهند

إعصار ديتوا يُلغي 54 رحلة في مطار تشيناي ويشلّ حركة الطيران بجنوب الهند

في صباح السبت 30 نوفمبر 2025، صمت مدرجات مطار تشيناي الدولي تمامًا. لم تحلق طائرة واحدة. لم يُسمع صوت محركات. فقط الرياح العاتية وصوت المطر الذي هطل كأنه يُفرغ خزانات السماء. كان السبب: إعصار ديتوا، الذي ضرب الساحل الشمالي لولاية تاميل نادو ومقاطعة بونديشيري برياح تجاوزت 100 كم/ساعة وهطول أمطار تجاوزت 20 سم في 24 ساعة. وُضعت 54 رحلة جوية على قائمة الإلغاء — كلها من مطار تشيناي، وأغلبها رحلات إقليمية تابعة لـ شركة إندIGO، أكبر شركة طيران في الهند من حيث الأسطول وعدد الركاب. لم يكن هذا مجرد تأخير. كان توقفًا مفاجئًا لشبكة حيوية تربط بين المدن الصغيرة والكباري الاقتصادية الكبرى.

لماذا توقفت هذه الرحلات تحديدًا؟

السبب بسيط لكنه مُدمّر: الطائرات الصغيرة. كانت الرحلات الـ 54 الملغاة تقريبًا كلها من طراز ATR، وهي طائرات توربينية تُستخدم للرحلات القصيرة بين المدن. هذه الطائرات حساسة جدًا للرياح والرطوبة. عندما تصل سرعة الرياح إلى 80 كم/ساعة، تصبح الإقلاع والهبوط محفوفًا بالمخاطر. ووفقًا لبيانات الهيئة الهندية للمطارات، تم إلغاء 10 رحلات من وإلى تيروتشيابالي، و9 إلى مادوراي، و7 إلى توثيوكودي، بالإضافة إلى رحلات إلى سالم وبنغالور وحيدر أباد وجافنا. بعض هذه الرحلات كانت تُستخدم كـ "جسور جوية" من قبل الشركات متعددة الجنسيات التي تنقل موظفيها يوميًا بين سري لانكا والهند. عندما امتدت أشرطة الأمطار إلى كولومبو، انهار جزء من هذه الشبكة.

كيف ردت شركات الطيران؟

أصدرت شركة إندIGO بيانًا في 29 نوفمبر، قائلة: "بسبب الظروف الإعصارية والأمطار الغزيرة المرتبطة بإعصار ديتوا، قد تواجه الرحلات من وإلى جافنا وبونديشيري وتوثيوكودي وتيروتشيابالي اضطرابات". لكنها لم تكتفِ بالتحذير. وفرت للمسافرين خيار استرداد الأموال أو تغيير الحجوزات عبر تطبيقها — وهي خطوة نادرة في السوق الهندي حيث تُفرض عادة رسوم تغيير مرتفعة. أما شركة الطيران الهندية، فذهبت أبعد من ذلك. أصدرت تحذيرًا وطنيًا مفاده: "أعيدوا التحقق من كل رحلة — حتى تلك خارج نواة العاصفة — لأن تغييرات طاقم الطيران وتوظيف الطائرات ستُحدث اضطرابات متسلسلة لمدة 36 ساعة على الأقل". هذا التحذير كان أكثر واقعية من أي بيان رسمي آخر. ففي نظام الطيران الهندي، لا تُلغى رحلة واحدة فقط. تُلغى رحلة، ثم تُلغى الرحلة التالية لأن الطائرة لم تصل، ثم تُلغى الرحلة التي بعدها لأن الطاقم عالق في مطار آخر. هذا ما يُسمّى "تأثير الدومينو".

ما تأثير الإعصار على التعليم والبنية التحتية؟

لم يقتصر التأثير على المطارات. في بونديشيري، ألغت جامعة بونديشيري المركزية جميع الامتحانات المقررة ليوم السبت، وأعلمت الطلاب بعطلة رسمية بعد تلقي تنبيه من خفر السواحل. في مناطق فيلوبورام وتانجافور وتيروتشي، أُغلقت المدارس فقط، بينما استمرت الجامعات في العمل — لكن بحذر. أما في تشيناي، فكانت المخاوف أكبر. حذرت سلطات الميناء من احتمال تسرّب مياه البحر إلى أحياء المدينة مع المد العالي المتوقع مساء السبت، وهو ما أثار ذكريات فيضانات 2015 التي أغلقت المطار لأربعة أيام متتالية. حينها، توقفت الاقتصادات المحلية عن العمل. هذه المرة، كان الجميع مستعدين — لكن التوقعات أسوأ.

لماذا هذا مهم للاقتصاد؟

هنا تكمن الحقيقة الأعمق: هذه المطارات الصغيرة ليست مجرد نقاط رحلات. إنها عروق تنقل رأس المال البشري. تيروتشيابالي وماندي وتوثيوكودي تُصدر آلاف المهندسين والتقنيين يوميًا إلى مراكز التكنولوجيا في بنغالور وحيدر أباد. عندما تتوقف هذه الرحلات، تتوقف المصانع. عندما تُلغى رحلة إلى جافنا، يُلغى اجتماع تجاري بين شركة هندية وسورية. وفقًا لتحليلات الصناعة، فقد خسر قطاع التكنولوجيا في جنوب الهند ما يقارب 2.3 مليون دولار أمريكي في يوم واحد فقط بسبب تعطل هذه الشبكات. هذا لا يُحسب في التقارير الرسمية، لكنه يُحسّ في مكاتب المديرين الذين ينتظرون موظفيهم ولا يأتون.

ماذا يحدث بعد؟

الشركة تقول إن العودة للوضع الطبيعي قد تستغرق حتى منتصف الأسبوع. لكن الواقع أصعب. الطائرات المُلغاة تحتاج إلى إعادة توزيع، والطواقم تحتاج إلى نقل، والركاب يحتاجون إلى إعادة حجز. في المطار، تم تفعيل فرق الاستجابة الوطنية للطوارئ (NDRF)، لكنها لم تُرسل إلى المطار — بل إلى القرى الساحلية التي غمرتها المياه. في توثيوكودي، أُبلغ عن انهيار جسر رئيسي. في بونديشيري، انقطعت الكهرباء عن 30% من المنازل. الإعصار لم يُلغِ رحلات فقط. لقد أوقف حياة.

التأثير العابر للحدود

الإعصار ديتوا لم يقف عند حدود الهند. في سري لانكا، سجّلت السلطات 123 قتيلًا و130 مفقودًا بسبب الفيضانات الناتجة عن نفس العاصفة. في غضون ساعات، أرسلت الهند طائرات نقل عسكرية تحمل ماءً وطعامًا وخيامًا إلى جنوب سري لانكا. هذا ليس تضامنًا عاطفيًا فقط. إنه مصلحة استراتيجية. سري لانكا ليست مجرد جارة. إنها شريك تجاري، وبوابة لأسواق جنوب شرق آسيا. عندما تنهار سري لانكا، تهتز سلاسل التوريد التي تعتمد عليها الشركات الهندية. هذا هو السبب في أن الإعصار، رغم أنه ضرب ساحلًا صغيرًا، أحدث رجّة في الاقتصاد الإقليمي بأكمله.

الأسئلة الشائعة

كيف أثر إلغاء الرحلات على الشركات التقنية في جنوب الهند؟

أوقف إلغاء 54 رحلةً، خاصة رحلات شركة إندIGO إلى تيروتشيابالي وماندي، حركة نقل الموظفين بين المدن الصغيرة ومراكز التكنولوجيا في بنغالور وحيدر أباد. وفقًا لتحليلات قطاع التكنولوجيا، خسرت الشركات نحو 2.3 مليون دولار أمريكي في يوم واحد بسبب تأخر الموظفين وتعطل الاجتماعات. بعض الشركات أُجبرت على تأجيل إطلاق منتجات جديدة، بينما ألغى مديرو المشاريع اجتماعات مع شركاء دوليين.

لماذا ألغت شركة الطيران الهندية رحلات خارج منطقة الإعصار؟

لأن الطائرات والطواقم لا تتحرك في فراغ. عندما تُلغى رحلة من تشيناي، تبقى الطائرة عالقة. الطاقم لا يستطيع العودة لقاعدة عمله. وبالتالي، لا يمكنه الطيران في رحلة مقررة في دلهي أو مومباي. هذا ما يُسمّى "تأثير التسلسل". حتى الرحلات التي تبدو بعيدة عن العاصفة تتأثر لأن النظام كله مترابط. هذا ما جعل شركة الطيران الهندية تحذر من "إعادة التحقق من كل رحلة"، حتى لو كانت في ولاية أخرى.

هل كانت هناك مخاطر مماثلة في الماضي؟

نعم. فيضانات تشيناي عام 2015، الناتجة عن إعصار باني، أغلقت المطار لأربعة أيام متتالية وأوقفت الاقتصاد المحلي. لكن هذه المرة، كان التخطيط أفضل. تم إخلاء مناطق ساحلية مبكرًا، وتم نشر فرق النجدة قبل وصول العاصفة. لكن التحدي الجديد هو حجم الشبكات الاقتصادية المعتمدة على الطيران الإقليمي — وهو ما لم يكن موجودًا في 2015. الآن، لا يُقاس الضرر فقط بغرق المنازل، بل بانهيار سلاسل العمل.

ما تأثير الإعصار على السياحة في جنوب الهند؟

السياحة الداخلية تأثرت بشدة. آلاف السياح الذين كانوا يسافرون من بنغالور أو حيدر أباد إلى مادوراي أو توثيوكودي لزيارة المعابد أو الشواطئ علقوا في المدن. فنادق المدن الصغيرة أُغلقت، وتم إلغاء حجوزات مسبقة. كما تأثرت السياحة الخارجية، خاصة من سري لانكا، حيث كانت رحلات جافنا-تشيناي تُستخدم كممر رئيسي لسياح أوروبيين. بعض الشركات السياحية ألغت جولات كاملة، مما أدى إلى خسائر مباشرة تجاوزت 1.2 مليون دولار.

هل من المتوقع تكرار مثل هذا الإلغاء في المستقبل؟

نعم. تشير بيانات الهيئة الهندية للأرصاد الجوية إلى أن عدد العواصف الاستوائية في خليج البنغال ارتفع بنسبة 40% منذ 2010. كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر يزيد من خطر الفيضانات الساحلية. المطارات الصغيرة في جنوب الهند لا تملك البنية التحتية لمواجهة هذه العواصف بفعالية. بدون استثمارات عاجلة في المدرجات والأنظمة الجوية، فإن إلغاء الرحلات لن يكون استثناءً — بل سيصبح قاعدة.

كيف يمكن للمسافرين حماية أنفسهم في مثل هذه الأوضاع؟

لا تثق فقط بجدول الرحلات. تحقق من تطبيق الشركة مباشرة قبل السفر، وافتح إشعارات الطقس في منطقتك. اختر رحلات طيران واسعة (مثل بوينغ أو إيرباص) إذا أمكن، فهي أقل تأثرًا بالرياح. وأهم شيء: لا تذهب إلى المطار دون التحقق. كثير من الركاب وصلوا إلى تشيناي السبت ووجدوه مغلقًا — لأنهم اعتمدوا على تطبيقات خارجية لم تُحدّث بعد. التحديثات الرسمية فقط هي الموثوقة.

4 التعليقات
  • mahmoud fathalla
    mahmoud fathalla

    يا جماعة، هذا الإعصار بسّط لي إننا نعيش في عالم مترابط أكثر مما نظن! 😅 من يتخيل إن رحلة طيران من تشيناي لتوثيوكودي توقف مصنع في بنغالور؟! الرياح والطيران والاقتصاد... كلها خيوط في شبكة واحدة! لو حطينا بسّاطة على المطار، خلّينا ننسى إن ورا كل رحلة، إنسان بيروح يشتغل، وبياخد راتب، وبياكل، وبيدفع فاتورة! هذا مش مجرد تأخير، ده انقلاب في النظام! 🌪️✈️

  • Abdeslam Aabidi
    Abdeslam Aabidi

    أنا كنت في تيروتشيابالي قبل شهرين، والطائرة الصغيرة اللي ركبتها كانت ترتجف كأنها بتعمل رقصة! 😅 طبعًا، ما شفتش أي تدابير أمان خاصة، والموظفين كانوا بيدوروا على الركاب بسّاطة. بس لما قرأت إن الإعصار ديتوا أوقف 54 رحلة... فهمت إننا كنا محظوظين! لكن الحقيقة الأليمة؟ إننا ندفع ثمن تقصير طويل الأمد. المطارات الصغيرة محتاجة استثمارات، مش تبرعات ودعوات! 🙏

  • Nouria Coulibaly
    Nouria Coulibaly

    يا شباب، لا تنسوا إن سري لانكا ضربت أكتر من الهند! 🇱🇰💔 123 قتيل... هذا مش أرقام، ده أشخاص! بس الله يحميهم، والهند بعتت طائرات مساعدات؟ ده كلام يحرّك القلب! 😭 لو كل دولة فكّرت كده، العالم كان يختلف! نحن مش بس نحتاج طائرات، نحن نحتاج قلب كبير! 🤝❤️

  • adham zayour
    adham zayour

    أوه، طبعًا، شركة إندIGO بتفتح خيار الاسترداد؟! أكيد، لأنهم عرفوا إن الناس هتبدأ تشتكي على تويتر، فخايفين يخسروا صورتهم! 😏 بس يا جماعة، لو كان عندهم نظام جيد، كان ممكن يوزعوا الطائرات بدل ما يلغوا كل شيء! التحذيرات؟ نعم. لكن الحلول؟ لا! المطار مغلق، الطاقم عالق، المصنع مغلق، والموظفين مش عارفين إزاي يوصلوا... هذا مش "تأثير الدومينو"، ده "كارثة إدارة"! 🤦‍♂️

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة*