أمطار وبرد قوي في الإمارات حتى الجمعة.. جبل جيس يسجل 9.2 درجة وموجات بحرية خطرة
استيقظ سكان الإمارات على مشهد نادر: حبات ثلج صغيرة تتساقط على قمم جبل جيس، وأمطار غزيرة تُغمر الطرق، ورياح تثير الغبار حتى في قلب المدن. لم يكن هذا طقساً عابراً، بل جزءاً من موجة جوية غير مسبوقة تُجبر الجميع على إعادة التفكير في كيفية التعامل مع الطقس المتطرف. وفقاً للمركز الوطني للأرصاد، بدأت هذه الحالة يوم السبت 13 ديسمبر 2025، وستستمر حتى الجمعة 19 ديسمبر 2025، مع ذروة مفاجئة في ساعات الصباح الباكر من الخميس 18 ديسمبر، عندما سجلت درجة الحرارة جبل جيس أدنى مستوى لها في التاريخ الحديث: 9.2 درجة مئوية عند الساعة 3:45 صباحاً.
ما الذي يسبب هذا الطقس الغريب؟
السر لا يكمن في عاصفة واحدة، بل في تداخل ثلاث أنظمة جوية: منخفض سطحي ممتد من البحر الأحمر، ومنخفض علوي يتعمق فوق شبه الجزيرة، وتيار هوائي قوي من الشمال الغربي يحمل رطوبة باردة. هذا المزيج النادر يخلق سحباً ركامية تتكاثف بسرعة، وتسقط أمطاراً متفاوتة الشدة على فترات، أحياناً مصحوبة بالبرق والرعد. في بعض المناطق، تحولت هذه السحب إلى عواصف برد، وفقاً لبيانات المركز الوطني للأرصاد. حتى المناطق التي نادراً ما ترى أمطاراً، مثل العين ورأس الخيمة، شهدت هطولات غير معتادة. واللافت أن المناطق الشرقية والشمالية — مثل خورفكان وأم القيوين — كانت أول من تأثرت، لأنها تقع مباشرة في مسار الرياح الرطبة القادمة من بحر عمان.
أين هطلت الأمطار أكثر؟ وما تأثيرها؟
لم تكن الأمطار متساوية. في أبوظبي، تركزت الهطولات على الكورنيش وجزيرة كورال، حيث ارتفع منسوب المياه في الشوارع، وتعطلت حركة المرور. في دبي، تجاوزت كمية الأمطار 35 ملم في 12 ساعة، وهو ما يعادل ما يُهطل عادةً في شهر كامل من ديسمبر. أما في المناطق الجبلية، فتحولت الأودية إلى أنهار جارفة — في جبل جيس وجبال الحجر، شوهدت سيارات عالقة، وتم إغلاق بعض الطرق المؤدية إلى مناطق السياحة. ورغم أن الأمطار لم تسبب فيضانات كبرى، إلا أن التسربات في المباني القديمة، وانزلاقات التربة في المناطق الريفية، أثارت قلق السكان.
البحر يهدد.. تنبيه أصفر لبحر عمان
بينما كان الناس يواجهون الأمطار، كان البحر يهدد المراكب والصيادين. أصدر المركز الوطني للأرصاد تنبيهاً أصفر لـبحر عمان، حيث ارتفعت الأمواج إلى 6 أقدام (حوالي 1.8 متر) بين الساعة 8 صباحاً و10 مساءً، مع رياح شمالية غربية تصل إلى 40 كم/ساعة. هذا ليس فقط خطراً على الصيادين، بل يهدد أيضاً السياحة البحرية — خاصة في جزر مثل كورال، حيث تُستخدم القوارب الصغيرة لنقل الزوار. حتى الميناء الرئيسي في رأس الخيمة ألغى رحلات الصيد الصباحية، وأوقفت شركات السياحة جولات الغوص مؤقتاً.
درجات الحرارة: أدنى مستوى منذ عقد
إذا كنت تظن أن البرد في الإمارات يعني 15 درجة، فأنت مخطئ. اليوم، سجلت الشارقة 18 درجة، وعجمان 21، والفجيرة 22، لكن في المناطق المرتفعة، كان الجو قارساً. في جبل جيس، شعر السياح والباحثون ببرودة تشبه تلك التي تُسجل في جبال الألب. حتى في أبوظبي، حيث يُتوقع أن ترتفع الحرارة إلى 28 درجة نهاراً، شعر الناس ببرودة مفاجئة عند الغروب، لأن الرياح الباردة تدفع الهواء الرطب بعيداً، مما يُسرّع تبريد الهواء. هذا الانخفاض المفاجئ في درجات الحرارة — من 30 درجة قبل أسبوع إلى أقل من 10 في بعض المناطق — يُعد الأكبر منذ 2017، وفقاً لسجلات المركز الوطني للأرصاد.
ماذا يقول الخبراء؟
العلماء لا يتحدثون عن "طقس عادي". يقول الدكتور سليمان النعيمي، أستاذ المناخ في جامعة خليفة: "هذا ليس حدثاً فردياً. إنها موجة من عدم الاستقرار تزداد تكراراً منذ 2020. ما كنا نراه كل 10 سنوات، أصبح يحدث كل 2-3 سنوات. والسبب؟ تغيرات في تيارات الهواء العليا، وارتفاع درجات حرارة البحر، مما يُغذي العواصف بكميات أكبر من الرطوبة". وهو يحذر: "إذا لم نُعد تصميم البنية التحتية — خاصة الصرف الصحي والطرق الجبلية — فسنواجه فيضانات أكبر، وانهيارات أرضية، وأضراراً اقتصادية تصل إلى مئات الملايين".
ما الذي سيحدث بعد الجمعة؟
المركز الوطني للأرصاد يُتوقع أن تبدأ السحب في التناقص مساء الجمعة، لكن البرودة ستستمر. من المتوقع أن تظل درجات الحرارة دون 20 درجة في معظم المدن حتى الاثنين 22 ديسمبر. في المدن، سيشعر الناس بالبرد أكثر من المعتاد، لأن الرطوبة العالية تجعل الجو يشعر بدرجة أقل من الواقع. أما في المناطق الجبلية، فقد تستمر درجات الحرارة دون 10 درجات لعدة أيام. هذا يعني أن الطلب على التدفئة سيصعد، وقد يضغط على الشبكة الكهربائية — خاصة مع تزامن هذه الموجة مع موسم السياحة. وتشير التوقعات إلى أن التغيرات في أنماط الطقس قد تجعل مثل هذه الأحداث أكثر تكراراً في الشتاء القادم.
التأثير الاقتصادي: من يدفع الثمن؟
الاقتصاد لا يُقاس فقط بالأسعار والأسهم. هنا، يُقاس بكمية المياه التي تُهدر في الصرف، وبعدد المباني التي تُصلح، وبساعات العمل التي تُضيع. في الشارقة، أغلقت 17 مدرسة مؤقتاً بسبب تسربات السقف. في دبي، تأثرت مشاريع البناء في مناطق مثل ديرة وبر دبي، حيث توقفت أعمال الردم والخرسانة بسبب الرطوبة. وتشير تقديرات أولية إلى أن الخسائر المباشرة قد تصل إلى 2.3 مليون درهم، معظمها في قطاعي النقل والبناء. لكن الخسائر غير المباشرة — مثل تأخير الشحنات، وانقطاع الإنترنت في المناطق الريفية، وزيادة استخدام الطاقة — قد تكون أعلى بكثير.
أسئلة شائعة
هل هذه الموجة نادرة حقاً؟
نعم، لكن ليس كلياً. تساقط البرد في جبل جيس حدث 4 مرات فقط منذ 2000، وأدنى درجة حرارة مسجلة كانت 8.7 درجة في 2017. لكن ما يميز هذه الموجة هو طولها (6 أيام متواصلة) واتساعها (جميع الإمارات). هذا لا يعني أنها "نادرة"، بل أنها تصبح أكثر تكراراً بسبب التغير المناخي، وفقاً لسجلات المركز الوطني للأرصاد.
كيف تؤثر هذه الأمطار على الاقتصاد المحلي؟
التأثير المباشر يشمل إغلاق طرق، تأخير شحنات، وتكاليف إصلاح الأضرار — وتشير التقديرات إلى خسائر أولية تقارب 2.3 مليون درهم. لكن التأثير الأكبر هو في قطاعات مثل السياحة والبناء، حيث تُلغى الرحلات وتُؤجل المشاريع. كما أن زيادة استهلاك الطاقة للتدفئة قد ترفع فواتير الكهرباء بنسبة تصل إلى 15% في بعض المناطق.
لماذا تتأثر المناطق الشرقية أولاً؟
لأنها تقع مباشرة في مسار الرياح الرطبة القادمة من بحر عمان، والتي تلتقي بكتلة هوائية باردة من الشمال الغربي. هذه المنطقة — من خورفكان إلى الفجيرة — تُعرف بـ"ممر الرياح"، وهي أول ما تلتقي به الأنظمة الجوية المندفعة من الشرق. لذلك، تهطل الأمطار أولاً هناك، ثم تنتقل تدريجياً إلى باقي الإمارات.
هل يمكن أن تهطل الثلوج في الإمارات مستقبلاً؟
الثلج الحقيقي — أي طبقة ثلجية تغطي الأرض — لم يُسجل قط في الإمارات. لكن حبات البرد الصغيرة، كما حدث في جبل جيس، أصبحت أكثر تكراراً. العلماء يقولون إن ارتفاع درجات حرارة المحيطات يزيد من كمية الرطوبة في الجو، مما يُمكّن السحب من تكوين برد أقوى. قد نرى بردًا أكبر في المستقبل، لكن ثلجاً كاملاً لا يزال مستبعداً إلا إذا تغير المناخ بشكل جذري.
ما الذي يفعله المركز الوطني للأرصاد الآن؟
يُرسل فرقاً ميدانية لرصد تدفق الأودية، ويراقب مستويات المياه في السدود، ويُطلق تنبيهات دقيقة لكل إمارة. كما يُشارك مع بلديات الإمارات لتفقد أنظمة الصرف، ويعمل على تحسين نماذج التنبؤ الجوي باستخدام الذكاء الاصطناعي. هدفه: تقليل الخسائر البشرية والمادية، لا فقط التنبؤ بالطقس.
ما الذي يجب على السكان فعله؟
تجنب القيادة في المناطق الجبلية أو الممرات المنخفضة، وتجنب الذهاب إلى الشواطئ أو البحر أثناء التنبيه الأصفر. تأكد من إغلاق النوافذ، وتفقد أسطح المنازل للتسربات. إذا كنت تملك مركبة، اتركها في مكان مرتفع. وأهم شيء: لا تتجاهل التنبيهات — فما يبدو "مطرًا عاديًا" قد يتحول إلى كارثة في غضون ساعة.
mahmoud fathalla
يا جماعة، شفنا الحدث؟! الثلج على جبل جيس؟! والله ما كنت أظن أشوف هذا في حياتي، حتى في أحلامي ما تخيلت إن الإمارات تصبح مثل سويسرا! 😱❄️
اللي يقدر يصوره، ينشره على تيك توك، راح يصير فيروسي عالمي! خلينا نكون فخورين، هذا الطقس مش عيب، ده كنز طبيعي نادر! 🇦🇪💪
Abdeslam Aabidi
أنا من الإسكندرية، وعايز أقول إن البرد اللي حصل في الإمارات ده بس نذير شؤم. عندنا في مصر، البرد العادي بيحطّنا في السرير، لكن هنا؟ بيحول الجبال لساحة تزلج! 🤯
ما أشوف حد يشتكي من البرد، بس أشوف حد يخاف من التغيرات اللي بتحصل. إحنا مش بس نعيش في طقس، إحنا نعيش في تغيير عالمي، واللي معاهم عقل، يبدأ يجهز بيته قبل ما الطقس يوصلهم. لا تنتظر حتى تغرق في المطر، خذ خطوة صغيرة دلوقتي.
Majd kabha
البرد ليس عقابًا. هو تذكير.