إصابة يزن النعيمات بتمزق الرباط الصليبي تُنهي خطط الأهلي المصري وتعلن رحلة تعافٍ طويلة
في لحظةٍ أعادت تذكير العالم بقسوة الرياضة، توقفت أحلام لاعبٍ وخطط نادٍ وآمال جمهورٍ كاملٍ في لحظةٍ واحدة. يزن النعيمات، مهاجم المنتخب الأردني ونادي العربي القطري، سقط على أرضية ملعب المدينة التعليمية في الدوحة، بعد تصادم مع حارس العراق جلال حسن، وتم رفعه على نقالة — لا صرخة، لا حركة، فقط صمتٌ مطبقٌ من 43,217 متفرجًا. كان ذلك في الدقيقة 65 من مباراة الأردن ضد العراق، في ربع نهائي كأس العرب قطر 2025، يوم الجمعة 12 ديسمبر 2025، الساعة 8:30 مساءً بتوقيت الشرق الأوسط. النتيجة؟ 1-0 للأردن. لكن الفوز لم يكن شيئًا يُحتفل به، بل كان ثمنًا باهظًا.
الإصابة: أكثر من مجرد إصابة
لم تكن مجرد إصابة عابرة. الفحوصات الطبية الفورية، التي أجرتها لجنة الطوارئ الطبية التابعة لالاتحاد الأردني لكرة القدم، كشفت عن تمزق كامل في الرباط الصليبي الأمامي للركبة اليمنى — الإصابة الأسوأ التي يمكن أن يواجهها أي لاعب كرة قدم. لم يُطلب تأكيدٌ إضافي. لم تكن هناك مفاجأة. الأطباء في مستشفى أسبتار، أحد أرقى مراكز العلاج الرياضي في العالم، أكّدوا أن العلاج سيستغرق 6 إلى 9 أشهر، مع جراحة مقررة خلال 10 أيام من الإصابة.
النعيمات، البالغ من العمر 24 عامًا، لم يكن مجرد لاعب. كان مهاجمًا مُنتِجًا: 18 هدفًا في 32 مباراة هذا الموسم، بعد انتقاله من الوحدات الأردني إلى العربي بقيمة 4.7 مليون ريال قطري (حوالي 1.29 مليون دولار). الآن، كل ذلك مهدد بالضياع. لم يعد الحديث عن مباراة ضد السعودية يوم 15 ديسمبر — بل عن إعادة التأهيل، والصبر، والعودة من جديد.
التأثير على الأهلي: صفقة تبخرت في لحظة
لكن الأثر الأكبر لم يكن فقط على الأردن. كان على مصر.
قبل ساعات من إعلان الاتحاد الأردني، كان النادي الأهلي — بقيادة رئيس مجلس إدارته ماهر الخطيب ومديره الرياضي موعظ زكريا — يُعدّ العدة لتوقيع العقد. كانت المفاوضات متقدمة جدًا. حتى أن مصادر داخل النادي أشارت إلى أن اللاعب كان يُنظر إليه كبديل استراتيجي لـالهلال، بعد تراجع أداء المهاجمين الحاليين. كان الهدف: تعزيز الهجوم قبل موسم 2026-2027، وضمان وجود بديل جاهز لـالمحترف الذي يُفترض أن يغادر.
لكن في 13 ديسمبر، الساعة 9 صباحًا بتوقيت القاهرة، عقد زكريا اجتماعًا طارئًا في مقر الأهلي في شارع عبد العزيز عبد السلام. لم يُناقش أي اسم آخر. بل تمّ إغلاق ملف النعيمات نهائياً. أصدر النادي بيانًا في 10:45 صباحًا: "تم استبعاد يزن النعيمات من قائمة اللاعبين المستهدفين لتعزيز خط الهجوم في يناير 2026، بسبب الإصابة الخطيرة التي تعرض لها."
الكلمة المفتاحية؟ استبعاد. ليست تأجيل. ليست مراقبة. استبعاد. لأن الأهلي لا يُخاطر بـ 10 ملايين دولار على لاعب سيغيب 8 أشهر. لا في عصر الموارد المحدودة، ولا في عصر المدربين الذين يُحاسبون على كل لحظة.
الصمت الذي صرخ: جمهور الأردن يُعيد تعريف الولاء
بينما كانت المفاوضات تُغلق في القاهرة، كان جمهور الأردن يُعيد كتابة معنى الولاء.
خلال 24 ساعة فقط، انتشرت أكثر من 87,000 رسالة دعم على تويتر وإنستغرام وفيسبوك تحت وسم #GetWellSoonYazen. لم تكن رسائل مُصطنعة. كانت قصصًا: أم تقول إن ابنها يُقلد تمريراته في الملعب، وشاب يكتب أنه تعلم الصبر من طريقة لعبه، وطفلة ترسمه وهو يهدي الكرة لزميله.
هذا ليس فقط لاعب. هذا رمز. لاعبٌ من الأردن، يلعب في قطر، يُحترم في مصر، ويعيش في قلوب جمهورٍ يرى فيه أكثر من مجرد هدف. حتى أن مُدرب المنتخب، جمال السلامي، قال في المؤتمر الصحفي: "بعد خروجه، توقفت موجة الهجوم. لم نكن نعرف كيف نتحرك. كان صوته في الملعب هو الذي يُحركنا."
المسار الطبي: من الجراحة إلى العودة
الجراحة ستُجرى في الدوحة، تحت إشراف فريق أسبتار، بالتنسيق الكامل مع طاقم العربي. رئيس الطاقم الطبي الأردني، د. أحمد العماري، أكد أن المرحلة الأولى ستكون جراحة ترميمية، تليها 6 أسابيع من الثبات، ثم 3 أشهر من التمارين الميكانيكية، وأخيرًا 3 أشهر من إعادة التأهيل الوظيفي.
التحدي الأكبر؟ لا يكفي أن يعود لاعبًا. يجب أن يعود كما كان. الرباط الصليبي لا يُصلح فقط العظم. يُصلح الثقة. والسرعة. والانسيابية. وعدد اللاعبين الذين يعودون لمستواهم السابق؟ أقل من 60%.
ما الذي يلي؟
الأردن سيواجه السعودية في نصف النهائي، دون النعيمات. لكنه سيحمله في قلبه. الأهلي يبحث الآن عن بديل — ربما من إفريقيا، أو من أمريكا الجنوبية. لكن لا أحد سيُشبهه.
واليزن؟ سيُتابع المباراة من غرفة إعادة التأهيل. سيُسمع صوت الجماهير. وسيُرى في كل تمريرة يُحاولها، كل خطوة يُحاولها. لأنه لا يُعيد بناء ركبته فقط. بل يُعيد بناء أمل جيلٍ كامل.
أسئلة شائعة
كيف ستؤثر إصابة يزن النعيمات على المنتخب الأردني في نصف النهائي؟
غياب النعيمات، الذي سجل 18 هدفًا هذا الموسم، يُضعف الهجوم الأردني بشكل حاد، إذ كان يُشكّل 45% من أهداف الفريق في كأس العرب. المدرب السلامي قد يعتمد على محمد العرموطي أو يُعيد تشكيل الهجوم بلاعب وسط يُهاجم، لكنه لن يجد بديلاً بمستواه في التهديف أو التحويل. هذا يزيد الضغط على وسط الملعب، وقد يُجبر الفريق على اللعب بأسلوب دفاعي أكثر.
لماذا ألغى الأهلي مفاوضاته فورًا؟
النادي الأهلي لا يملك ميزانية غير محدودة، وموسم 2026-2027 يتطلب تخطيطًا دقيقًا. إصابة بـ 6-9 أشهر تعني أن اللاعب لن يُساهم في أي مباراة رسمية قبل أبريل 2026 — أي بعد بداية الموسم. التكلفة المالية والفرص الضائعة لا تبرر المخاطرة، خاصة مع وجود بدائل أرخص وأكثر أمانًا في السوق الأفريقي، مثل لاعب من السنغال أو الكونغو.
هل هناك إمكانية لعودته للعب في الموسم الحالي؟
لا، من المستحيل. حتى أسرع حالات التعافي من تمزق الرباط الصليبي تتطلب 6 أشهر على الأقل، والعودة للمنافسة الكاملة تستغرق 8-9 أشهر. النعيمات لن يلعب أي مباراة رسمية قبل يونيو 2026، وقد يُغيب عن بداية الموسم القطري. حتى التدريبات الجماعية لن تبدأ قبل مارس، حسب بروتوكولات أسبتار.
ما تأثير الإصابة على سوق الانتقالات في الخليج؟
الإصابة تُعيد تقييم المخاطر المرتبطة بتوقيع لاعبين من خارج الخليج، خاصة من مناطق ذات تضاريس تلعب فيها الكرة بعنف. الآن، الأندية تطلب تقارير طبية أعمق، وتُدرج شروطًا تأمينية تُغطي الإصابات الكبرى. بعض الأندية بدأت تُفضل لاعبين من دول ذات أنظمة طبية متطورة، مثل اليابان أو كوريا، لضمان سلامة الملف الطبي.
هل يمكن أن يُصبح النعيمات نموذجًا للتعافي في الأردن؟
نعم. إذا نجح في العودة، سيُصبح أول لاعب أردني يُعيد بناء مسيرته بعد إصابة كبرى في الخارج، مما يُحدث نقلة نوعية في ثقافة التأهيل الرياضي. الاتحاد الأردني يخطط لتوثيق رحلته كنموذج تعليمي للناشئين، وربما يُطلق مبادرة "عودة" لدعم اللاعبين المصابين، خاصة من المناطق الفقيرة التي لا تملك موارد طبية.
ما الذي سيحدث لعقد النعيمات مع نادي العربي؟
عقد النعيمات مع العربي ينتهي في يونيو 2026، لكنه يحتوي على بند تأمين صحي يغطي الإصابات الكبرى. النادي مُلزم بدفع راتبه الكامل خلال فترة التعافي، وربما يُجدد العقد إذا عاد بمستوى جيد. لكنه لن يُشارك في أي تدريبات حتى أبريل، مما يُقلل فرصته في التأثير على أداء الفريق هذا الموسم.
Nefertiti Yusah
ما شافش حد يبكي على لاعب غير نعيمات. من يوم الإصابة وأنا ماسك في قلبي، مش بس لأنه هداف، لكن لأنه بيخلي كل واحد فينا يحس إنه ممكن ينهض تاني بعد أي سقوط. ده مش لاعب، ده رمز.
Ali al Hamidi
في سوريا، لما يُصاب لاعب كبير، نقول: "الله يعافيه، والكرة تنتظره". لكن هنا، في الخليج، صاروا يحسبون الخسارة بالدولارات قبل أن يحسبوا الخسارة بالقلوب. الأهلي خسر أكثر من لاعب - خسر إنسانيته. النعيمات مش مجرد اسم في ملف انتقالات، هو إنسان بنبض، وعقل، وحلم. لو كان بيتكلم بالدولار، كان ممكن يُباع، لكنه بيتكلم بالصبر، وبالعرق، وبالدموع اللي ما تُباع.
الجراحة هتُصلح ركبته، لكن اللي يُصلح الثقة؟ هو الجمهور اللي بيدعمه من بعيد. من الأردن لقطر لمصر، وصل صوته. مش بس لأنه يسجل، بل لأنه يُذكرنا إن الرياضة أصلاً مش عن الأرقام، بل عن الروح.
أنا أعرف كم من شباب في حلب وحمص ودمشق بيقلدوا تمريراته في الساحات، وبيكتبوا اسمه على جدران المدارس. لو نجح في العودة، مش هيبقى بطل كرة قدم فقط، هيبقى بطل ثقافة. وربما هيعمل نقلة في طريقة نظرنا للرياضة: مش استثمار، بل إرث.
الاتحاد الأردني لو عمل مبادرة "عودة"، مش هيبقى مجرد مشروع طبي، هيبقى رسالة للعالم: حتى لو كسرت ركبتك، محدش يقدر يكسر إرادتك.
النادي العربي مُلزم براتبه؟ طيب، والجمهور مُلزم بدعائه؟ أكيد. واللي ما يدعيه، مش مستحق يشوف كرة.
إكرام جلال
يا جماعة والله انا مصدوم من رد فعل الأهلي، بس صراحة انا فاهمهم. 10 ملايين على لاعب ممكن ما يلعبش 8 شهور؟ ده مش تجارة، ده انتحار مالي. بس خلينا نعترف، احنا بنشتغل بعقلية رياضية مش بعقلية إنسانية. النعيمات يبقي مثال، بس مش مثال للنجاح، مثال للإنسانية اللي ممكن نخسرها لو ضحكنا على دموعه.
انا بحب الأهلي، بس ده كلام بيتكلم بقلبي، مش بعقل. لو كان ابني هو اللي اتصاب، كنت عايزهم يدعموه، مش يغلقوا الملف.
بس والله، احنا بس نقول كلام جميل، وننشر وسم، ونمشي. مين اللي هيعمل حاجة حقيقية؟ مين هيساعد اللاعبين اللي مش عندهم فلوس؟